أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - بندر نوري - عملية تنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية: منظور نوعي من السودان.. بندر نوري، سارة حسنين، وقاسم كسك















المزيد.....



عملية تنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية: منظور نوعي من السودان.. بندر نوري، سارة حسنين، وقاسم كسك


بندر نوري
كاتب وباحث من السودان

(Bandar Noory)


الحوار المتمدن-العدد: 8401 - 2025 / 7 / 12 - 21:31
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


ترجمة: بندر نوري..مراجعة وتدقيق: قاسم محمود وومضة كمال
الخلفية:
تبنّت مبادرات إصلاح النظام الصحي بشكل متزايد اللامركزية كاتجاه رئيسي. وتتأثر عملية التنفيذ ونتائجها بمجموعة معقدة من العوامل، من بينها القوى الاقتصادية، والديناميكيات السياسية، والعوامل الأيديولوجية. ومن الضروري فهم ودراسة مرحلة التنفيذ بعناية وتحليل تبعاتها من أجل تحقيق النتائج المرجوة. وتُعد هذه المرحلة غالبًا الأضعف في إصلاح السياسات، خصوصًا في البلدان النامية. ولذلك، هدفت هذه الدراسة إلى استكشاف وتحليل مرحلة تنفيذ اللامركزية وتبعاتها بوصفها عناصر أساسية لتحقيق الأهداف المنشودة. وقد ركزت أهداف الدراسة على فحص اللامركزية بأكملها كعملية اجتماعية وسياسية متعددة الأبعاد في ولاية الخرطوم، السودان، منذ المراحل الأولى لصنع القرار وصياغة السياسات وتنفيذها، والعوامل السياقية المؤثرة عليها.
المنهجية:
هذه دراسة استكشافية نوعية استخدمت مقابلات معمقة لجمع آراء مقدمي الرعاية الصحية وصانعي السياسات، إلى جانب ملاحظات شبه منظمة وتحليل موضوعي. واعتمدت الدراسة على إطار تحليل "غريندل".
النتائج:
كشفت الدراسة عن طبيعة سياسية في اتخاذ القرار، حيث اتُّبع نهج من أعلى إلى أسفل في التنفيذ، مع غياب مشاركة أصحاب المصلحة. وأظهرت الدراسة غياب الشفافية والتوثيق الرسمي وإجراءات التسليم السليمة من وزارة الصحة إلى المستشفيات المفوّضة خلال مرحلة التنفيذ. كما أُبلغ عن تضارب مصالح بين المستويين الاتحادي والولائي. ومن المهم الإشارة إلى أن هذه العملية جرت في سياق برامج التكيف الهيكلي، التي كانت قد منحت بالفعل القطاع الخاص في السودان مزيدًا من النفوذ.
الخاتمة:
وثّقت هذه الدراسة عملية تنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية والعوامل المؤثرة فيها. وأوصت الدراسة بإصلاح سياسة اللامركزية من خلال إشراك أصحاب المصلحة في عملية تشاورية، واعتماد نموذج مسؤولية متزامنة يوزع السلطات بين المستويين الاتحادي والولائي.



المقدمة
تم تنفيذ اللامركزية كجزء من مبادرات إصلاح النظام الصحي في العديد من الدول الشمال والجنوب بهدف تعزيز الوصول إلى الرعاية، وتحقيق الكفاءة والعدالة والجودة، وزيادة المساءلة. ويتضمن هذا الاتجاه العالمي نقل السلطة الحاكمة في التخطيط أو تقديم الخدمات من الحكومات المركزية إلى الحكومات المحلية أو من منشآت كبيرة إلى منشآت في المناطق. وغالبًا ما تختلف درجة نقل السلطة بين الدول، فتشمل المشاركة المجتمعية، أو التفويض للحكومات المحلية، أو إزالة التركيز عن العمليات، أو نقل السلطة إلى هيئات مستقلة خارج سيطرة قطاع الصحة والحكومة.
وتُعد تأثيرات اللامركزية على النظم الصحية ونتائجها متعددة الأبعاد وغير متجانسة، إذ تتأثر بمجموعة من العوامل، مثل الأيديولوجيا والديناميكيات الاجتماعية والظروف السياسية. وأظهرت مراجعة منهجية أن آثار اللامركزية غير قابلة للتنبؤ وتعكس نتائج متباينة، مما يؤكد ضرورة فحص كل مكوّن من مكونات النظام الصحي والعوامل السياقية المؤثرة عليه. وتتقاطع هذه العوامل أيضًا مع الوظيفة المعقدة للنظام الصحي، ومكوّناته المترابطة، والنتائج المتوقعة له. وأفادت مراجعة منهجية أخرى بنتائج متباينة بشأن تأثير اللامركزية على أداء النظام الصحي والنتائج الصحية.
ومع ذلك، فإن عملية تنفيذ لامركزية الخدمات الصحية في السياق المحلي حاسمة في تحديد محتوى السياسات وتسلسل نتائجها. ويمكن عزو التباين في نتائج السياسات إلى عدة عوامل سياقية تُنفذ السياسات في إطارها، وكذلك إلى سير عملية التنفيذ نفسها، بما في ذلك مشاركة مقدمي الرعاية الصحية في اتخاذ القرار وفي مراحل التنفيذ، ومدى تقبّلهم وفهمهم للسياسة وسلوكهم تجاهها ونتائجها.
فعلى سبيل المثال، في بعض الدول مثل غانا وأوغندا وكينيا وتنزانيا، أدت اللامركزية إلى زيادة الوصول إلى الخدمات الصحية من خلال زيادة المرافق وإشراك المجتمعات. بينما سُجّلت انطباعات عن انخفاض توافر وجودة الخدمات بعد تنفيذ اللامركزية في نيجيريا والسودان. أما إندونيسيا فقد أظهرت درجة من رضا المرضى بسبب تفويض السلطة المحلية في التخطيط والإدارة.
ولا يمكن التقليل من أهمية التركيز على وفهم مرحلة تنفيذ اللامركزية وتبعاتها، لأنها حاسمة لتحقيق النتائج المرجوة. ومع ذلك، غالبًا ما يُنظر إلى التنفيذ على أنه الحلقة الأضعف في إصلاح السياسات، خاصة في البلدان النامية. ورغم أنه يُغفل في تصميم السياسات وتخطيطها، فإن الاعتبارات السياسية تظهر غالبًا أثناء التنفيذ الفعلي. كما تعيق العديد من التحديات عملية التنفيذ، من بينها تعارض الدوافع السياسية، ومقاومة التغيير، والخوف من فقدان السلطة، وسوء التخطيط، وكلها تؤثر بشكل كبير على النتيجة النهائية.
لذلك، فإن استكشاف وفهم مرحلة تنفيذ اللامركزية وتبعاتها أمر أساسي لتحقيق النتائج المنشودة. وقد أكدت الأدبيات مرارًا على الدور الحاسم الذي تلعبه عملية التنفيذ في تحديد نجاح أو فشل السياسات. ومع ذلك، وبحسب ما نعلم، فإن القليل من الأدبيات قد تناولت بالفعل عملية تنفيذ اللامركزية وكيف أثرت أو شكّلت نتائج السياسة. إن توثيق هذه العملية وفحصها في السياق المحلي لولاية الخرطوم، السودان، من منظور مقدمي الرعاية الصحية وصانعي السياسات، باستخدام إطار مفاهيمي، أمر بالغ الأهمية. بالإضافة إلى ذلك، سيسمح هذا التوثيق بتحديد الاستراتيجيات اللازمة لتعظيم أثر اللامركزية ووضع خطط لإعادة بناء الدولة بعد الحرب.
المنهجية البحثية
تصميم الدراسة
كانت هذه دراسة نوعية استكشافية استخدمت الملاحظات شبه المنظمة، والمقابلات المعمقة، والتحليل الموضوعي. أُجريت الدراسة في الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2015، وشاركت فيها جهات من صانعي السياسات ومقدمي الرعاية الصحية من أربعة مستشفيات خضعت لعملية اللامركزية في عام 2012 في ولاية الخرطوم. ركزت الدراسة على توثيق العملية بأكملها منذ المراحل الأولى لصنع القرار وصياغة السياسات والتنفيذ، مع فحص تأثير العوامل السياقية.
السياق العام
السودان هو بلد منخفض إلى متوسط الدخل، وقد شهد العديد من النزاعات المسلحة الداخلية منذ استقلاله عام 1956. يبلغ عدد سكان السودان 46,874,204 نسمة، يعيش نحو 66% منهم في المناطق الريفية. بلغت نسبة الفقر في السودان 66.1% في عام 2022، ويواجه عبئًا من الدين الخارجي يُقدّر بحوالي 56 مليار دولار (أي ما يعادل 163% من الناتج المحلي الإجمالي). توجد تفاوتات في توزيع الموارد الصحية بين ولايات السودان، حيث تستضيف ولايتا الخرطوم والجزيرة 27% من مستشفيات البلاد العامة، و30.5% من المرافق الخاصة، و25% من مرافق الرعاية الصحية الأولية. بالإضافة إلى ذلك، يتركز حوالي 70% من العاملين في مجال الرعاية الصحية في المناطق الحضرية. وكجزء من سياسات التحرير الاقتصادي والسياسي الأوسع، خضع السودان لتقسيم إقليمي إلى 18 ولاية، وتبنّى برنامج التكيف الهيكلي الذي أدى إلى تقليص ميزانيات الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأخرى.
السياق الخاص
أُجريت الدراسة في محلية الخرطوم، وهي واحدة من سبع محليات تُكوّن ولاية الخرطوم. تضم هذه المحلية سكانًا من الحضر والريف والمناطق شبه الحضرية، إضافة إلى نازحين داخليًا. تحتوي على 13 مستشفى عامًا (بما في ذلك ثلاثة مستشفيات متعددة التخصصات وثانوية، وعشرة مستشفيات تخصصية ثلاثية)، و31 مركزًا للرعاية الصحية الأولية العامة، و10 مراكز صحية تابعة لمنظمات غير حكومية، و60 مركزًا صحيًا، و98 مستشفى خاصًا، و601 عيادة خاصة. تم اختيار محلية الخرطوم نظرًا للتنفيذ الكبير لعملية اللامركزية مقارنة بالمحليات الأخرى. وتضمنت أشكال اللامركزية نقل خدمات من مستشفيات معينة إلى مستشفيات طرفية أصغر، كما هو موضح بالتسلسل الزمني في الصناديق التالية:
تاريخ اللامركزية في السودان (1968–1951)
اللامركزية في فترة الاستعمار:
• فُرضت في البداية من خلال إشراك قادة المجتمع المحلي في الأمور الإدارية.
• تأسيس المجالس المحلية في عام 1951، ممولة من مساهمات المجتمعات المحلية.
• التحديات تمثلت في ضعف التنسيق، وقلة الموارد المالية، وضعف تمويل الخدمات على المستوى المحلي.
اللامركزية بعد الاستقلال (1968–1956):
• تأسست سلطات إقليمية في كل محافظة بعد الانقلاب العسكري عام 1958 بوسائل مالية لدعم تقديم الخدمات.
• استمرت الهياكل المحلية حتى تولت الحركة الثورية الشعبية السلطة في عام 1964.
• بعد عام 1964، واجهت اللامركزية تحديات تمثلت في غياب التنظيم الواضح والقدرات المالية والإدارية، وعدم استخلاص الدروس وتقييم القدرات المحلية قبل نقل السلطات.
الصندوق 2: تاريخ لامركزية الخدمات الصحية في السودان (1988–1969)
• في السبعينيات، كان قانون اللامركزية ونقل الخدمات الصحية جزءًا من تنفيذ برنامج التكيف الهيكلي.
• في عام 1981، صدر قانون حكومي إقليمي جديد منح السلطات للمناطق بقدر أكبر من الحكم الذاتي المحلي.
• أسندت للمناطق مهام إضافية مثل التعليم، والرعاية الصحية الأولية، والصرف الصحي، والمياه، والزراعة، والثقافة، والرياضة.
• تم اختيار أعضاء الهياكل المحلية في الغالب من قبل النظام الحاكم، مع قلة منتخبة.
• استمرت التحديات مثل تداخل المسؤوليات، وضعف الموارد، وسوء التخطيط، ونقص القدرات المحلية، مما صعّب تقديم الخدمات وأدى إلى صراعات مع المستويات المركزية.
• بعد الانتفاضة الشعبية عام 1985، استمر النظام اللامركزي، مع اختيار ممثلين من الأحزاب السياسية في الحكومة.
الصندوق 3: تاريخ اللامركزية في السودان (1989–2012)
• تم إنهاء النظام الديمقراطي قصير الأجل بانقلاب عسكري إسلامي عام 1989، واستُبدل الممثلون بأفراد من القوات المسلحة، وفُرضت هياكل جديدة من اللجان الشعبية في القرى للحفاظ على النظام وتقديم الخدمات.
• قُسّمت الأقاليم التسعة إلى 26 ولاية، ثم خُفّض العدد إلى 16 ثم 18 ولاية بعد انفصال جنوب السودان.
• دستور 1998 عزز اللامركزية الصحية من خلال إسناد الخدمات الثانوية والثالثية إلى الولايات، والأولية إلى المحليات، مع احتفاظ المستوى الاتحادي بوظائف التخطيط وصنع السياسات.
• في عام 2010، تم فرض سياسة نقل كامل للسلطة في تقديم الخدمات الصحية الثانوية والثالثية من وزارة الصحة الاتحادية إلى المستويين الولائي والمحلي.
• في عام 2012، مدّت وزارة الصحة بولاية الخرطوم هذه السياسة، فتم نقل خدمات من مستشفيات مركزية مثل مستشفى الخرطوم التعليمي ومستشفى جعفر بن عوف لصحة الطفل إلى مستشفيات أصغر مثل مستشفى إبراهيم مالك ومستشفى الأكاديمي.
• تأثر تنفيذ اللامركزية في قطاع الصحة بشكل كبير بعوامل سياسية داخلية وخارجية مفاجئة أكثر من اعتبارات صحية.
• واجهت لامركزية القطاع الصحي مقاومة وإضرابات، مع تحديات تمثلت في نقص الموارد المالية والبشرية، واختلالات بين الولايات، وتضارب المصالح بين المستوى الاتحادي وولاية الخرطوم.
• بُذلت جهود لتحقيق الاستقرار في العلاقة بين الحكومة الاتحادية والولايات، مثل تقديم حوافز مالية لتنمية الموارد البشرية على مستوى الولايات، إلا أن الوضع ظل غير مستقر بسبب اختلال توازن السلطة، خصوصًا في ولاية الخرطوم.
الإطار النظري
تستعرض الأدبيات عدة درجات وأشكال من اللامركزية. فعلى سبيل المثال، عرّف بوسرت وبوفيس اللامركزية بأنها نقل المسؤوليات المالية والإدارية وملكية القرار والسياسية من المؤسسات المركزية مثل وزارة الصحة الاتحادية إلى المؤسسات المحلية، استجابة لاحتياجات المجتمعات المحلية. ومع ذلك، تأخذ اللامركزية أشكالًا متعددة، وتركز هذه الورقة تحديدًا على أربعة أنواع منها: إزالة التركيز، التفويض، الأيلولة، والخصخصة، كما هو موضح في الجدول 1.

بشكل عام، تُعرَّف عملية التنفيذ على أنها سلسلة من الخطوات التي تتضمن تنفيذ برامج ومشاريع محددة لتحويل السياسات من النظرية إلى التطبيق. استخدمت هذه الدراسة الإطار التحليلي لغريندل (11) لتقييم تنفيذ السياسات العامة، واعتبرت أن التنفيذ هو عملية اجتماعية وسياسية معقدة، وليست مجرد تطبيق مباشر لتوجيهات السياسات (انظر الشكل 1). ووفقًا لحجة غريندل بأن التنفيذ لا يؤثر فقط على نتائج السياسات بل يتأثر بها أيضًا، وقد ينعكس في نهاية المطاف على مضمون السياسات، ونتائجها، وتأثيراتها بعيدة المدى، فإن التنفيذ يُعد الخطوة الأهم في عملية صنع السياسات.
في كثير من الدول النامية، تُنفذ السياسات غالبًا دون النظر إلى خصائص الأنظمة السياسية التي تُطبق فيها، مما يؤدي إلى فشلها في تحقيق أهدافها نتيجة ضعف التخطيط وسوء تخصيص الموارد (11). يسلط نموذج غريندل الضوء على أهمية كل من محتوى السياسة وسياق التنفيذ في التأثير على عملية صنع القرار والنتائج النهائية. كما يؤكد على أن محتوى البرنامج والعلاقات الديناميكية بين صناع القرار ضمن سياق معين لهما تأثير مباشر على عملية اتخاذ القرار.

علاوة على ذلك، يعترف النموذج بإمكانية أن تؤدي التحديات أثناء التنفيذ إلى تعديل أهداف السياسات أو إعادة تفسير مضامينها بناءً على التغذية الراجعة خلال التنفيذ (الشكل 1). كما أن وضوح أهداف السياسات وتفاهم الأطراف المنفذة حولها يسهم في تسهيل عملية التنفيذ، بينما تواجه السياسات التي تمس توازنات السلطة وتوزيع الموارد، مثل اللامركزية، مقاومة من الجهات المتضررة. يمكن أيضًا أن تعيق ضعف التخطيط والقدرات الإدارية عملية تنفيذ لامركزية الخدمات الصحية.
يشمل سياق التنفيذ طبيعة النظام السياسي، وتوازنات القوى بين الجهات الفاعلة ومصالحها، ونتائج البرامج والسياسات الأخرى. ونتيجة لذلك، يمكن تنفيذ برامج متشابهة بطرق مختلفة حسب السياق.
اختيار ووصف المشاركين في الدراسة
في هذه الدراسة النوعية، تم اختيار المشاركين عشوائيًا من قائمة العاملين في المجال الصحي في مستشفيين تم نقل الخدمات منهما مستشفى الخرطوم التعليمي (KTH) ومستشفى جعفر بن عوف (JOH) ، ومن مستشفيين طرفيين استقبلا الخدمات المنقولة مستشفى إبراهيم مالك (IMH) ومستشفى الأكاديمي (AKH) بولاية الخرطوم. بلغ عدد المشاركين 69 من العاملين في القطاع الصحي، وضمّوا 30 طبيبًا، و4 ممرضين، وقابلتين، و7 فنيي مختبر، و7 صيادلة ومساعدي صيادلة، و4 إحصائيين، و9 موظفين إداريين، تم اختيارهم من إجمالي 118، 474، 186، و250 موظفًا في مستشفيات KTH ، IBHM، JOH، وAKH على التوالي (الجدول 2).

الجدول (2): خصائص المشاركين في الدراسة
الصفة العدد
الذكور 34
الإناث 35
أطباء 30
ممرضون/ممرضات 4
صيادلة 7
مساعد صيدلي 2
فني مختبر 7
موظفون إداريون 9
إحصائيون 4
قابلات 2
صانع قرار وزارة الصحة بولاية الخرطوم 1
صانع قرار وزارة الصحة الاتحادية 1
مستشفى الخرطوم التعليمي 19
مستشفى جعفر بن عوف 12
مستشفى إبراهيم مالك 20
مستشفى الأكاديمي 18

تلقى المشاركون معلومات مكتوبة وشفوية عن أهداف الدراسة، ووقعوا جميعًا على استمارات الموافقة المستنيرة. تم تحديد "نقطة التشبع" عندما لم تعد تظهر أي معلومات جديدة خلال المقابلات.
جمع البيانات وإدخالها
تم جمع البيانات من خلال ملاحظات شبه منظمة ومقابلات معمقة باستخدام دليل موضوعات تم اختباره مسبقًا، شمل تصورات المشاركين حول مضمون السياسة، وآلية اتخاذ القرار، ودور أصحاب المصلحة، وما إذا كانوا تلقوا تدريبًا أو توجيهًا حول اللامركزية. كما تم تناول تجاربهم خلال تنفيذ السياسة ونقل السلطات والخدمات.
أُجريت المقابلات بشكل فردي، وتم تسجيلها صوتيًا، واستغرقت كل منها حوالي ساعة واحدة. أُجريت المقابلات باللغة العربية، وتمت ترجمتها لاحقًا إلى اللغة الإنجليزية. تم ضمان السرية وجودة البيانات طوال فترة جمع المعلومات، كما تم مراجعة العمليات بشكل يومي للتحقق من الجودة والاتساق ولضمان مصداقية النتائج. أتاح التفاعل المطول مع الميدان بناء الثقة مع المشاركين، ما شجعهم على التعبير عن آرائهم بشأن مراحل تنفيذ اللامركزية. كذلك تم استخدام المراجعة الجماعية اليومية لتقييم العملية والمقابلات، ودور الباحث أثناءها، وتحديد أي موضوعات جديدة تستحق الإدراج في دليل المقابلة.
تمت مقابلة المشاركين باستخدام أدلة منظمة لمشاركة آرائهم وخبراتهم بشأن تنفيذ اللامركزية في المؤسسات الصحية وفقًا للمحاور التالية:
• تصوراتهم حول عملية اتخاذ القرار ومحتوى السياسة.
• تجاربهم خلال مراحل تنفيذ اللامركزية.
• رأيهم في أي تدريب أو توجيه تلقوه حول السياسة.
• تجاربهم في عملية نقل الخدمات من المستوى الاتحادي إلى المستوى الولائي، ومن المستشفيات المركزية إلى الطرفية، بما في ذلك التحديات والفرص.
تحليل البيانات
تم استخدام تحليل المحتوى الموضوعي الموجه بإطار نظري. جرى قراءة نصوص المقابلات عدة مرات لفهم السياق العام بطريقة استقرائية، تلاها الترميز اليدوي، والتصنيف، واستخلاص المحاور الرئيسة، مع مراجعة متقاطعة لضمان الدقة. تم الحفاظ على خصوصية المشاركين من خلال إزالة كل المعلومات التي قد تؤدي إلى التعرف عليهم. كما ساهمت معرفة الباحث بسياق الدراسة وخلفية المشاركين الثقافية في بناء الثقة وتعزيز مصداقية النتائج. عزز جمع البيانات من مصادر متعددة (المقابلات والملاحظات) مصداقية النتائج أكثر.
الاعتبارات الأخلاقية
تمت الموافقة الأخلاقية على الدراسة من قبل اللجنة الوطنية لمراجعة أخلاقيات البحوث بوزارة الصحة الاتحادية بالسودان في عام 2015، واللجنة الإقليمية لأخلاقيات البحوث الطبية والصحية في النرويج، وخدمة البيانات الاجتماعية النرويجية (NSD-.(44106/3/LB) تم شرح أهداف الدراسة بوضوح لجميع المشاركين، وتم تزويدهم بورقة معلومات شملت نطاق الدراسة، ومواضيع المقابلة، والمدة المتوقعة، وطبيعة المشاركة الطوعية، وإمكانية الامتناع عن الإجابة أو الانسحاب في أي وقت. وتم الحصول على موافقة جميع المشاركين على استمارة الموافقة المستنيرة قبل بدء الملاحظات أو المقابلات.
النتائج
من بين 69 من العاملين الصحيين الذين تم اختيارهم عشوائيًا من قائمة العاملين في أربعة مستشفيات، كان لدى 47 منهم خبرة عملية تتجاوز 5 سنوات، مما يجعلهم شهودًا على تنفيذ السياسات. وكان من بين العاملين الصحيين 34 ذكورًا و35 إناثًا. بالإضافة إلى ذلك، تم إشراك اثنين من واضعي السياسات، أحدهما من وزارة الصحة بولاية الخرطوم والآخر من وزارة الصحة الاتحادية، في هذه الدراسة.
برزت عدة مواضيع من المقابلات وتم تصنيفها وفق تسلسل يتماشى مع الإطار التحليلي، وهي:
• تصميم اللامركزية المختارة.
• محتوى السياسة وعملية صنع القرار.
• سياق تنفيذ اللامركزية.
تصميم اللامركزية، محتوى السياسة، وعملية صنع القرار
كانت المحاولة الأولى لتطبيق تفويض السلطات في السودان خلال عهد نميري، حين صدر قانون الحكم المحلي لسنة 1971 (انظر الصندوق 1). وفيما بعد، تم تنفيذ تفويض تقديم الخدمات الصحية من خلال إنشاء مناطق صحية. وقد بدأ تنفيذ عملية تفويض الخدمات الصحية في ولاية الخرطوم عام 2012، حيث تم تحويل تقديم الخدمات من المستوى الاتحادي إلى المستوى الولائي، ومن المستشفيات الكبرى إلى مستشفيات صغيرة على مستوى الأحياء (انظر الصندوق 1).
استند قرار اللامركزية إلى مرسوم رئاسي، ووصِف بأنه قرار سياسي. وكانت الملاحظة الأساسية هي غياب المستندات الرسمية التي تُنظم وتُوجه عملية تفويض الصحة. بالإضافة إلى ذلك، أُشير إلى أن القرار تأثر برغبة في بيع أراضي المستشفيات أو باستخدام سياسة الأيلولة ونقل الخدمات لتخفيف الازدحام في المنطقة المركزية الناتج عن وجود مستشفيات كبيرة وجامعات. كما ذُكر دافع آخر هو الترويج للمستشفيات الخاصة، وأوضح مشاركون أن وزير الصحة الولائي آنذاك كان منخرطًا في استثمارات في مجال الرعاية الصحية.
"نقل ملكية المستشفيات من المستوى الاتحادي إلى الولائي هو قرار سياسي اتخذه سياسي كبير" (المقابلة رقم 63، 21/12/2015).
"لم يكن قرار اللامركزية مبنيًا على أدلة علمية؛ بل كان قرارًا أمنيًا يهدف إلى السيطرة على الحركات السياسية المتكررة والإضرابات وسط مقدمي الرعاية الصحية، والتي كانت تتركز تاريخيًا في مستشفى الخرطوم التعليمي" (المقابلة رقم 34، 2/11/2015).
أعرب معظم المشاركين في الدراسة عن أنهم لم يُشاركوا في عملية اتخاذ القرار، وفوجئوا بقرار نقلهم إلى المرافق الطرفية.
"بصفتنا عاملين صحيين، لم نكن جزءًا من عملية اتخاذ القرار، حتى موظفونا الإداريون لم يكونوا جزءًا منها" (المقابلة رقم 3، 3/10/2015).
"الوزارة لا تملك رؤية؛ لم يبلغونا بأي خطة واضحة لنقل القسم كي نستعد. نستمر في سماع الحديث عن نقل قسمي الجراحة أو العظام. ليس لديّ أي اطلاع كمشرف على القسم، وهذا دليل على غياب الرؤية في الوزارة. لا يوجد بحث حول الأمراض قبل اتخاذ قرار تحويل المستشفى إلى مرجعي" (المقابلة رقم 47، 19/11/2015).
ومع ذلك، ذكر بعض المشاركين أنهم حضروا ورشة نظمتها وزارة الصحة بولاية الخرطوم، حضرها ممثلون عن وزارة الصحة الاتحادية ونقابة العاملين الصحيين. ومع ذلك، بدا أن الغرض الأساسي من الورشة هو إبلاغ العاملين الصحيين بالقرار لتفادي الاعتراضات، وليس إشراكهم في اتخاذ القرار. وعلى الرغم من ذلك، أجمع المشاركون على أنهم لم يتلقوا تدريبًا كافيًا أو معلومات كافية حول سياسة اللامركزية.
"لم تكن هناك جلسات توعوية أو ورش عمل أُقيمت للعاملين الصحيين بشأن عملية الأيلولة، مما تركهم في جهل وعدم اطلاع" (المقابلة رقم 32، 1/11/2015).
"المشكلة أنه لم تُعقد أي جلسات تنوير للعاملين حول الأيلولة ، بل كنت أسمع عنه فقط عبر التلفزيون، ولم يأتِ أحد ليخبرنا بأي شيء، ولا تدريب، ولا ورشة حول الأيلولة للعاملين الصحيين" (المقابلة رقم 32، 1/11/2015).
بعض المشاركين من مستشفيات الخرطوم التعليمية قالوا أنهم زودوا بمعلومات مغلوطة عن لامركزية الخدمات الصحية:
"كنا نعتقد أنها لا تشمل نقل الخدمات، وأن المستشفى سيتم تحسينه ليصبح مستشفى مرجعي، كما ورد في مقابلات مع مشاركين من مستشفيات الخرطوم التعليمية" (المقابلة رقم 46، 25/11/2015).
"كان العاملون في قسم النساء والولادة تم تزويدهم بمعلومات مغلوطة مفادها أن الخدمات لن تُنقل من مستشفى الخرطوم التعليمي، بل سيتم تطوير القسم ليصبح مرفقًا مرجعيًا كبيرًا" (المقابلة رقم 46، 25/11/2015). كما شدد المشاركون على أنه لم تكن هناك أوامر مكتوبة طوال العملية، بل تم اتخاذ القرارات من خلال اتفاقيات شفوية بسبب الخوف من تحمل المسؤولية.
"خلال أحداث إغلاق ونقل الوحدات، لم تكن هناك أوامر مكتوبة، بل كانت فقط اتفاقات شفوية بسبب الخوف من تحمل المسؤولية" (المقابلة رقم 46، 25/11/2015).
"تم نقل الخدمات دون أي مستندات أو خطاب رسمي من وزارة الصحة" (المقابلة رقم 47، 19/11/2015).
وقد وصف المشاركون في الدراسة مراحل اتخاذ القرار وعملية التنفيذ لامركزية الخدمات الصحية كما يلي:
• نقل السلطة من المستوى الاتحادي إلى الولائي
ذكر عدد من المشاركون في البحث بانه، بدأ تنفيذ اللامركزية الاتحادية في فبراير 1994.
"بدأ الأمر في عام 1994 مع شرط نقل المستشفيات من المستوى الاتحادي إلى المستوى الولائي بناءً على الموقع الجغرافي" (المقابلة رقم 62، 18/12/2015). رغم أن الدستور الانتقالي لعام 2005 حدّد بوضوح توزيع المسؤوليات بين المستويين الاتحادي والولائي، إلا أن التنفيذ تأخر حتى عام 2009.
تم تشكيل لجنة داخل وزارة الصحة الاتحادية لتيسير نقل المستشفيات إلى الولايات. وقد قُسّمت عملية التنفيذ إلى مرحلتين:
المرحلة الأولى: نقل تسعة مستشفيات صغيرة متخصصة في مجال واحد فقط من المستوى الاتحادي إلى الولائي. وقد شكّل ولاة الولايات لجانًا لاستلام هذه المستشفيات في 1 يناير 2010.
المرحلة الثانية: رغم أنها بدأت بعد عام من المرحلة الأولى من خلال تشكيل لجنة مشتركة بين وزارتي الصحة الاتحادية والولائية، إلا أن المرسوم الخاص بنقل تسعة مستشفيات اتحادية إضافية كبيرة تأخر حتى 29 يوليو 2011. وقد أنشأت وزارة الصحة بولاية الخرطوم لجنة لاستلام هذه المستشفيات، والتي أصبحت رسميًا تحت سلطة ولاية الخرطوم في 10 أكتوبر 2011. وقبل تنفيذ عملية النقل، قامت هذه اللجان بتقييم الموارد البشرية والمالية، والديون، والمشاريع الجارية في المستشفيات.
"بدأنا تنفيذ المرسوم من خلال تشكيل لجنة لتحديد المرافق الصحية المشمولة في المرسوم وتقييم مواردها البشرية والمالية، وديونها، ومشاريعها، وما إلى ذلك. وبناءً على تقرير اللجنة، تم إصدار مرسوم رئاسي لنقل ملكية هذه المرافق إلى ولاية الخرطوم" (المقابلة رقم 67، 21/12/2015).
• نقل الخدمات الصحية إلى الأطراف:
تم تشكيل لجنة لتقييم جاهزية المرافق الطرفية لاستقبال الخدمات المنقولة. وقد أعرب المشاركون عن قلقهم بشأن عدم استعداد تلك المرافق عند نقل الخدمات إليها. "نُقلت الخدمات قبل تجهيز هذه المرافق بشكل كافٍ لاستقبالها. كما تم تشكيل لجنة لتقييم جاهزية المرافق الطرفية قبل التنفيذ، لكن تم تجاوز قرارها من قبل وزارة الصحة بولاية الخرطوم" (المقابلة رقم 28، 28/10/2015) .ومن الجدير بالذكر أن عملية اتخاذ القرار وتنفيذه ترتبط بالسياق القائم، الذي يشكل في نهاية المطاف النتائج.
سياق تنفيذ اللامركزية
فيما يخص تطبيق الأيلولة وعملية التنفيذ، كشفت المقابلات أن قلة من المشاركين فقط، وتحديدًا أولئك المنخرطين في لجان رعاية الأطفال، شاركوا في التنفيذ. أما الغالبية فلم يكونوا جزءًا من التخطيط أو التنفيذ.
شارك المشاركون في الدراسة آرائهم حول كيفية تنفيذ اللامركزية من حيث توزيع الموارد، مثل المرافق، والتمويل، والموارد البشرية، بطريقة "من الأعلى إلى الأسفل". وكشفت النتائج عن تفاوت كبير في توزيع المرافق الصحية، والذي عُزي إلى كونه امتدادًا لسياسات الحقبة الاستعمارية. وقد استمر هذا التفاوت طوال مراحل التوسع وتنفيذ اللامركزية، وتم اعتبار التفاوت في توزيع المرافق الصحية كعامل سياقي يؤثر على تنفيذ السياسة. كما أن نقل ملكية المرافق من المستوى الاتحادي إلى الولائي استنادًا إلى الموقع الجغرافي زاد من حدة هذا التفاوت.
"بلغ عدد المستشفيات التي تم تفويضها 23 مستشفى، منها 18 مستشفى في ولاية الخرطوم، واثنان في ولاية نهر النيل، واثنان في ولاية الجزيرة، وواحد في ولاية شمال كردفان" (المقابلة رقم 66، 22/12/2015).
"أدى سوء توزيع المرافق والكادر الصحي بين المركز والأطراف إلى اعتماد المواطنين من الولايات الأخرى على خدمات المركز، خصوصًا في الرعاية الثانوية والثالثية" (المقابلة رقم 63، 25/12/2015).
من بين القضايا السياقية الأخرى التي أثرت على تنفيذ اللامركزية نقص العاملين في القطاع الصحي نتيجة الهجرة، التي تسببت فيها تدني الرواتب، وانعدام فرص التوظيف الدائم، وعدم كفاية التدريب والتطوير المهني.
"لا أشعر بالراحة في عملي؛ هذا البلد لا يقدّم شيئًا، لو كان لديّ مال لكنت غادرته. أعمل منذ خمس سنوات ولم أحصل على أي دورة تدريبية. من غير المقبول أن أكتب للمريض أن عليه شراء خيوط قسطرة، والآن المياه مقطوعة في وحدة الكلى، وقد لا نعمل في النوبة القادمة" (المقابلة رقم 33، 2/11/2015).
"الراتب ضعيف، ولا يكفي حتى للمواصلات. أعمل منذ 41 عامًا وأتقاضى فقط 1,200 جنيه سوداني، أي ما يعادل 40 جنيهًا يوميًا. لو أخبرتك كم أدفع للمواصلات والفطور والملابس ستجد أنني أعمل مجانًا، ومرّت أربعة أشهر دون أن نتقاضى الحافز" (المقابلة رقم 35، 4/11/2015).
كما ذُكر أن دوافع سياسية أدت إلى وقف توظيف كوادر جديدة، مما فاقم من النقص في المرافق الصحية.
"قدّمت للوزارة أربع أو خمس مرات، ولا توجد وظائف دائمة، فقط عقود مؤقتة. عدم وجود وظيفة أفضل لي، لأنه يمنحني فرصة للسفر، فلن يعطلوني خاصة أنني راغب في المغادرة" (المقابلة رقم 33، 2/11/2015).
"مستشفى إبراهيم مالك مليء بالأطباء الجدد لأن الأطباء الكبار غادروا للعمل بالخارج بعد إغلاق مستشفى الخرطوم" (المقابلة رقم 1، 2/10/2015).
وقد أسهم هذا التفاوت غير العادل في توزيع المرافق والكوادر بين المركز والأطراف في تقليص الوصول إلى الخدمات، وزيادة اعتماد سكان الأطراف على المركز، لا سيما في خدمات الرعاية الثانوية والثالثية.
"حوالي 70% من المرضى المنتظمين في مركز الجهاز الهضمي يأتون من خارج ولاية الخرطوم" (المقابلة رقم 63، 25/12/2015).
وصفت الخدمات المقدمة في المرافق الاتحادية قبل اللامركزية بأنها شاملة، كما في مستشفى الخرطوم، حيث توجد تخصصات متعددة في مكان واحد، مما يسمح للمرضى بالحصول على خدمات الطب، والجراحة، والكلى، والإصابات، والتشخيص في موقع واحد.
"في رأيي، من يمرض من الأفضل له الذهاب إلى مستشفى الخرطوم حيث يجد خدمات شاملة. الآن بعد الأيلولة ، تم إيقاف مستشفى الخرطوم، باستثناء قسم الجراحة الذي سيتم إغلاقه في الأيام القادمة" (المقابلة رقم 4، 3/10/2015).
وأشار المشاركون إلى أن اللامركزية كان من المفترض أن تقلل الفجوة بين المركز والأطراف من حيث توفر المرافق والتخصصات، لكن غياب التخطيط والتنسيق الجيد فاقم الفجوة الحالية، وأثقل كاهل المرافق الطرفية غير الجاهزة.
"نعلم أن هناك خدمات سيتم توفيرها، لكن هناك فرق في الطاقة الاستيعابية مقارنة بعدد المرضى. مثلاً، في قسم الجراحة كانت هناك 50 سريرًا (25 للرجال و25 للنساء)، فعندما جاءت وحدات جديدة واستقبلنا عددًا زائدًا من المرضى، مثلاً 100 مريض إضافي، إلى أين سيذهبون؟" (المقابلة رقم 58، 16/11/2015).
"لاحظت أن كل غرف الطوارئ كانت ضيقة وسيئة التهوية بسبب غياب فتحات التهوية. كما أن الجسر الذي يربط الطوارئ بغرفة العمليات يقع في منطقة رصيف مغمورة بسبب عدم قدرة الأرض على تحمل وزن الجسر بسبب المياه الجوفية. وتظل مياه الصرف تحت مبنى الطوارئ المغلق لأن المجاري كانت تفيض باستمرار" [ملاحظة ميدانية رقم 6، 26/11/2015].
"خلال وجودي بقسم النساء والتوليد في مستشفى الأكاديمي، كان العاملون الصحيون يشكون من انقطاع المياه والكهرباء المتكرر، حتى عندما تكون غرفة العمليات مشغولة" [ملاحظة ميدانية رقم 2، 16/10/2015].
علاوة على ذلك، رأى بعض المشاركين أنه لم تكن هناك حاجة لنقل الخدمات من المرافق الاتحادية إلى المستشفيات الطرفية، بل كان ينبغي تطوير الخدمات في الأطراف.
"كان يجب أن يتم تحسين الأطراف من خلال إنشاء مرافق مجهزة بالكامل، وتعزيز المرافق الاتحادية لتكون مرافق مرجعية" (المقابلة رقم 65، 20/12/2015).
كما اعتُبر أن الخدمات لم تُنقل من المركز جغرافيًا، بل من مركز إلى مركز، نظرًا لأن مستشفى إبراهيم مالك والأكاديمي كلاهما يقعان في وسط ولاية الخرطوم.
ورأى المشاركون أن تنفيذ القرار افتقر للتخطيط والتنسيق الجيد، مما أدى إلى حرمان المرضى من الخدمات المنقذة للحياة عند وصولهم إلى مستشفيي الخرطوم وجعفر بن عوف. فعلى سبيل المثال، اضطرت بعض النساء في مرحلة الولادة للذهاب إلى مرافق طرفية لعدم تمكنهن من تلقي الرعاية في مستشفى الخرطوم التعليمي.
"تم أيضًا إغلاق مستشفيات ومراكز رعاية أولية وأقسام داخل المستشفيات كأثر لتنفيذ سياسة اللامركزية، مثل مستشفى البان جديد، مستشفى سَنا، مركز الرعاية الأولية بسجّانة، وقسم صحة الطفل في مستشفى حاج الصافي، الواقعة في شمال وشرق الخرطوم بحري" (المقابلة رقم 40، 17/11/2015).
"في مستشفى الخرطوم التعليمي كان هناك غرفة طوارئ لفرز الحالات، لكنها أُغلقت أثناء تنفيذ اللامركزية؛ وُجدت وفيات من مرضي الربو في السيارات أثناء انتظارها لمقابلة الطبيب" (المقابلة رقم 40، 17/11/2015).
كما وُجدت حالات نقل عكسي للخدمات خلال تنفيذ اللامركزية، إذ تم نقل الخدمات من مرافق صغيرة إلى أخرى أكبر، على عكس المفترض.
"مستشفى سنا وسلامات كانا يعملان، لكن تم إغلاق سلامات ونقل المعدات إلى مستشفى بشائر رغم كونه مركز تأمين صحي" (المقابلة رقم 3، 3/10/2015).
"بالإضافة إلى ذلك، تم نقل خدمة طب الأسنان من مركز سمير للرعاية الصحية الأولية إلى مستشفى الأكاديمي لخدمة مصالح وزير الصحة، حيث كان طلاب جامعة الوزير يتدربون في مستشفى الأكاديمي" (المقابلة رقم 40، 17/11/2015".
سياق نقل الخدمات الصحية كان له طابع خاص في حالة خدمات صحة الأطفال
كشفت البيانات أن نقل خدمات صحة الطفل من مستشفى جعفر بن عوف تم بثلاث طرق متتابعة في عام 2012. أولًا، تم تعليق تقديم خدمات الطوارئ دون إشراك المجتمع. ومع ذلك، استمر المرضى في القدوم إلى المستشفى لطلب خدمات الطوارئ، مما خلق وضعًا حرجًا. وقد أثار العاملون الصحيون في المستشفى هذه المسألة مع الإدارة، مدركين الحاجة الماسة للتدخل. وتوصل الطرفان إلى حل مؤقت بإنشاء قسم يُسمى "اليوم الأول" للتعامل مع الحالات الطارئة. لكن هذا التدخل فشل بسبب نقص المعدات والكادر المدرب.
ثانيًا، تم هدم عدة أقسام: "بعض الأقسام، مثل الجناح C15، وحدة أمراض الدم، أجنحة علاج سوء التغذية، أجنحة العزل، قسم المنظار الطبي، والمكاتب الإدارية" (المقابلة رقم 40، 17/11/2015). كما تم نقل أسرّة المستشفى إلى مستشفيي بشائر وإبراهيم مالك بطريقة غير منظمة ودون مستندات رسمية، مما أثار قلق المشاركين.
"بسبب انعدام التنسيق، وعدم وجود وثائق رسمية أو إجراءات تسليم منظمة أثناء نقل المعدات، فُقدت معدات مختبر، و14 سرير عناية مكثفة، و25 حاضنة، وأجهزة أشعة، ونظام تبريد مركزي خلال تنفيذ اللامركزية" (المقابلة رقم 40، 17/11/2015).
ظهرت مقاومة من العاملين في الصحة عندما حاولت الوزارة نقل قسمي الأطفال العام وتخطيط القلب؛ حيث خُطط لنقل الأول إلى مرافق طرفية، والثاني إلى مستشفى الشعب. وبسبب المقاومة، تم فقط نقل اختصاصي قلب الأطفال إلى مستشفى الشعب، بينما بقيت الأجهزة في جعفر بن عوف، وواصل الطبيب تقديم خدماته في المستشفى.
ثالثًا، في أكتوبر 2015، منحت وزارة الصحة بولاية الخرطوم مبنى الطوارئ في مستشفى جعفر بن عوف لمنظمة غير حكومية تُدعى "بنت البلد" لاستخدامه كمستشفى أورام للأطفال.
"قرار منح مبنى الطوارئ لمنظمة بنت البلد تم بشكل مفاجئ دون إشراك إدارة المستشفى أو العاملين فيه" (المقابلة رقم 39، 16/11/2015).
وطلب ممثلون من إدارة التنمية بالوزارة ومجلس إدارة المنظمة من العاملين الصحيين بالمستشفى إخلاء المبنى، مما يعني ضرورة نقل مكاتب شؤون العاملين، والخدمات الاجتماعية، ومخازن العاملين، والسكرتارية، والموظفين الإداريين، وأقسام العلاج الطبيعي والتغذية، ومكتب نقابة العاملين، ووحدة الهندسة إلى مستشفى الأمراض الجلدية، أو سيتم إخلاؤهم بالقوة (المقابلة رقم 39، 16/11/2015).
ورأى المشاركون أن هذا القرار كان قسريًا من الوزارة وتضمن عدم احترام للاستشاريين والأكاديميين بالمستشفى. وقد قاوم مقدمو الرعاية الصحية هذا الإخلاء، وأمهلت النقابة الوزارة 72 ساعة لإيقاف التنفيذ مهددة بالإضراب (المقابلة رقم 37، 15/11/2015).
سياق نقل الخدمات الصحية من مستشفى الخرطوم التعليمي
نُقلت خدمات مستشفى الخرطوم التعليمي بدءًا بإغلاق قسم النساء والتوليد في 2012 استجابةً لإضراب العاملين الصحيين.
ادعت وزارة الصحة بالولاية القرار بانها بصدد تحسين قسم النساء والولادة وتحويله إلى مجمع أكبر. وفي نفس العام، حاولت الوزارة مرة أخرى إغلاق القسم بحجة تلوثه بالبكتيريا، دون إجراء فحوصات.
"تم نقل قسم النساء والتوليد بسبب وجود بكتيريا، وتم نقل العاملين إلى مستشفى إبراهيم مالك أو مستشفى آخر مثل التركي، حسب أماكن سكنهم" (المقابلة رقم 62، 7/12/2015).
مارست الوزارة ضغطًا إضافيًا بالكشف عن التلوث عبر الصحف ووسائل الإعلام. ثم تم هدم القسم بواسطة الشرطة والجرافات، ونُقلت المكاتب الإدارية إلى عنابر داخلية في مجمع الجراحة والنساء. شكلت إدارة المستشفى لجنة برئاسة رئيس قسم النساء والتوليد، بمشاركة مختصين آخرين، وممثلين عن قسم ضبط الجودة، ومدير طبي، وممثل عن النقابة، ومدير مساعد.
"أُخذت عينات من قسم حديثي الولادة وكانت نتائجها سالبة، لكن الوزارة أصرت على الإغلاق" (المقابلة رقم 46، 25/11/2015). وقد أوصت لجنة ثانية شكلتها الوزارة بإعادة افتتاح القسم.
كان هناك مخطط لهدم قسم المشرحة والعلاج الطبيعي، لكن الاحتجاجات داخل قسم العلاج الطبيعي منعته. وبدلًا من ذلك، بدأت الوزارة بنقل العاملين بدءًا من أقسام الطوارئ، والمسالك البولية، والنساء والتوليد، والأعصاب إلى مستشفى إبراهيم مالك.
استُهدف قسم الكلى كذلك. ونُقلت أجهزة الغسيل الكلوي ليلًا وعطلات نهاية الأسبوع، لكن العاملين قاوموا، مما دفع الوزارة لحجب رواتبهم. ولتفادي المقاومة، تم التركيز على نقل القسم خلال الإجازات.
"نُقلت أجهزة الغسيل العادي إلى مستشفى الأكاديمي بالقوة، وأجهزة الطوارئ إلى مستشفى بحري".
"نقل وحدة الكلى من مستشفى الخرطوم تم تحت إطلاق النار" (المقابلة رقم 53، 23/11/2015).
أما نقل قسم االارشاد النفسي الذي يقدم الدعم النفسي لمرضى الإيدز، فقد تم بعنف شديد، حيث اقتحم رجال الشرطة القسم، وصادروا المعدات والمكاتب، وألقوا ملفات المرضى، مما أدى إلى اشتباكات جسدية بين الشرطة والعاملين، واحتجاجات شارك فيها مرضى الإيدز.
"نقل قسم الطب النفسي شهد اشتباكات بالأيدي بين الشرطة والعاملين الصحيين، ثم مظاهرات شارك فيها بعض مرضى الإيدز" (المقابلة رقم 33، 2/11/2015).
أُغلق قسم النساء والتوليد رسميًا بعد الضغط على جامعتي الخرطوم والنيلين لنقل طاقمها إلى مرافق طرفية. وطُلب من الاستشاريين المتقاعدين العمل فقط في قسم الناسور.
"الوزارة بلا رؤية؛ لم يخبرونا بأي خطة لنقل القسم، لنستعد. كنا نسمع فقط عن نقل قسم الجراحة أو العظام. ليس لدي أي معلومات رغم أنني رئيس القسم، وهذا دليل على غياب الرؤية. لم تُجرَ أي دراسات قبل اتخاذ قرار جعل المستشفى مرجعيًا" (المقابلة رقم 47، 25/11/2015).
كما لوحظ غياب التوثيق المنهجي والإجراءات الرسمية وخطابات النقل، مما أدى إلى نقل مرضى دون تقييم لوضعهم، بما فيهم مرضى العناية المكثفة، مما سبب لهم نوبات هلع وتدهور صحي.
"خلال أحداث إغلاق ونقل الوحدات، لم تكن هناك أوامر مكتوبة، فقط اتفاقات شفوية بسبب الخوف من تحمل المسؤولية" (المقابلة رقم 46، 19/11/2015).
"نقلوا كل المرضى من مستشفى الخرطوم، حتى من هم في العناية المكثفة. يعاملون المرضى كأنهم ماشية، لا ينتظرون تحسن حالتهم" (المقابلة رقم 23، 28/10/2015).
تم نقل حوالي 1,000 عامل صحي من مستشفى الخرطوم إلى مرافق طرفية. وقد تسببت هذه العملية غير المتزامنة في نقل تخصصات إلى أماكن غير مجهزة.
"نُقل بعض الجراحين إلى مستشفى أمبدة الذي لا يحتوي على غرفة عمليات. ونُقل أخصائيو الدم إلى مختبرات لا توجد فيها أقسام دم، كما ذكر المشاركون" (المقابلة رقم 48، 19/11/2015).
لمعالجة مقاومة العاملين في القطاع الصحي، لجأت الوزارة إلى خصخصة الموارد المالية للمستشفى من خلال إغلاق الوحدة الجنوبية الخاصة وإيقاف رسوم الدخول للمرافقين. كما تم نقل سلطة الصيدلية من المستشفى إلى "صيدليات الصندوق الدوّار" التي تديرها الهيئة القومية للإمدادات الطبية بولاية الخرطوم. وتم إغلاق خدمات الطوارئ تدريجيًا في المستشفى من خلال جداول نوبات مشتركة مع مستشفى سوبا ومستشفى إبراهيم مالك وتحويل المرضى إلى مستشفيات أخرى. وصدر قرار الإغلاق الرسمي لقسم الطوارئ في أكتوبر 2015. كما أُغلق قسم العناية المكثفة لحالات الباطنية، ونُقل المرضى إلى وحدة العناية المكثفة في مجمع الجراحة، بينما تم تخزين المعدات. وتم تدمير غرفة العمليات في قسم الطوارئ بدعوى وجود تلوث بكتيري دون إجراء أي تحقيق أو تقارير. وأخيرًا، في 31 ديسمبر 2015، تم إغلاق خدمات الطوارئ في جميع أقسام المستشفى.
تم نقل قسم الجراحة إلى مستشفيات أخرى، ولم يتبقَّ في مستشفى الخرطوم التعليمي سوى عيادات مرجعية للحالات الباردة في جراحة الأطفال والمسالك البولية وقسم الناسور. وقد نوقشت عدة خيارات بين موظفي المستشفى للحفاظ على تقديم الخدمة.
"فكرنا في تحويل مستشفى الخرطوم التعليمي إلى مستشفى مرجعي لجراحة العظام أو نقل قسم العظام إلى المركز القومي لجراحة العظام والتجميل. وكان هناك اقتراح آخر بإنشاء مركز لجراحة الأطفال داخل المستشفى. ومع ذلك، اعتقد معظم العاملين أن المستشفى سيُغلق، لأن الكادر المؤهل والمعدات وأقسام مثل المسالك البولية والباطنية والكلى قد تم نقلها بالفعل، بحسب ما أفاد به المشاركون في الدراسة" (المقابلة رقم 45، 19/11/2015).
برز النزاع حول ملكية المراكز القومية المتخصصة كأحد أبرز القضايا الناتجة عن مرسوم اللامركزية. حيث اختلفت وجهات النظر بين الوزارة الاتحادية ووزارة الصحة بولاية الخرطوم بشأن ما إذا كان يجب إخضاع هذه المراكز للامركزية أم إبقاؤها تحت سلطة الوزارة الاتحادية. وقد تم إجراء محاولات لتغيير أسماء هذه المراكز من "قومية" إلى "مراكز ولاية الخرطوم"، لكن مقاومة مديري المراكز سببت تعقيدات.
وتصاعد النزاع، ما أدى إلى تشكيل مجلس أعلى للمراكز القومية والمستشفيات المرجعية لتقييم الوضع وتقديم التوصيات.
"وقد واجهت هذه التوصيات مقاومة من وزارة الصحة بولاية الخرطوم التي كانت ترى أن على الوزارة الاتحادية تمويل المراكز، بينما تتولى الوزارة الولائية إدارتها" (المقابلة رقم 67، 21/12/2015).
كما تم تسليط الضوء على خصخصة الخدمات الصحية كعامل سياقي ساهم في سياق تنفيذ اللامركزية. وقد بدأت الخصخصة في البداية بالخدمات غير الطبية مثل التغذية والتنظيف، ثم امتدت لاحقًا لتشمل الخدمات الطبية.
"لتغطية نفقات الخدمات، أصبح المستشفى يقدم خدمات الولادة القيصرية والطبيعية مقابل رسوم على المرضى" (المقابلة رقم 62، 7/12/2015).
"الخدمات المقدمة في المراكز القومية أصبحت كذلك مُخصخصة. على سبيل المثال، في مركز الأعصاب، تبلغ تكلفة الدخول إلى العناية المكثفة 5000 جنيه سوداني، رغم أنه مركز عام، وذلك لأن المركز لا يحصل على مخصصات من وزارة الصحة، ويتم جمع ميزانية التشغيل من سعر الخدمة" (المقابلة رقم 63، 25/12/2015).
وقد نُسب قرار نقل الخدمات قبل التأكد من جاهزية المرافق الطرفية إلى مصلحة خاصة منحازة، حيث يعتبر وزير صحة ولاية الخرطوم من المستثمرين في القطاع الخاص.
"تعيين أستاذ جامعي من القطاع الخاص وزيرًا للصحة كان تعيينًا مؤسفًا، ويعد مخالفة صريحة للقانون بسبب تضارب المصالح. بدأ عمله بإقالة اللجان القائمة والاستشاريين الكبار في كل التخصصات لتجنب معارضة قراراته" (المقابلة رقم 40، 17/11/2015).
"هناك دافع آخر لتفريغ وسط الخرطوم من المستشفيات العامة، وهو تعزيز المستشفيات الخاصة، حيث إن وزير الصحة من المستثمرين في المجال الصحي" (المقابلة رقم 34، 2/11/2015).
كشفت الدراسة عن العلاقة بين ضعف اتخاذ القرار، وقصور التخطيط، واستبعاد العاملين الصحيين، مع تجاهل التفاوتات في جاهزية المرافق، ما أدى في النهاية إلى مجموعة من النتائج المعقدة. وقد أضاف سياق تنفيذ اللامركزية مزيدًا من التعقيد إلى الوضع.
النقاش
قدّمت هذه الدراسة رؤى حول عملية تنفيذ اللامركزية في تقديم الخدمات الصحية في السودان، مع التركيز على المراحل المختلفة لتنفيذ السياسات، واتخاذ القرار، والعملية التنفيذية الفعلية. وقد تم اعتماد الإطار النظري لغريندل، الذي يُبرز تحويل أهداف السياسات إلى نتائج محققة من خلال عملية التنفيذ. كما يُسلط الضوء على تأثير تصميم السياسات والعوامل السياقية والتنفيذ على محتوى السياسات ونتائجها. وتم تنظيم هذا النقاش وفقًا لإطار غريندل ضمن المحاور التالية:
تصميم ومحتوى سياسة لامركزية الخدمات الصحية
عملية اتخاذ القرار
من النتائج الرئيسة لهذه الدراسة وجود إجماع في تصورات المشاركين على أن قرار اللامركزية كان سياسيًا بحتًا، يفتقر إلى الأساس الفني أو العلمي. وقد استُند القرار إلى اللامركزية الاتحادية المنصوص عليها في دستور 2005، الذي حدّد المسؤوليات بين المستويين الاتحادي والولائي، حيث يتولى المستوى الاتحادي وضع السياسات والتخطيط، بينما تقع مسؤولية تقديم الخدمات اليومية على عاتق الولايات.
في عام 2012، قامت وزارة الصحة بولاية الخرطوم وحدها بتطبيق اللامركزية في الخدمات الصحية داخل الولاية، دون وجود متابعة من المستوى الاتحادي أو السلطات العليا. ويُبرز ذلك بيئة محتملة من التهميش تجاه الجهة الرئيسية المعنية، مما قد يؤثر على مدى تبنّيها للقرار.
علاوة على ذلك، لم تُعطَ الشفافية والمشاركة الشاملة في اتخاذ القرار وإدارة تقديم الخدمات الصحية – بما في ذلك مشاركة المواطنين في تحديد الأولويات والتخطيط وتوزيع الموارد والمراقبة – ما تستحقه من اهتمام. إن إشراك النقابات المعنية في المراحل الأولى كان من الممكن أن يعزز الجاهزية والاستعداد لتنفيذ عملية الأيلولة بصورة تدريجية ومنظمة. لكن غياب الجاهزية الفنية وضعف القدرات على المستوى الولائي قوضا بشكل كبير تقديم الخدمات الصحية، وأدّيا إلى توقف أو غياب بعض الخدمات الأساسية مثل غسيل الكلى الطارئ (18). وقد أدى هذا التشتت في الخدمات إلى تدهور جودتها بشكل عام، واضطر العديد من طالبي الخدمة الصحية إلى اللجوء إلى القطاع الخاص، مما زاد من قوته ونفوذه (24). كما أظهرت تقييمات وجود علاقة إشكالية بين المستويين الاتحادي والولائي، وأبرزت الحاجة إلى تعزيز الهياكل والقدرات التنسيقية على مختلف المستويات (31).
لم تُناقش مرسوم اللامركزية بصورة مفاهيمية من قِبل قادة القطاع الصحي، مما عزز الاعتقاد بأن القرار الرئاسي سياسي وفُرض بغض النظر عن آراء أصحاب المصلحة. وقد أثار ذلك أيضًا شكوكًا حول وجود أجندة خفية خلف عملية اللامركزية. وقد عبّرت المقابلات عن آراء تُشير إلى أن الخصخصة وبيع أراضي المستشفيات كانت من الأهداف غير المُعلنة التي قادت عملية التنفيذ. وقد وُجدت نتائج مماثلة في نيكاراغوا، حيث تدرجت اللامركزية من "التمركز اللا مركزي" إلى " الأيلولة "، بخلاف التجربة السودانية التي اتّسمت بالنقل المفاجئ للسلطات. كما أظهرت التجربة أوجه تشابه مع السياق الاجتماعي والسياسي في السودان، حيث فُرضت اللامركزية استجابةً لمتطلبات البنك الدولي وفي ظل برامج التكيّف الهيكلي واقتصاد السوق الحر (21). وفي مثل هذه الحالات، قد تصبح اللامركزية وسيلة لتعزيز مبادئ السوق الحرة داخل القطاع الصحي، كما ظهر في نيكاراغوا.
لقد أخفت اللامركزية تنفيذ برامج التكيّف الهيكلي في القطاع الصحي (4، 21). ونتيجة لذلك، ظهرت مقاومة بين مقدمي الرعاية الصحية تجاه مرسوم اللامركزية، ما أدى إلى إضرابات ومظاهرات في بعض المستشفيات، قوبلت بالعنف من قبل وزارة الصحة. وقد لوحظت مقاومة مشابهة للامركزية في بلدان أخرى مثل الفلبين وبوتسوانا وبابوا غينيا الجديدة ونيكاراغوا (4، 21، 22). ففي الفلبين، طُبقت اللامركزية من خلال الأيلولة في سياق اتّسم بتفاوتات في توزيع المرافق الصحية، وهي تحديات لم تعالجها السياسات بشكل كافٍ (4). وتشبه هذه التجربة ما حدث في السودان من حيث درجة نقل السلطات، والتنفيذ المفاجئ للسياسة، والتفاوتات الجغرافية في توزيع الخدمات الصحية.
في باكستان، نُفّذت اللامركزية بصيغة الأيلولة عقب ثورة سياسية سعت إلى تلبية مطالب لا مركزية في قطاع اجتماعي عادل ومساهم (32). وتم فرض اللامركزية بشكل مفاجئ بعد تغيير ثوري في إندونيسيا أيضًا (33). وتتطابق التجربتان مع تجربة السودان من حيث درجة نقل السلطات التنفيذية. كما أن تنفيذ لامركزية الخدمات الصحية كان استجابةً لأشكال أوسع من اللامركزية السياسية وبطريقة فجائية. وفي بابوا غينيا الجديدة، هدفت اللامركزية إلى مواجهة نظام سياسي مركزي موروث من الحقبة الاستعمارية، إضافة إلى معالجة الفجوات الكبيرة في توزيع الثروة بين المناطق الجغرافية (42). وتوجد العديد من أوجه الشبه بين تجربتي السودان وبابوا غينيا الجديدة من حيث درجة نقل السلطات.
إشراك أصحاب المصلحة
كشفت الدراسة أيضًا عن نقص في الشفافية وتبني نهج من أعلى إلى أسفل في التنفيذ، مع ضعف كبير في إشراك أصحاب المصلحة. وهذا النهج شائع في الأنظمة السلطوية (43). فالشرعية، واستقرار الحكومة، ومعارضة الجماعات المؤثرة، وموقف النخب كلها موارد سياسية تؤثر في تنفيذ السياسات. كما أن تفاوتات القوة بين الفاعلين، واختلاف مصالحهم، وطبيعة النظام الحاكم تشكل جميعها عملية التنفيذ (43).
يمكن عزو ضعف مشاركة أصحاب المصلحة في اتخاذ القرار وتنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية إلى الطبيعة السياسية للنظام ودوافعه الكامنة. فالهدف الرئيس من اللامركزية في هذا السياق كان بناء شرعية سياسية وتعزيز شبكات الزبونية (28). ومنذ عام 1989، تم تفكيك النقابات المهنية التي تُعد منابر للمشاركة، واستُبدلت بأجسام مُعيّنة من النظام الحاكم. كما ساهمت تضاربات المصالح بين منفذي السياسات في تقليص إشراك أصحاب المصلحة.
تُبرز هذه الدراسة الطبيعة السياسية للقرار، والمقاومة من مقدمي الرعاية الصحية، وانعدام الشفافية، والحاجة إلى إشراك جميع المعنيين في عملية تنفيذ واضحة وعادلة. كما أوضحت المتطلبات الحاسمة لتنفيذ اللامركزية بنجاح، مثل توافر الموارد المالية والبشرية، وفهم ديناميات القوة، والموارد السياسية والإدارية، وقابلية تنفيذ السياسات. وقد أُكدت هذه العوامل في الأدبيات (29)، وتُعد أساسية لضمان فعالية عملية اللامركزية.
علاوة على ذلك، فإن السياق السياسي العام الذي حدثت فيه اللامركزية في السودان كان تحت نظام عسكري انقلابي. وقد تكون لهذا السياق تداعيات، إذ سعى النظام إلى شرعنة سلطته عبر اللامركزية الاتحادية، دون تضمين عمليات ديمقراطية أو مشاركة مواطنية (11، 20). وقد لوحظت أنماط مشابهة في دول أخرى مثل الفلبين وبوتسوانا ونيكاراغوا وبابوا غينيا الجديدة، حيث تم اتخاذ وتنفيذ قرارات لا مركزية دون إشراك أصحاب المصلحة. ففي الفلبين، لم يُطلع أصحاب المصلحة بشكل كافٍ على عمليات نقل الخدمات، ما أدى إلى مقاومة ومظاهرات (22، 39، 44). وبالمثل، فإن اللامركزية في السودان نُفّذت دون إجازة من البرلمان ودون خضوعها لأي نقاش (41).
وقد كشفت الدراسة أيضًا عن استخدام التضليل والادعاءات – مثل اتهام بعض أقسام المستشفيات بالتلوث – كوسائل لتنفيذ اللامركزية. وتم استغلال الإعلام والشائعات للضغط على العاملين الصحيين وإجبارهم على الامتثال لعمليات نقل الخدمات. إن التنفيذ العنيف لنقل العاملين الصحيين له نتيجتان سلبيتان بارزتان: أولًا، أنه يعزز استمرار الثقافة والهياكل المركزية على المستوى المحلي رغم نقل الكوادر المؤهلة. ويتماشى ذلك مع الأدبيات التي تُبرز إمكانية نقل الهياكل والروتينات المركزية مع انتقال الكوادر (39).
مدى التغييرات المتوقعة (مدى نقل السلطات)
يوجد اختلاف في توزيع المسؤوليات في السودان عن بلدان أخرى مثل الفلبين، حيث يتقاسم المستويان الفيدرالي والولائي المسؤوليات المتعلقة بالخدمات التخصصية، وإدارة الموارد البشرية، وتوفير الأدوية (4). في السودان، تم نقل كل هذه المسؤوليات إلى المستوى الولائي، كما أشار المشاركون في الدراسة ودعمت ذلك وثائق وزارة الصحة الاتحادية (41). أدى غياب التعريفات الواضحة، وتقييمات القدرات، وآليات التنسيق بين المستويات المختلفة إلى نشوء تضارب في المصالح، مثل اللوائح المتعلقة بمراقبة الأدوية. وتم تحديد هذه القضايا أيضًا كمشكلات في عمليات تنفيذ اللامركزية في أماكن أخرى (4، 32). من الواضح أن المشاركة غير الكافية أثرت على الهدف الديمقراطي للامركزية. علاوة على ذلك، خلقت عملية التنفيذ تفاوتات وفجوات قد تترتب عليها عواقب كبيرة على إمكانية الوصول للخدمات. وقد يفرض هذا الافتقار إلى الوصول ضغطًا إضافيًا على المجتمعات، ويؤدي إلى عواقب وخيمة، ويعزز الشكوك تجاه مؤسسات الدولة (9، 34).
سياق تنفيذ اللامركزية
تضارب المصالح
برز تضارب المصالح بين المستويين الفيدرالي ومستوى ولاية الخرطوم فيما يتعلق بالسلطة على المرافق التخصصية والخدمات المتقدمة التي نُقلت إلى المستوى الولائي. كما أعاقت اللامركزية قدرة وزارة الصحة الاتحادية على أداء دورها في التدخلات أثناء الأوبئة والطوارئ، وتوسيع الخدمات والتدريب. لان كانت السلطات الولائية لها ولاية على العاملين الصحيين والمؤسسات، بدون ان يكون هناك آلية واضحة للتنسيق بين المستويات المختلفة.
نقاط قوة الدراسة
تكمن قوة الدراسة في شمولها عددًا كبيرًا من المشاركين، مما أتاح جمع البيانات من وجهات نظر وخلفيات مهنية واجتماعية وسياسية متنوعة. كما عزز استخدام طرق متعددة لجمع البيانات، مثل الملاحظات شبه المنظمة والمقابلات المعمقة، من مصداقية النتائج.
أوجه القصور في الدراسة
تنشأ أوجه القصور في الدراسة من نقاط ضعف المنهج النوعي الذي يهدف إلى التقاط تصورات وتجارب مقدمي الرعاية الصحية خلال عملية اللامركزية في السودان. ورغم أن هذا المنهج يوفر رؤى قيّمة، إلا أنه يحد من قابلية تعميم النتائج. ومع ذلك، سمح شمول عدد كبير من المشاركين من فئات مختلفة من مقدمي الرعاية الصحية وصانعي السياسات بالتقاط وجهات نظر متنوعة حول تنفيذ اللامركزية. وتقدم هذه التجارب المشتركة دروسًا مهمة للجهود المستقبلية في اللامركزية في دول منخفضة ومتوسطة الدخل ذات سياقات سياسية واقتصادية مماثلة ومستويات لامركزية مشابهة.
الخلاصة والتداعيات
توثق هذه الدراسة بشكل موسع عملية لامركزية في الخدمات الصحية في السودان، مبرزة الجوانب الرئيسية. وتكشف عن الطابع السياسي لعملية اتخاذ القرار، المتمثلة في نهج من أعلى إلى أسفل وغياب مشاركة أصحاب المصلحة. كما غابت الشفافية والتوثيق الرسمي وإجراءات التسليم السليمة. وحدثت هذه العملية في سياق برامج التكيف الهيكلي التي كانت قد مكنت القطاع الخاص في السودان.
نظريًا، تهدف اللامركزية إلى تحسين كفاءة تقديم الخدمات. لكن تنفيذها تأثر بعوامل عدة. لعبت التفاوتات في توزيع المرافق الصحية والموارد البشرية والمالية دورًا مهمًا في إعادة إنتاج الفوارق القائمة. وقد أثرت الأجندات السياسية، مثل الحفاظ على النظام الحالي، على لامركزية السودان تاريخيًا. تشكل هذه العوامل السياقية عملية اللامركزية ومحتوى السياسات ونتائجها.
يوصى بإصلاح سياسة اللامركزية. ونظرًا للتفاوتات الحالية في توزيع الموارد مع أيلولة المسؤوليات المالية والسياسية والإدارية والفنية من المستوى الاتحادي إلى الولايات، يُقترح نموذج مسؤولية متزامنة. يتضمن ذلك سلطة مشتركة بين المستويين الاتحادي والولائي، مع تفاوض مشترك على توزيع الموارد المالية. وستقوم الولايات بتنفيذ خطط وسياسات المستوى الثانوي، في حين ستقوم الحكومة الاتحادية بتقييم هذه الخطط ومواصلة تقديم خدمات المستوى الثالثي.
المراجع
1. El-Sony AI, Mustafa SA, Khamis AH, Enarson DA, Baraka OZ, Bjune G. The effect of decentralization on tuberculosis services in three states of Sudan. Int J Tuberc Lung Dis. (2003) 7:445–50. doi: 10.5588/pha.18.0070
2. Saltman RB, Bankauskaite V, Vrangbæk K. Decentralization in health care strategies and outcomes. (2006).
3. George J, Jack S, Gauld R, Colbourn T, Stokes T. Impact of health system governance on healthcare quality in low-income and middle-income countries: a scoping review. BMJ Open. (2023) 13:e073669. doi: 10.1136/bmjopen-2023-073669
4. Kolehmainen-Aitken RL. Myths and realities about the decentralization of health system. (1999).
5. Kolehmainen HMR, Villa AE, Vian T. Planning and implemention health programs under decentralization. The case of the Philippines. (1996).
6. Perez J, Mc A, Victoriano M. Managing transition dilemma in the early years of devolution in the Philippines. WHO, Decentralization and Health System Change Project. (1995).
7. Panda B, Thakur HP. Decentralization and health system performance – a focused review of dimensions, difficulties, and derivatives in India. BMC Health Serv Res. (2016) 16:561. doi: 10.1186/s12913-016-1784-9
8. Sapkota S, Dhakal A, Rushton S, van Teijlingen E, Marahatta SB, Balen J, et al. The impact of decentralisation on health systems: a systematic review of reviews. BMJ Glob Health. (2023) 8:e013317. doi: 10.1136/bmjgh-2023-013317
9. Abimbola S, Baatiema L, Bigdeli M. The impacts of decentralization on health system equity, efficiency and resilience: a realist synthesis of the evidence. Health Policy Plan. (2019) 34:605–17. doi: 10.1093/heapol/czz055
10. Dwicaksono A, Fox AM. Does decentralization improve health system performance and outcomes in low- and middle-income countries? A systematic review of evidence from quantitative studies. Milbank Q. (2018) 96:323–68. doi: 10.1111/1468-0009.12327
11. Grindle M. Politics and policy implementation in the third world. Princeton, NJ: Princeton University Press (1980).
12. Salmani F, Moshtagh M, Amiri R, Moodi M. Predictors of online health-related behaviors among healthcare workers during COVID-19 outbreak in Iran. Health Nexus. (2023) 1:4–12. doi: 10.61838/hn.1.1.2
13. Anokbonggo WW, Ogwal-Okeng JW, Obua C, Aupont O, Ross-Degnan D. Impact of decentralization on health services in Uganda: A look at facility utilization, prescribing and availability of essential drugs. East Afr Med J. (2004) 1:S2–7.
14. Anokbonggo WW, Ogwal-Okeng JW, Ross-Degnan D, Aupont O. Attitudes and perceptions of stakeholders on decentralization of health services in Uganda: the case of lira and Apac districts. East Afr Med J. (2004) 1:S8–S11.
15. Masanyiwa ZS, Niehof A, Termeer CJ. A gendered users perspective on decentralized primary health services in rural Tanzania. Int J Health Plann Manag. (2013) 2013:2235. doi: 10.1002/hpm.2235
16. Gani A. Improving quality in public sector hospitals in Indonesia. Int J Health Plann Manag. (1996) 11:275–96. doi: 10.1002/(SICI)1099-1751(199607)11:33.0.CO2-C
17. McCollum R, Taegtmeyer M, Otiso L, Mireku M, Muturi N, Martineau T, et al. Healthcare equity analysis: applying the Tanahashi model of health service coverage to community health systems following devolution in Kenya. Int J Equity Health. (2019) 18:65. doi: 10.1186/s12939-019-0967-
18. Noory B, Hassanain S, Edwards J, Lindskog BV. Perceived consequences of healthcare service decentralization on access, affordability and quality of care in Khartoum locality. Sudan BMC Health Serv Res. (2021) 21:581. doi: 10.1186/ s12913-021-06479-0
19. Iglesias. Implementation: Acase book of Asian experiences. (1978).
20. Grindle M, Thomas J. Public choices and policy change. (1991).
21. Birn AE, Zimmerman S, Garfield R. To decentralize´-or-not to decentralize is that the question? Nicaraguan health policy under structural adjustment in the 1990s. Int J Health Serv. (2000) 30:111–28. doi: 10.2190/C6TB-B16Y-60HV-M3QW
22. Mills AVG, Smith D, Tabibaadeh I. Health system decentralization: concepts, issues and county experiences. (1990).
23. Bank AD. Sudan economic outlook. Retrieved 3/9/2023. (2023).
24. Bandar Noory SAH, Lindskog BV, Elsony A, Bjune GA. Exploring the consequences of decentralization: has privatization of health services been the perceived effect of decentralization in Khartoum locality, Sudan? BMC Health Serv. (2020, 2020) 20:669. doi: 10.1186/s12913-020-05511-z
25. Ayat Abuagla EB. Challenges to implementation of the WHO global code of practice on international recruitment of health personnel: the case of Sudan. BMC Human Resour Health. (2016) 14:117. doi: 10.1186/s12960-016-0117-8
26. Norris MW. Local government and decentralization in the Sudan. Public Adm Dev. (1983) 3:209–22. doi: 10.1002/pad.4230030303
27. Alassam M. Regional government in the Sudan. Public Adm Dev. (1983) 3:111–20. doi: 10.1002/pad.4230030203
28. Elabassi MAY. Public health sector reform: The implementation of federal decentralisation in Sudan and its impact upon the sector of public health. [Doctoral Thesis, Maastricht University]. Datawyse/Universitaire Pers Maastricht. (2003).
29. Rondinelli DA. Administrative decentralisation and economic development: the Sudan s experiment with devolution. J Mod Afr Stud. (1981) 19:595–624. doi: 10.1017/ S0022278X00020188 30. Fada
lla A. Decentralization reform in the Sudan: Past experiences and future trends with perspectives on community participation in development. (1996).
31. Zaidi SA, Bigdeli M, Langlois EV, Riaz A, Orr DW, Idrees N, et al. Health systems changes after decentralisation: progress, challenges and dynamics in Pakistan. BMJ Glob Health. (2019) 4:e001013. doi: 10.1136/bmjgh-2018-001013
32. Mahmood S, Sequeira R, Siddiqui MMU, Herkenhoff MBA, Ferreira PP, Fernandes AC, et al. Decentralization of the health system – experiences from Pakistan, Portugal and Brazil. Health Res Policy Syst. (2024) 22:61. doi: 10.1186/s12961-024-01145-3
33. Hodge A, Firth S, Jimenez-Soto E, Trisnantoro L. Linkages between decentralisation and inequalities in neonatal health: evidence from Indonesia. J Dev Stud. (2015) 51:1634–52. doi: 10.1080/00220388.2015.1081172
34. Rotulo A, Paraskevopoulou C, Kondilis E. The effects of health sector fiscal decentralisation on availability, accessibility, and utilisation of healthcare services: A panel data analysis. Int J Health Policy Manag. (2022) 11:2440–50. doi: 10.34172/ijhpm.2021.163
35. Cheshire K. Decentralization of Health Care Systems as a strategy to increase access to medicines in the developing world. (2010). Available at: https:// accesstomedicineseminar.files.wordpress.com/2010/05/karen-term-paper.pdf
36. Walt G, Shiffman J, Schneider H, Murray SF, Brugha R, Gilson L. ‘Doing’ health policy analysis: methodological and conceptual reflections and challenges. Health Policy Plan. (2008) 23:308–17.
37. Ogunbekun I, Adeyi O, Wouters A, Morrow RH. Costs and financing of improvements in the quality of maternal health services through the Bamako Initiative in Nigeria. Health Policy Plan. (1996) 11:369–84. 38. Suliman AHE. The impact of structural adjustment programs on the health sector in the Sudan: a case of Khartoum State. Addis Ababa: Organization for Social Science Research in Eastern and Southern Africa. (1999). 51.
39. Bossert TJ, Beauvais JC. Decentralization of health systems in Ghana, Zambia, Uganda and the Philippines: a comparative analysis of decision space. Health Policy Plan. (2002) 17:14–31.
40. Elabassi MAY. Public health sector reform: the implementation of federal decentralisation in Sudan and its impact upon the sector of public health. [Doctoral Thesis, Maastricht University]. Datawyse/Universitaire Pers Maastricht. (2003).
41. FMOH. The exeperience of decentralization in Sudan. Unpublished Arabic report presented by FMOH in evaluation of decentralization exeperience in Sudan. (2015).
42. Thomason JA, Newbrander WC, Kolehmainen-Aitken RL. Studies ANUNCfD. Decentralization in a developing country: The experience of Papua New Guinea and its health service: National Centre for Development Studies, Australian National University. (1991).
43. Walt G, Gilson L. Reforming the health sector in developing countries: the central role of policy analysis. Health Policy Plan. (1994) 9:353–370. doi: 10.1093/heapol/9.4.353 44. Kolehmainen-Aitken R-L. Decentralization’s impact on the health workforce: Perspectives of managers, workers and national leaders. Hum. Resour. Health. (2004). 2:5



#بندر_نوري (هاشتاغ)       Bandar_Noory#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ...
- نظرية ماركس حول -الصدع الأيضي-: الأسس الكلاسيكية لعلم الاجتم ...
- نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل ...
- الاقتصاد السياسي لحرب السودان
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ...
- مخلص لدراسة: عملية تنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية: رؤية ...
- الصراع حول توحيد مواثيق لجان المقاومة.. كتعبير عن احتدام الص ...
- ملاحظات حول الميثاق الثوري لسلطة الشعب- الجزء الثالث والأخير
- ملاحظات حول الميثاق الثوري لسلطة الشعب (2)
- ملاحظات حول الميثاق الثوري لسلطة الشعب (1)
- لامركزية الخدمات الصحية والخصخصة.. بحث عن تجربة السودان
- التبعية وأثرها علي القطاع الصحي
- إقتصاد سياسي جائحة فيروس كورونا المستجد
- إقتصاد سياسي الصحة المهنية أو نظام الصحة المهنية كخلاصة مركز ...
- راهنية أفكار لينين.. كتابة أولية حول الثورة
- من نقد الموازنة إلي نقد السياسات الإقتصادية والإجتماعية أو إ ...
- منهجية وموجهات موازنة 2020: الليبرالية الجديدة من بوابة إنتف ...
- قضايا القطاع غير المنظم
- مفهوم العمل الديمقراطي وسط الشباب


المزيد.....




- قتلى وجرحى بينهم أطفال إثر غارة قرب نقطة توزيع مياه وسط غزة، ...
- ترامب يقول إن الولايات المتحدة سترسل صواريخ باتريوت الدفاعية ...
- ترامب يقرر إرسال صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
- مقتل العشرات في اشتباكات مسلّحة جنوب سوريا
- وفاة محمد بخاري رئيس نيجيريا السابق عن 82 عاما بعد مسيرة حكم ...
- سوريا: اشتباكات دامية بين الدروز والبدو في السويداء تسفر عن ...
- قتلى وجرحى خلال اشتباكات طائفية في السويداء، فماذا يحدث في ا ...
- ماكرون يقرر زيادة الإنفاق الدفاعي بـ4 مليارات دولار في 2026 ...
- عباس: حماس لن تحكم غزة والحل الوحيد تمكين الدولة الفلسطينية ...
- مورسيا : مدينة يقطنها مهاجرون من شمال أفريقيا تهتز على وقع ا ...


المزيد.....

- عملية تنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية: منظور نوعي من السو ... / بندر نوري
- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - بندر نوري - عملية تنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية: منظور نوعي من السودان.. بندر نوري، سارة حسنين، وقاسم كسك