أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - بندر نوري - التبعية وأثرها علي القطاع الصحي















المزيد.....



التبعية وأثرها علي القطاع الصحي


بندر نوري
كاتب وباحث من السودان

(Bandar Noory)


الحوار المتمدن-العدد: 6957 - 2021 / 7 / 13 - 17:11
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كتبت هذه الورقة كمساهمة في منتدي أسفيري نظمه نادي الإشتراكيين السودانيين ضمن سلسلة لقاءات تحمل شعار: نحو إقتصاد مستقل وعادل. سابدأ الورقة بتعريف مفهوم التبعية والتي تعرف بالأتي:
هي عملية إخضاع دول العالم (المحيط) خلال فترات تاريخية محددة لسيطرة النظام الراسمالي العالمي مما أدي ويؤدي بإستمرار إلي إعادة تشكيل البني الإجتماعية (الحقل السياسي، الإقتصادي والأيدولوجي) لهذه الدول بما يتوافق مع مصالح الدول العظمي (المركز)، وإرتباط دول المحيط مع المركز بعلاقات غير متكافئة بغرض إمتصاص الفوائض الإقتصادية وتصديرها من دول المحيط للمركز مما يؤدي إلي تفكك القطاعات الإقتصادية وتخلفها الإجتماعي والسياسي والثقافي وخضوعها السياسي لدول المركز (سعد الدين، 1986).
هياكل الإقتصاد في وجودها الإجتماعي تعمل علي تلبية متطلبات التراكم الراسمالي للنظام الراسمالي العالمي في مراحلها المختلفة (التمدد الإستعماري، الكينزية، الطور النيوليبرالي). من القصور الإقتصادوي التعامل مع التبعية كتبعية إقتصادية فقط بمعني أن ألياتها ودينامياتها تعمل علي المستوي الإقتصادي للبنية الإجتماعية، حيث أن التبعية بنيوية بمعني أنها تعمل في المستوي الإقتصادي، السياسي، والأيدولوجي (سمير أمين، 1985).
الصحة: هي حالة السلامة الجسدية، النفسية، العقلية، الإجتماعية التامة ولا تعني فقط خلو الجسم من الإمراض أو الإعاقة يربط هذا التعريف الصحة ويضعها في سياقها الإجتماعي في تقاطعاته مع السياسات الإقتصادية والإجتماعية وبالتالي بعملية الإنتاج المادية وتوزيع الخيرات المادية في مجتمع محدد بما يشمل الوصول إلي الخدمات الإجتماعية.
النظام الصحي: يشمل كل التنظيمات، المؤسسات المكرسة لإنتاج الصحة والخدمات الصحية. يتكون النظام الصحي في السودان من ثلاثة مستويات هي: الإتحادي، الولائي، والمحلي (Bandar Noory, 2020).
تستهدف هذه الورقة متابعة الكيفية التي أعيدت بها بناء النظام الصحي مع التحولات التي حدثت في تنظيم جهاز الدولة مع صعود الليبرالية الجديدة علي الصعيد العالمي والمحلي (Bandar Noory, 2020).
السياق التاريخي
في فترة مابعد الحرب العالمية التانية بعد أزمة التراكم الراسمالي في الثلاثينيات ازدهرت الكينزية والنموذج الفوردي للتنمية وتنظيم الانتاج وكان التراكم الراسمالي يعتمد علي الانتاج بوفرة مع زيادة الاستهلاك علي طريق تدخل الدولة في اعادة توزيع الدخل وزيادة القدرة الشرائية للعاملين عن طريق تكوين نقابات عمالية قوية . Harvey, D. (1992)
مع أزمة التضخم والركود وأزمة التراكم الراسمالي في السبعينات تم التحول من الكينزية إلي الراسمالية المالية ( الليبرالية الجديدة) والتعبير السياسي لهذا التحول كان انتخاب ريغان وتاتشر فيما عرف بالريغانية والتاتشرية. تم التنظير للاساس الاقتصادي للتحول من الكينزية لليبرالية الجديدة في جامعة شيكاغو وكان من ابرز المنظرين الاقتصاديين ميلتون فريدمان الذي قال بان الإقتصاد الخالي من القيود وتدخلات الدولة سوف ينمو بشكل اسرع والفوائد سوف تعود علي الفقراء Harvey, D .(2005a)
برنامج التكييف الهيكلي (Structural Adjustment Program) هو الوسائل العملية التي تستخدمها المؤسسات المالية العالمية مثل صندوق النقد الدولي ((IMF والبنك الدولي ((WB لنشر وتنفيذ اقتصاد السوق والليبرالية الجديدة عبر التفاوض المباشر مع وزراء المالية في الدول المختلفة عن طريق استخدام برنامج التكيف الهيكلي كشرط لجدولة الديون القديمة واقراض ديون جديدة في المستقبل.(Chapman 2010) إذا لم ينجح التفاوض في احداث التغييرات المطلوبة يتم اللجوء إلي التدخل العسكري المباشر كما أشار لذلك بروف ديفيد هارفي في كتابه عن الليبرالية الجديدة Harvey, D .(2005a).
وضعت المؤسسات المالية شروط علي الدول يجب أن تفي بها وتمثل هذه الشروط برنامج التكيف الهيكلي وهي:
• أن تقوم الحكومات بتخفيض القوي العاملة في القطاع الحكومي.
• تخفيض الأجور.
• تخفيض ميزانيات القطاعات الحكومية خاصة قطاع الخدمات ( التعليم والصحة، الإسكان، إصحاح البيئة...الخ).
• إلغاء الدعم الحكومي للسلع الضرورية وتدخلات الدولة لحماية الأسعار.
• تعويم العملات المحلية.
• بيع أصول الدولة مما يعني تمدد القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني (NGOs)في تقديم الخدمات الاجتماعية.
• تقليل الضرائب علي الإستثمار الأجنبي.
• إضعاف تدخلات الدولة في حماية البيئة وحماية العمالة عن طريق إضعاف النقابات العمالية التي استمدت قوتها ووزنها السياسي في الفترة الفوردية بالاضافة الي تغيير قوانين العمل لمصلحة راس المال من ناحية الحق القانوني في تسريح العمالة بدون قيود واضعاف قوانين الصحة المهنية.
• عدم تدخل الدولة في حركة راس المال والحركة العكسية لفائض القيمة عبر إضعاف القبضة المركزية لجهاز الدولة وذلك عبر فرض اللامركزية السياسية كنظام إداري للدول.
في عام 1989 تم صك مصطلح إجماع واشنطن للتعبير عن برنامج التحالف الذي يجمع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ووزارة الخزانة الأمريكية من اجل التعامل مع إقتصاديات مابعد التكيف الهيكلي ( فرض اقتصاد تقشف) .(Chapman 2010) بحلول عام 1991 أصبحت 75 دولة فقيرة حول العالم مستقبلة للدعم المرتبط بالتكيف الهيكلي، 30 دولة في افريقيا و 18 دولة في أمريكا اللاتينية.
في السودان أول محاولة لتطبيق برنامج التكيف الهيكلي كان عام 1978 في عهد الرئيس جعفر نميري. أعيدت المحاولة لتنفيذ روشتات صندوق النقد والبنك الدوليين عقب إنتفاضة مارس أبريل عام 1985. وفي عام 1989 بعد إنقلاب الجبهة الاسلامية تمت إعادة المحاولة وتم تنفيذ كل مراحل البرنامج ( التثبيت و التكيف) لكن بدون مساعدات تقنية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كما أشار لذلك د. عبد الحميد الياس في احدي بحوثه (Suliman 1997). مرت علاقة السودان في عهد الجبهة الإسلامية بمؤسسات التمويل الدولية بمجموعة من التقلبات يمكن إيجازها في الأتي:
عام 1995: إعلان السودان دولة غير متعاونة مع صندوق النقد الدولي.
عام 1996: تعليق حق السودان في التصويت داخل صندوق النقد الدولي والتهديد بطرد السودان من عضوية الصندوق.
1997: تم التوصل لإتفاق قضي بأن يسدد السودان متأخرات رسوم العضوية ومن ثم رجعت المياه لمجاريها في العلاقة بين السودان والصندوق.
سنة 2000: بداية تنفيذ برامج Staff monitored program (SMP) حيث تم تنفيذ عشر نسخ من هذا البرنامج.
2011 _ 2016: مواصلة تنفيذ برنامج التكيف الهيكلي بتحرير سعر الصرف وأسعار الوقود (د. محمد خير، 2009).
المرحلة الأخيرة من التكيف الهيكلي أي العلاج بالصدمة التي أعلن عنها رئيس وزراء الجبهة الإسلامية معتز موسي في يناير 2018 والتي إشتملت علي تحرير القطاع المصرفي والمالي، تحرير التجارة الخارجية، إنسحاب الدولة الكامل من دعم السلع الضرورية هو نفس البرنامج الذي تبنته السلطة الإنتقالية وأعلنت عنه في موجهات موازنة 2020، موازنة 2020 وسياسات البنك المركزي (موازنة 2020).
من تاثيرات برنامج التكيف الهيكلي انه أدي إلي خلق طبقات راسمالية مسيطرة ( راسمالية مالية) أو اعادة السيطرة الطبقية مع خلق اليات جديدة للتراكم الراسمالي تمثلت في التراكم عن طريق النزع ((Accumulation by dispossession (نزع الاراضي وأصول الدولة)، الفساد، المضاربات، تجارة العملة، والتحول في أشكال وشروط التوظيف من الوظائف الدائمة إلي المؤقتة وما يصحب ذلك من استغلال للعمالة كما أشار لذلك ديفيد هارفي (Harvey 2005).
التنمية غير المتوازنة والتي تعتبر سمة من سمات التنمية الراسمالية وإحدي تناقضاتها الداخلية كما ذهب لذلك ديفيد هارفي (Harvey, 1992) &(Harvey, 2005b حيث يعتبر التفاوت الجغرافي في التنمية الراسمالية هو الضمانة للحفاظ علي معدلات عالية من الأرباح حيث تعتبر المناطق الفقيرة تنمويا هي منبع العمالة الرخيصة للمناطق الغنية. بالإضافة إلي التفاوت بين الريف والمدينة حيث يتشكل الريف في المنظومة الراسمالية من أجل مد المدن الراسمالية بالمواد الخام وما يستتبع ذلك من تمركز الخدمات مع تمركز الثروة في المدن والهجرة من المدينة للريف لتشكيل رصيد القطاع غير المنظم (Harvey, 2012).
من تأثيرات سياسات التكيف الهيكلي أنها تعمل بشكل هيكلي علي تقلص القطاع المنظم وتمدد القطاع غير المنظم لدرجة أنه أصبح يحتوي علي 77% من العمالة في السودان (Elsaadi, 2016)، اليات تشكل هذا القطاع يمكن تلخيصه في الأتي:
التحول في أليات التراكم الراسمالي للتراكم المرن المرتبط بإعادة تشكيل سوق العمل وعلاقات العمل مما يتيح مرونة كبيرة لراس المال للتخلص من العمالة متي ما دعت الحوجة. أولي الخطوات في هذه التحولات كانت التحول في أنماط التوظيف من الوظائف الدائمة إلي الوظائف المؤقتة وما يصحب ذلك من فقدان لكل الحقوق الحمائية من معاش, تأمين إجتماعي, وغيره. وهذه التحولات تمت تسميتها بالعمالة غير المهيكلة في القطاعات المنظمة. هذه التحولات ساهمت بشكل مباشر في إعادة توزيع الدخل بين العمال وراسمال حيث تم التنصل من الحقوق التي تحصلت عليها الطبقة العمالة في ظل الكينزية ولصالح زيادة معدل الأرباح والتراكم الراسمالي. أي بمعني أخر يرتبط التراكم الراسمالي بزيادة إستغلال العمالة إلي أقصي مراحله ويتطلب ذلك تحطيم النقابات وتدجينها كما حدث في السودان. حيث يعتمد التراكم المرن في ظل الليبرالية الجديدة علي زيادة فائض القيمة النسبي وذلك بالتخلص من العمالة والعمل بالحد الأدني من العمالة مما يساهم في زيادة معدل الربح كما أشار لذلك أليكس كلانيكوس (Alex Callinicos, 2010).
إعادة تشكيل إقتصاديادت الدول من أجل الحصول علي قروض جديدة وجدولة الديون القديمة حيث لاتشمل خطة إقتصادات الليبرالية الجديدة خلق وظائف جديدة مما يفاقم من مشكلة البطالة ونمو القطاع غير المنظم, رغم إدعاءات المؤسسات المالية العالمية بان نمو القطاع الخاص كهدف من هذه السياسات سوف يسهم في إعادة توظيف العطالة حيث تكذب الأرقام هذه الإدعاءات حيث إنخفضت نسبة التوظيف في القطاع العام في الفترة من 1990-2005-2010 من 58% إلي 30% في الجزائر, ومن 32% إلي 27% في مصر, ومن 26% إلي 11% في المغرب ومن 32% إلي 22% في تونس حيث فشل القطاع الخاص في سد العجز في التوظيف في القطاع العام. ربطت عدد من الدراسات وجود ترابط بين تنامي القطاع غير المنظم وإرتفاع معدل البطالة في كل من موريتانيا, ليبيا, السودان, تونس, الجزائر, ومصر. (Elsaadi, 2016)..
في السودان تم تقدير معدل العطالة عام 2011 بحوالي 18.8% من السكان وتتفاوت النسبة بين الذكور والإناث من 13.7% إلي 32% علي الترتيب حيث أن نسبة العطالة أكبر وسط النساء من الرجال. بينما بين الشباب نسبة العطالة أكبر 24.5% مع الحفاظ علي نفس التفاوت بين الجنسين حيث أن العطالة أكبر وسط النساء (27.5%) أكثر من الرجال (22.6%). (Hassan Ahmed& Ashraf Osman, 2016). في عام 2020 وحسب الموازنة الصادرة من وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي فإن معدل العطالة وسط الشباب قد وصل لمعدلات غير مسبوقة أي ما مقداره 40% من الشباب لا يعملون (موازنة 2020).
شروط المؤسسات الدولية الخاص بإعادة هيكلة القطاع العام وذلك بتخفيض العمالة في هذا القطاع ساهم بشكل مباشر في تنامي القطاع غير المنظم. حيث تشير بعض الإحصائيات إلي فصل أكثر من 250 ألف موظف وعامل في بدايات تطبيق برنامج التكيف الهيكلي حيث عرف هذا الفصل في العرف السياسي السوداني بالإحالة للصالح العام. بالإضافة إلي تخفيض ميزانيات الدولة وإنسحابها من إدارة الإقتصاد وتقديم الخدمات الإجتماعية أدي إلي ضعف دخول العاملين في القطاع المنظم وإفقارهم مما حدا بهم إلي البحث عن وسائل عيش أخري وإنتهي بهم الأمر إلي القطاع غير المنظم.
كل مرحلة من مراحل الراسمالية يصاحبها تنظيم محدد وملموس لجهاز الدولة الذي يوفر اليات هيكلية للتراكم الراسمالي، تستخدم الورقة تعريف بولانتزاس (بولانتزاس 1978) لجهاز الدولة كتعبير عن التركيز المادي لموازين القوي الإجتماعية مما يعطي مرونة أكثر في تحليل وتفسير التحولات التي تحدث في جهاز الدولة من دولة متدخلة في إدارة النشاط الإقتصادي وتقديم الخدمات الإجتماعية في المرحلة الكينزية والفوردية إلي دولة غير مسئولة ومضمحلة في المرحلة الليبرالية الجديدة حيث ينحصر دورها في تهيئة الأجواء للإستثمار وتمدد القطاع الخاص وخصخصة الأدوار التاريخية التي كانت تقوم بها الدولة. ولأن برامج التكيف الهيكلي تشمل إعادة هيكلة جميع مناحي الحياة تزامن مع تطبيقها تنفيذ برنامج سمي بإصلاح النظام الصحي (Health system reform)، حيث عقدت مؤتمرات التعليم والصحة في عام 1990 وصيغت الإستراتيجية القومية الشاملة كتعبير عن الرؤية الإستراتيجية للحركة الإسلامية والتي شملت وصفات صندوق النقد والبنك الدوليين. عام 1992 كان بداية تسليع الخدمات الصحية وبدأ بخصخصة الخدمات غير الطبية مثل إلغاء المطبخ وقسم النظافة والإقسام الهندسية والتعاقد مع شركات لتقوم بهذه المهام. ومن بعد ذلك تم فرض رسوم علي خدمات مقابلة الطبيب، الفحوصات والأدوية تماشيا مع إعلان باماكو (Bamako initiative) برعاية صندوق النقد الدولي والذي قضي بتسليع الخدمات الصحية عبر فرض ألية إستعادة التكلفة (Cost recovery mechanism) لتمويل الخدمات الصحية في معظم الدول الأفريقية Mohamed, G. K. (2008). التحولات التي حدثت مع صعود الليبرالية الجديدة وبروز الدولة غير المسئولة أو الدولة الليبرالية الجديدة أدت لإعادة تنظيم النظام الصحي وتكون نظام صحي جديد وهو ما إصطلحت علي تسميته النظام الصحي نموذج السوق (Market model health system)، وسأعمل في هذه الورقة علي تتبع تمظهرات التبعية في طورها النيوليبرالي في تنظيم الأعمدة الستة للنظام الصحي وطريقة عملها
تأثيرات التحول النيوليبرالي علي تنظيم النظام الصحي أو الملامح الأساسية للنظام الصحي نموذج السوق (Market model health system)
يتشكل النظام الصحي من ست أعمدة اساسية (Health system building blocks) وهي:
1. تقديم الخدمات الصحية (Health service delivery)
يشمل التحولات التي حدثت في المؤسسات الصحية والتي سميت بالإصلاح المؤسسي كجزء من برنامج التكيف الهيكلي حيث إعيد بناء المؤسسات الصحية بحيث يتم تحويلها إلي مؤسسات مستقلة (Autonomous Bodies) عبر تغيير هياكلها وقوانينها وبالتالي تنظيمها حتي تقوم بالأدوار الجديدة التي صممت من أجل القيام بها وهي تحويل الصحة من قيمة إستعمالية إلي قيمة تبادلية تهدف لالحاق الخدمات الصحية بالإنتاج السلعي أي الإنتاج من أجل السوق. أهم التحولات التي حدثت في المؤسسات الصحية هو فرض ألية إستعادة التكلفة لتمويل المؤسسات الصحية بمعني تمويل تقديم الخدمات الصحية عبر بيع الخدمات الصحية كمصدر للإيرادات التي تتجمع لتشكل ميزانية الصحة. الدليل علي صحة ما ذهبت إليه الورشة التي حضرتها للدعم العالمي (Global fund) وهو الدعم المقدم من البنك الدولي لدعم السل، الملاريا، والأيدز وأخيرا تم تصميم برنامج يستهدف تقوية النظام الصحي (Health system strengthening) تم تقديم قسم تعزيز الصحة في الوزارة الإتحادية حيث إستهل ممثل القسم كلامه بتأكيد إعتمادهم في القسم علي نظرية السوق الإجتماعية (Social market theory) في عملهم في تعزيز الصحة حيث يهدفون لخلق الحوجة لإستهلاك الخدمات الصحية. صعدت نظرية السوق الإجتماعية مع التحول لليبرالية الجديدة والمفارقة التي حدثت بين الإنتاج والحوجة الإجتماعية بمعني أن إنتاج السلع الموجهة للسوق ومن ضمنها الخدمات الصحية لا يخضع للحوجة الإجتماعية مما يفسر الميل الدائم لفيض الإنتاج في الراسمالية كما ذهب لذلك ماركس، تعاملت النيوليبرالية مع فيض الإنتاج عبر تحفيز الإستهلاك وذلك بخلق الحوجة والتي في الغالب تكون متوهمة ويتم ذلك عبر الإعلانات وغيرها من الوسائل. إذا علمنا أن قسم تعزيز الصحة من أهدافه الأساسية تعزيز الصحة الوقائية بمعني الوقاية من الأمراض عبر رفع الوعي المجتمعي يتضح لنا حجم الكارثة الحاصلة بسبب أليات عمل مؤسسات النظام الصحي المستمدة من اليات السوق في طور النيوليبرالي مما يؤدي إلي الإنحياز التام للصحة العلاجية (المدخل الأساسي للتسليع) علي حساب الصحة الوقائية. تمدد أليات السوق داخل المؤسسات الصحية الحكومية بلغت مرحلة إنشاء عنابر تسمي بالأجنحة الخاصة للمرضي من الطبقات البرجوازية، بالإضافة ألي إنشاء لست مسائية للعمليات المجدولة بأسعار أعلي من أسعار العمليات في الدوام الصباحي وبالتالي يحظي المرضي الميسورين بمعاملة خاصة تتماشي مع المبالغ المالية التي يدفعونها. غزو القطاع الخاص يصل في بعض المؤسسات الصحية لدرجة إستئجار المعمل الوحيد الكائن داخل المؤسسة بواسطة مستثمرين.
من مظاهر التبعية النيوليبرالية التي تمظهرت في مؤسسات تقديم الخدمات الصحية هي تحويل هذه المؤسسات إلي منظمات مجتمع مدني تتحين فرص التمويل وهو ما ساسميه بأنجزة جهاز الدولة (NGO-ization of state apparatus) وتتجلي هذه الظاهرة بشكل أوضح في وزارات الصحة الإتحادية والولائية حيث أصبحت تعتمد علي كتابة المشاريع وإستجداء فرص التمويل من مؤسسات التمويل الدولية كما أن أولويات المشاريع التي يتم البحث لها عن تمويل لا يكون حسب أولويات الدول ومشاكلها وإنما حسب فرص التمويل المتاحة حسب أجندة مؤسسات التمويل. هذه التحولات أدت إلي تغييرات هيكلية في النظام الصحي بإعتماد أليات عمل منظمات المجتمع المدني الممولة دوليا وتقاليد عملها بديلا لأليات عمل جهاز الدولة. فمكاتب منظمات المجتمع المدني الدولية وأنظمة عملها داخل الوزارة تعبر عن حالة إبتلاع كاملة لجهاز الدولة بواسطة منظمات المجتمع المدني الدولية.
من المؤشرات التي تدل علي مظاهر التبعية في تقديم الخدمات الصحية هي عدم العدالة في توزيع المؤسسات الصحية نفسها حيث نجد التفاوت بين الريف والحضر في توزيع مؤسسات الرعاية الصحية الأولية كتعبير عن التفاوت الهيكلي وتقسيم العمل الراسمالي بين الريف والحضر. في المناطق الحضرية نجد أن كل 5000 من المواطنين يحصلون علي 0.4 مركز صحي (أقل من نصف مركز)، بينما في المناطق الريفية نجد أن كل 5000 من المواطنين يحصلون علي 0.3 من المراكز الصحية، في نفس الوقت الذي يسكن فيه 69.2% من سكان السودان في المناطق الريفية بينما 30.8% فقط في المناطق الحضرية (FMOH,2016). توزيع المؤسسات الصحية الثانوية والثالثية ليس أفضل حالا من مؤسسات الرعاية الصحية الأولية تجلي ذلك عند تطبيق أولوية الخدمات الصحية (توزيع مسئولية الخدمات الصحية ومؤسساتها حيث موقعها الجغرافي) من جملة 23 مستشفي ثانوي وثالثي، ألت 18 مؤسسة صحية لولاية الخرطوم وفقط باقي 5 مؤسسات ألت لباقي الولايات مما يعني تمركز الخدمات الصحية الثانوية والثالثية في ولاية الخرطوم كتعبير عن عدم العدالة في توزيع الموارد الصحية (Bandar Noory, 2020).
المراجعة النقدية للمعلومات المتعلقة بإنتشار جائحة كورونا في السودان تعضد ما ذهبنا إليه عن واقع عدم العدالة في توزيع الموارد الصحية وعدم العدالة حتي في توزيع معدلات الوفيات الناتجة عن إنتشار الجائحة. تتفاوت نسبة الوفيات بين الولايات المختلفة معبرة عن التفاوت الكبير في توزيع الخدمات الصحية والموارد الصحية بين الولايات المختلفة حيث نجدها 55% في ولاية شمال دارفور، 50% في ولاية وسط دارفور بمعني أن نصف حالات الكورونا في الولايتين تتعرض للوفاة، 30% في شرق دارفور، 18%، 16% في جنوب وشمال كردفان علي التوالي. بالإضافة إلي 15% في ولاية القضارف، 14% في ولايتي نهر النيل والنيل الأبيض، 13% في ولايتي سنار وكسلا، 12% في ولايات البحر الأحمر والجزيرة، وغرب دارفور. بينما وصلت نسبة الوفيات 11% في الولاية الشمالية، 10% في جنوب دارفور، 5%، 4% و3% في ولايات غرب كردفان، الخرطوم والنيل الأزرق. التفاوت الكبير في توزيع الموارد الصحية الخاصة بخدمات الصحية المخصصة لمرضي جائحة الكورونا يوضح بشكل كبير أسباب التفاوت الكبير في نسبة الوفيات فمثلا في ولاية شمال دارفور نجد أن عدد الأسرة 150 سرير في مراكز عزل الولاية بينما عدد الأسرة في العناية المركزة 7 سراير فقط، في ولاية كسلا نجد أن عدد الأسرة في مراكز العزل 5 أسرة وفي العناية المركزة توجد فقط 5 أسرة. بينما في وسط دارفور نجد خدمات الكورونا الصحية تقدم فقط في مدينة زالنجي حيث نجد بها 10 أسرة في مراكز العزل و4 سراير في العناية المركزة، وفي غرب كردفان نجد 18 سرير في مركز عزل الفولة بينما لا يوجد ولا سرير واحد في العناية المركزة. كما أن تمركز خدمات تشخيص فيروس كورونا المستجد في ولايات محددة مثل ولاية الخرطوم، الجزيرة والبحر الأحمر بينما تفتقر باقي الولايات لهذه الخدمات أدي إلي أن يكون هنالك مايزيد عن 763 عينة معلقة (تقرير وزارة الصحة الإتحادية بتاريخ مارس 2021).
من مؤشرات التبعية عدم تهيئة بيئة العمل بالمؤسسات الصحية من حيث عدم توفر أبسط معينات العمل من أدوية منقذة للحياة، شاش، قطن...الخ مما أدي إلي نقص كبير في الخدمات الصحية المتوفرة ورداءة جودة هذه الخدمات والتي تعتبر من الأليات التي عبرها يعمل النظام الصحي علي تهيئة الأجواء للإستثمار عبر دفع المواطنين دفعا لإرتياد القطاع الخاص حتي للحصول علي الخدمات الصحية الطارئة، بالإضافة إلي عوامل أخري مثل النقص الكبير في سعة المؤسسات الصحية خاصة بعد تطبيق أيلولة الخدمات الصحية (تجفيف المؤسسات الصحية القومية) حيث تم نقل الخدمات الصحية من مستشفي الخرطوم 1100 سرير إلي إبراهيم مالك (150 – 200 سرير) (Bandar Noory, 2020)، مما أدي إلي تفاقم وقت الإنتظار والإزدحام في المؤسسات الصحية وبالتالي دفع المواطنين للهروب للقطاع الخاص من جحيم مؤسسات القطاع العام. كما لا ننسي أن تسليع الخدمات الصحية يجري علي قدم وساق في المؤسسات الصحية منذ 1992 مما يعني أن سياق تحويل الخدمات الصحية إلي سلعة مسيطر علي وعي الجماهير وتفكيرهم حتي وإن القطاع العام أقل تكلفة إلا أن عدم توفر معينات العمل ووقت الإنتظار الطويل يجعل القطاع الخاص هو الجاذب في المنافسة.
جملة هذه الإشكالات أدت إلي تدهور كبير في المؤشرات الأساسية المتعلقة بتقديم الخدمات الصحية مثل الوصول للخدمات الصحية، جودة الخدمات ومدي القدرة علي تحمل نفقات الخدمات الصحية في الفترة قبل وبعد تنفيذ لامركزية الخدمات الصحية وسأحيلكم إلي نتائج البحث الذي قمت به لتقييم لامركزية الخدمات الصحية.
الجدول رقم (1): الوصول للخدمات الصحية والقدرة علي تحمل نفقات الحصول علي الخدمات الصحية قبل وبعد تطبيق لامركزية الخدمات الصحية (Bandar Noory, 2016).

Perceived effects Before n (%) After n (%) P-value
Accessibility of health care service
Yes 223 (53.3) 146 (34.9) < 0.01
No 195 (46.7) 272 (65.1) < 0.01
Affordability of health care service
Yes 226 (54.1) 85 (20.3) < 0.01
No 192 (45.9) 333 (79.7) < 0.01

من الجدول رقم (1) يتضح التدهور الذي حدث في الوصول للخدمات الصحية قبل وبعد تطبيق لامركزية الخدمات الصحية حيث نجد أن 53% من المشاركين في الدراسة كانت لهم أمكانية للوصول المنتظم للخدمات الصحية بينما 46.7% كانوا لا يملكون إمكانية وصول منتظم للخدمات الصحية. بعد لامركزية الخدمات الصحية إرتفع نسبة المشاركين الذين لا يملكون وصول منتظم للخدمات الصحية إلي 65%. أما المشاركين الذين لا يمكلون المقدرة علي تحمل نفقات الخدمات الصحية فقد زادت نسبتهم من 45.9% قبل تطبيق اللامركزية إلي 79.9% بعد لامركزية الخدمات الصحية.
2. الكوادر الصحية (Health workforce)
من أوضح الأثار علي إعادة بناء النظام الصحي وفقا للمنظور النيوليبرالي هو النقص الكبير في عدد الكوادر الصحية في المؤسسات الصحية حيث تم تقليص عدد الكوادر الصحية توافقا مع تقليص العاملين بالقطاعات الحكومية كشرط من شروط صندوق النقد الدولي لإعادة هيكلة الإقتصاد. بالرغم من الزيادة الهائلة في عدد المؤسسات التعليمية الجامعية إلي 180 مؤسسة جامعية منهم 35 تحتوي علي كليات طبية الا أن السودان قد تم تصنيفه من قبل منظمة الصحة العالمية بإحتوائه علي نفص حاد في عدد الكوادر الصحية بمعدل 23 كادر صحي مقابل 10 ألف من المواطنين وكان ذلك عام 2006 (Ayat Abuagla, 2016). التوسع الكبير في التعليم وخاصة التعليم الطبي يوفر جيش الإحتياط من الكوادر الصحية والذي يمثل الأساس المادي للإستغلال البشع الذي يحدث لهم ويتجسد هذا الإستغلال في أشكال عمل ملموسة مثل الأتاش (Attach) أو الإلتحاق بمؤسسة صحية حيث يعمل الأطباء المتخرجين حديثا بدون حتي تعاقدات وفي أغلب الأحيان بدون حوافز ويقومون بكل مهام الأطباء المعينيين، وذلك بسبب السياسات الحكومية التي تعمل علي تأخير توزيع أطباء الإمتياز من أجل زيادة عدد الأطباء الملتحقين، والذين يمكن وصفهم بأنهم يعملون بالسخرة، فيشغلون مقاعد أطباء معينيين مما يتسبب في تقليص التعيينات ووأيصا تقليص عدد أطباء الأمتياز و تأخير مواعيد توزيعهم. نفس هذه السياسات تتكرر بالكربون مع أطباء الخدمة الإلزامية حيث تلزم السلطة الأطباء أن يعملوا لمدة عام بالسخرة. ويمثل أطباء الألتحاق والخدمة أيضا جيش الإحتياط في حالة حدوث إضرابات، كما يعتبرون أضعف الحلقات في حالة حدوث حراك وسط الأطباء حيث يتم التخلص منهم بكل سهولة كما حدث في حالة إضراب أطباء الإلتحاق في مستشفي عطبرة. أما النموذج الثالث لأشكال العمل فهو عمل اليوميات وهم الأطباء الذين يتم الإتصال بهم ليقوموا بتغطية الحوادث في حالة وجود نقص في تغطيتها (النقص دائم تقريبا) وهؤلاء غير متربطين بأي مكان علي الإطلاق.
مرة أخري فإن عدم العدالة في توزيع الموارد الصحية وتحديدا الكوادر الصحية من مؤشرات التبعية النيوليبرالية فمثلا نجد أن عدد الأطباء في ولاية الخرطوم 29.7 طبيب مقابل كل 100 ألف من المواطنين، بينما في ولاية شرق دارفور نجد فقط 5 أطباء مقابل 100 ألف من المواطنين. أيضا نجد 82 زائرة صحية لكل 100 ألف من السكان في ولاية الخرطوم بينما لا يتجاوز عددهن 5 زائرات لكل 100 ألف في كل من شرق، ووسط وغرب دارفور،بالإضافة إلي جنوب كردفان (FMOH, 2017). وبالإضافة إلي التحولات الكبيرة في أنماط التوظيف التي سأتي إليها لاحقا فإن تصريح أحد وزراء المالية في العهد البائد بفخر تام بأن السودان يصدر كل شئ من النبق وحتي الدكاترة يلخص الإشكال وهو تشكيلة إجتماعية ذات هياكل إقتصادية تخارجية بلغة سمير أمين مما يعني سيطرة القطاع الثالث (التجارة والخدمات) وتحديدا الإستيراد والتصدير علي مجمل النشاطات الإقتصادية. يشير د. سمير امين إلي أن تصدير القوي العاملة ينطوي علي تصدير فوائض إقتصادية كامنة وبالتالي شكل من اشكال التبعية التي تعززت مع صعود العولمة النيوليبرالية، بإعتبار أن الكادر الصحي الذي أشرفت دولة محددة من دول المحيط (السودان) علي تطوره المهني يذهب ليقدم عصارة مهاراته الإجتماعية والوظيفية لدولة لم تساهم بشئ في ذلك. الأرقام التي بحوزتنا تؤكد علي تصاعد هجرة الكوادر الصحية حيث نجد في عام 2013 من جملة 25 ألف طبيب مسجلين في المجلس الطبي نصفهم (12,500) كانوا خارج البلاد، أرتفع هذا العدد ليبلغ 20 ألف طبيب في عام 2017 (أديسون جوزيف، 2020). والدليل علي ما ذهبت إليه بسيطرة قطاع الإستيراد والتصدير علي الهياكل الإقتصادية التابعة أن وكالات الإستقدام التي تعمل علي تصدير الكادر الصحي (بلغة وزير المالية) قد زادت من 10 وكالات فقط عام 2000 إلي 400 وكالة عام 2015 (Ayat Abuagla, 2016).
السؤال الذي قد يتبادر للأذهان هو ما السبب وراء موجة الهجرات العاتية وسط الكوادر الصحية؟ مجددا التحولات التي حدثت في النظام الصحي لإستيعاب المتغيرات النيوليبرالية كفيلة بالإجابة علي هذا السؤال المحوري. فمثلا نجد تحولا كبيرا في أنماط التوظيف وسط الكوادر الصحية من الوظائف الدائمة إلي المؤقتة تزامنا مع إعتماد أليات التراكم الراسمالي المرنة مع صعود النيوليبرالية (التنازل من مكتسبات العمال عبر النضالات المريرة مثل شروط ما بعد الخدمة من معاش، الإستقرار الوظيفي، التامين الإجتماعي...الخ). لكن كما ذهب ديفيد هارفي الا أن نظام إجتماعيا وإقتصاديا وسياسيا مثل النيوليبرالية لا يمكن ان يتوطد أركانه في أي واقع مالم يتحول إلي المسلمة التي لا تقبل النقاش (التبعية الأيدولوجية) فإن معظم الكوادر الصحية الذين شاركوا في البحث الذي أجريته كانوا لا يمتلكون وظائف دائمة وكانوا يفضلون الوظائف المؤقتة بإعتبار أنهم لا يرغبون في أي سبب يربطهم بشكل دائما بالنظام الصحي السوداني لان مستقبلهم يتمثل في الهجرة. يمكنني التلخيص والإستنتاج أن أنماط العمل غير المهيكل (خارج الحماية القانونية للدولة) هي المسيطرة حتي في القطاعات المنظمة كما في حالة النظام الصحي في السودان. سنأخذ مظهر أخر من مظاهر التبعية النيوليبرالية وهو تسليع التدريب بالنسبة لنواب الإختصاصيين كتعبير عن إنسحاب الدولة من مهامها الإجتماعية بالكامل حيث تم فرض رسوم تدريب تبلغ 10 ألف جنيه علي كل نائب إختصاصي سنويا مع سيطرة التدرب علي النفقة الخاصة وتضاؤل التدرب علي النفقة الحكومية. في عام 2021 تمت زيادة رسوم التدريب بنسبة 500% لتبلغ 50 ألف جنيه سنويا. مع الإلتهام الكامل لأليات السوق للنظام الصحي وطريقة عمله بإعتباره موجها لتعظيم الأرباح فإن تحولا كبيرا في أنماط الدفع للمستحقات المالية قد حدث حيث تعمل معظم المستشفيات وخاصة أقسام الجراحة والنساء والولادة علي إعطاء الكوادر الصحية نسبة من دخل العمليات حتي يكون حريصا علي زيادة عدد العمليات وبالتالي نصيبه من الأرباح مما يمكن أن يؤدي إلي زيادة عدد العمليات غير الضرورية (Unnecessary surgeries).
أقصي درجات عدم الأمان الوظيفي تجلت في تخلي الدولة الكامل عن الكوادر الصحية في مواجهة جائحة كورونا حيث نجد أن من جملة 982 كادر صحي أجروا فحص فيروس كورونا المستجد 758 حالة كانت نتائجهم إيجابية مما يعني نسبة إيجابية بلغت 77%. مما يعني عدم وجود نظام فرز في المؤسسات الصحية، وعدم توفر وسائل الحماية للكادر المعالج، مما إنعكس بشكل واضح في زيادة وفيات الكادر المعالج بسبب فيروس كورونا المستجد (تقرير لوزارة الصحة بتاريخ مارس 2021).
أخيرا سيطر الإغتراب (Alienation) بالمفهوم الماركسي كتعبير عن إغتراب الكوادر الصحية عن السلعة التي ينتجونها بسبب إنسحاب الدولة من دعم علاج حتي الكادر المقدم للعلاج فحوادث التضامن الإجتماعي ونفير تجميع التبرعات للتكفل بعلاج طبيب أو ممرض لم يقدر علي التكفل بنفقاته علاجه أصبح حدثا يوميا في السودان.
3. الصرف الإتحادي علي الصحة (Federal Health financing)
مع تطبيق ألية إستعادة التكلفة (Cost recovery mechanism) في الصحة منذ بواكير إنقلاب الجبهة الإسلامية عام 1992 كان هنالك إتجاها واضحا لتقليص الصرف علي الصحة مما يعني مراكمة الفوائض الإقتصادية من خلال تسليع الخدمات الصحة ففي عام 1987 كان نصيب الفرد من الصرف علي الصحة 1,4 جنيه وإنخفض إلي 0.24 جنيه في عام 1994 رغم الزيادات الكبيرة في الناتج الإجمالي القومي. تشير المعلومات المتوفرة من البحوث سيطرة تمويل الصحة من جيوب المواطنين (Out of pocket expenditure) كتعبير عن تسليع الخدمات الصحية فالجدول التالي لا يحتاج إلي عناء أو شرح فهو يضع الحقائق كما هي في متناول القراء.
الجدول رقم (2): نسبة الصرف من جيوب المواطنين من إجمالي الصرف علي الصحة (Ebaidalla 2016).
السنة نسبة الصرف من جيوب المواطنين من إجمالي الصرف علي الصحة في السودان نسبة الصرف من جيوب المواطنين من إجمالي الصرف علي الصحة في مصر
1995 – 1998 92.5% 93.4%
1999 – 2002 91.6% 97.6%
2003 – 2006 92.06% 98.4%
2007 – 2010 95.5% 97.8%
2011 – 2013 95.9% 97.7%
2020 80%

نلاحظ من الجدول رقم (2) الإرتفاع الكبير في نسبة الصرف علي الصحة من جيوب المواطنين مقارنة بإجمالي الصرف علي الصحة حيث تراوحت بين 95.9% و80% في عامي 2011- 2013 و 2020 علي التوالي.
علي الرغم من زيادة الصرف علي الصحة في موازنة 2021 من 21.049 ألف في عام 2020 إلي 42 ألف في موازنة 2021 أي بزيادة قدرها 105% (موازنة 2021)، الا أن الإتجاه العام لتمويل الصرف علي الصحة ظل كما هو بدليل زيادة اسعار الخدمات الصحية فمثلا في ولاية جنوب دارفور زادت رسوم مقابلة الإختصاصي من 100 جنيه عام 2020 إلي 300 جنيه عام 2021 (300%)، وزادت رسوم العمليات الكبيرة من 8000 إلي 22,000 (275%)، بينما زادت رسوم العمليات المتوسطة والصغيرة بنسبة 250%، و 240% علي التوالي (منشور رسوم الخدمات الصحية لعام 2021). كما أن تخفيض قيمة العملة المحلية كجزء من مطلوبات برنامج التكيف الهيكلي يعني أن الميزانية المخصصة للصرف علي الصحة قد فقدت 700% تقريبا من قيمتها بسبب تاكل القيمة الشرائية للجنيه السوداني مع التخفيض الأخير الذي تم في 2021.
4. الأدوية وتكنولوجيا الصحة (Medicines and technologies)
يعتبر التخلص من أصول القطاع العام عبر خصخصتها من أهم بنود روشتة الصندوق والبنك الدوليين لإعادة هيكلة الإقتصاديات حيث تم التأطير للخصخصة قانونيا كما حدث في العهد البائد بتكوين لجنة التخلص من أصول الدولة برئاسة وزير المالية والتي تم تكوينها وفقا لقانون الإستثمار. في عهد السلطة الإنتقالية تمت صياغته قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص كغطاء قانوني يعطي الشرعية اللازمة لتنفيذ ما صرح به رئيس الوزراء بعزم حكومته علي التخلص من 528 من شركات القطاع العام. دائما الخطوة الأولي في خصخصة مؤسسات القطاع العام هي تحويلها لمؤسسات إستثمارية عبر إعادة هيكلتها لتصبح أجسام مستقلة أو صناديق وهو ما حدث في تجربة تحويل الإمدادات الطبية إلي الصندوق القومي للإمدادات الطبية. وتكمن الفكرة الأساسية في تحويل المؤسسات إلي صناديق في تنفيذ ألية إستعادة التكلفة لتمويل الصرف علي الأدوية بمعني أن ميزانية الصرف علي الأدوية تأتي من بيع الدواء للمواطن السوداني مما إستدعي تحويل نظام الإمداد الدوائي في السودان إلي ما يعرف ب Cash and carry system. أي ان النظام يوصل الأدوية للمواطنين مقابل أرباح بلغت 125% في حالة البيع بالجملة و240% في حالة البيع بالقطاعي كما عند الدواء الدائري (نظام الإمداد الدوائي بولاية الخرطوم). في إتساق تام مع تنفيذ روشتات صندوق النقد والبنك الدوليين فيما يخص إنسحاب الدولة من دعم السلع الضرورية وخاصة الأدوية تم تحرير سعر صرف دولار الدواء بنسبة 300% حيث إرتفعت قيمة دولار الدواء من 55 جنيه للدولار الواحد إلي 165 جنيه في مايو 2021 في إتجاه توحيد سعر الصرف الخاص بدولار الدواء وتوحيده بالكامل بمعني أن قيمة دولار الدواء سيساوي قيمة السوق بمعني إنسحاب الدولة الكامل من توفير دولار مدعوم للدواء. تحرير سعر صرف دولار الدواء أدي إلي ندرة وإنقطاع الأدوية المنقذة للحياة مثل أدوية الطوارئ وخاصة طوارئ الأمراض النفسية، العقاقير المخدرة التي تستخدم في العمليات الجراحية مما أدي إلي توقفها في فترات متفاوتة، أدوية علاجات السرطانات وخاصة للأطفال، بالإضافة إلي الأدوية المستخدمة لمرضي الغسيل الكلوي، كما أيضا إرتفعت أسعار الأدوية وحتي تلك المنقذة للحياة بنسب تراوحت من 76% إلي 529%.
كما أن إنسحاب الدولة من دعم الخدمات الاجتماعية (كهرباء، ماء)، بالإضافة إلي فرض المزيد من الضرائب كما في موازنة 2021، بالإضافة إلي تأثير تخفيض قيمة الجنيه من ناحية تاكل القيمة الشرائية للعملة قد ساهموا مجتمعين في زيادة تكلفة إنتاج السلع محليا بما في ذلك الأدوية مما يفسر لنا بشكل واضح الزيادات الكبيرة في أسعار الأدوية المصنعة محليا فمثلا حبوب الأملوزال (Amlozal 5mg) المستخدمة في علاج إرتفاع ضغط الدم قد إرتفع سعرها من 60 جنيه في عام 2020 إلي 394 جنيه في 2021 أي بزيادة قدرها 556.6%. كما زادت أسعار Atorvazal 20mg المستخدم في علاج أرتفاع الكولسيترول من 135 جنيه إلي 657 جنيه اي بزيادة قدرها 386.6%. أما علاجات مرض السكري (Glemizal 2mg) فهي الأخري قد زادت بنسبة 528% في نفس الفترة المحددة.
5. الحاكمية (Governance)
مرت الحاكمية علي النظام الصحي والخدمات الصحية بمجموعة من المتغيرات التاريخية، إمتثالا لشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كما يذهب لذلك (Anthropological) تم تبني اللامركزية كنظام سياسي ولامركزية الخدمات الصحية في عدد من بلدان أفريقيا وأمريكا اللاتينية والسودان لم يكن إستثناء. يمكن تعريف لا مركزية الخدمات الصحية (Decentralization of health services) بأنها عملية نقل المسئوليات المالية، الإدارية، والسياسية الخاصة بتقديم الخدمات الصحية، بالإضافة إلي ملكية المؤسسات الصحية من وزارة الصحة الإتحادية إلي مؤسسات محلية إستجابة للحوجات الصحية للمجتمعات المحلية (Bossert & Beauvais, 2002). توجد أربعة أنواع وتطبيقات للامركزية الخدمات الصحية تترواح من اللامركزية الأدارية (De-concentration)، التفويض (Delegation)، الأيلولة (Devolution)، والخصخصة (Privatization) حسب درجة نقل المسئوليات. في عام 1994 مع تطبيق لامركزية النظام السياسي (Political decentralization) والذي يؤدي لإضعاف القبضة المركزية للدولة علي رؤوس الأموال العابرة للقارات كما علي فوائض القيمة المصدرة عكسيا. وفي حالة الخدمات الصحية تصدير رؤوس الأموال والتكنولوجيا الصحية والهجرة العكسية للفوائض الإقتصادية والكوادر الصحية. تم تطبيق لا مركزية الخدمات الصحية علي المستوي الأولي من النظام الصحي وذلك بتبعية مؤسسات الرعاية الصحية الأولية للمحليات. بعد أربع سنوات (1998) تم تضمين لامركزية الخدمات الصحية في الدستور حيث قضي بإنسحاب المستوي الإتحادي من تقديم الخدمات الصحي وإنحصر دوره في التنسيق ووضع السياسات العامة، بينما إنتقلت مسئولية تقديم الخدمات الصحية في مستوياتها الثانوية والثالثية إلي الولايات، وفي مستواها الأولي إلي المحليات. لكن كل ذلك ظل حبرا علي ورق حتي عام 2011- 2012 تاريخ تطبيق أيلولة الخدمات الصحية (devolution of health services) أو ما إصطلح علي تسميته بنقل الخدمة للأطراف من الجهات الحكومية الرسمية بما فيهم وزارة الصحة. تعرف الأيلولة بأنها نقل المسئوليات السياسية عن تقديم الخدمات الصحية إلي مستويات محلية لها خارطة جغرافية محددة وإستقلاليتها من المستويات المركزية، كما لها مواردها المالية الذاتية حتي تتمكن من تحمل مسئولية تقديم الخدمات الصحية (نقل مسئولية تقديم الخدمات الصحية من المستوي الإتحادي إلي الولايات كما حدث في تجربة السودان) (Mills, 1990).
من التبعات الواضحة للامركزية الخدمات الصحية أنها عمقت التفاوت الجغرافي الموجود أصلا في تقديم الخدمات الصحية لان نقل كل المسئوليات من المستوي الإتحادي للولايات والمحليات بما فيها المسئولية المالية يعني إنسحاب المستوي المركزي من دعم الخدمات الصحية والإعتماد الكامل علي القدرات الذاتية للولايات والمحليات، مما يعني أن الولايات والمحليات الغنية ستتمكن من توفير الموارد الازمة للصرف علي الصحة. التفاوت الجغرافي في الحصول علي الصحة (Intra-regional disparities in accessing health services) كان من النتائج المرتبة علي تنفيذ لا مركزية الخدمات الصحية ليس في السودان فقط بل في عدد من البلدان مثل غانا، تنزانيا ((Kwoyiga, L. (201 Masanyiwa, Z. S., Niehof, A., & Termeer, C. J. (2013). كما أن تنفيذ اللامركزية أدي إلي تشظي النظام الصحي وغياب التنسيق بين مفاصله كما في حالة الفلبين (Hume.M.R-L.Kolehmainen-Aitken.E.Villa and T.Vian. (1996.
تم وضع تريبات مالية خاصة بالأيلولة من أجل تدريج إنسحاب المستوي الإتحادي من دعم الخدمات الصحية، حيث تم الإتفاق علي إقتطاع 15% من الصرف الإتحادي علي الصحة في السنة الأولي من تطبيق الأيلولة علي أن تدفع هذه النسبة من حكومات الولايات، ثم ترتفع نسبة الإقتطاع إلي 30% في السنة التي تليها حتي عام 2017 وهي السنة التي من المفترض أن تتولي فيها الولايات أمر الصرف علي الصحة بشكل كامل. في السنة الأولي بعد الأيلولة تم خصم 420 ألف جنيه من ميزانية مستشفي الخرطوم وجعفر بن عوف. توقف ميزانية الطوارئ الباغة 21 ألف وميزانية العلاج المجاني للأطفال البالغة 20- 21 ألف منذ ديسمبر 2015. توقف ميزانية العلاج المجاني في الطوارئ البالغة 57 ألف، والدعم المالي من الدواء الدائري (75 ألف) منذ ديسمبر 2015 (Bandar Noory, 2016) & (Bandar Noory, 2020).
في حالة حدوث الوبائيات تكون مسئولية محاصرة الوباء مسئولية مشتركة بين المستوي الإتحادي والولايات (Concurrent responsibilities) الا أن الشواهد العملية تدل علي إنسحاب المستوي الإتحادي بالكامل من التدخل في حالة الوبائيات كما أن نقل مسئولية عن الكوادر الصحية والمؤسسات الصحية من المستوي الإتحادي إلي الولايات، بالإضافة إلي الإعتماد الكامل علي كتابة مشاريع الدعم من منظمات المجتمع المدني الممولة دوليا يجعل أي دور للمستوي الإتحادي في محاصرة الوبائيات مجرد خطابا منمقا يتلي في المناسبات الرسمية خاصة الجالبة للدعم العابر للقوميات.
في السودان المثال الساطع علي التفاوت الجغرافي في الحصول علي الخدمات الصحية وإنهيار النظام الصحي وضعف إستجابيته للوبائيات ما تعرضه التقارير عن التفاوت الكبير في حالات جائحة كورونا المستجد من ناحية الإصابات والوفيات. من مؤشرات إنهيار النظام الصحي وتأثيراته علي أداء النظام الصحي في جائحة كورونا تمثلت في زيادة نسبة الوفيات حيث بلغت 7.5% وهي أعلي من النسبة الموصي بيها دوليا والتي توضح فعالية التدخلات التي تقوم بها الدولة لمحاصرة الجائحة وهي أن تكون أقل من 5% (تقرير من وزارة الصحة الإتحادية بتاريخ 31 مايو 2021). بالمزيد من التحليل لنسبة الوفيات حسب معلومات وزارة الصحة الإتحادية نشرت في تقرير بتاريخ يناير 2021 يتضح أن حوالي 77% من الوفيات المعلنة حدثت في مراكز العزل (1206)، بينما حدثت 13% من حالات الوفيات بالمجتمع (199)، و171 حالة وفاة ، أي ما يعادل 11% من الوفيات غير معلومة أن حدثت في مراكز العزل أم في المجتمع. (تقرير وزارة الصحة الإتحادية بتاريخ يناير 2021).
من مؤشرات الإنهيار الكامل للنظام الصحي بالإضافة إلي الفشل في الإستجابة للوبائيات، ما تعكسه الأرقام عن أداء النظام الصحي (Health system performance) فمثلا نجد أن نسبة وفيات الأمهات 216 في كل 100 ألف، نسبة وفيات الأطفال حديثي الولادة 33 لكل 10000، الأطفال الرضع 52 لكل 10 ألف، بينما الأطفال ما دون الخامسة 86 طفل لكل 10 ألف. كما أن توقع الحياة (العمر) عند الولادة 54 سنة (متوسط عمر السوداني) (FMOH, 2017)، مما يستدعي ضرورة إعادة بناء النظام الصحي من ناحية تغيير الهياكل الخاصة بالنظام الصحي، القوانين التي تنظم عمله وتبني نموذج للنظام الصحي يكون قادرا علي تلبية الحوجات الصحية للشعب السوداني .







المراجع والمصادر
1. الدين, س. (1986). النظام الدولي وأليات التبعية: أليات التبعية في إطار الراسمالية متعدية الجنسيات. صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية. لبنان.
2. د. سمير أمين. التطور اللامتكافئ: دراسة في التشكيلات الإجتماعية للراسمالية المحيطية. الطبعة الرابعة، دار الطليعة بيروت| لبنان.
3. Harvey, D. (2005a). A Brief History of Neoliberalism. Published from Oxford University Press.
4. James Pfeiffer, and Rachel Chapman, 2010. Anthropological Perspectives on Structural Adjustment and Public Health.
5. Suliman, A. H. E. (1997). The Impact of Structural Adjustment Programs on The Health Sector in The Sudan: A Case of Khartoum State. PDF available at https://www.africaportal.org/dspace/articles/impact-structural-adjustment-programs-health-sector-sudan-case-khartoum-state.
6. د.محمد خير أحمد الزبير، 2009. القروض والمعونات الدولية أثرها علي التنمية الإقتصادية. صدر من دار السداد. الخرطوم، السودان.
7. Harvey, D. (2005b). Spaces of neoliberalization: towards a theory of uneven geographical development. Franz Steiner Verlag
8. Harvey, D. (2012). REBEL CITIES. From the Right to the City to the Urban Revolution. Published by VERSO London • New York.
9. Elsaadi, 2016 السياسات النيولبرالية والعمل غير المهيكل في المنطقة العربية. راصد الحقوق الإقتصادية والإجتماعية في البلدان العربية.
10. Alex Callinicos, 2016. Bonfire of illusions. The twin crises of the liberal world. Published from Polity Press, UK. US.
11. (Hassan Ahmed& Ashraf Osman, 2016) العمل غير المنظم في السودان. راصد الحقوق الإقتصادية والإجتماعية في البلدان العربية.
12. Poulantzas, N (1978) State, Power, Socialism, NLB, London.
13. Mohamed, G. K. (2008). Privatization of the Sudanese Central Medical Supplies Public Corporation: Why not?. PDF available at http://www.sjph.net.sd/files/vol3i2p61-76.pdf.
14. FMOH, 2017. Annual health statistical report released from Federal Ministry of Health, Khartoum. Sudan.
15. Bandar Noory, 2020. Exploring the consequences of decentralization: has privatization of health services been the perceived effect of decentralization in Khartoum locality. Sudan?. Published at BMC health services journal. Article number:669 (2020).
16. Bandar Noory, 2016. Devolution of health services: A study of implementation of decentralization of health services in Khartoum locality, Sudan. Submitted as part of partial fulfillment of master of philosophy degree from Oslo University in 2016.
17. Ayat Abuagla, 2016. Challenges to implementation of WHO global code of practice on international recruitment of health personnel: the case of Sudan. Published at BMC human resources for health journal.
18. الإقتصاد السياسي لإدارة أزمة الكورونا بقلم: أديسون جوزيف. منشور بموقع المطرقة علي الرابط
https://almaktraka.blogspot.com/2020/05/blog-post_7.html.
19. Ebaidalla 2016, Determinants and impact of household out- of – pocket health expenditure in Sudan, evidence from Urban and rural areas.
20. Bossert, T. J., & Beauvais, J. C. (2002). Decentralization of health systems in Ghana, Zambia, Uganda and the Philippines: a comparative analysis of decision space. Health Policy Plan, 17(1), 14-31.
21. Mills.A, V. G., Smith.D, & Tabibaadeh.I. (1990). Health system decentralization: concepts, issues and county experiences. PDF availabe at http://apps.who.int/iris/handle/10665/39053.
22. Hume.M.R-L.Kolehmainen-Aitken.E.Villa and T.Vian. (1996). Planning and implemention health programs under decentralization. The case of the Philippines. In Myths and realities about the decentralization of health systems. Edited by: Kolehmainen-Aitken R-L. 1999, Boston: Management Sciences for Health, 39-64.
23. Kwoyiga, L. (2010). Health and decentralization: a study of the impact of decentralization on health services in Ghana. As part of Master from University of Oslo.
24. Masanyiwa, Z. S., Niehof, A., & Termeer, C. J. (2013). A gendered users perspective on decentralized primary health services in rural Tanzania. Int J Health Plann Manage. doi: 10.1002/hpm.2235.



#بندر_نوري (هاشتاغ)       Bandar_Noory#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إقتصاد سياسي جائحة فيروس كورونا المستجد
- إقتصاد سياسي الصحة المهنية أو نظام الصحة المهنية كخلاصة مركز ...
- راهنية أفكار لينين.. كتابة أولية حول الثورة
- من نقد الموازنة إلي نقد السياسات الإقتصادية والإجتماعية أو إ ...
- منهجية وموجهات موازنة 2020: الليبرالية الجديدة من بوابة إنتف ...
- قضايا القطاع غير المنظم
- مفهوم العمل الديمقراطي وسط الشباب


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - بندر نوري - التبعية وأثرها علي القطاع الصحي