بعد إسرائيل , امريكا دخلت الحرب ضد إيران ...؟ ( 2 )

آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 23:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بعد أن أدرك الرئيس الأمريكي ترامب أن النظام في إيران سوف لن يستسلم إطلاقا وفق الشروط الأمريكية من خلال استخدام أسلوب الضغط السياسي و العقوبات الاقتصادية القصوى أعطى الضوء الأخضر لحكومة نتنياهو لتشن هجوما عسكريا مباغتا على إيران في 13 حزيران الجاري , لقد أوقع هذا الهجوم خسائر مؤلمة بالقيادات العسكرية و السياسية في إيران بالإضافة الى فقدان إيران لعدد من علمائها في مجال التكنولوجية النووية , لكن إيران تمكنت بسرعة مذهلة من أمتصأص اثار ما جرى لها من خسائر في الضربة الأولى التي نفذتها إسرائيل في مواجهتها العسكرية المباشرة مع إيران , فبعد ساعات من هذه الضربة تساقطت الصواريخ الإيرانية على المدن الإسرائيلية لتحدث اضرارا لم تحصل لإسرائيل مثلها في كل حروبها السابقة مع الجيوش العربية .
مع استمرار المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل و إيران لعدة إيام صار واضحا لدى الرئيس ترامب بأن حرب إسرائيل على إيران لن تجبر النظام الإيراني على الاستسلام , فأمر القوات المسلحة الأمريكية بالاستعداد لشن هجوم على المنشئات النووية الإيرانية ثم تبعها بإصدار تهديدات أقوى متوعدا بشن هجمات مدمرة أكثر قوة على كامل مكونات الدولة الإيرانية إن لم تخضع إيران و توقع على وثيقة الاستسلام المكونة من البنود الثلاثة التالية :
1- تفكيك و تدمير الجزء المتعلق بتخصيب اليورانيوم في برنامج إيران النووي .
2- على إيران التوقف عن تصنيع و تطوير الصواريخ التي مداها يصل الى اهداف داخل إسرائيل مع تدمير ما بحوزتها حاليا من هذه الصواريخ .
3- عدم قيام إيران بدعم أي منظمة معادية لإسرائيل , منها حماس الفلسطينية و حزب الله اللبناني و حركة انصار الله اليمنية أو أي منظمة أخرى معادية لإسرائيل موجودة حاليا أو قد تظهر مستقبلا .
بالإضافة الى شروط أمريكا لقبول وقف الهجمات الإسرائيلية و الأمريكية على إيران سعت بعض الدول الأوربية و خصوصا فرنسا لوضع شرطا رابعا لوثيقة الاستسلام يتضمن تعهد إيران بعدم تقديم أي شكل من أشكال الدعم الى روسيا في حربها في أوكرانيا .
كنتيجة لصمود إيران أمام الهجمات الجوية الإسرائيلية بأكثر الطائرات الأمريكية تطورا انتقل ترامب الى مرحلة جديدة تتمثل في التدخل الأمريكي المباشر في الحرب على إيران , و بأمر من الرئيس ترامب استهدفت القوات المسلحة الامريكية المنشئات النووية الإيرانية و بذلك دخلت قوة عسكرية عظمى الحرب على إيران .
أن استعداد إيران لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد لمواجهة التحالف الأمريكي الإسرائيلي رسخ القناعة لدى الرئيس ترامب من إن اجبار إيران على الاستسلام الغير مشروط هو أمر مستحيل خصوصا بعد تلقيها وعودا بالدعم و الاسناد من روسيا و الصين .
يبدو إن ترامب عرف متأخرا أن ليس في القاموس السياسي للنظام الإيراني مفردة " الاستسلام " , و هذا حال معظم الأنظمة و المنظمات ذات النهج العقائدي خصوصا إذا امتزج هذا النهج بالمشاعر الوطنية .
على إثر الضربة الأمريكية لمنشئات إيران النووية ظهرت أسئلة عديدة الإجابة للبعض عنها ليس سهلا بل معقد لدرجة لا يمكن التكهن بما ستؤول اليه الأمور . أهم هذه الأسئلة .
اولا : هل ستدخل امريكا في حرب مفتوحة مع أيران ...؟
من المؤكد أن نهج الرئيس ترامب في إعادة بناء الاقتصاد الأمريكي وفق مبدأ " أمريكا أولا " سيتهشم في حالة دخول أمريكا في أي حرب واسعة النطاق طويلة الأمد , بالإضافة الى أن أمله في نيل جائزة نوبل للسلام سيتلاشى تماما , لذا فإن تطلعات الرئيس ترامب لخلق مستقبل جديد و جيد لأمريكا قادته الى العمل على وقف سريع لإطلاق النار مع إيران و هو نفس السبب الذي أجبره على قبول الإهانة التي وجهتها إيران لأمريكا بضربها للقاعدة الجوية الأمريكية في دولة قطر .
من نتائج وقف اطلاق النار بين أمريكا و إيران هو وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و إيران لأن إسرائيل لا تستطيع الصمود أمام حرب استنزاف طويل الأمد مع أيران دون مشاركة أمريكا في الحرب على إيران بشكل مباشر و فاعل .
ثانيا : هل ستنجر بعض الدول وثيقة الصلة بالولايات المتحدة الأمريكية كبريطانيا لهذه الحرب ... ؟
لم تبدي أي دولة حليفة لأمريكا و إسرائيل استعدادها للمشاركة في الحرب على إيران , لأن الكثير من دول العالم تدرك جيدا أن الحرب في منطقة الخليج النفطي سيتسبب في أزمة اقتصادية تطال الاقتصاد العالمي برمته .
ثالثا : ما مصير الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط في حالة نشوب مواجهة عسكرية مباشرة مفتوحة بين إيران و أمريكا ...؟
لا شك أن وجود القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط قد أصبح مصدر ضعف لأمريكا و ليس مصدر قوة , لذلك وجهت إيران ضربة رمزية بسيطة للقاعدة الأمريكية في قطر بعدد محدود من الصواريخ , بالإضافة الى أن توقيت هذه الضربة كان بعلم الجانب الأمريكي و القطري , لتكون عبارة عن رسالة إيرانية واضحة لأمريكا بأن إيران ستستهدف جميع القواعد الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط و خصوصا في العراق و دول الخليج العربية عند نشوب حرب مفتوحة بينها و بين أمريكا .
رابعا : هل ستغلق إيران مضيق هرمز في حال اندلاع حرب مفتوحة بينها و بين أمريكا ...؟
كان هذا السؤال هو الأكثر تداولا منذ أن شنت إسرائيل عمليتها العسكرية ضد إيران في 13 حزيران الجاري , فمن المؤكد أن غلق مضيق هرمز هو أحد أوراق الضغط الكبرى التي تمتلكها أيران , إذ ليس بمقدور أي تحالف بقيادة أمريكا من السيطرة على جانبي مضيق هرمز و فتحه لأن ذلك سيتطلب احتلال امريكا لجزء كبير من الأرض الإيرانية و هذا يعني غرق أمريكا في مستنقع كارثي جديد اكبر و أقسى بكثير من المستنقع الأفغاني الذي خرجت منه القوات الأمريكية بطريقة مذلة بعد أن انفقت أمريكا بحدود الفي مليار دولار لإدامة احتلالها الفاشل لأفغانستان لمدة عشرين سنة .

(( يتبع ))

#آدم_الحسن (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل