أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - الترامبية تضع نهاية للعولمة الاقتصادية الحالية















المزيد.....

الترامبية تضع نهاية للعولمة الاقتصادية الحالية


آدم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8306 - 2025 / 4 / 8 - 22:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تم في سنة 1947 الإعلان عن الاتفاقية العامة للتعريفات و التجارة ( GATT ) , التي تحولت فيما بعد الى منظمة التجارة العالمية , شكل هذا الاعلان بداية لمرحلة جديدة للعلاقات التجارية بين الدول , من وضع أسس هذه الاتفاقية و دعمها هي الولايات المتحدة الأمريكية , لقد كان الاعلان عن هذه الاتفاقية بداية لعصر العولمة الاقتصادية الذي كان اساس للاقتصاد و التجارة الحرة الذي تعتمده مجموعة الدول الرأسمالية , أما منظومة الدول الاشتراكية التي كان يقودها الاتحاد السوفيتي السابق فقد كانت معزولة تماما عن هذه الاتفاقية و خصوصا في مرحلة الحرب الباردة , لقد روج الإعلام الغربي كثيرا لأهداف هذه المنظمة باعتبارها الطريق الأوحد نحو تقدم كافة دول العالم .
انضمت الصين لمنظمة التجارة العالمية في سنة 2001 , شكل انضمام الصين لهذه المنظمة طفرة نوعية في الإصلاحات و التحولات الاقتصادية و السياسية التي سارت عليها الصين بعد التحديث و الإصلاح الاقتصادي في الداخل الصيني و في علاقات الصين الخارجية التجارية و الاقتصادية و السياسية التي وضع اسسها الزعيم الصيني الإصلاحي تنغ سياو بنغ , تحولات على طريق انتقال نظامها الاقتصادي من نظام الاقتصاد الموجه الذي كان اساسه الاشتراكية ذي النمط السوفيتي " ديكتاتورية البروليتارية " الى بناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية .
اعتمدت التجربة الجديدة في بناء الصين لنموذجها في الاشتراكية ذات الخصائص الصينية على دمج ثلاثة مكونات اساسية لخلق هذا النموذج , هذه المكونات هي " ديكتاتورية البروليتارية " و " اقتصاد السوق الحر " و " ارث الصين الحضاري العميق " .
خلال الأربعة و عشرين سنة الماضية , أي منذ دخول الصين لمنظمة التجارة العالمية , تغيرت أمور كثيرة في الساحة الاقتصادية العالمية حيث انتفعت الصين كثيرا من انضمامها لمنظمة التجارة العالمية من خلال توسيع و تنويع تجارتها مع معظم الدول الغربية و خصوصا مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى صارت الصين من القوى الاقتصادية الصاعدة و المتطورة علميا و تكنولوجيا , في المقابل وجدت امريكا نفسها و قد تحولت تدريجيا الى سوق لتصريف بضائع الدول الأخرى , حيث استمر العجز التجاري الذي كان في مصلحة دول عديدة في النمو على حساب المصلحة الأمريكية و اقتصادها , هذا العجز الذي يمكن وصفه بالنزيف المستمر الذي اخذ يعاني منه جسد امريكا الاقتصادي , لقد صار واضحا أن أمريكا قد اصبحت بحاجة الى برنامج سياسي و اقتصادي جديد ينقذ اقتصادها من السقوط في الهاوية .
يبدو ان الرئيس الأمريكي ترامب هو أول القادة الأمريكان الذي ادرك خطورة استمرار النزيف في الاقتصاد الامريكي الذي يسببه العجز الكبير في الميزان التجاري لأمريكا مع دول العالم الذي وصل الى مستويات خطيرة تهدد مستقبل الصناعة الوطنية الامريكية , فقد تجاوز اجمالي هذا العجز 1200 مليار دولار سنويا , و كذلك استمرار ارتفاع الدين العام الأمريكي الذي بدأت مؤشراته واضحة و هي أن امريكا سائرة نحو الإفلاس حيث صعد دينها العام الى مستويات كارثية كان اخرها تجاوز هذا الدين عتبة الستة و ثلاثين ترليون دولار , إن الارتفاع المستمر في الدين العام الأمريكي كان نتيجة انفاقها الحكومي الذي زاد كثيرا على إيراداتها بسبب انفاقها العسكري الضخم و دعمها المالي لدول عديدة من أجل الكسب السياسي و فرض هيمنتها على الساحة السياسية الدولية .
حقائق التاريخ الحديث أثبتت أن العامل الاقتصادي هو المتحكم بمستقبل الدول , مثال مهم على ذلك , لم ينهار الاتحاد السوفيتي السابق بسبب خسائر عسكرية في حروب بل كان السبب الأساسي لهذا الانهيار هو تأخره في إجراء الإصلاحات الاقتصادية الضرورية , لقد كان اصرار قادة الاتحاد السوفيتي على الاستمرار في اتباع نهج يعتمد على مبدأ ديكتاتورية البروليتارية و تعطيل نشاط القطاع الخاص السوفيتي بالكامل بالإضافة الى الابتعاد عن قوانين اقتصاد السوق الحر بقدر غير واقعي هي التي كانت السبب المباشر الذي ادى الى ذلك الانهيار المفجع و الى تفكك الاتحاد السوفيتي و سقوط المعسكر الاشتراكي و التسبب في نشوء مرحلة القطب الأمريكي الأوحد .
يمتاز النظام الحالي في الصين كونه نظاما وطنيا نموذجيا , فقد جمع هذا النموذج بين الوطنية و العولمة الاقتصادية , و كان انتقال النظام الاقتصادي في الصين من النموذج المقيد وطنيا الى العولمة و الانفتاح الاقتصادي و السياسي نحو الخارج انتقالا علميا و مدروسا و دون الاضرار بالمصالح الوطنية للصين , بعكس النظام الاقتصادي في امريكا لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية حيث اعتمد على نهج العولمة الاقتصادية دون مراعات لمتطلبات المصالح الوطنية , فوجدت أمريكا لاحقا نفسها و قد صارت هي الضحية لهذه العولمة .
من المؤكد أن الإدارة الأمريكية الحالية , إدارة الرئيس ترامب , قد قررت التراجع نحو الوطنية و نبذ العولمة الاقتصادية و هي مضطرة على فعل ذلك , فهذه الإدارة تدرك جيدا أن التراجع عن العولمة الاقتصادية سيصاحبه حالة من الفوضى و عدم اليقين الذي سيغطي المشهد الاقتصادي ليس في أمريكا فقط بل ستعم الفوضى و اضطراب الأسواق في الكثير من الدول و مع ذلك اختارت التراجع نحو الوطنية إذ ليس أمامها خيار آخر .
السؤال الأهم في هذه المرحلة التي يمر بها الاقتصاد العالمي هو :
هل دق الرئيس الامريكي ترامب المسمار الأخير في نعش التجارة العالمية الحرة و انهى عصر العولمة الاقتصادية ..؟
قد يكون الجواب الصحيح هو أن الأمر سوف لن يتعدى كونه اعادة رسم للعلاقات التجارية و الاقتصادية بين الدول و سينتج عنها اصطفافات جديدة في الساحة الاقتصادية و السياسية الدولية .
لا شك أن العولمة الشاملة و منها العولمة الاقتصادية هي المسار الحتمي لحياة البشرية , لكن هذا المسار بحاجة مستمرة الى التصحيح و التعديل و حسب ظروف كل بلد .
ما نراه هذه الأيام من اضطراب في الأسواق العالمية هي هزة عنيفة لكنها مؤقتة و سببها انتقال الاقتصاد الأمريكي من الاقتصاد المعولم الى الاقتصاد المقيد وطنيا بعكس التجربة الصينية التي اعتمدت طريق الانتقال من الاقتصاد المقيد وطنيا الى العولمة الاقتصادية التي لا تتعارض مع مصلحة الصين الوطنية .
من أهم مؤشرات المرحلة التي يمر بها الاقتصاد العالمي ما يلي :
اولا : نهاية مرحلة القطب الأمريكي الأوحد و بداية فعلية لمرحلة التعددية القطبية .
ثانيا : انتقال مركز ثقل التقدم العلمي و التكنولوجي و الاقتصادي من غرب العالم الى شرقه , و بالتالي سينتقل ايضا مركز الثقل الحضاري للبشرية الى الشرق حيث سيكون المركز الجديد للحضارة الانسانية في الرقعة الجغرافية التي تضم الصين و اليابان و كوريا الجنوبية و دول جنوب شرق اسيا و على اطراف هذه الرقعة الجغرافية ستكون هنالك الهند و روسيا .
ثالثا : سقوط نظرية " الإمبريالية اعلى مراحل الرأسمالية " التي وضع اسسها ماركس و اشاع استخدامها كشعار سياسي الزعيم السوفيتي لينين , هذه النظرية التي اعتمدت على فرضية حتمية توحد الرأسماليات الوطنية لتشكل بمجموعها رأسمالية عالمية , و أعطيت هذه الرأسمالية العالمية اسم هو " الإمبريالية " , فمعطيات الواقع اثبت أن الإمبريالية لم و لن تتشكل مستقبلا .
رابعا : ستكون هنالك ردود فعل من دول عديدة ضد اجراءات الرئيس ترامب التي فرض بموجبها رسوم جمركية على السلع المستوردة للداخل الأمريكي و ستؤدي هذه الردود الى عزل محدود و مؤقت للاقتصاد الأمريكي عن بعض جوانب الاقتصادي العالمي و سترتبك سلاسل التوريد لكن هذه السلاسل ستستقر وفق معطيات و مسارات جديدة .
خامسا : سيكون للإجراءات التي اتخذتها إدارة ترامب في فرض حزم التعريفات الجمركية على السلع المستوردة للداخل الأمريكي أثرها على تحالفات و علاقات أمريكا السياسية مع العديد من دول العالم , بعد هدوء العاصفة التي شكلتها هذه الاجراءات ستتضح الصورة الجديدة لعلاقات أمريكا و تحالفاتها مع الدول الاخرى .
سادسا : المشكلة الأساسية المسببة للعجز التجاري الذي تعاني منه التجارة الخارجية لأمريكا هي قوة الدولار الأمريكي , فإن بقيت قيمة الدولار الأمريكي عالية مقارنة مع باقي العملات و خصوصا مع العملة الصينية ( الوان ) فإن السلع الأمريكية لا تستطيع أن تجد لها مكان في الأسواق العالمية و ستطرد هذه السلع من هذه الأسواق , لذا فالأمر سيبقى غامضا لفترة من الزمن .
إن ما فعلته الصين في المرحلة السابقة هو إبقاء عملتها الوطنية منخفضة أمام الدولار الأمريكي , حيث اعتمدت الصين على معادلة في العرض و الطلب , فكلما كانت عملة الدولة المنافسة أقوى كلما تراجعت قدرة سلعها على المنافسة في السوق , لذلك استمرت الصين في شراء الدولار الامريكي من سوق المال بكميات كبيرة لإبقاء قيمته بمستوى عالي مقارنة بالعملة الصينية .
من الصعب الحكم على نجاح أو فشل التصحيحات الاقتصادية التي يجريها الرئيس ترامب على بنية الاقتصاد الأمريكي , لكن الأكيد هو ضرورة إجراء هذا التصحيح لتفادي انهيار الاقتصاد الأمريكي و ما يمكن أن ينتج عنه من انهيار في بنية و هيكلية الدولة الأمريكية , فنجاح أو فشل خطة ترامب له علاقة بأسلوب تنفيذ هذه الخطة و ليس بجوهرها , فجوهر هذه الاصلاحات الترامبية هي في خدمة المصالح الوطنية العليا لأمريكا , و سيعتمد ايضا نجاح تنفيذ اهذه الاصلاحات على تجاوب الشعب الأمريكي و تحمله لانعكاساتها السلبية كالتضخم و الركود الاقتصادي المؤقت المحتمل حدوثه و ما ينتج عنه من ارتفاع في نسبة البطالة .
لا بد من الإشارة ايضا الى أن أهم المخاطر التي تواجه خطط الرئيس ترامب التصحيحية هي القرارات الارتجالية الغير مدروسة التي قد يتخذها هو نفسه كرد فعل على قرارات تتخذها دول أخرى , كالصين مثلا , كرد فعل على إجراءاته , عندها سيدخل الاقتصاد العالمي في دوامة من الفوضى بسبب الدائرة المغلقة من الفعل و رد الفعل .



#آدم_الحسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التيار المدني الديمقراطي في العراق لازال في بداية الطريق
- الدستور العراقي و التحديات في الساحة السياسية العراقية ( 2 )
- الدستور العراقي و التحديات في الساحة السياسية العراقية ( 1 )
- البعث الصدامي تسبب بالاحتلال الأمريكي للعراق ( 2 )
- البعث الصدامي تسبب بالاحتلال الأمريكي للعراق ( 1 )
- محطات في طريق الصراع العربي الإسرائيلي ( 2 )
- محطات في طريق الصراع العربي الإسرائيلي ( 1 )
- ماذا لو لم يسقط نظام الشاه في إيران ...؟
- الجولاني من ارهابي خطير الى رئيس دولة
- عصر الاستعمار و الهيمنة ينحسر بشكل مستمر
- عيد نو روز في حضارات وادي الرافدين
- ماذا بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا .. ؟ ( 2 )
- ماذا بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا .. ؟ ( 1 )
- لغات حضارات وادي الرافدين ( 2 )
- لغات حضارات وادي الرافدين ( 1 )
- طبيعة الجيوش النظامية و أهدافها ( 2 )
- طبيعة الجيوش النظامية و أهدافها ( 1 )
- إيضاحات من فيزياء الكم
- بعد المجازر في الساحل السوري , سوريا الى أين ...؟
- الأدوات الناعمة لفرض زعامة الغرب على العالم


المزيد.....




- ترامب عن أعداء أمريكا: إذا هددتم الشعب الأمريكي فجنودنا قادم ...
- العيوب بدل الكمال ومصير الألماس.. لماذا يلجأ صناع المجوهرات ...
- إسرائيل تهاجم مستودعات شهران لتخزين النفط في إيران
- إسرائيل تفعل كامل أنظمتها الدفاعية أمام ضربات إيران.. إليك ك ...
- مستشار سابق للبنتاغون يحذر: الحرب ضد إيران قد تجر واشنطن إلى ...
- السلطات المصرية تحيل 4 سودانيين إلى المحاكمة الجنائية
- اكتشاف غامض في القارة القطبية الجنوبية: موجات راديو غريبة قا ...
- -فارس-: إيران تسقط 44 مسيرة إسرائيلية على الحدود
- شركة -بازان- الإسرائيلية تعلن إصابة أحد أنابيب مصافي التكرير ...
- السلطات الإيرانية تتخذ خطوة انتظرها المصريون لتعزيز العلاقات ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آدم الحسن - الترامبية تضع نهاية للعولمة الاقتصادية الحالية