آدم الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 8290 - 2025 / 3 / 23 - 19:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الغالب يمتلئ السجل الإجرامي للحكام المستبدين بما يقترفونه اثناء فترة حكمهم , بعكس الجولاني الذي استلم السلطة في سوريا و سجله الإجرامي مثخن بما اقترفه من جرائم قبل أن يكون رئيسا للدولة السورية حين كان عضوا بارزا ثم قيادي في الجماعات الإرهابية التكفيرية كداعش و القاعدة تحت مسمى " جبهة النصرة " , هذه الجماعات المصنفة على إنها اكثر الجماعات الإرهابية إجراما و سفك لدماء الأبرياء دون وجه حق لمجرد أنهم ولدوا من طائفة تعتبرها هذه الجماعات ليست من ملتهم .
تحدث الكثير من اصحاب النوايا الحسنة عن ضرورة اعطاء فرصة للجولاني , هذا الإرهابي سابقا , عسى أن يكون مصلحا لاحقا , لكن مجازر الساحل السوري التي ارتكبت بحق الطائفة العلوية بدوافع طائفية اثبتت أنه لا معنى لإعطاء مثل هذه الفرصة لكون المجرم المجرب لا يجرب مرة اخرى و بسبب إن الزمن الذي يمر على الشعب السوري أصبح لا يقاس بالأيام بل بكمية الدم السوري الذي يسفك من قبل الإرهاب المنظم و المنفلت الذي تديره و تنفذه الجماعات التي أوصلت الجولاني لكرسي السلطة في دمشق كما كان الدم السوري يسفك من قبل جلاوزة النظام الأسدي الساقط بحجة الدفاع عن اهداف الأمة العربية و رسالتها البعثية .
لقد بدأت حياة الجولاني الإجرامية عند دخوله الى العراق من خلال المنافذ التي خصصتها أجهزة مخابرات نظام بشار الأسد لدخول الإرهابيين الى العراق لممارسة جهادهم بقتل العراقيين الأبرياء من المدنيين و الشرطة العراقية بحجة محاربة المحتل الأمريكي .
حين كان السؤال يوجه الى عباقرة النظام الأسدي عن سبب قيام نظامهم الذي كان يدعي الأخوة العربية بتنظيم دخول الإرهابين الى العراق كان ردهم أسوء من ذلك الفعل , فجوابهم كان يعتمد على نظرية انهاك أمريكا في العراق كي لا تفكر في تكرار تجربتها في سوريا , و حين يسألون , و ما ذنب اخوانكم العراقيين ...؟ , كان الصمت الخبيث هو جوابهم .
لقد امعن النظام البعثي في سوريا في إيذاء العراق لدرجة أن الحكومة العراقية قدمت شكوى ضد الحكومة السورية لدى مجلس الأمن الدولي بعد التفجيرين المتزامنين الذين استهدفا مبنى وزارتي الخارجية و الداخلية العراقية حيث راح ضحية هاذين التفجرين اعداد كبيرة من الشهداء و الجرحى كلهم من المواطنين العراقيين و ليس فيهم أمريكي واحد , في تلك الفترة كان الجولاني أحد قادة التنظيم الذي دبر هاذين التفجيرين .
رغم كل ما تعرض له العراق و العراقيين من أذى بسبب تعاون نظام بشار الأسد مع التنظيمات الإرهابية التي ضمت الإرهابي الجولاني و اشباهه من المجرمين اتخذت الحكومة العراقية موقفا مختلفا بعد انتفاضة الشعب السوري ضد نظام بشار الأسد الاستبدادي , حيث وقفت مع هذه الانتفاضة حين كانت في مرحلتها السلمية لكن بمجرد عسكرة تلك الانتفاضة تغير موقف الحكومة العراقية لأنها رأت المشهد بطريقة واقعية و كيف سيكون حال سوريا في المستقبل .
كان واضحا لكل من يريد معرفة ما يمكن أن يكون عليه الحال في سوريا و المنطقة , فبمجرد سقوط نظام بشار الأسد الديكتاتوري الاستبدادي على يد الجماعات المتطرفة سيسقط أهم محاور المقاومة الساندة للقضية الفلسطينية المدعومة من إيران و الذي يسميه البعض بالمحور الإيراني أو ذراع إيران الذي يمتد من إيران الى جنوب لبنان مرورا بالعراق و سوريا .
إن سقوط المحور الأهم الساند للمقاومة الفلسطينية بسقوط نظام بشار الأسد سيتيح لإسرائيل المجال لاستكمال اهداف إسرائيل في تغيير صورة منطقة الشرق الأوسط بشكل جذري و شامل بما يخدم المشروع الصهيوني الكبير المدعوم من الدوائر الصهيونية صاحبة القرار الأمريكي و الأوربي معا , و يعيد رسم الخرائط السياسية لدول المنطقة كافة , لا تستثنى منها أية دولة , من تركيا غربا الى إيران شرقا , لذ اتخذت الحكومة العراقية موقفا جديدا تجاه حكومة بشار الأسد , من علاقة العداء بين الحكومتين الى التقارب و التنسيق , دوافع هذا الموقف الجديد للحكومة العراقية لم تكن دوافع برغماتية فحسب بل كانت نتيجة تخوفها من سقوط النظام في سوريا بيد جماعات ارهابية كداعش أو النصرة أو أخواتهما عندها سيذهب مستقبل سوريا نحو المجهول و يجر معه دول المنطقة الى المجهول ايضا و ستنتهي بقايا القضية الفلسطينية و ستبدأ مرحلة بناء إسرائيل الكبرى .
لا شك انه حين تم أسلمة انتفاضة الشعب السوري و تسليحها و دعمها اعلاميا و ماديا من قبل اطراف عديدة شملت دعم حكومة اوردوغان و مخابرات إسرائيل و دول غربية و عربية أصبح المشهد واضحا و هو أن سوريا سائرة نحو المزيد من الخراب و الدمار .
في هذه المرحلة وصل مسلسل تدمير سوريا الى محطة جديدة باسم سوريا أحمد الشرع الذي تخلى عن جولانيته و تاب و نزع عمامته الداعشية و قصر من طول لحيته و لبس ربطة العنق المحرمة وفق الفقه التكفيري باعتبارها إتباع تقاليد الغرب و بدعة و كل بدعة ظلالة و كل ظلالة تدفع بصاحبها لنار جهنم , لكن التكفيريين اجتهدوا و طبقوا فقه الضرورة , إذ للضرورة احكام , أجازت احكامها الشرعية الخاصة المحظور كي يتحول الجولاني ليصبح الرئيس أحمد الشرع .
سؤال سيشغل العراقيين كثيرا عن كيف سيشعرون وهم ينظرون الى الجولاني و قد صار الرئيس احمد الشرع و هو يلقي كلمته في القمة القادمة للجامعة العربية التي ستعقد في بغداد , هل سيكون الذي امامهم الإرهابي الجولاني أم رئيسا لدولة عربية ..!
#آدم_الحسن (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟