أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - وقف إطلاق النار وانعكاساته على مستقبل الصراع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية**














المزيد.....

وقف إطلاق النار وانعكاساته على مستقبل الصراع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية**


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 18:09
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


بقلم: المحامي علي أبو حبلة –
بعد شهور من التصعيد المتبادل، والضربات الجوية والهجمات السيبرانية والتهديدات العلنية، جاء الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بوساطة أمريكية كتحول نوعي في مسار الصراع الإقليمي. إلا أن هذا التفاهم، الذي جرى في كواليس دبلوماسية بعيدة عن الإعلام، يطرح تساؤلات جوهرية: هل نحن أمام خطوة نحو استقرار دائم في الشرق الأوسط؟ أم مجرد هدنة تكتيكية تخدم مصالح آنية؟ وهل يملك هذا الاتفاق قدرة على كسر الجمود السياسي وإحياء مسار التسوية في القضية الفلسطينية؟
أولاً: دوافع الاتفاق... الضرورة لا الرغبة
1. الخشية من الانزلاق إلى حرب شاملة
تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل بلغ مرحلة خطيرة بعد الهجوم الإيراني بالطائرات المسيّرة على أهداف إسرائيلية، وردّ تل أبيب بسلسلة عمليات عسكرية واستخباراتية استهدفت بنى تحتية إيرانية ومواقع في سوريا والعراق. ومع اتساع رقعة النيران، اقتربت المنطقة من انفجار إقليمي لم تكن أي من الأطراف مستعدة له.
2. الضغوط الأمريكية المكثفة
الولايات المتحدة مارست دور "الموازن الاستراتيجي"، إذ إنها لا ترغب في فتح جبهة إقليمية جديدة تُربك أولوياتها في أوكرانيا وبحر الصين الجنوبي. فاستخدمت نفوذها لدى إسرائيل، وفتحت قنوات خلفية مع طهران، عبر سلطنة عمان وربما الدوحة، لتثبيت تهدئة متبادلة تمنع التصعيد.
3. حسابات الداخل في تل أبيب وطهران
إسرائيل تعاني من أزمة سياسية متفاقمة، واحتقان داخلي متزايد بسبب الفشل العسكري في غزة وتآكل الجبهة الداخلية.
إيران، من جهتها، تعيش تحت وطأة عقوبات اقتصادية خانقة، وضغوط داخلية وتظاهرات متفرقة، ما يجعلها بحاجة إلى التقاط الأنفاس وتثبيت مكاسبها الإقليمية دون صدام مباشر.
ثانياً: طبيعة الاتفاق وحدوده الجيوسياسية
هذا الاتفاق ليس معاهدة سلام، ولا حتى اتفاق تهدئة شامل، بل هو تفاهم أمني غير معلن، يقوم على قواعد "عدم التصعيد المتبادل"، ويمكن تلخيص مضمونه في النقاط التالية:
وقف العمليات العسكرية المباشرة من الجانبين، وخاصة عبر الطائرات المسيّرة أو الاغتيالات خارج الحدود.
تقليص النشاطات الاستخباراتية العدائية، عدم فتح جبهات موازية (مثل حزب الله أو الحشد الشعبي) من دون تنسيق مع الطرف المعني.
لكن الأهم هو أن هذا الاتفاق لا يشمل أي بند يتعلق بالقضية الفلسطينية أو قطاع غزة، ما يُظهر بشكل واضح أن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي لا يزال "مؤجلاً" خارج حسابات التفاهمات الدولية.
ثالثاً: الانعكاسات الإقليمية للاتفاق
1. انكفاء إيران نحو التموضع الدفاعي
التفاهم يعطي إيران فرصة لإعادة ترتيب أوراقها الإقليمية، خصوصاً في سوريا والعراق واليمن، دون خوض مواجهة مباشرة مع إسرائيل. لكنه لا يعني تراجعاً في الدعم السياسي والعسكري لحلفائها، بل تغييراً في قواعد الاشتباك وتوقيتاته.
2. إسرائيل تستغل التهدئة لتصعيد عدوانها على غزة
مع تراجع خطر الجبهة الشمالية، باتت تل أبيب أكثر جرأة في تنفيذ عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة والضفة الغربية، معتقدة أن طهران لن تردّ في هذا السياق طالما لا يشكّل تهديداً مباشراً لها.
3. ارتياح أمريكي مشروط
التهدئة تخدم أهداف واشنطن قصيرة المدى، لكنها لا تحلّ جذور الصراع، بل تؤجله. ومع بقاء التوترات الجوهرية قائمة، فإن أي استفزاز بسيط قد يعيد المنطقة إلى مربع التصعيد.
رابعاً: موقع القضية الفلسطينية في ظل التفاهم الإيراني – الإسرائيلي
إن الغائب الأكبر عن هذه المعادلة هو الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية برمتها. فلم يتم التطرق في أي من بنود التفاهمات إلى مسار سياسي أو حقوق الفلسطينيين، بل تُركت غزة وحدها في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.
1. ازدواجية المعايير الأمريكية
بينما تحركت واشنطن سريعاً لوقف التصعيد بين إسرائيل وإيران، تغضّ الطرف عن الدمار الشامل في غزة، والقتل الجماعي الذي يرتقي إلى جرائم حرب، رغم نداءات المؤسسات الدولية وملايين المتظاهرين حول العالم.
2. تراجع الأجندة الفلسطينية إقليمياً
مع انشغال الدول الكبرى بالملف النووي الإيراني وأمن الخليج، باتت القضية الفلسطينية خارج أولويات المجتمع الدولي، وأصبحت الحرب في غزة تُعامل على أنها "حدث أمني محدود"، وليس نتيجة احتلال طويل واستعمار استيطاني عنيف.
3. غياب الرؤية الفلسطينية الموحدة
استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي يُضعف القدرة على استثمار أي تحولات إقليمية، ويمنح إسرائيل فرصة أكبر للمناورة والتهرب من أي استحقاقات سياسية.
خامساً: ما بعد الاتفاق... هل هناك أفق للتسوية؟
رغم صعوبة المشهد، فإن الاتفاق – إذا أُحسن استثماره عربياً وفلسطينياً – يمكن أن يشكّل فرصة لإعادة طرح القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، ضمن مقاربة شاملة للأمن الإقليمي. لكن هذا يتطلب:
1. تحركاً عربياً جماعياً يعيد التذكير بمبادرة السلام العربية ويشترط أي تطبيع أو استقرار إقليمي بإنهاء الاحتلال.
2. تحركاً فلسطينياً دبلوماسياً موحداً لإعادة القضية إلى مركز الطاولة.
3. موقفاً دولياً أكثر توازناً، يعيد فرض قرارات الشرعية الدولية كأساس لأي حل.
وإلا فإن الاتفاق لن يكون سوى هدنة تكتيكية أخرى، تمنح إسرائيل مزيداً من الوقت والغطاء الدولي لاستكمال مشروعها الاستيطاني والتهويدي، على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران لا يرسي سلاماً حقيقياً، بل يُجمّد مؤقتاً ساحة من ساحات الصراع. وما لم يُربط هذا الاتفاق بحل عادل للقضية الفلسطينية، فإن المنطقة ستبقى في حالة غليان قابلة للانفجار، لأن العدل وحده هو أساس السلام، وليس الصفقات العابرة أو تفاهمات المصالح.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -تكدّس الشيقل: بين ضغط السيولة وخريطة البنك الدولي للتحول ال ...
- إسرائيل تخرق اتفاق باريس الاقتصادي وتخنق السلطة الفلسطينية م ...
- نتنياهو يدفع نحو الحرب الدينية ؟؟؟ زيارة حائط البراق وتطمينا ...
- ما هو المطلوب من السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير اثر ...
- أزمة تكدّس الشيقل تكشف هشاشة السياسات المالية الفلسطينية: ال ...
- تفعيل شبكة الأمان العربية لدعم الشعب الفلسطيني
- «الجائع لا يعرف الحكمة»… غزة بين نار العدوان وسلاح التجويع
- رهان نتنياهو على مجاهدي خلق واغتيال القادة الإيرانيين: مشروع ...
- -تأجيل مؤتمر نيويورك: ضياع الفرصة أم إعادة تشكيل الدبلوماسية ...
- تداعيات الحرب بين إيران وإسرائيل على المنطقة والقضية الفلسطي ...
- قطع العلاقات البنكية بين إسرائيل والفلسطينيين: قنبلة اقتصادي ...
- تصريحات السفير الأمريكي خرق دبلوماسي واستفزاز سياسي
- هل تنجح الحشود الشعبية والمؤسسات الدولية في فك الحصار عن معب ...
- رسالة مفتوحة إلى الحكومة الفلسطينية: أين هي متطلبات الثبات و ...
- أمريكا تستخدم الفيتو ضد قرار وقف إطلاق النار في غزه
- في ذكرى النكسة: العدوان الإسرائيلي مستمر ومخططات الضم والتهج ...
- تصريحات السفير الأمريكي لدى إسرائيل: تجاهل للتاريخ وخروج عن ...
- الضربة الأوكرانية في العمق الروسي: التداعيات على أمن أوروبا ...
- إسرائيل تمنع زيارة وفد عربي إسلامي إلى رام الله: ماهية التدا ...
- مؤتمر نيويورك بشأن فلسطين في حزيران المقبل هل يحقق الأهداف ؟


المزيد.....




- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: وحدات كوماندوز برية عملت سرًا ف ...
- موافقة على سداد قرض محطة الضبعة النووية في مصر بالروبل.. ماذ ...
- رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق لـCNN: هدف إسرا ...
- إنفاق دفاعي غير مسبوق: الناتو يقر رسميًا رفع السقف إلى 5% رغ ...
- غزة.. شهادات ناجين من طوابير الموت أمام مراكز المساعدات في غ ...
- مقتل فتى فلسطيني في الضفة الغربية خلال عملية للجيش الإسرائيل ...
- إيران تؤكد مقتل قائد عسكري بارز وتنظم جنازة لقادة وعلماء
- الناتو - ترامب: الخوف مما لا يمكن توقعه.
- مجموعات -كوماندوس برية- إسرائيلية -تحركت سرا في قلب- الأراضي ...
- مليون ونصف مهددون بالموت عطشا بغزة والاحتلال يمعن بتدمير الم ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - وقف إطلاق النار وانعكاساته على مستقبل الصراع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية**