سعاد عزيز
کاتبة مختصة بالشأن الايراني
(Suaad Aziz)
الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 09:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يحاول نظام الملالي دائما التأکيد على إن هناك علاقة وثيقة بينه وبين الشعب الايراني وإنه لا يقوم بخطوة أو بالقيام بأي أمر من دون الرجوع الى الشعب، وهو بذلك يريد أيضا لفت الانظار الى إنه نظام ديمقراطي يستمد قوته وإرادته من الشعب، لکن وعند النظر الى مجريات الامور والاحداث على مر ال46 عاما المنصرمة، فإننا نجد إن ما يسعى النظام الاستبدادي لتأکيده والإيحاء به لا يتفق أبدا مع الواقع حيث کان هناك دائما حالة من التضاد والتناقض بين الطرفين.
نظام الملالي وبشکل خاص عندما يجد نفسه في أوضاع حرجة وخطيرة ويتخوف من مآلات الامور والاوضاع، فإنه الى جانب الاجواء القمعية العامة التي فرضها على إيران منذ تأسيسه، يقوم أيضا بإتخاذ إجراءات إستثنائية لمواجهة أية إحتمالات قد تٶثر على أمنه، وبهذا يأتي الاجراء الاخير الذي قام بإتخاذه طبقا لما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية "إيرنا" عن "مسؤول في منظمة الباسيج" قوله إنه "بناء على طلبات شعبية واسعة، تم تفعيل نقاط تفتيش الباسيج والدوريات الليلية في جميع أنحاء البلاد للحفاظ على أمن المواطنين". هذا الخبر، الذي يبدو في ظاهره تدبيرا أمنيا لمواجهة التهديدات الخارجية، لکنه في الحقيقة ليس کذلك إطلاقا بل إنه يريد مضاعفة الممارسات القمعية خوفا من تحرك الشارع الايراني ضده!
إن السٶال الذي يطرح نفسه ويفضح النظام ويکشف عن ممارسته الکذب بأبشع أنواعه هو؛ في ظل حرب ذات طابع جوي بحت حيث يتم إستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة والمقاتلات، ما هي علاقة نشر قوات الباسيج في الشوارع، وتسيير دوريات ليلية، وإقامة نقاط التفتيش، بالأمن ضد الهجمات الصاروخية؟ هل يعتزم النظام إيقاف الصواريخ بدوريات راجلة ومحمولة في الأحياء؟ إن الشعب الإيراني يدرك جيدا ويشعر بأن الهدف الحقيقي من هذا الحضور الميداني هو السيطرة على مجتمع لم يعد قادرا على تحمل نظام مولع بالحروب، وترهيبه؛ نظام استمر في حياته المأزومة لعقود عبر تهديد العالم وممارسة العنف ضد أمن شعبه.
والحقيقة إن تجربة الشعب الإيراني على مدى أكثر من أربعة عقود مع حكم الملالي تظهر أنه كلما تحدث النظام عن "طلب شعبي"، فإنه في الواقع يفرض إرادته بالقوة والقمع والسجن. إن عبارة "بناء على طلبات شعبية واسعة"، المبتذلة والمتكررة، هي جزء من اللغة الرسمية التي يستخدمها النظام لإضفاء الشرعية على إجراءاته القمعية. تعمل هذه العبارة كدرع زائف في مواجهة موجة السخط الاجتماعي؛ وكأن الشعب، الذي هو ضحية أزمات ومغامرات هذا النظام السياسية والعسكرية، يطالب الآن بدوريات ليلية وحضور للميليشيات في أزقته وشوارعه! إنه نفس الشعب الذي هتف لسنوات في شوارع إيران: "عدونا هاهنا، يكذبون حين يقولون أمريكا".
#سعاد_عزيز (هاشتاغ)
Suaad_Aziz#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟