أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثاني) الخاصية الاستعراضية (الهنبلة) : التفاخر بالأنساب والتنابز بالألقاب














المزيد.....

الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثاني) الخاصية الاستعراضية (الهنبلة) : التفاخر بالأنساب والتنابز بالألقاب


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8378 - 2025 / 6 / 19 - 13:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثاني) الخاصية الاستعراضية (الهنبلة) : التفاخر بالأنساب والتنابز بالألقاب
يعد أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة ذي قار الدكتور (سلمان محمد رشيد الهلالي) أول من أستخدم عبارة (الهنبلة) لوصف طبيعة الشخصية العراقية ، وذلك خلال بحثه في ماهية (النسق) السوسيو- ثقافي الذي حشرت داخله هذه الشخصية دون أن تفلح في التغلب عليه والخروج منه ، بحيث كلما حاولت الإفلات من أساره والتخلص من قيوده ، كلما عاودت الانزلاق فيه والانجذاب إليه سواء بوعي أو بدونه ، وكأنما هي (منوّمة) مغناطيسيا". وعبارة (الهنبلة) الازدرائية التي يتداولها العراقيين فيما بينهم لانتقاد شخص ما ، هي كناية وصفية لكل من ينسب لنفسه (خصال) و(شمائل) لا يملكها في الأصل ، وإنما يحاول أن يوهم الآخرين بأنها جزء من كيانه وصلب شخصيته ، والغاية من ذلك – كما نعلم - انه يسعى لإخفاء هشاشته ومدارات عجزه ، والظهور من ثم بمظهر (الوحيد) في عصره و(الفريد) في زمانه .
والحقيقة ان لهذه الخاصية (الاستعراضية) تاريخ طويل يمتد الى مئات السنين يوم كانت حياة (البداوة) تسود هذه الربوع المتصحرة ، باستثناء رقع متناثرة من (المدن) و(البلدات) التي هي أقرب عمرانيا"وسكانيا"الى (القرى) و(الأرياف) منها الى المدن الحقيقية ، هذا بالإضافة الى طغيان القيم والأعراف (القبلية) و(العشائرية) التي كانت تضبط إيقاع العلاقات المضطربة بين شعث جماعات امتهنت نشاط الغزو والنهب والتخريب . ولما كانت حياة الإنسان تقوم على هذا الضرب من العيش والعلاقات في بيئة عدائية باستمرار ، كان لابد ألاّ يكون فقط خشن الطباع وصلب العريكة فحسب ، وإنما أن يواظب على الاندماج بجماعته والتماهي مع قيمها والدفاع عن حياضها ؛ أولا"لضمان سلامته الشخصية والأسرية ، وثانيا" لتأمين حاجاته المادية والمعنوية ، وثالثا"للحفاظ على سمعته وهيبته .
وفي إطار مثل هذه الظروف والأوضاع والمعطيات ما كان للجماعات المتنافسة على شحة الموارد الاقتصادية والمتصارعة على فرض الهيمنة الجغرافية ، إلاّ أن تفاخر في أصلابها وأنسابها وتباهي باستعراض قوتها وقدراتها ، ليس فقط لإثبات ذاتها أمام منافسيها وخصومها من الساعين الى ذات الأهداف فحسب ، وإنما لردع إرادتهم وبثّ الخوف في نفوسهم ومن ثم حملهم على التفكير ألف مرة قبل يجرؤا لانتهاك مجالها الجغرافي أو التطاول على سلطانها السياسي . من هنا نشأت ونمت النزعة (الاستعراضية) التي اشتهر بها الإنسان (البدوي) المحاط ببيئة عدائية لا ترحم الضعيف أو المتردد ، بحيث أضحت له هذه النزعة بمثابة مقوم أساسي من مقومات كيانه الشخصي والقبلي على حدّ سواء . ولهذا فليس من المستغرب أن يبدو الإنسان العراقي – باختلاف مستوياته الثقافية والحضارية - شديد التعلق بأصوله (القبلية – العشائرية) ، حتى ولو أظهر العكس في بعض الحالات الخاصة مراعاة منه للظرف أو الحالة التي تستوجب منه الظهور بمظهر الإنسان (المتحضر) المتسامي فوق عصبياته الانثروبولوجية .
والجدير بالملاحظة ان سيرورات وديناميات (المجايلة) الاجتماعية والثقافية لعبت - ولا تزال تلعب - دورا"أساسيا"في ثبات وديمومة هذه النزعة لدى معظم الجماعات العراقية ، سواء منها التي تعيش في الريف أو تلك التي تسكن في المدن ، لاسيما وان الغالبية العظمى من سكنة هذه الأخيرة هم من أصول ريفية أو قروية ، لم تبرح قيم وأعراف (البداوة) تؤطر الكثير من تصوراتهم وعلاقاتهم وسيكولوجياتهم . ولعل ما زاد الطين بلّة ، ان كل الذين حكموا (الدولة) وتحكموا ب(المجتمع) على مدى قرن (1921 – 2025 ) ، ليس فقط أنهم لم يهتموا بمعالجة هذه الظاهرة والحدّ من آثارها المدمرة على آفاق التطور الاجتماعي والحضاري كما كان يزعم في الخطابات والشعارات فحسب ، وإنما تعمدوا تكريسها – لا بل وتغذيتها - في الوعي والسيكولوجيا الجمعيين ، لغرض استغلال واستثمار دورها في ترسيخ الانقسام والتشرذم بين الجماعات ومن ثم إبقائها في حالة من الضعف وعدم القدرة على تحدي السلطة الحاكمة من جهة ، وتثبيت سلطتهم وتعزيز سيطرتهم وتقوية قبضتهم وفرض إيديولوجيتهم من جهة أخرى .
وحيثما تسود الكيانات (القبلية) و(العشائرية) و(الطائفية) و(الاثنية) وتشرأب قيمها وأعرافها وسردياتها ورموزها ، على خلفية انحسار سلطة الدولة واستشراء الفساد في مؤسساتها من جهة ، وتراخي قبضة القانون وانعدام هيبته وتلاشي ردعه – كما هو حاصل في العراق – فلن يكون أمام الإنسان العراقي سوى مخرج واحد لا بديل له ، وهو اللجوء الى (قبيلته) أو (عشيرته) أو (طائفته) أو (إثنيته) أو كلها مجتمعة ، وذلك للاحتماء بحياضها والاستنجاد بقوتها والتباهي بصيتها والتفاخر بأصالتها ، كما كان يفعل آبائه وأجداه من قبل . وهكذا ، بالتقادم والتراكم ، استحالة (الظاهرة) السيكولوجية التي استوجبتها ظروف خاصة وسياقات محددة ، الى (واقعة) سوسويولوجية متواترة لم تلبث أن تطورت الى (خاصية) بنيوية ضمن معمار الشخصية العراقية ، بحيث بات من الصعب العثور على عراقي – بصرف النظر عن تحصيله العلمي ورصيده الثقافي ومستواه الوظيفي - يقدم نفسه للآخرين بصفة هويته (الوطنية / العراقية) الجامعة ، دون أن سبقها بانتمائه (القبلي) وولائه (الطائفي) وأصله (الإثني) وانحداره (المناطقي) .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية : مدخل تمهيدي
- احتضار الثقافة في العراق : عزوف القارئ بعد كسوف المقروء !
- كيف نتصالح مع الماضي ونخوض تجربة النسيان ؟!
- لماذا تتعصب (الأقليات) في المجتمعات الانقسامية ؟!
- ما معنى القول ان (التاريخ يعيد نفسه) ؟!
- أوزار التراث في خطاب الحداثيين العرب : بين التجاهل والتحامل
- الثروة النفطية في أتون الصراعات السياسية بين المركز والإقليم
- (المدينة) كهدف لانتقام المعارضة من السلطة
- الجدليات السوسيولوجية .. تركيبية لا تفاضلية
- سبل تطور الوعي التاريخي بين مفهومي (الاستمرارية) و(السيرورة)
- ملاحظات حول مقال (لجان مناقشة الرسائل الجامعية ليست لجان إغا ...
- (البرودويلية) ومنهجية البحث في تاريخ العراق
- ماركس ومجتمعات ما قبل الكونوليالية - قراءة في كتاب (ماركس وم ...
- مثقفو الطوائف وفتوحات عصر الذكاء الاصطناعي !
- الخلفيات التاريخية ودورها في المسارات الاجتماعية
- مصائر الرأسمال الرمزي في عصر الرقمنة !
- الاصول الماركسية للتاريخ من أسفل
- اتهام موروثنا الأسطوري ومساءلة وعينا التاريخي : العبرة والاع ...
- انثروبولوجيا المكان بين الأصول الريفية والميول الحضرية : روا ...
- التاريخ والمؤرخ والوثيقة التاريخية : تفاعل لا تفاضل


المزيد.....




- الأردن.. جدل حول بدء تنفيذ نص قانوني يمنع حبس المَدين
- إيران تؤكد مقتل علي شدماني قائد -مقر خاتم الأنبياء- في غارات ...
- ما الذي حدث في غزة خلال 12 يوماً من المواجهة بين إيران وإسرا ...
- ألمانيا.. السوري المشتبه به بهجوم بيليفيلد عضو في -داعش-
- بزشكيان يؤيد منطقة خالية من الأسلحة النووية بما يشمل إسرائيل ...
- نيوزويك: هل كان قصف ترامب مواقع إيران النووية فكرة صائبة؟
- مقتل 17 جنديا في شمال نيجيريا إثر هجوم جديد على قواعد تابعة ...
- زيمبابوي تحطم الرقم القياسي بمبيعات التبغ لعام 2025 بأكثر من ...
- إريتريا تسعى لإلغاء ولاية المحقق الأممي لديها بعد إدانتها
- الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلا ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثاني) الخاصية الاستعراضية (الهنبلة) : التفاخر بالأنساب والتنابز بالألقاب