علي عظيم
كاتب ومحامٍ عراقي
(Ali Adheem)
الحوار المتمدن-العدد: 8377 - 2025 / 6 / 18 - 16:18
المحور:
الادب والفن
لعلي لا أبالغ إذا ما قلت أن المشي أَحَبُّ ما أفعله؛ بالنسبةِ لي وبحسب ما أعرفه عن نفسي وميولاتها لا فعل غير المشي يجعلني أفكر وأنا مغمور بالبهجة؛ أنا أحب التفكير والمشي وعندما أفعل الأمرين معاً أشعر بالتكامل رغم أني الإنسانُ الأنقص في هذا الكوكب. المشي هو حياتي، أنا أمشي إذاً أنا موجود.
أن كل ما أرجوه ألا يصيب قدماي عارض يقلل كفاءتها على حملي، وإذا حدث ذلك، قطعاً سأمشي على يداي، أنا كائن معارضٌ للسكون لا أحبذه بل أمقته في الكثير من الاحايين؛ أعتقد أني ولدت لكي أمشي وأفكر، أقطعُ ساعات كثيرة أمشي بها سواء مع الأصدقاء أو مع أفكاري، ذات مرةٍ مشيت وأسامة من التاسعة والنصف مساءً حتى مطلع الفجر، مشينا حتى شعرنا بأن أقدامنا اختفت، في تلك الليلة كانت جميع أشياؤنا ساخنة، الأحاديث، الضحكات، العبوس، حتى أجسامنا كانت ساخنة برغم أن درجة الحرارة أقتربت من درجة اثنان أو ثلاث تحت الصفر! قد يُرى أن هذا جنون وأنا لا أره غير ذلك ومتصالحٌ مع هذا التأويل تماماً؛ فما الإنسان من دونِ جنونهِ؟! الإنسان السوي من له جنون! قد يتجلى جنونه في غناء أو لحظة ضحك من دون سببٍ منطقي أو لحظة حزنٍ من دونِ سببٍ منطقيٍ أيضاً أو وقت مصارحةٍ مع النفس والحديث معها بصوتٍ مسموع، إلخ...
أنا أمشي وأقطع الشوارع والمدن، أمر ببيوتاتِ بغداد وعقلي يحلق بي فوقها، ولا يستغرب منك أحد إذما رآني أمر من أمام بيته فأنا أمشي حتى أشعر بأن قدماي قد اختفت، أمشي وأكتب القصائد والمقالات وأعيد تفكيك مافهمتُ وأشكله مجدداً فأكتسب فهماً جديداً.
مؤخراً صار لدينا جهاز جري، فرحتُ بهِ كثيراً؛ فإذما أجبرتني الظروف البقاءِ في البيت سوف لا أكون مستاءً؛ لدي جهاز جريٍ وذاكرة قادرة على جلب شوارع بغداد وبيوتاتها في بيتنا أو حتى مدينة باريس لكن بما أن بغداد المشوهة أكثر حضوراً من غيرها في الذاكرة سأستطيع المشي والتفكير في شوارعها التي أتخيل أن تكون.
#علي_عظيم (هاشتاغ)
Ali_Adheem#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟