أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي عظيم - قطع الانترنت تعسف في استعمال السلطة














المزيد.....

قطع الانترنت تعسف في استعمال السلطة


علي عظيم
كاتب ومحامٍ عراقي

(Ali Adheem)


الحوار المتمدن-العدد: 8370 - 2025 / 6 / 11 - 18:47
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


في عام 2025 وفي ضل حكومة تصدر نفسها بأنها تواكب مقتضيات العصر، وتبنت ضمن برنامجها الحكومي أتمتت المؤسسات وحث المواطنين على التعامل الرقمي، وقد التمسنا ذلك في الواقع إلا أن وزارة التربية العراقية تأبى الانخراط في هذا المشروع وما زالت تصرّ على قطع الإنترنت العمود الفقري للحياة الحديثة وللحكومات التي تريد اللحاق بالحكومات الالكترونية، ولا أجافي الواقع إن قلت أن الإنترنت بات من أهم عصبات الحياة إن لم يكُ أهما، كيف لا وقد أرتبط في مجالات الحياة كافة اقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً وحتى أمنياً فلماذا تصر وزارة التربية على قطع الإنترنت عن العراقيين لمدةِ ساعتين كاملتين في كل يوم امتحان؟!

حتماً إن الوزارة عندما تقطع الإنترنت تتعسف في استعمال السلطة الذي يقترب من التعسف في استعمال الحق إلا أن الأول يقع في مجال الإدارة أي يصدر من جهة إدارية (حكومية) كما تفعل وزارة التربية التي تقطع الإنترنت بذريعة منع تسريب الأسئلة، بينما تتجاهل البدائل التكنولوجية المتاحة، وتغضّ الطرف عن الخسائر الهائلة التي تلحق بالمواطنين، وبالتالي يصير قرارها عرضه للطعن وستوجب عنه التعويض، بينما الأخير أي "التعسف في استعمال الحق" يقع في المجال المدني، حيث عده القانون المدني موجب للضمان، ينهض قواعد المسؤولية التقصيرية التي توجب التعويض للطرف المضرور، بحسب أحكامِ المادة السابعة منه والتي جاء فيها "1 – من استعمل حقه استعمالا غير جائز وجب عليه الضمان. 2- ويصبح استعمال الحق غير جائز في الاحوال الاتية:... ب – اذا كانت المصالح التي يرمي هذا الاستعمال الى تحقيقها قليلة الاهمية بحيث لا تتناسب مطلقا مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها..."، الشيء الذي لابد من الوقوف عليه لتوضيح الفقرة باء في جملة "قليلة الأهمية" تحديداً، هي لا تعني أنها ليست ذات أهمية بمفهوم الأطلاق بل إنها قليلة الأهمية بالنسبةِ إلى الضرر الحاصل، بعبارة أخرى "الضرر الحاصل يفوق الحق المستعمل" وفي الواقعة مدار المقالة سواءٌ كان تعسف في استعمال السلطة أم الحق، صحيح أن غاية وزارة التربية الموقرة تحقيق الصالح العام، وكيف لا وهي تصنع قادة هذهِ الأمة النائمة وعلمائها الناجحون لا الباحثون!، من خلال قطع الأنترنت بالتعاون مع وزارة الاتصالات وهيئة الاعلام والاتصالات كتدابير احترازي لقطع الطريق على الذين يسربون الأسئلة قبل موعد الامتحان، "أشكر وزارة التربية والجهات ذات العلاقة على حرصها الشديد ودأبها المتواصل وعطائها الوافر لأثراء هذه الأمة النائمة بقادة وعلماء ناجحين لا باحثين، وعلى سعيها الحثيث في مكافحة الغش والغشاشين"، لكن للأف الضرر الذي يلحق بالمواطنين يفوق حق الوزارة في قطع خدمة الأنترنت "إن كان لها حق من الأساس" والقاعدة القانونية تقول "درء المفاسد أولى من جنب المنافع" كما أن الضرر المحقق أجدر بالحماية من الضرر المتحمل وتسريب الأسئلة ضرر محتمل قد يقع أو لا يقع بينما قطع الإنترنت ضرر محقق يستحيل معه الاحتمال.

وما للوزارة الكريمة ووزيرها الفذ ومستشاريه الأكارم ألا يعلموا أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين في عام 2025 تحديداً، حيث الذكاء الاصطناعي والأجهزة الذكية وطوابع الفائقة السرعة والتصارع العالمي على التقدم التكنلوجي وسرعة التسلح بهِ، بكل بساطة تستطيع الوزارة الاستعانة بالذكاء الاصطناعي الذي يتولى وضع الأسئلة وعرضها على الطلبة الممتحنين خلال بضع ثوانٍ قبل مباشرة الامتحان، كما يحصل في الامتحان الوطني للكفاءات، والتطور الذي نشهده يمنحها بدائل عظيمة تغني عن طريقة قطع الأنترنت البائسة.

لابد الجهات المعنية التي تشترك في صنع قرار قطع الأنترنت، أن تدرك الضرر الذي يتعرض له العراقيين، خصوصاً شركات الدفع الإلكتروني التي تعتمد عليه 100% في عملها والخسائر التي تلحق بها جراءه فضلاً عن الكسب الفائت، بالإضافة إلى أهدار أجور الاشتراكات التي يدفعها المواطن للحصول على هذه الخدمة، والشيء الذي لا يمكن إغفاله، أنها تتعدى على حقوق مصونة بموجب العقد الإجتماعي (الدستور) الذي جاء في المادة 40 منه "حرية الاتصالات والمراسلات البريدية والبرقية والهاتفية والالكترونية وغيرها مكفولة، ولا يجوز مراقبتها او التنصت عليها، او الكشف عنها، الا لضرورة قانونية وامنية، وبقرار قضائي" والمادة 41 والتي جاء فيها "لا يكون تقييد ممارسة اي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناء عليه، على ان لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق او الحرية".

حرية الاتصالات مكفولة دستورياً وإذا رأت وزارة التربية أن قطعها يحقق مصلحة عامة جديرة بالحماية عليها أن ترجع إلى القضاء لأخذ الموافقة أو إلى البرلمان من خلال إرسال مشروع قانون يمنحها هذا الحق حتى لا تعد متعسفة في استعمال الحق وبالتالي يتوجب عليها تعويض كافة المتضررين، والمواطنون كافة متضررين ويجب على الوزارة أن تعوضهم كلٍ بحسب حجم الضرر.

أخيراً، على وزارة التربية والجهات المعنية أن تُدرك أن مكافحة الغش لا تكون بوسائل بدائية تضحي بحقوق ملايين المواطنين، بل بالابتكار التكنولوجي والانفتاح على العالم الرقمي. وإلا فإنها تُمارس تعسفًا يوجب التعويض، وتفتح بابًا واسعًا للطعن الدستوري والإداري في قراراتها.

- علي عظيم كاتب ومحامٍ عراقي



#علي_عظيم (هاشتاغ)       Ali_Adheem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إرادةٌ معيبةٌ على الدوام
- إنهاء مسيرة محامٍ كبير
- أخطاؤنا اللذيذة
- عدم دستورية التعديل الأخير لقانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة ...
- الوصية المنصبة على عقار لا تحتاج إلى التسجيل!


المزيد.....




- الأمين العام للأمم المتحدة يدعو لوقف التصعيد إسرائيل وإيران ...
- بعد هجوم إسرائيل على إيران.. تأجيل مؤتمر الأمم المتحدة لحل ا ...
- مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة يدين الهجوم الإسرائيلي على إير ...
- ماكرون يعلن تأجيل مؤتمر الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين
- السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة: إيران كانت تخطط لغزونا ...
- مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة: الضربات ضد إيران قد تستغرق ...
- بعد أوامر إخلاء لأحياء سكنية في محيطه: المركز يحذر من تبعات ...
- الخارجية الروسية: العمل العسكري الإسرائيلي ضد إيران انتهاك ل ...
- 95 جريحاً واستنفار في 12 محافظة إيرانية بعد الهجوم الإسرائيل ...
- محطات مجهولة في حياة أحد واضعي ميثاق الأمم المتحدة


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي عظيم - قطع الانترنت تعسف في استعمال السلطة