أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي عظيم - إرادةٌ معيبةٌ على الدوام














المزيد.....

إرادةٌ معيبةٌ على الدوام


علي عظيم
كاتب ومحامٍ عراقي

(Ali Adheem)


الحوار المتمدن-العدد: 8369 - 2025 / 6 / 10 - 18:13
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


يذكر أستاذ درس الخارج في علم الأصول، السيّد محمد مهدي مير باقري، في حواره مع مجموعة من الباحثين الشباب، أنَّ مفهوم الحق يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإرادة البشرية؛ فإذا كان الإنسانُ مسيّراً، يعمل تحت مبدأ العليّة أو الجبرية، فإنّ الحقّ سينتفي تماماً، آخذاً معه الباطل. فنفي الشيء يقتضي نفي مناقضه، إذ يبقى التسيير أو الجبر وحده يسير الإنسان. وإذا قلنا إنَّ الإنسان يعمل تحت مبدأ العليّة، نزعنا منه الإرادة أيضاً، وعلى هذا الأساس تغيب المصطلحات الثلاثة: الحق، والباطل، والإرادة.

من جانب آخر، يقول فاطمي إنَّ مبدأ الفاعلية مع الخالق سبحانه هو أساس الحق؛ فما يتوافق مع مشيئته تعالى هو حقٌّ، وما يعارضها باطل. ومن هذا المنطلق، وتحت مبدأ الفاعلية، تُمنح الإنسان إرادة يختار بها بين متناقضين، لكنّ هذه الإرادة محكومة ومقيّدة ضمن حدود العليّة؛ أي إن الإنسانَ مسيَّرٌ في بعض الأمور، ومخيَّرٌ في أخرى.

وهذا الفرض الأخير هو الأقرب إلى المنطق السليم؛ فنحن مجبَرون على عوائلنا ومحيطنا الاجتماعي مثلاً، لكننا مخيَّرون في اختيار الأفراد من هذا المحيط. وهنا يطرح السؤال نفسه: هل هذا الخيار يسلم من مبدأ الجبرية؟ أي: لماذا اخترنا أفرادنا من هذا المحيط الاجتماعي المهول؟ ما أساس هذا الاختيار؟ أهو اختيارٌ محضٌ، مجردٌ من كلِّ جبر، أم هو اختيارٌ مغلف بمبدأ العليّة؟ بعبارة أخرى: ما مصدر هذا الاختيار؟

أعتقد أنّه أمرٌ بين التسيير والتخيير؛ فلا يوجد اختيار بريء، بل يقوم كل اختيار على مجموعة من الأفكار والمفاهيم المتلاقحة، منها ما تم تبنيه اختيارياً، ومنها ما فُرض فرضاً. لذلك قيل إن الإنسان لا يخلو من خرافة، مهما بلغ من الفهم السليم؛ خرافةٌ صدّقها طوعاً، وأخرى تبنّاها اختياراً. وعلى أساس هذه المتبنيات الفكرية بمجملها، والتي يُعبَّر عنها بنظرة الإنسان الكونية، الخليطة بين التسيير والتخيير، يتولّد الاختيار. لذا، لا يوجد اختيار بريء، ولا إرادة حرّة حرية مطلقة؛ بل هي مسيّرة ومكرَهة بشكلٍ أو بآخر.

ونافلة القول: إنَّ الفقه عدّ الإكراه عيباً يشوب الإرادة، فإذا وقع، صار تصرف الشخص موقوفاً على إجازته بعد رفع الإكراه. لكنه لا ينظر إلى الإرادة بتلك النظرة المعقّدة التي ذكرتها، بل ينطلق من أساس أن الإرادة حرّة، تتقيّد بالقانون، والنظام العام، والآداب العامة، وما يشوبها من عيوب، وهي: الإكراه، والاستغلال، والغبن مع التغرير، والغلط. وهذه العيوب، مدار الحديث الفقهي، لا ينظر إليها المشرِّع ولا الفقيه بذلك التعقيد، بل ينظران إليها ظاهرياً فقط، وبهذا أحسنا فعلاً، وأجادا عملاً؛ إذ لو اتبعا ذلك التعقيد والتفصيل، لتوقّفت الحياة وصارت عقيمة، حيث ستكون كل التصرفات موقوفة على الإجازة. والإنسان لا يُجيز تصرّفاً يضرّ به إلا في حالتين: إيثار، وهو يندر حدوثه، أو سوء تقدير، وسوء التقدير غلط، والغلط يعيب الإرادة؛ لذا، لا يمكن أن تُجاز التصرفات إلا إيثاراً أو تنازلاً.



#علي_عظيم (هاشتاغ)       Ali_Adheem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهاء مسيرة محامٍ كبير
- أخطاؤنا اللذيذة
- عدم دستورية التعديل الأخير لقانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة ...
- الوصية المنصبة على عقار لا تحتاج إلى التسجيل!


المزيد.....




- الجمعية العامة للأمم المتحدة تصوت اليوم على مشروع قرار يطالب ...
- الأمم المتحدة: عدد النازحين قسرا في العالم بلغ 122 مليونا بن ...
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تبحث مشروع قرار يطالب بوقف فوري ...
- الأمم المتحدة تصوّت اليوم على مشروع قرار لوقف إطلاق النار بغ ...
- الأمم المتحدة تصوّت الليلة على قرار لوقف فوري لإطلاق النار ف ...
- سوريا تشهد موجة قتل عشوائي ضد المفرَج عنهم وفصائل تعلن «حربا ...
- الأمم المتحدة تصوت على قرار بوقف فوري لإطلاق النار في غزة
- عدد النازحين قسرا في العالم بلغ 122 مليونا بنهاية أبريل
- السعودية -بصدد- إعدام 26 مصريا بعد عيد الأضحى وما هو السبب.. ...
- بعثة إيران لدى الأمم المتحدة: الدبلوماسية هي السبيل الوحيد ل ...


المزيد.....

- الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق / رابطة المرأة العراقية
- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - علي عظيم - إرادةٌ معيبةٌ على الدوام