أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عظيم - أخطاؤنا اللذيذة














المزيد.....

أخطاؤنا اللذيذة


علي عظيم
كاتب ومحامٍ عراقي

(Ali Adheem)


الحوار المتمدن-العدد: 8367 - 2025 / 6 / 8 - 09:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يرتكب الإنسان أثناء حياته القصيرة التي تمر مرور الكرام أخطاء لذيذة، حياته التي دائماً ما يصفها وهو يقف بيدين عاريتين على مفترق طرقٍ منها، أنها كانت لحظات، لكن عندما يتأمل ذكرياته ويسترجع تفاصيلها قدر الإمكان ويضيف عليها بعض الرغبات يقول: كم كانت حياتي كبيرة وجميلة وهي تتحلى بأخطاءٍ لذيذة؟

هكذا يبدو الماضي جميل؛ للإنسان المساحة الكافية في إضافةِ بعض ما يرغب به عليه، يستطيع أن ينثر فيه بعض الأماني؛ فالماضي صار مملوكاً للذاكرة والرغبة وليس للذاكرة وحدها، بل تلعب الرغبة دوراً مهماً سواء لتجميل الماضي أم لتقبيحه، فـعقل الإنسان صانع الوهم الأول؛ حتى يبذل جهداً أقل يتماها مع ما تريده النفس سواءٌ كان تجميلاً أم تقبيحاً.

ليس موضوعنا صناعة الوهم من الداخل، إنما الأخطاء اللذيذة التي نرتكبها ونحن نمتطي ظهر الحياة، مثلاً عندما يحب الرجل امرأةً تبادله الحب لكنها تعلوه طبقياً، (هو من الطبقة الكادحة (البروليتاريا) وهي من الطبقة البرجوازية)، يبدأ هذا الرجل بتعلية سقف طموحاته ورهاناته تزداد، يفكر مثلاً بامتلاكِ شقةٍ أول الأمر بعد تنويع مصادر دخله، من ثم تأثيثها، وبعدها يمتلك سيارة على اعتبار أن مسكنهما سيكون بعيداً عن المركز الذي تقطنه سيدة قلبه، إلا أنه يصطدم بالواقع بعد فترةٍ من الزمنِ، ولا يجني سوى ركام سقف طموحاته الذي انهار على رأس والديه.

تنتهي هذه الثنائية المتناقضة وتترك ذاكرةً متأهبة لتكون ضمن أجمل أيامٍ يعيشها الإنسان، كم هو خطأٌ لذيذ عندما يحب رجلٌ سيدةً مستحيلة، سيدةً رائعة تستحق النزاعات الكبيرة كما يقول حمزاتوف، تملأه بالتجربة وتحثه على الاشتعال ليقول في نهاية المطاف: “أنني حاولت” “والمحاولةُ شرف”.

وكم هو خطأٌ لذيذ عندما يقع الإنسان في فخ الزواج؟! أو قفص الزوجية كما هو معروف، ولعل وصفه بالقفص أليق الأوصاف؛ هو سجنٌ من دون قضبان يدور الفرد داخله بحذر، كل خطوةٍ محسوبة، والتي لا تحسب تصدم بحدود السجن التي تشبه خطوط العرض وخطوط الطول، وكلما تتسع العائلة تضيق العبارة، لكن كم هو لذيذٌ ذلك الخطأ الذي يمنح الإنسان عائلة! بنين وبنات يملؤون وحشة ذلك السجن وفراغه، يزحفون على صدرِ أبيهم المثقل بالجراحات ليطيبوه ويرطبون حياته الخشنة، أما تلك المرأة التي تمارس لذة الأمومة، فتمتلك ألذ خطأٍ ارتكبته البشرية.

هكذا تكون أخطاؤنا لذيذة، عندما يساء فهم الآخر وتبنى الأحكام الإقصائية والإلغاء، “والإنسان كائن إلغاء” بحسب فرويد، ثم يكتشف المرء مدى سخافته وتسرعه وجهله، فيعمد إلى فسح المجال لخلايا عقله بالتمدد لاستيعاب رؤى أكثر وفهم أعمق.

الأمثلة كثيرة، وكلٌ منا له أخطاء لذيذة يحاول المحافظة عليها من التهرؤ والضياع، وكلٌ منا له تجاربه السخيفة التي يعتزُ بها، وإن خُيّر أن يعيد التجارب لاختار إعادتها بحذافيرها من دون تعديل؛ فالخبرةُ تبنى على ركام السخافات والأخطاء التي يكون الجزء الأكبر منها لذيذاً.

أنا الآن آخر نسخة معدلة بواسطة أخطاء وسخافات وحماقات الماضي، وسأستمر بارتكاب الحماقات لأستمر بالنمو والتعديل من النسخة الأسوأ إلى الأفضل، كل نسخةٍ بحسب مرحلتها.



#علي_عظيم (هاشتاغ)       Ali_Adheem#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدم دستورية التعديل الأخير لقانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة ...
- الوصية المنصبة على عقار لا تحتاج إلى التسجيل!


المزيد.....




- كاميرا توثق لحظات درامية لإنقاذ نزلاء فندق تلتهمه النيران في ...
- زين قطامي تنشر صورًا برفقة والدها من زفافها على سيليو صعب
- وفد سعودي يصل دمشق تمهيدًا لصفقات متوقعة بقيمة 4 مليارات دول ...
- وسط جدل واسع.. الأزهر يرجع حذف بيانه عن غزة لهذا السبب
- -يوم بدأت مصر رحلة السقوط-.. ساويرس يثير جدلًا بتعليق عن -23 ...
- مهرجان طعام وآخر فني يثيران الجدل في الأردن لتزامنهما مع -ال ...
- ألمانيا تفرج عن واحدة من أكبر صفقات التسليح لتركيا
- -أوقفوا الإبادة الجماعية-..محتجون يمنعون نزول سياح إسرائيليي ...
- هل تسلم قوات سوريا الديمقراطية سلاحها لسلطات دمشق؟
- دراسة تثير الفزع.. شباب أوروبا يميلون نحو الحكم المستبد


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عظيم - أخطاؤنا اللذيذة