أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مفيد عيسى أحمد - هل أصبحت سوريا وطناً لا نحبّه؟















المزيد.....

هل أصبحت سوريا وطناً لا نحبّه؟


مفيد عيسى أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 8377 - 2025 / 6 / 18 - 14:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" لم يعد يجمعنا بهم إلا اللغة و يمكننا الاستغناء عنها بتعلم لغة جديدة" هذا ما كتبه مثقف معروف على صفحته على الفيس بوك و ما لبث أن حذفه لتناقض و قسوة التعليقات.
هذا القول يطرح قضية بغاية الأهمية هي مسألة الانتماء و الوطنية التي برزت من تداعيات و عقابيل الأزمة السورية، خاصة بعد سقوط النظام البائد، قضية إشكالية قوّضت كل الشعارات التي كان يتغنى بها السوريون، تجلىّ ذلك بالدعوات التي انطلقت مؤخراً من مكونات و مناطق مختلفة في المجتمع السوري؛ الأكراد و العلويون و الدروز، تلك الدعوات التي توّجهت إلى دول و قوى دولية مختلفة بمضمون واحد تقريباً و رؤية جديدة للناحية الوطنية، إضافة إلى ما طرحه مؤيدو السلطة الجديدة من الطائفة السنية من توجه إسلامي يتخطى الوطنية.
هذه الدعوات لم تكن جديدة، فقد سبقتها دعوات مماثلة أطلقها أقطاب المعارضة منذ عام 2011، طالبت بنفس ما تطالب به الدعوات الآن؛ و كررتها على مدى سنوات الأزمة، كأن الأمر مجرد تبادل أدوار على ضوء تبدّل المواقع سياسياً و عسكرياً، فما كان يطالب به فريق المعارضة في بداية الأزمة و أثنائها حتى قبل سقوط نظام الأسد، صار يطالب به الفريق الأخر الذي صار في موقع المعارضة، رغم أنها معارضة ذات طابع مختلف، لا برنامج سياسي لها حتى الآن، معارضة رد الفعل لا أكثر.
الدعوات الأخيرة التي بيّنت هشاشة الحالة الوطنية السورية؛ انطلقت من مكونات المجتمع السوري، الطائفية و الاثنية، ما يسمى الأقليات، تركزت على المطالبة بالفيدرالية كأسلوب لإدارة البلد، كما طالبت بالتدخل الدولي؛ إن كان على شكل حماية دولية وفق القانون الدولي، بقرار من مجلس الأمن، أو حماية دول معينة بعض النظر عن القانون الدولي، كما هو الوضع بالنسبة للأكراد الواقعين تحت حماية الأمريكيين و قوات التحالف الدولي، و الدروز الذين أعلنت إسرائيل حمايتهم، بينما العلويين لا يزالون يكررون دعواتهم، دون أن يستجيب لهم أحد حتى الآن.
رغم مطالبتها بالفيدرالية تؤكّد تلك الدعوات حرصها على وحدة سورية، لكنها وحدة تختلف عما كانت عليه؛ هي إتحاد فيدرالي بين أقاليم ذات إدارة ذاتية. لا يمكن إغفال أسباب هذه الدعوات و خلفيتها؛ التي تمثلّت بطروحات و شعارات استفزازية أطلقتها القوى التي سيطرت على السلطة و التي تمثّل الأكثرية طائفياً، و بالخوف من التعسّف و التهجير و القتل، خاصة بعد ما حدث مؤخراً من مذابح و تهجير في الساحل السوري و أماكن تواجد العلويين في الداخل، و أحداث العنف التي نشبت في جرمانا و أشرفية صحنايا و السويداء.
هذه الدعوات لا تقتصر على ما يدعى "الأقليات" ففي المقابل انطلقت دعوات لا تقل خطورة من الناحية الوطنية، نادت بها مجموعة من الأكثرية المتمثلة بالطائفة السنيّة، التي خرجت بمقولة عودة الأمويين، فدمشق برأيهم عادت لأصلها، دمشق الأقدم من الأمويين بآلاف السنين، حملت تلك الدعوة في طياتها شوفينية و تعالياً واضحاً وصل إلى حد التمييز العرقي و الطائفي و التنمر و تمثّل في مقولة "الأمويون أصلهم ذهب" التي أتت على شكل أغنية أصبحت و كأنها نشيداً وطنياً و شعاراً لهم.
في هذا الطرح إسقاط لكل ما هو وطني سوري و استحضار لخلافات قديمة سالفة و حساسيات تاريخية لا فائدة من طرحها، فالوطنية السورية الجامعة أشمل من أن تنسب لطيف واحد أو لمرحلة تاريخية بعينها.
يلتقي مع هذه الدعوة، خطاب السلطة الجديدة الذي أغفل ذكر مصطلح الوطن أو الوطنية في كل مفاصله و على كل المستويات، كما تجنّب مقاربة القضايا الوطنية كالجولان المحتل، و اقتصر على التأكيد على وحدة سوريا، دون أن يعمل على تفكيك خوف و حذر المكونات المختلفة من توجهه الإسلامي المتشدد و راديكاليته المعروفة، عزّز ذلك بتصرفات و إجراءات كان لها أثر سلبيا عندها، و أعطى دعواتها للحماية الدولية و الفيدرالية دفعاً و زخماً إضافياً.
لو استعرضنا ما كان ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، و التعليقات و التفاعلات لتأكدنا أن هذه الدعوات لم تأت مخالفة للمزاج الشعبي لتلك المكونات، حتى لو أخذنا بالحسبان ما يسمى بالذباب الالكتروني. قرأنا منشورات كثيرة و تعليقات تؤيد ذلك و تؤكد عليه مثل: " إلى اللقاء في جغرافية أخرى" و " لم يعد يجمعنا بلد واحد، إنها كذبة طويلة" و " لا يمكن أن أكون في بلد واحد مع من يعتبرني كافراً" و في سياق التداول الشفوي كان الأمر واضحاً و يُعبّر عنه بصراحة و وضوح بمقولات مثل " لم يعد يجمعنا بهم شيئاً" و " سوريا صارت من الماضي" ، " سوريا الله يرحمها.. بح" و " بقاؤنا و حفظ رقابنا أهم من بقاء سوريا موحدة" ....
ذهبت بعض الدعوات إلى ما هو أبعد من الفيدرالية، التقسيم بقيام دول منفصلة، مستحضرين سوابق تاريخية لقيام دول في سوريا على أساس ديني أو عرقي، مرددين أن سوريا في تاريخها لم تكن موحدة كما هي عليه الآن إلا في بداية العهد الأموي و بعد الاستقلال استمراراً حتى الآن.
لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً تحريضياً باستحضارها السابقة التاريخية القريبة لتقسيم سوريا تحت الانتداب الفرنسي، فنشرت خرائط دويلات ذلك التقسيم و وثائق بأختام تلك الدويلات. و لم يقتصر الأمر على ذلك، بل رأينا تصورات متعددة لخرائط الدويلات المزمع إقامتها جراء التقسيم، بعضها نسب إلى البنتاغون و بعضها الآخر إلى دول لديها مصالح في سورية، بينما نسبت خرائط مختلفة لمراكز أبحاث و دراسات. سوّقت تلك الخرائط بطريقة يبدو فيها أن الأمر بات وشيكاً و أن المسألة مسألة وقت لا أكثر، و لا مناص من ذلك.
طرحت أسماء دول عديدة في سياق تلك الدعوات: روسيا، فرنسا، تركيا، و حتى إسرائيل، التي استهجن الكثيرون التوجه إليها، لكننا لو عدنا بذاكرتنا إلى بداية ثمانينات القرن الماضي، حين دخلت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان، و لاقاها الجنوبيون بالترحاب و بنثر الرز و الياسمين و الورد عليها لبطل الاستغراب، و قد كان لهم أسبابهم بذلك حيث عانوا ما عانوه من الفصائل الفلسطينية التي كانت منتشرة في الجنوب، و هو ما جعلهم يهللون لمن سيخلصهم منها، الجنوبيون نفسهم صاروا فيما بعد ألد أعداء إسرائيل.
الحالة الأخطر التي بدت فيها الوطنية السورية في الحضيض، تجلّت في التهليل للضربات الإسرائيلية على سورية، و التي دمرّت كل مقدرات السلاح السوري، و طالت مؤسسات علمية بحثية و مدنية كالأحوال الشخصية و الهجرة و الجوازات و غيرها.
هنا رأينا أيضاً تبادل أدور غريب، فحين كانت إسرائيل تضرب مقدرات الجيش المنحل، هلّل لها مؤيدو السلطة الجديدة، و حين بدأت تشن غارات على أماكن تمركز فصائل تابعة للسلطة الجديدة هلّل لها بقية المكونات...
على مدى ثمانين عاماً تغنّى السوريون بوطنيتهم بطريقة أقرب للشوفينية، لا بل بقوميتهم العربية و اعتبروا دمشق قلب العروبة النابض، مرددين شعارات: سورية مهد الحضارة، أم الأبجدية و غيرها....لكل إنسان وطنان؛ وطنه الأم و سوريا.... أزكى ذلك و عززّه حكم البعث الذي كان يغالي في المناداة بالقومية العربية و الوطنية السورية لدرجة يمكن اعتبارها ميزة تجعل السوريين فوق شعوب أهل الأرض جميعاّ، علينا أن نتذكر الأغاني و الشعارات التي كانت تسوّق ذلك عاطفياً "أنا سوري يا نيالي" و "سمعت الشمس تهمس همس صباح الخير سوريا"، إضافة إلى المسلسلات و الأفلام التي ينتصر فيها السوريون دائماً.
هل كان ذلك وهماً؟ أم أن صدمة التغيرات الأخيرة أدت إلى ردود أفعال طالت المسألة الوطنية، و هي رود أفعال مؤفتة؟



#مفيد_عيسى_أحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلويون بين الطائفية التقليدية و الطائفية المرتدة
- الحركات السياسية و التركيبة المقنعة للمجتمعات العربية
- هويتي ..مكاشفة الذات و الآخر..لا تحطموا المرآة و لا تطلقوا ع ...
- جوزف سماحة ..الموت و استحقاقات الحياة
- خوف
- سعد.. زعيم المقاومة ( الحريرية ) بالسموكن و ال / 5 / نجوم
- ماذا يريدون من الحرب
- التعقل إلى حد الطائفية
- إعلان ( بيروت – دمشق ) عنوان باتجاهين و خطاب باتجاه واحد
- أحلام الرجال تضيق
- بالتأكيد ما رح تظبط
- الوردة ..وجه ريم
- أبو ليلى
- لبنان ترويكا السياسة ..ترويكا الموت
- تلفزيون المستقبل .الحقيقة.و إعلام لا تقربوا الصلاة
- عبد الحليم خدام ...من العار أن تعضوا أيها الرفاق
- الوطنية و المواطنة
- كل هذا وليد جنبلاط
- كل هذا .....وليد جنبلاط
- سياسة الضحك


المزيد.....




- صور تكشف ما حل بكهوف قريبة من جبال -أفاتار-الشهيرة بالصين بع ...
- سياحة ريفية بالأردن..هكذا تُقدم أطباق الأجداد في بيوت ضيافة ...
- شاهد كيف يعيش سكان إيران وسط فرارهم من الغارات الجوية الإسرا ...
- ضربة إيران في سوروكا.. ما قد لا تعلمه عن الهدف القريب من غزة ...
- طهران: ننصح واشنطن بأن تختار بين وقف العدوان أو أن تبقى متفر ...
- الولايات المتحدة تراجع موقفها من الكحول: الدعوة للاعتدال بدل ...
- ثوران بركاني هائل في إندونيسيا يُطلق سحابة من الرماد بارتفاع ...
- القناة 12: إصابة منزل وزير إسرائيلي سابق بصاروخ إيراني (فيدي ...
- روسيا تسلم المغرب مطلوبا في قضية احتيال وتزوير
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي ينوي تحويل الأصول الروسية المجم ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مفيد عيسى أحمد - هل أصبحت سوريا وطناً لا نحبّه؟