أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مفيد عيسى أحمد - الوطنية و المواطنة















المزيد.....

الوطنية و المواطنة


مفيد عيسى أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1412 - 2005 / 12 / 27 - 15:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة علاقة وشيجة بين مفهوم الوطنية و مفهوم الدولة فالدولة بحدودها الجيو بولكتيكية أصبحت هي المحدد الأساسي و الفضاء المكاني و الزماني ( التاريخي ) الذي تستمد من الوطنية مشروعيتها ووجودها، ينطبق ذلك على سورية مع فارق الانتماء القومي، التي تعتبر حالة أشمل من الانتماء القطري، و تنص كل مبادئ الأحزاب والحركات السياسية في سورية على الاعتراف بتلك الحالة، على اعتبار أنه ليس ثمة تناقض بين هذين الانتماءين حتى الحزب القومي السوري لا يرى تناقضاً في ذلك، نستثني من ذلك الحركة الإسلامية التي تنادي بانتماء ثالث يوازي الانتماء الوطني والقومي هو الانتماء الإسلامي. و الأحزاب الكردية التي يعترف بعضها ولو بشكل تكتيكي بالوطنية السورية و لا تعترف بالانتماء القومي. و الوطنية ليست حالة عاطفية مجردة نتغنى بها أو نتمثلها بشكل طوباوي، فهي ستصل لحد الابتذال ما لم تتعزز بالمواطنة و المواطنة لا تعني الانتماء الجغرافي و الديمغرافي إلى مكان أو فئة معينة، بل تعني دلالات هذا المصطلح بأوسع معانيها و ا انعكاسها الفعلي في الممارسة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.
و مصطلح المواطنة يترافق عادة مع مصطلحات أخرى كالمجتمع المدني و الديمقراطية و تكريس الممارسة القانونية و العدالة الاجتماعية و المساواة، و العلاقة لا تقتصر على المصطلحات فقط بل تتعدى ذلك إلى علاقة أسباب و نتيجة، فالمواطنة نتيجة لكل ما سبق من ممارسة قانونية و عدالة و تكافؤ فرص و مؤسسات مدنية نقابية و ثقافية...و ديمقراطية تشعر الفرد بدوره الحقيقي. و هذا ما سيؤدي إلى إقامة علاقة عضوية فعالة و منفعلة بالوطن.
هذه العلاقة هي ما يمكن دعوته بالوطنية و هي تسمو على تلك الحالة العاطفية المبتذلة التي تطلقها الشعارات الفخمة و الطنانة.
من المهم أن تبقى الوطنية خارج أي منظومة أيديولوجية، لأنه كما قال ج. مارسيل (الأيديولوجيا لا تلبث أن تتحول إلى دعاية ) و الوطنية يجب أن تسمو على أي نشاط دعائي.
ما يعصم الوطنية من ذلك تبلور مفهوم المواطنة على مستوى التطبيق، للأسف لم نصل إلى وعي يسمح لنا بإدراك دلالات هذا المصطلح، و ما يمليه علينا، فالمواطنة تقوم على مجموعة الحقوق و الواجبات التي تقننها مجموع الأنظمة والقوانين و التي تسهم بتكريس إحساس المواطن بكيانه و بكرامته و تجعله يعتبر الشأن العام من صلب شأنه و العكس يصح.
ذلك بالتأكيد لن يتحقق إلا بإعادة النظر في المنظومة العلائقية بين مفاعلات المجتمع السوري السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و هذا لن يتم بدون اتخاذ خطوات إصلاحية جريئة تتلخص على المستوى السياسي بالمضي قدماً في التعديدية السياسية و إفساح المجال للقوى الجادة لتساهم في النشاط السياسي و وهو ما سيؤدي حتماً إلى التقليل من الأزمات المنبثقة من النظرة الأحادية، فمن الضروري إنهاء ذلك الخطاب الذي يحتكر الوطنية بمستوى التوافق و الالتزام باتجاه سياسي معين، فهي حالة تشمل الجميع مع اختلاف التيارات السياسية، و يجب أن تنضوي تحتها كافة تيارات الحراك السياسي و الاجتماعي.
ما ورد سابقاً، هو ما يشكل أساساً صحيحاً لوحدة وطنية متماسكة، تسبكها المصلحة المشتركة و الإرث التاريخي الوطني الأشمل من الإرث الفئوي، هذا الإرث يزداد التبصر به و تبنيه من قبل الجميع حين الوصول بالشأن الخاص إلى مستوى العام و اعتبار الشأن العام شأن خاص، و هي حالة لا يمكن الوصول إليها مع تفشي ظاهرة الفساد الإداري و الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي و ظاهرة الفرز الشللية المصلحية التي ترسم و تشكل الأساس لاختيار المناصب و المسؤوليات في سورية حتى الآن مع الأخذ بالاعتبار أن هناك حالة من الوحدة الوطنية الواضحة في سورية ساهم في تعزيزها العامل الخارجي، و الظروف السياسية السائدة إضافة إلى خطاب للسلطة يصر على الابتعاد عن الفئوية، لقد راهنت السلطة في سورية على الوحدة الوطنية و نجحت و هو ما يحسب لها و كما أسلفنا كان الأساس عاطفياً حماسياً و ليس سيئاً، لكنه ربما لا يستمر و هو ما يفرض تغيير هذا الخطاب ليغدو أكثر مصداقيةً بترافقه مع خطوات حقيقة و سريعة للإصلاح و التغيير التي ستؤدي بدورها إلى تدارك ظاهرة هي من أخطر الظواهر التي تعاني منها كافة البلدان، ألا وهي ظاهرة الاغتراب، و هي حالة خطيرة تؤدي بالفرد إلى اللامبالاة و الانفصال عما حوله و هي أخطر ما يمكن أن يصيب الفرد و الوطن وبالتالي الوطنية.
تلعب الحالة الوطنية الداخلية الصحيحة دوراً كبيراً في رسم سياسة خارجية متماسكة ومتزنة، و هي بالنسبة لدولة ذات وضع جيواستراتيجي مثل سورية تشكل دعامة هامة، فالسياسة السورية تمر بأزمة عدم انسجام مع محيطها الإقليمي و الدولي، قد يكون السبب عد اتساقها مع ما يرسم لهذه المنطقة، قد يكون هناك سبب آخر له علاقة بانخفاض دينامية الأداء السياسي السوري في فترة ما و هي حالة طبيعية تمر فيها الدول كما يمر فيها الأفراد.
ثمة خيبة شعبية واضحة من الخطاب القومي المعتمد في سورية هذه الخيبة سببتها الأحداث الأخيرة في لبنان و العراق و المنطقة بشكل عام، و هذا ما أدى إلى انكفاء الخطاب القومي و انعكس على الصعيد الشعبي و الرسمي، لينتج خطاباً بشعارات جديدة و لو أنها مازالت تطلق باستحياء و هي تخص المصلحة السورية التي يجب أن تكون ذات أولية مطلقة.
هذه الأولية تنسحب على كافة الجوانب، الاقتصادية و السياسية و الاستراتيجية بشكل عام، إن الإلتفات إلى الوضع الداخلي السوري أصبح من الأهمية بمكان و ذلك من كل النواحي الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية، فالحد من ظاهرة الفساد و تحسين مستوى المعيشة و معالجة علل المجتمع السوري من بطالة و شللية وغيرها و اعتماد معايير جديدة و صحيحة في اختيار الكوادر الإدارية و إطلاق إعلام حر بمعالم وطنية واضحة و تفعيل دور النقابات مع تخليصها من وصاية سياسية معينة و تنظيم الحياة السياسية الحزبية كلها أضحت بمنتهى الأهمية لتعزيز الجبهة الوطنية و الأمن الوطني.
هذا لا يكون على حساب السياسة الخارجية كما كان يقال، و هي مقولة أضحت غير مسوغة و عقيمة، فالعمل السياسي عمل متكامل بجوانبه كلها، وأي حكومة تشكلها مجموعة وزراء، لكل منهم مجال عمل معين من المفترض ألا يكون جانب على حساب الآخر، دائما كنا نقول بانعكاس العوامل الخارجية على الأداء الداخلي للحكومة، لما لا نراهن على الوضع الداخلي في تعزيز السياسة الخارجية..؟
كما أسلفنا لا تنفصل المصلحة السورية و لا أمنها عن أمن و مصلحة جيرانها، و هذا ما يفسر قلقها مما يجري في لبنان و العراق، قد لا تنطبق المصالح دائماً لكن من الممكن السعي نحو التوافقية.
لا بد أخيراً أن نذكر أن المواطنة و بالتالي الوطنية بمعناها الجديد لابد أن تترافق مع ثقافة جديدة و هو قد لا يعجب النخبة المسيطرة مما يدفعها إلى مقاومة ذلك في محاولة الحفاظ على استمرار نظريتها و ثقافتها و بالتالي مصلحتها.و هو ما تطرق إليه" عبد الله العروي " في كتابه ( ثقافتنا في ضوء التاريخ ) حين تكلم عن نشوء الوطنية الثقافية المتأتية من دفاع تلك النخبة عن قاعدة ثقافية معينة بدلاً من دفاعها عن وطن بحدود جغرافية معينة.



#مفيد_عيسى_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل هذا وليد جنبلاط
- كل هذا .....وليد جنبلاط
- سياسة الضحك
- مطار عكرمة الجديدة
- يلزمنا كوادر للإصلاح ....شرفاء و خبراء ....فمن يبيع؟
- ماركيز وميليس رداً على عباس بيضون
- حركة راقصة أخيرة
- حاسر الرأس 4×4
- أكتوبر المصري .. و تشرين السوري .... العراقيون يبنون بلدهم و ...
- عبقرية الجمع بين محمود درويش و......نانسي عجرم
- فيلم أمريكي طويل ...العرض مستمر ...لبنان جديد ..كنتاكي ....م ...
- ثلاثة نداءات و ثصبح نجمة
- اخلعوا رؤوسكم تنامون بهدوء
- انقسامات الحزب الشيوعي السوري ، من زاوية ليست فكرية
- زبيدة و نسيم البحر
- دعونا نجرب
- عندما يحب عادل إمام الجميع ...!


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مفيد عيسى أحمد - الوطنية و المواطنة