أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مفيد عيسى أحمد - حاسر الرأس 4×4















المزيد.....

حاسر الرأس 4×4


مفيد عيسى أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1342 - 2005 / 10 / 9 - 09:23
المحور: الادب والفن
    


انتهى به الأمر أن يتنازع هو و صورته شوارع المدينة، هي معلقة برقبة مجنون تتأرجح على صدره و هو يجول المدينة على قدميه..و ابتدأ الأمر حين قدم المدينة ليعمل، طلب منه الموظف الذي استلم اضبارته صورتين 4×4 حاسر الرأس.
بعينيه و إيماءة من رأسه سأله المصور عما يريد
- صورتين
- صورتين غير ممكن أربعة على الأقل.
- ليكن....... أربع صور 4×4 حاسر الرأس.
أربع صور بعد أن أنتهي من هذا الرجل، أشار إلى الرجل الجالس على كرسي التصوير.
بدأ بتجهيز الكاميرا و أشار له أن يجلس على كرسي جانبي لكنه بقي واقفاً، أسرع المصور إلى كأس شاي بارد و كثيف موضوع على الطاولة رشف رشفة بصوت مسموع، ومشى صوب الكاميرا لكنه عاد بسرعة إلى الداخل ليرفع صوت المذياع القديم بواجهته التي تشبه حصير القش، بدأت طنات فخمة تشوبها خشخشة تصدر عن المذياع ثم أعلن المذيع السابعة تماماً و أردف نشرة الأخبار نبدأها بالموجز ، جلس المصور مقرفصاً على صندوق خشب، بدأ الزبون الجالس على الكرسي يتململ قفز المصور بعد انتهاء الموجز و صاح بالزبون : ابتسم يا أخ ....ابتسم هل أنت في مأتم.
استند إلى الحائط الخارجي المحل لا يتسع لموطأ قدم، قصاصات ورق ناتجة عن قص الصور تناثرت على الأرض، مزق لنيكاتيف الصور و صور التي لم ينجح تظهيرها أشياء كثيرة مبعثرة في الداخل بين كرسيي قش و طاولة خشب قديمة، علقت على الحائط صور متهالكة ما عدا صورة جديدة لامرأة جميلة أخذت من بروشور فيلم سينمائي أجنبي شاهده من قبل لكنه لم يتذكر عنوانه ولم يتذكر اسم المرأة .
رسم الزبون ابتسامة متعبة ملولة خطى المصور إليه عدل من وضع رأسه بيديه ثم عاد إلى كاميرته، لم يدر يوسف ما حدث بعدها لأنه شرد في الصور المشققة على الحائط المقابل.
هيا يا أخ... إيـــــه ...تفضل .....صاح به المصور
- جلس يوسف على كرسي القش مشى المصور صوبه عدل جلسته و هو يقول اجلس بعز ما لك مهموم؟
لم تريد الصور هل أنت مساق للخدمة العسكرية.
- لا..... قالها مع إيماءة صغيرة من رأسه، لم يكن يرغب بالكلام هناك إحساس يتبلور في نفسه أنه سيخسر كل شيء....أيضحك علي هذا المعتوه هل شكلي يوحي بعمر الخدمة العسكرية قال لنفسه.
أدخل المصور رأسه في كيس الكاميرا الأسود أخرجه فجأة نظر إليه و خطى صوبه من جديد، ارفع رأسك قليلاً قال ووضع يده تحت ذقنه وابتسم .... الدنيا ما فيها شي يؤسف عليه أكيد هذه الصور لزوم الزواج، لذا أنت مهموم.
تحسس رأسه ليتأكد أنه حاسر و لم يعلق رسم ابتسامة تشبه ابتسامة الزبون الذي كان قبله و قال دون كلام: أنا أكره الحلاقين والمصورين و الكتاب والنساء لأنهم جميعاً يلعبون برأسك.
شمس الخريف الرخوة وسمت كل شيء بالفتور، تسلل خدر لذيذ إلى جسد يوسف كاد ينام على الكرسي ، سينهي معاملته و يعود إلى البيت لينام، أخرج الرجل رأسه من كيس الكاميرا الأسود و قال من جديد: خذ إلى اليمين قليلاً أشار بيده كمان ....كمان اثبت هكذا هيك تمام ... لاتتحرك
ثبت رأسه لكنه رفع عينيه قليلاً ، كان هناك صبية على شرفة مبنى البريد المقابل تنظر باتجاه الغرب تضحك و تشابك يديها على صدرها،
أدخل المصور رأسه من جديد في الكيس الأسود، و قال: سأعد إلى الثلاثة واحد...اثنان ....قبل أن يقول ثلاثة زعق رجل يحمل مقود سيارة لصق عليه صورة نجلاء فتحي مقلداً مكابح سيارة توقف و...ضرب المصور على قفاه انتفض أخرج رأسه من الكيس الأسود و صاح بحنق ماذا تريد يا بغل..؟
ضحك المجنون وصاح مهمهماً:
اعمل لي صورة جديدة
أريد صورة مثل صورة فهد بلان .. أنا ...ذاهب إلى الساحة الشرقية وسأعود بعد قليل. إذا رجعت و لم أجد الصورة سابكي و جلجلت ضحكته من جديد ثم قلد صوت السيارة و زمر و تفتف و جعر كمحرك مازوت و انطلق
.....سمعت والا...ثم بدأ يغني و يصيح ..طيب يا أبو عاطف ...طيب يا ملك العتابا .
وضع المصور يديه في خصره و تعوذ .....و قال هذا ما ينقصني جواد المجنون .... ما هذه المدينة ...لو أستطيع تصوير الناس و هم غائبون كنت سأرتاح و يرتاحون .... ضحك رجلان كانا قد وصلا منذ قليل.
أدخل المصور رأسه من جديد و مد يده إلى مقدمة الكاميرا أخرج رأسه منها ثم أدخل يده وأخرج أربع صور مبتلة و مضحكة، مقلوبة بدا فيها شاربه أبيض ورأسه بينما وجهه أسود ابتسم ونهض عن الكرسي، بعد قليل ظهرت الصور بشكل آخر كانت واقعية نوعا ما بدأ المصور يقصها و ظهر جواد من جديد كان يصخب ويهدر كسيارة وصل إلى جانب المصور زمر و توقف
قال :
- أين الصورة
- أي صورة ..؟
- صورتي التي أوصيتك عليها .... وبدأ بالهمهمة
- اسكت ..اسكت خذ و افرقنا ...أعطاه أول صورة قصها من صوره .... ضحك جواد بفرح ثم همهم و قال: أهذه صورتي ...؟
- نعم صورتك 4×4 حاسر الرأس
- لست مثل فهد بلان.
- لأنك حاسر الرأس.
- مضى المجنون وهو ينظر في الصورة يضحك و يصيح 4×4 حاسر الرأس ....4×4 حاسر الرأس .
نهض يوسف عن الكرسي، سأل المصور بحنق.. لما اعطيته الصورة ؟
- ولا يهمك .. لن آخذ منك سوى ثمن صورتين .. أنت قلت تريد صورتين .لا تخف شو ممكن يعمل بصورتك وفتل يده جنب رأسه و أردف ..مجنون ... الله يساعد.
أصبح على يوسف أن يجول شوارع المدينة، يجبي ضرائب النظافة والترابية من البيوت والمحلات، أحب عمله لتحرره من قيد الجلوس في المكتب، في اليوم الثالث سمع صراخ المجنون في الشارع الرئيسي في البداية لم يعرفه صراخ تقطعه همهمة وضح فيما بعد كان يصيح 4×4 حاسر الرأس .. 4×4 حاسر الرأس .......ثم ظهر من منعطف الشارع، كان قد تخلى عن مقوده اقترب أكثر صاح من جديد 4×4 حاسر الرأس ..و أشار إلى صورة معلقة على صدره ... هي صورته التي أعطاه إياها المصور .. كبرها ووضعها في إطار خشبي و علقها بعنقه لتتأرجح مع مشيته المقلقلة ...
لم يدر ماذا يفعل راقب المجنون حتى اختفى في الطرف الآخر للشارع مخلفاً صراخه ...
ضحك .. مع الناس الذين كانوا يضحكون ..... لم يكن يتوقع أن يجول هو و صورته منفصلين شوارع المدينة هو على قدميه و هي معلقة برقبة مجنون،
لم يتوان المجنون عن الصراخ، و يوسف صار يتحاشاه يبتعد عن مكان مروره، و إذا صادفه يتجنب النظر في صورته المتأرجحة، من كبر للمجنون الصورة، كانت ملامحه فيها واضحة حتى الشامة الصغيرة على خده وتلك النظرة الكئيبة المهمومة التي تتلبسه، بدأ يشعر بالأيدي تشير إليه عند مرور المجنون أو مروره و بعض الهمسات بالجملة التي يصرخ بها المحنون 4×4 حاسر الرأس،
كان في مأزق، لا يمكن العتب على مجنون قال زميله ثم إنك أصبحت مشهوراً ... و ضحك .. ذهب إلى المصور، نفض يديه و قال : لست أنا من كبر الصورة لم أرها إلا معلقة برقيته حاولت انتزاعها منه و كانت معركة خرجت منها مهزوماً، أنا آسف لم أكن أدري أنها ستصل إلى هذا الحد، كنت أتوقع أن يلعب بها يومين و يتلفها ... ما سأفعل ...
امتنع عن النزول إلى الشارع لكن صيحات المجنون استمرت تتناهى إلى سمعه كأنهاعصي تتكسر على رأسه 4×4 حاسر الرأس .
عاد لجولاته في المدينة لم يتحاش المجنون بل صار يترصده مصمماً أن ينتزع صورته من رقبته لكن المجنون لم يكل ..يدور و يدور ويصيح مهمهماً .. ثاير على ترصده مساءً يريد انتزاع الصورة بأي ثمن كل مساء يلتجأ إلى مدخل أحد الأبنية يتلفع بأثماله يلف الصورة بخرقة ممزقة و يضعها تحت رأسه و ينام ..
مزح زملائه وتعليقاتهم كانت تنغص يومه..صورة جميلة ...أصبحت مشهوراً .. تستطيع أن تعمل في الإعلان ... اسم جميل ...حاسر الرأس ...إياك أن تضع قبعة أو كوفية .. لم يخرج الكلام عن المزاح لكنه أصبح يزعجه ولا يستطيع الرد عليه ..
قال زميله: لكي تتعامل مع مجنون لا بد أن تصبح مجنوناً مثله .
عاد يتحين الفرصة لانتزاع الصورة دون جدوى ...لا بد له من انتزاعها في غفلة من المجنون حانت الفرصة عندما كان يأكل اندفع إليه لانتزاعها لكنه كان أسرع و أشرس منه وقف بعيداً عنه يائساً بدأ يشرح له أن الصورة له يشير إليه و يشير إلى الصورة بحركات مرتبكة مضحكة والمجنون ينظر بدهشة إليه و يحملق في الصورة، صاح فجأة بصوت عال و حاد 4×4 حاسر الرأس و ضم الصورة إلى صدره وغطاها بيديه، مضى يائساً.
ليس له سوى أن يغادر المدينة، ستطرده صورته لتبقى تجول شوارع المدينة مبتوتة الأصل، سيطلب نقله، لكنه ما زال تحت الاختبار و لا يحق له النقل ..سيغادر المدينة ..هل من المعقول أن يدفعه مجنون لمغادرة المدينةهو الذي ترك مدينته ليحصل على عمل هنا ....
يومين لم يذهب إلى العمل اعتكف في غرفته ثم ذهب مصمماً أن يترك المدينة، لم يوافق رئيسه فلم يمر على بدء عمله سوى أيام ،خرج من الدائرة لا بد له من تصفية أمور معلقة ثم سيترك المدينة ..لا يد له من ذلك .
قطع شوارع المدينة شارداً انتبه أنه لم يسمع صراخ المجنون، سار باتجاه منزله بهدوء في أول الشارع الذي يقع فيه منزله كان المجنون يقف فاغراً فمه ممسكاً الصورة بيده و باليد ألخرى يمسك مقود السيارة اقترب منه بحذر.. همهم المجنون ضحكت عيناه.. مشى باتجاه يوسف و مد يده بالصورة و هو يقول 4×4 حاسر الرأس.. ويضحك مد يوسف يده بحذر تناول الصورة، نظر المجنون إلى الصورة ونظر إلى يوسف، هدر و تفتف كسيارة أطلق زموراً و مضى. علق يوسف الصورة في رقبته و مشى عبر الشارع باتجاه عمله و صاح بأعلى صوته 4×4 حاسر الراس...4×4 حاســـــــر ..................



#مفيد_عيسى_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكتوبر المصري .. و تشرين السوري .... العراقيون يبنون بلدهم و ...
- عبقرية الجمع بين محمود درويش و......نانسي عجرم
- فيلم أمريكي طويل ...العرض مستمر ...لبنان جديد ..كنتاكي ....م ...
- ثلاثة نداءات و ثصبح نجمة
- اخلعوا رؤوسكم تنامون بهدوء
- انقسامات الحزب الشيوعي السوري ، من زاوية ليست فكرية
- زبيدة و نسيم البحر
- دعونا نجرب
- عندما يحب عادل إمام الجميع ...!


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مفيد عيسى أحمد - حاسر الرأس 4×4