أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - الخرابه














المزيد.....

الخرابه


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 8377 - 2025 / 6 / 18 - 08:01
المحور: الادب والفن
    


فجأة دخل الغابة حيوان غريب لم تشهد حيوانات الغابة حيوان مثله من قبل ، لم يكن ضخما ، لكن لونه الدموي وأنفه المفلطحة ذات الخمس فتحات وفمه المفتوح من الجهات الأربع وذيله القصير الصلب المدبب وجسده المكسو بالأشواك وأنفاسه الحاره التي تملأ الأجواء برائحة نتنه ، كل ذلك جعله مخيفا رغم صغر حجمه .
بمجرد دخوله إلي الغابة ابتلع عددا هائلا من العصافير ، وأحرقت أنفاسه كل الطيور والزواحف الصغيرة التي حاولت الاقتراب منه ، واتضح من تصرفاته أنه امتلك المكان الذي حط فيه ، وكلما اقترب منه حيوان إما يبتلعه ، أو يفح في وجهه فيقتله علي الفور .
اجتمعت حيوانات الغابة للتشاور فيما يمكن أن تفعله إزاء هذا الحيوان المقرف والمميت ، في الاجتماع اختلفت الآراء حول كيفية التصرف مع هذا الحيوان ، قال النمر : نحن عددنا كبير ، ومنّا من هو قوي ، ومنّا من هو صاحب حيل ، ومنّا من يستطيع العض أو الرفس ، فإذا هجمنا عليه دفعة واحدة فسنتغلب عليه ونقتله ، ثم نقسم لحمه بيننا ، أنا آكل الفخذين ، ثم يقسم الباقي علي أكلة اللحوم حتي نكف عن الاصطياد لفترة من الزمن تكون الغابة فيها آمنة من هجماتنا أنا والأسد واللبؤة .
هذا الاقتراح وافق عليه الحمار الوحشي ، وابن آوي ، والثعبان الأقرع ، والتعلب ، وقال الأسد : أنا سأكون في مقدمة الهجوم .
لكن الغزال قفز قفزتين في الهواء وتقدم برشاقته المعهوده وهو يقول للجميع : قد يؤدي مقتل هذا الحيوان النتن إلي أن تفوح من جسده تلك الرائحه المقرفه وتشيع في أرجاء الغابة فلا نستطيع العيش فيها ، امتعض القرد من كلام الغزال ، وقال له : أنت حيوان جبان لا تكف عن الهرب حتي أنك تهرب من خيالك ، وأعجب الحمار بكلام القرد وقال : فكرة الهجوم سوف تريحنا من هجمات الأسود والنمور لفترة طويلة.
قالت الحمامه : أنا لاحظت وأن أحلق فوق المنطقة أن هذا الحيوان يتجنب النظر إلي الزهور ، ويسد أذنيه ويرتعد عندما تزقزق العصافير ، ويخيفه الضوء ، وحين وقعت حبة القمح من فمي علي رأسه أثناء تحليقي صرخ وأغمض عينيه وراح يتشنج ويدور حول نفسه كالمجنون ، لذا فبدلا من القتل الذي قد يغرق الغابة بالدم ، ويشيع فيها الروائح النتنه ، وقد تكون له أقارب يطلبون الثأر له فنعيش في حرب دائمة ، بدلا من ذلك نزرع الحديقة بالورود ونتيح للشمس أن تسقط طوال النهار في أرجاء الغابة ، ونزرع القمح والذرة والأرز وشجر التوت والليمون والعنب بينما تزقزق العصافير في الصباح والمساء ، وهكذا تتغلب رائحة الزهور علي رائحته ، وربما يعميه ضوء الشمس ، ويخيفه القمح ويرعبه العنب ، ثم قالت الحمامة : حين تزدهر غابتنا ستعترف بنا جميع الحيوانات المنتشرة في جميع غابات الدنيا ، وستبتهج لبهجتنا ، وتدرك الفرق بين الجمال والنتانة ، أما إذا اتخذنا طريق الدم فستخلط رائحة هذا النتن بنا ونصبح أكثر قرفا منه ، ولا تعود حيوانات الدنيا تفرق بيننا وبين هذا الجيفة ، وربما تعتبره وحيدا مسكينا مظلوما رماه القدر بين وحوش ضارية يريدون أكله حيا ، وأخيرا قالت الحمامه : السلام يا أصدقائي أقوي من القتل.
لما انتهت الحمامة من الكلام نهق الحمار بحنجرته العريضة ، ونعرت الجاموسه ، وفح الثعبان الأقرع ، وراحت الغوريلا تلطم وتولول ، لكن الغزال واليمام والعصافير والطاووس والأرانب بدأو في صمت يمهدون الأرض حول الحيوان النتن لزراعة القمح والعنب وشجر الليمون والأزهار لتنفيذ اقتراح الحمامة .
فجأة هجمت اللبؤة علي الغزال ، وراح النمر يطارد الأرنب بعد أن ابتلع الطاووس ، وأخذ الحمار يرفس كل المؤيدين لاقتراح الحمامة وهو ينهق بصوته الحنجوري الرهيب وهو يخاطب الحمامة قائلا : لا قمح ولا ورود ولا عنب ولا ليمون أيتها الغبية ...فإما أن نموت أو ننصر أيتها الجبانة
ومنذ ذلك اليوم يقف الحمار بين النمر والأسد والغوريلا والثعبان الأقرع حول الحيوان النتن كأنهم علي استعداد للقضاء عليه بينما الغابة من خلفهم خرابة تفوح في أرجائها الروائح النتنه التي لا يُعرف هل تفوح هذه الروائح المقرفة منهم أم من الحيوان الغريب النتن.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوهره
- عشوائيات دينية
- الهوس بالفصحي
- مشاريع الوهم
- الفصحي مش لغتنا
- قاسم وراشيل
- قراءه بالمقلوب
- حارة الشيخ شعبان
- أنشودة للحياة
- الشيخ معروف
- هرتلة شخصية
- نظرة إلي التراث
- المستنقع
- الخطاب الديني
- ثرثرات
- المصرية
- الصليب
- السبهلله (29)
- السبهلله (28)
- السبهلله (27)


المزيد.....




- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...
- كيف حوّل زهران ممداني التعدد اللغوي إلى فعل سياسي فاز بنيويو ...
- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي
- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - الخرابه