الصليب

محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 7382 - 2022 / 9 / 25 - 22:35
المحور: الادب والفن
    

مرت ساعه كاملة علي موعد حضور الطبيب أحمد عبد الهادي إلي عيادته ، نفخ الحاج عبد الجليل زهقا وهو يسأل السكرتيرة عما إذا كان الطبيب سيأتي اليوم إلي العيادة أم لا ، كان ألم عموده الفقري قد اشتد عليه من طول الانتظار ، وبينما هو ينفخ ويتوجع طلبت منه السيدة التي تجلس بجواره أن يرفع قدمه قليلا لتلتقط قطعة معدنيه من فئة الجنيه وقعت منها علي الأرض ، ناولها الجنيه ، وانشغل بالنقاش المكتوم الذي يجري بينها وبين ابنتها المريضة التي تجلس بجوارها ، كانت الأم مشغوله بعد قطع نقود معدنيه في حجرها ، ولما انتهت من العد وضعت القطع في كيس بلاستيك وقالت لابنتها : الفكه اتنين وتلاتين ونص ، انزعجت ابنتها وبصوت متهدج وكأنها توشك علي البكاء قالت لأمها : باقي سبعه وسبعين ونص ياماما ، قبّلتها أمها ومسحت وجهها بكفها وهي تقول لها : ماتخافيش ...الدكتور ده طيب...ساعة ما يجي هاقوم أقوله إن فلوس الكشف ناقصه سبعه وسعين ونص بس ...مش هايقول حاجه ...ويمكن كمان ما يخدش مننا فلوس خالص وساعتها هاجيبلك العلاج إللي هايكتبه واحنا مروحين.
انحدرت الدموع من عيني البنت وقالت لأمها : افرضي ما وافقش ....أنا تعبانه خالص النهارده ياماما .
يبدو أن إنشغال الحاج عبد الجليل بالحوار الذي يدور بين الأم وابنتها أنساه أوجاع عموده الفقري لأنه كف عن النفخ وعن الزهق ، ربت علي ظهر البنت المريضه وقال لها : الأمر بسيط يابنتي ، هاتكشفي وهاتجيبي العلاج وهاتبقي عال العال بإذن الله ، ومد يده في فتحة جلبابه وأخرج حافظة نقود كبيره ، أخرج منها ورقتين كبيرتين من فئة المائتي جنيه وهو يقول للأم : خدي كملي فلوس الكشف وخلي الباقي علشان تجيبي لبنتك العلاج ، أخفت البنت وجهها بكفيها وراحت تبكي وهي تقول لأمها : لأ ياماما ..أنا بقيت كويسه ، لكن الأم كانت قد مدت يدها لتأخذ النقود من الحاج عبد الجليل الذي لا حظ وجود صليب مطبوع علي رسغها.
فجأه انتفض الحاج عبد الجليل واقفا ، وابتعد عن الأم التي ظلت مادة يدها في ذهول وهي لا تعرف ما الذي أصابه وجعله يعيد النقود إلي حافظته مرة أخري ، وراحت تراقبه وهو يزعق في السكرتيرة مستنكرا تأخر الدكتور عن موعده ويقول لها إن ظهره يكاد يتحطم من الألم . دي عياده نجسة .
وبينما هو يصرخ ويتوجع ظهر الطبيب عن الباب وكانت المرأة مازالت تعد وتحسب النقود التي معها.

#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل