أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق جبار حسين - إيران نمر من ورق



إيران نمر من ورق


صادق جبار حسين

الحوار المتمدن-العدد: 8373 - 2025 / 6 / 14 - 15:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في واحدة من أكثر الضربات دقة وجرأة في تاريخ الشرق الأوسط، نفّذت إسرائيل فجر الثالث عشر من يونيو 2025 هجومًا واسع النطاق على أهداف عسكرية واستراتيجية داخل العمق الإيراني. العملية لم تكن روتينية، بل مثّلت تحوّلًا حاسمًا في قواعد الاشتباك، إذ استهدفت بشكل مباشر قادة الصف الأول في الحرس الثوري ومنظومة القيادة العسكرية العليا، إلى جانب منشآت نووية ومواقع صاروخية حساسة، مما أحدث صدمة داخل طهران وأربك منظومتها الأمنية والدفاعية.

أسفرت الضربة عن مقتل عدد من أبرز القادة العسكريين الإيرانيين، وعلى رأسهم اللواء محمد باقري رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، واللواء حسين سلامي قائد الحرس الثوري، واللواء غلام علي رشيد قائد مركز القيادة المركزية “خاتم الأنبياء”، واللواء أمير علي حاجي زاده قائد قوات الجو-فضاء، إضافة إلى اللواء إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس، والعميد دافود شيخيان مسؤول الدفاع الجوي، والعميد طاهر بور قائد وحدة الطائرات المسيّرة. كما توفي الأميرال علي شمخاني، المستشار الأعلى للأمن القومي، متأثرًا بجراحه بعد الهجوم. كذلك قُتل عدد من أبرز العلماء النوويين، من بينهم فريدون عباسي، الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية، وعبد الحميد مينوشهر، ومحمد مهدي تهرانيجي، ما يمثل ضربة مزدوجة للبنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني.

الضربات استهدفت مواقع متعددة موزعة على نطاق جغرافي واسع. في طهران، ضربت الغارات مقرات قيادية ومبانٍ تضم كبار الضباط. وفي نطنز، دمّرت منشآت الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم. في أصفهان، كذلك تعرضت مراكز بحثية وقواعد للطائرات المسيّرة للقصف، بينما استُهدفت منشأة فوردو النووية المحصّنة قرب قم. كما شملت الهجمات تبريز، حيث قصفت مواقع للدفاع الجوي والصواريخ، وهمدان التي تضم محطة الرادار الرئيسية “سباشي”، وبيرانشهر في غرب أذربيجان، حيث تقع مستودعات عسكرية مهمة، إضافة إلى قاعدة الصواريخ الباليستية في كرمانشاه، ومفاعل الماء الثقيل في خنداب قرب أراك، ومرافق نفطية في أبادان بمحافظة خوزستان.

نُفّذت الضربات باستخدام طائرات شبحية متطورة من طراز F-35i إلى جانب طائرات دون طيار هجومية، واستُخدمت خلالها تقنيات تشويش إلكتروني عطّلت الدفاعات الجوية الإيرانية بما فيها منظومات S-300 وBavar-373. ورغم ضخامة الهجوم، لم تنجح إيران في اعتراض أي من الموجات الأولى من القصف، ما يعكس اختراقًا تقنيًا واستخباراتيًا غير مسبوق.

وعلى الرغم من أن الخطاب الإيراني ظل ولسنوات يتوعد إسرائيل بـ”الرد الساحق” في حال تعرّضت لهجوم، إلا أن الواقع جاء على النقيض تمامًا. فبعد ساعات طويلة من الصمت والارتباك، جاء الرد الإيراني محدودًا للغاية، عبر إطلاق صواريخ باتجاه صحراء النقب دون وقوع إصابات تُذكر وحتى الهجمات الصاروخية الاحقة لم تكن بمستوى الهجمات الإسرائيلية . هذا العجز والقدرات في رد الهجوم المعاكس كشف مدى الفجوة بين الخطاب السياسي الإيراني وبين قدراته العسكرية الفعلية، وأعاد طرح تساؤلات حول فعالية منظومته الردعية، التي لطالما روجت لها طهران داخليًا وخارجيًا.

الضربة لم تكشف فقط عجزًا عسكريًا، بل تسببت بارتباك سياسي وشعبي كبير داخل إيران. فغياب القيادات، والانقطاع المؤقت للاتصالات في عدة مناطق، وانهيار أجزاء من منظومة الطوارئ، كلها عوامل أدت إلى موجة استياء وسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي الإيرانية. المواطنون عبّروا عن دهشتهم من أن الهجوم وقع دون سابق إنذار، متسائلين عن مصير مليارات الدولارات التي صُرفت على تطوير أنظمة الدفاع.

على المستوى الإقليمي والدولي، أحدثت الضربة ردود فعل واسعة. دول الخليج التزمت الصمت الحذر، بينما أبدت واشنطن قلقها من التصعيد، في حين اعتبرت موسكو وبكين أن الهجوم قد يفتح الباب أمام حرب واسعة في المنطقة. وفي الداخل الإيراني، تعالت الأصوات التي تطالب بمحاسبة المسؤولين عن الفشل الاستخباراتي والعسكري، وسط تكهنات بوجود اختراقات داخلية أو حتى تواطؤ أمني في بعض المواقع الحساسة.

في النهاية، تمثّل هذه العملية نقطة تحوّل استراتيجية. فهي لم تضرب فقط أهدافًا مادية، بل ضربت الصورة الذهنية التي رسمتها إيران عن نفسها كقوة إقليمية قادرة على الردع. ما جرى لا يشي فقط بأن إسرائيل باتت تمتلك اليد العليا استخباراتيًا وتكنولوجيًا، بل أن إيران دخلت في مرحلة من الانكشاف العسكري والسياسي، قد تستمر تداعياتها لسنوات. فهل تبقى طهران في موقع الدفاع، أم أنها تخطط لرد نوعي يعيد بعضًا من هيبتها المفقودة؟ الأيام المقبلة وحدها ستكشف الإجابة



#صادق_جبار_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنتم أسوأ الخلق
- طفيليات المجتمع 5 : المدراء والموظفين
- طفيليات المجتمع 4 : الأطباء والصيادلة ومختبرات التحليل
- طفيليات المجتمع 3: عصابات الإتاوات والابتزاز
- طفيليات المجتمع 2: شيوخ العشائر ورجال الدين
- طفيليات المجتمع 1: النواب وأعضاء مجالس المحافظات
- شهر رمضان فيه الفقير يهان
- السياسيون العراقيون ما اتركك ولا أترك رحمه الله تنزل
- العمائم السوداء ، غربان الخراب
- العشائر في العراق : بين ترسيخ الفوضى وإجهاض العدالة
- لم تعد الهند بلد العجائب بل العراق
- إيران ودورها في تجهيل عقول الشباب
- بوكا معهد أعداد الإرهابيين
- بلد الحضارات يحكمه القطاء
- فوضى مواقع التواصل الاجتماعي في العراق : فساد وانحدار القيم ...
- الارهابي الذي أصبح بطل
- جند السماء الفرصة التي ضاعت
- بين صدام والأسد : دكتاتورية صدام حسين وعائلة الأسد : مقارنة ...
- ماذا لو خرج المهدي المنتظر ؟
- ثمن سقوط الأسد


المزيد.....






- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق جبار حسين - إيران نمر من ورق