ذياب فهد الطائي
الحوار المتمدن-العدد: 8361 - 2025 / 6 / 2 - 23:47
المحور:
الادب والفن
ا
حينَ جاءَ اللَّيلُ،
لم تُوقِدْ أُمِّي المِصباحَ،
فَسَقَطَتْ ذاكِرَتي،
وقُمْتُ أتلمَّسُ حَوافَّ سَريري.
وحينَ وَقَعْتُ،
بدأ أَسَدُ السَّماءِ يَتَحرَّك،
كانت هِيرا تَنفُخُ في فَمِهِ،
وعلى الشُّبَّاكِ الخَشبيِّ،
كانت بَناتُ نَعْشٍ يَقِفْنَ،
في عُيونِهِنَّ شَجَنٌ عَميق،
وفي شِفاهِهِنَّ مَرارَة.
في السَّماءِ الأُولى
عَقَدْنَ مَجلِسَ العَزاء،
لاستِقبالِ الأرواحِ الصّاعِدةِ
مُنذُ صَباحِ الثّامِنِ مِن شُباط.
كانَ المِذياعُ يُعيدُ، للمَرَّةِ العاشِرَة،
خَبَرَ مَقتَلِ الزَّعيم،
فيما امرأةٌ تُزَغْرِدُ كُلَّ مَرَّة.
وحينَ سَقَطَ جِدارُ اللَّيل،
تَعَثَّرَ الفَجر،
وخَرَجَت كُبرَى البناتِ،
تَقودُ روحَ الزَّعيمِ إلى وادي الأرواح.
فيما حَلَّقَت الأرواحُ،
الأَلفُ الأُولى،
فَراشاتٍ ناصِعَةَ البَياض،
فَوقَ أَغصانِ الشَّجَرَةِ في الوادي العَميق،
تَتَوَقَّفُ بَعدَ أَن تَتْعَب.
على الأَرض،
كانت تَملأُ الشَّوارعَ في النَّهارِ ضَجيجًا،
وفي اللَّيل،
كانت تَمْرُقُ في أُزقَةٍ
بإضاءَةٍ باهِتَة،
كَأنَّها دَعْوَةٌ رُومانسيَّة.
يَدُسُّونَ مَناشيرَ
على وَرَقٍ أَسْمَر
في الشَّبابيكِ المُوارَبَة،
كانت هِيرا تُراقِبُهُم
بَعدَ أَنْ جُنَّ هِرقل،
كانوا يُلَوِّحونَ لَها،
وهي تَتَوارى،
فالإلِهَةُ السُّومَرِيَّةُ لا تَظهَرُ نَهارًا،
وعِشْتارُ هَرَبَت لَيلًا.
حينَ نَظَرْتُ إلى الطابَقِ القَبو
في قَصرِ النِّهايَة،
كانَ اللَّيلُ يَسكُنُ الكَون،
والنَّهرُ الَّذي كانَ رَجْراجًا ورَخْوًا،
قد تَجَمَّد.
-----
بغداد 1963
#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟