أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - ضوء /رواية .......1992.......الهجرة الى اوربا















المزيد.....

ضوء /رواية .......1992.......الهجرة الى اوربا


ذياب فهد الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 7962 - 2024 / 4 / 29 - 21:03
المحور: الادب والفن
    


كانت عمان مكانا آمنا وقد وجدت ان الحياة فيها مناسبة فالحياة الاجتماعية نشطة وهناك الكثير من الندوات الأدبية والفنية والرياضة مما يتيح لنا قضاء اوقاتا جميلة ، أحيانا ، في الصيف نذهب الى الشمال حيث الغابات والجبال ومناطق سياحية تضم مطاعم ومتنزهات عائلية.
في بداية التسعينات من القرن العشرين اخذت عمان شكلا جديدا وتوسعت افقيا وعموديا وأصبحت الشركات العراقية منتشرة في مناطق مختلفة ،كما أصبح العراقيون فيها يشكلون نسبة كبيرة من اجمالي مشتري الشقق السكنية ، وكنت واحدا منهم ،فقد اشتريت شقة في حي حديث وكنت أنا وانتصار فقط ، نستعيد فيها ذكريات الأولاد ، كانت الشقة ضمن مجمع سكني نفذته شركة رياض في عمان ولهذا أمكن الحصول على خصم مجاملة، كان الشراء يستلزم موافقة مجلس الوزراء الأردني وقد حصلت على الموافقة في غضون شهر واحد.
عدا حسن الذي زارنا بعد السنة الثانية، لم يحضر حكمت ولا ابتسام ، كان حسن فرحا باستقرارنا في عمان بعد ان أصبح لدينا الكثير من الأصدقاء الذين نتزاور معهم أسبوعيا ،قال بأنه متفوق في دراسته وقدم لنا كشفا بعلاماته وكتاب من عمادة الكلية يشكره على مساهماته الجدية في نشاطاتها العامة .
كان رياض يمازحنا -يمكن أن تظلوا في شهر عسل دائم ...أنا لا أجد مجالا للهدوء ،الأطفال يغرقون البيت بالفوضى والضجيج وطلبات لا تنتهي ... ومنى تقول اني وحيد في عائلتي ولهذا تريد أن تبعد عني الشعور بالوحدة ..في الحقيقة أنا سعيد
قالت انتصار -ستة أو ثلاثة ...مصير العصافير أن تتوزع على أكثر من شجرة
تقول منى -هكذا ينتشرون ليس في العراق فقط وانما حول العالم ....سيكون لدينا دائما بيت في مكان ما
تتحسر انتصار -ان شاء الله
بدأت أولى المشاكل باستغناء الجامعة عن خدماتي بسبب وصول مجموعة من الخريجين الأردنيين من جامعات اوربية ، قال رياض يمكن أن تعمل معنا ، لم أوافق وفكرت ان أنشئ شركة خاصة ،كانت الشركات العراقية نشطة في عمان ودار في خلدي اني على معرفة بسوق المكائن والمعدات في العالم وقد أحقق نجاحا في مجال الاستيراد،
تقدمت بطلب إجازة شركة تجارية مع كافة المستلزمات المطلوبة وبدأت أجري بعض الاتصال بالشركات العراقية التي تتعاون مع قطاع الصناعة العراقية رغم الحضر الذي فرضه الحصار الأمريكي
بعد أسبوعين جاءني الرد بعدم الموافقة ، قضيت أمسية حزينة مع انتصار واتصلت برياض ، في الصباح كنت في مقهى يضم تجمعا للعراقيين ،سألني شخص كنت اعرفه عن طريق ابنه الذي كان أحد الطلبة المتميزين في قسم الاقتصاد
-ماذا تعمل الان ؟ لقد أخبرني فؤاد إنهم استغنوا عن خدماتك
-لا شيء ...كنت ارغب بأنشاء شركة ولكن تم رفض الطلب
-اعرف مدير عام شركة عراقية لديه الكثير من صفقات الاستيراد لوزارة الزراعة هو بصدد تطوير عمله مع الصناعة والتصنيع العسكري ،فاتحني بحاجته الى موظفين يملكون خبرات تجارية ولديهم لغة إنكليزية على مستوى عال...ما رأيك؟
-ما رأيي بماذا ؟
-بالتعاون معهم
حين أخبرت انتصار قالت ولم لا الى أن نجد مكانا أفضل ، من المهم أن نحافظ على مدخراتنا وراتبي وحده غير كاف
كانت الشركة تمتلك بناية من أربعة طوابق وكان واضحا إنها تتوقع توسعا كبيرا في أعمالها...خلال شهرين تم رفع مركزي الى مدير قسم الاعتمادات وعدل راتبي بشكل مقنع
كنت أزور مكتب مسؤولة القسم الكيماوي لبحث مشاكل في الاعتماد المفتوح لصالح شركة سويسرية لاستيراد مواد أولية لمنشأة في التصنيع العسكري، كان عندها شاب في الأربعين قدمته باعتباره شقيقها المهاجر الى السويد، كان الرجل ودودا ويتصرف باحترام وتتوسع ابتسامته وهو يتحدث ، قال بإن شخصا مثلي يمكن أن يحصل على الإقامة في السويد وما يترتب عليها من معونة مالية ،ويمكن أن أيضا أن يتابع بحوثة في الاقتصاد على النحو الذي هو مقتنع به ،
بعد أسبوع رأيته يدخل الشركة وكنت في طريقي لمراجعة المدير العام والذي هو المالك الثاني للشركة،
-شقيقتك خرجت قبل نصف ساعة وستعود قريبا ، هل تقبل دعوتي على القهوة
انتشرت ابتسامته -بشرط قهوة تركية شديدة الخجل
قلت له وأنا أجاري ابتسامته – بنت بيوت
ما طرحه حول كامل قصة الحصول على الإقامة ومن ثم الجنسية السويدية كان موضع استغرابي لبساطته وقبول السويديين بقصص أقرب الى الفنتازيا حيث يتم قبول المهاجر بقصة مقنعة ، تذكرت أمي وهي تستمع الى قصصي في مدرسة فيصل الثاني الابتدائية ، كانت عند التنور وأنا أجلس على كرسي خشبي أنتظر أول رغيف التقطه وهو ساخن ، تقول لي اسرد لي يومك في المدرسة وحينما كبرت كنت استغرب من معرفتها ان السرد يعني القص ،
استعرضت الموضوع مع انتصار التي بدت خائفة من أن يؤدي بنا تأليف قصة غير مقنعة الى تسفيرنا للعراق ....أنت تعلم ليس لدينا هناك حتى دار نسكن فيها فقد صفينا كل شيء ،أكد لي طلعت ان الامر لا يحتاج كل هذا القلق وسيكون هو في انتظارنا في ستوكهلم حيث نكون في ضيافته يومين او ثلاثة لحين دراسة القصة التي نستعرضها امام المحققين ثم نسلم انفسنا الى اقرب مركز شرطة
جرى كل شيء سلسا وأودعنا في مركز استقبال اللاجئين ، اتصلت بطلعت لأخبره بالتفاصيل ، بعد يومين التقيت به في الحديقة الملحقة بمركز الاستقبال،
المركز يضم مجموعة كبيرة من العراقيين على وجه الخصوص من العرب والكرد، والطريف ان بعض المواطنين من بلدان عربية أخرى كانوا يدعون انهم من العراق ليحصلوا على الإقامة ،ربما عرفت السلطات السويدية بهذا فوضع المحققون سؤالا لمن يشكون بأنه ليس عراقيا (ما معنى ركية ودحروجة تحت الجرباية)
أو (ما هي كنية الجندي عند العراقيين )
كنا نتناول الطعام في مطعم واسع وكان ما يقدم وجبات كافية وبعد الطعام يتجمع النزلاء في مجموعات حسب تنوعهم الاثني او الثقافي أو الطائفي ليتحدثوا في شؤون مشتركة ،في المركز التقيت بشعراء وكتاب وروائيين ما استغربته إن معظمهم مصرّ على تبني قيما قديمة ويرفض على الأقل استيعاب التحول الكبير الذي سيتعرض له في مجتمع كل ما فيه جديد عليه .
استطاعت انتصار أن تكون علاقات مع بعض النسوة امتد عمرها سنوات بعد خروجنا من المركز الى السكن المستقل ، التحقنا أولا بمدارس لتعلم اللغة ومن ثم البحث عن عمل مناسب، تم معادلة شهادة الدكتوراه من جامعة سوانزي وهكذا اتيح لي ان أدرّس في مدرسة ثانوية وبعد سنتين عملت في الجامعة ، أما انتصار فقد تم اعتماد شهادتها الجامعية من بغداد بما يعادل الدوام في الصف الثالث في جامعة استكهولم وفي ذات الاختصاص ، لم تكن اللغة السويدية معقدة وافضل طريقة لاستيعابها التحدث مع السويديين ووضع برنامج للمتابعة .
قال رياض في مكالمة هاتفية -بعد ان استقر بك المقام وانتظمت اموركما علينا ان نفكر بالاستفادة من أسواق السويد.
بدأت مرحلة جديدة في حياتي ...كنت أحس إني أملك حيوية وطاقة للعمل ، انتصار عملت في شركة للسكك الحديدية ويستمر دوامها حتى الخامسة مساء، الشتاء وحده كان مرهقا بسبب انخفاض درجات الحرارة والثلوج التي تغطي الشوارع ،في البداية فرحنا بالمنظر الأبيض الذي يغمر كل ما حولنا وخرجنا مثل صبيين نتقاذف بكرات الجليد ،
دوامي في الجامعة كان لا يتعدى محاضرتين او ثلاث في اليوم وأبقى طوال النهار في المكتبة أعوض ما فاتني في العراق من قراءة البحوث والنظريات الحديثة وأحاول أن الحق بالركب العالمي ،كنت أجدني بعيدا حين يدور نقاش في غرفة المدرسين وكنت التزم الصمت وأنا أسمع كما هائلا من المعلومات تطرح أثناء النقاش.
لهذا كان مقترح رياض مناسبا ، اخترنا المعدات الزراعية ومضخات الماء ،كان رياض يملك حسا تجاريا وقد وجد في الاهتمام المتزايد بتطوير الزراعة مجالا يمكن أم نحقق فيه النجاح.
كان في الدار المجاور لنا مهندسا زراعيا متقاعدا جمعني به اهتمامنا بالحديقة الخلفية لدارينا ، كان في السبعين ولكنه ما يزال في حركة دائمة ، يصلح سيارته ويساعد في تقديم المساعدة لسكان الحي في اصلاح الكثير من الأجهزة الكهربائية التي تتعرض للعطل ، حين عرضت عليه الفكرة رحب بها خصوصا بعد تأكيدي له إنه لن يشارك في رأس المال الذي سأتكفل به أنا، أسسنا شركة ذات مسؤولية محدودة وبدأنا بصفقة مضخات ماصة كابسة، توسع عملنا حين نجحنا في تصدير حاصدات زراعية متطورة ، كان رياض يحصل على المناقصات بحكم علاقاته وخبرته في عالم الأعمال ، ومن عمان يقود الشركة في حين يقوم فرعها في بغداد تامين المتابعة وفي حالة وجود إشكالات أو مصاعب يسافر لوضع الحلول المناسبة ،
خلال ثلاث سنوات كانت اعمالنا تسير بوتيرة متصاعدة بحيث حققنا اعتمادات بأكثر من مئة وسبعين مليون دولار ...كانت البضائع تغادر الى عمان عادة على أساس انها لصالح شركة أردنية ،
ثم يتم تغيير أوراقها لترسل الى العراق ، كان هذا الإجراء بسبب قيود الحصار الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية ،
في صباح شتوي شديد البرودة ، كنت استعد لتوصيل انتصار الى عملها وأذهب أنا الى مقر الشركة ،رنّ الهاتف الأرضي على نحو متواصل ،لم أرغب في الرد عليه ولكن انتصار أصرت على معرفة المتصل ، كان رياض ولكن صوته كان مشوب بقلق أتعبني
- لدي حديث طويل ولكني لا أتمكن من الخوض فيه ولهذا قررت أن أكون عندكم بعد ثلاثة أيام
-يبدو إن الامر في غاية الأهمية
-نعم
-هل ستأتي وحدك
-لا ...ستكون معي منى فالأولاد في المدارس وسترعاهم خالتهم
-رغم شعوري بالقلق ، إلا أني سأصبر على مضض حتي مجيئكما
-الى اللقاء
واغلق سماعة الهاتف
قالت انتصار -من تعابير وجهك يبدو إن الاخبار غير مطمئنة
-فعلا...ان رياض على الهاتف
-هل حدث لهم مكروه
-لا ولكن الأمر مقلق ، قال سيأتي هو ومنى بعد ثلاثة أيام
لم انقطع عن التفكير بمكالمة رياض ، فهو صديقي الوحيد في هذا العالم وما بيننا يشكل إطارا عائليا قوي القرابة
في الحادية عشر ،اتصلت انتصار لتعرب لي قلقها ولكنا تدعوني الى أن لا أشغل نفسي بالتفكير فلو كان الموضوع عائليا لأخبرنا به
- أمور العراق بالدقائق وأنا أرى إن الموضوع لا يخرج عن السياسة أو العمل وكلاهما يمكن تدبرهما ، رياض (ما يدوس تختة جرك )
كانت ثلاثة أيام ثقيلة فالانتظار دائما يثير المخاوف في النفس لأنه مفتوح على كل الاحتمالات وكنت أنشغل بالعمل وبالقراءة وأحيانا بالحديث مع انتصار
في الطريق من المطار الى البيت احترمت صمت رياض الذي بدا مهموما ، فيما انشغلت انتصار بالحديث مع منى عن الأولاد ، دراستهم سلوكهم ، كانت الشكاوى مشتركة فالعصافير لا تستقر على شجرة واحدة
في الصالة قال رياض -أرغب بشاي أسود من القطران
قالت منى – استهدي بالله
قال رياض -بعد الشاي
قلت -لقد اتعبتني ، ما هو الموضوع
اعتدل في جلسته مادا رجليه الى ما تحت الطاولة
-تعلم ان ليس لي من أحد افتح معه قلبي واسراري غيرك وهذه المرأة الصابرة ....لقد توسعنا في اعمالنا وكانت شركتنا في السنتين الأخيرتين اكثر الشركات في مجال الاستيراد للعراق .....استوردنا المعدات والسكر ومواد كيماوية من بلجيكا وسويسرا وتركيا ....لم ابحث في استخدام الكيماويات ، قبل حوالي خمس عشر يوما وصلتنا في ميناء العقبة شحنة مواد كيماوية من بلجيكا مكونة من 150 برميل كبير ، عند انزال عدد منها من الباخرة الى الرصيف سقط برميل من الرافعة أدى ذلك الى فتح الغطاء وانتشرت مادة صفراء برائحة حادة ، العامل في الباخرة صرخ بعصبية طالبا الابتعاد ....جاء كابتن الباخرة وطلب إيقاف العمل والابتعاد عشرين مترا على الأقل ثم اتصل بمدير الحركة في الميناء...على الفور كانت مجموعة من المعنيين عند البرميل وهم يلبسون اقنعة واقية وتجمهر عمال الميناء ...وبعد دقائق حضرت ثلة من منتسبي الهندسة العسكرية وتم جمع المبعثر من المادة ورفع البرميل الى ظهر شاحنة عسكرية مغلقة وتم دفنه على عمق عشر أمتار في منطقة شبه جبلية على الحدود الأردنية السعودية ، حين حضرت طلبوا أوراق الشحنة ...شعرت إن هناك خطورة قد تعرضني للمسألة فاتصلت بالسفير العراقي الذي هدأ من روعي وقال إنه سيحل الاشكال...في اليوم التالي اتصلت صحفية أمريكية تطلب مقابلتي في فرع شركتنا في العقبة ...قالت ما هي مكونات الشحنة ؟...أنا اعرف انها مواد سامة كنتم تهدفون الى انتاج أسلحة كيماوية ...سؤالي من أين استوردتموها
قلت لها -الشحنة مادة تدخل في صناعة الأسمدة الكيماوية التي ينتجها العراق منذ سنين
قالت- لماذا إذا تدخلت الهندسة العسكرية
قلت – يمكنك سؤالهم
صمتت وهي تحدق في وجهي
-بالطبع سأسأل ...ولكن موقفكم كموردين ليس سهلا
قال السفير العراقي حين اخبرته – لا عليك انس الموضوع
ولكني لم انساه ، حين ذهبت الى بغداد وجدت إن المواد لمنشأة تابعة للتصنيع العسكري مهتمة بإنتاج سلاح كيماوي ، لقد صدمت فعلا فنحن نساهم في قتل الناس ، أرّقني هذا عدة ليال وقررت أن أناقشه معك ، إن رفضنا العمل على مثل هذه المواد سيوقف عملنا بالكامل وقد يعرضنا لمشاكل لا حصر لها وبأساليب لا تخطر على بالنا،
كنا نصغي جميعا بترقب ممتزج بقلق
-أن يتوقف عملنا هذا لا يشكل مصدر خوف أو قلق فنحن الان نملك ما يمكن أن يغطي احتياجاتنا ،والباقي من اعمارنا أقل من المنتهي ، كما إنه لا يشكل معضلة أمام الأبناء فأولادكم وأولادنا يشقون طرقهم دون أن يعتمدوا علينا في المرحلة الحالية ، ولهذا ...نعم نتوقف كلية عن العمل معهم ، ويمكن أن تعمل في الأردن بمجال تخصصك الأساس فالبلد الان في نهضة عمرانية ، وانا في الجامعة وفي مجال الاستشارات أو دراسات الجدوى الاقتصادية للشركات الجديدة أو المشاريع الجديدة
بدا رياض اكثر راحة

قالت انتصار- العشاء جاهز لدينا وقتا كافيا لمناقشة الموضوع
قالت منى – الموضوع انتهى وقد كنت قد توصلت الى نفس النتيجة وكلمت رياضا بها ولكنه أصر أن يستمع الى أبي حكمت
في الصباح ذهبنا سوية الى مقر الشركة فيما قررت انتصار ومنى الذهاب الى كلوريان مول الذي تفضله انتصار لأنها تجد فيه معظم حاجياتها
كان الأسبوع الذي قضياه معنا من اكثر أيام إقامتنا في السويد متعة فقد تضمن العديد من السياحة في البلد ، كما قضينا ليلة ممتعة في دار الاوبرا الملكية وقمنا بنزهة في الجبال المحيطة بالعاصمة
قال رياض-ستظل هذه الزيارة معلما مهما في حياتنا .....ما اردت أن أختتم به مناقشاتنا حول المستقبل ،إننا سنستقر في عمان وسنبقى على التواصل معكم ،
حين غادرانا قالت -انتصار -سنعاني من الوحشة بعكم فقد ملئنا أيامنا ونسينا الغربة
قلت -ولهذا يجب ان ننشغل بالعمل ،
قمت بتصفية المعاملات المتعلقة بالعراق وعدت الى الجامعة ، ولكن هاجس العراق كان يسكن في وجداني رغم أني كنت أتجنب الإشارة اليه في أحاديثي في المنزل
كانت بداية القرن الثالث مقلقة فقد عاد الحديث بنشاط واسع عن المخاطر التي يمثلها بقاء الرئيس الحالي في العراق على رأس السلطة ،وفي العام الثاني كانت قوات الحلفاء تتزايد على نحو ملفت فيما تحركت الى الخليج العربي والأبيض المتوسط حاملات الطائرات ، كانت محطة(السي ان ان) تواظب على نشر التقارير عن تلك التحركات
في غرفة التدخين في الكلية كانت النقاشات محتدمة بين الأساتذة ،كان البعض يرى انه لا شرعية قانونية لقيام التحالف بشن الحرب على العراق ،وآخرون يرون انه لا حرب ...والموضوع لا يعدو استعراض قوة.
كنت اعتقد جازما إن الحرب قادمة وإن هدف الحرب هو الإطاحة بالنظام القائم ،ذلك لأن حشد كل هذه القوات البرية والبحرية والجوية ليس عبثا سياسيا، كانت انتصار تعتقد إني متشائم وإن كل هذه الضجة ستنتهي الى لا شيء.
ما كنت مخطئا به هو اعتقادي إن التحالف سيواجه مقاومة شرسة من الجيش الذي بني للحرب وللطاعة ومن جماهير الحزب التي تمتد على مساحة العراق!!!
ليلة 19 آذار كنت اسهر مع السي إن إن وعلى حين غرة كانت دبابتان امريكيتان تعبران الجسر من جانب الكرخ ثم تتوجهان الى شارع أبي نواس حتى لم ترافقها ثلة من جنود المشاة لتأمين الطريق ...لم تنطلق رصاصة واحدة لتعلن على الأقل شجبها لهذا الاجتياح ...كانت الفضائيات الحكومية تستعرض يوميا قوات الحرس الجمهورية يرافقها صوت وزير الاعلام العراقي الحاد والمتعالي والمستفز وهو يعلن (ستموتون عند أسوار بغداد)
لا القوات المسلحة ولا جيوش أعضاء وانصار ومؤيدي الحزب الحاكم في المساحة الممتدة على الأرض العراقية كان لها وجود ، تبخرت واصبح الطريق مؤمنا لانتشار القوات الغازية في بغداد .
شعرت بوجع فيما خيم على الصالة صمت ثقيل يترشح عبر مسامات الليل الحزين ،كانت انتصار قد ذهبت لتنام وأحسست بحاجتي الى كمية أكبر من الهواء، خرجت الى الحديقة واتكأت الى شجرة سنديان كانت تنتصب قرب السياج على امتداد الشارع، لم استطع استيعاب ما رأيت، ،تذكرت ما قرأته يوم احتل المغول بغداد ، حيث لم يدافع أحدوعن المعتصم بالله ،



#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضوء / رواية ....التغريب 1984
- حين ينتفض النهر
- من الصحافة اليسارية في العراق /صحيفة العامل
- في الكتابة عن الصحافة اليسارية
- ضوء /رواية ..1974 ..في المعتقل مرة ثانية
- ضوء / رواية ...العودة
- الحب هو السحر
- ضوء..... رواية / الفصل السادس
- تجليات الغربة
- ضوء /رواية /الفصل الخامس
- لا ينفع الهتاف
- ضوء / رواية ...الفصل الرابع
- عند نصب السياب
- عنما سالني العراف
- ضوء /رواية /الفصل الثالث
- ضوء /رواية
- ضوء رواية / الجمعة
- ضوء ....رواية/الفصل الاول
- النص لم يكتمل بعد
- وادي الارواح /رواية -الفصل الرابع عشر


المزيد.....




- بسررعة.. شاومينج ينشر إجابة امتحان اللغة العربية الشهادة الا ...
- بكين تستقبل بوتين بأغنية -أمسيات موسكو- السوفيتية (فيديو)
- لماذا قاطع طلاب خطاب الممثل جيري ساينفيلد؟
- وفاة المخرج السينمائي السوري عبد اللطيف عبد الحميد
- ماذا قال زوج ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز عن قضيتها ...
- وفاة المخرج السوري عبداللطيف عبدالحميد.. الموت يغيب صاحب -نس ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن عمر يناهز الـ70 ...
- أقوى أشارة لتردد قناة روتانا سينما 2024 لمشاهدة أحلى الأفلام ...
- زوج الممثلة الإباحية يتحدث عما سيفعلان -بعد نهاية محاكمة ترا ...
- الممثل الأمريكي هاريسون فورد لم يساند في هذا الخطاب المظاهرا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - ضوء /رواية .......1992.......الهجرة الى اوربا