أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - ضوء / رواية ....التغريب 1984















المزيد.....

ضوء / رواية ....التغريب 1984


ذياب فهد الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 7945 - 2024 / 4 / 12 - 00:50
المحور: الادب والفن
    


1984
التغريب
سيارة الامن العامة اوصلتني وهي تنزلق بسرعة في شوارع بغداد ،لم يتحدث أحد ممن رافقني لا معي ولا بينهم ،كان أحدهم الى جانبي في المقعد الخلفي والثاني جلس الى جنب السائق ، في البيت استقبلتني انتصار بعاصفة من البكاء الحاد ،حكمت وابتسام في المدرسة أما حسن ،فقد كان في سفرة مع كشافة مدرسته الى أبي غريب .
في المساء كان رياض ومنى معنا
-سنكون أكثر حذرا ، متى تذهب الى وزارة التعليم العالي
-لا ادري فأنا متعب جدا ، ربما بعد يومين
-هل تعرضت للتعذيب . آسفة على السؤال ولكن قصص المعتقلين مرعبة
-لا إذا كان المقصود هو الضرب ، ولكنه تعذيب آخر
- الوضع السياسي معقد وليس من السهل التعرف ماذا هو مستقبل العراق، قال رياض
قلت - في تقديري الامر عكس ذلك ، المشهد السياسي واضح وهو يسير باتجاه تنفيذ مخطط مقترن بمناهج عملية ، ستتركز السلطة بيد شخص واحد.
كان ما توقعته مبنيا على مشاهداتي لمسار الأمور ومناورات حزب البعث وعدم استيعاب الشيوعيين بقيادة عزيز محمد لهذه الحقيقة
بدأ الامر بمضايقات الشيوعيين أولا ثم ثم تصفية مجموعة من العسكريين اتهموا بخرق بنود اتفاقية الجبهة ، وانتهى باستلام شخص واحد مقاليد السلطة بكل مفاصلها المختلفة ، وانتهاء بإعدام عدد كبير من قيادة حزب البعث وحل الجبهة وحضر نشاط الحزب الشيوعي
حين تقدمت الى وزارة التعليم العالي بالأمر الوزاري بتنسيبي لهم قال مدير الإدارة
-سأقوم برفع مذكرة للسيد المدير العام للشؤون الإدارية ، يمكنك الحضور غدا بعد الساعة الثانية عشر صباحا
في اليوم التالي قال مدير الإدارة -لقد همش معالي الوزير بتنسيبك الى قسم البحوث في الوزارة ، مبروك دكتور
مضت ستة أشهر منذ ان استلم عبد الستار عمله في قسم البحوث ولكن أحدا لم يكلفه لا بكتابة بحث ما ولا حتى بإبداء رأيه في ما كتبه زملاؤه، كان يقضي الوقت بقراءة المجلات الأدبية وحنى العلمية لأنه كان يحذر جلب كتاب فقد يؤاخذ على إنه يضيع وقته ، لم يتحدث مع رياض بهذا الخصوص كما لم يشتكي معاناته الى انتصار ،
الوزير الجديد طلب الاجتماع الى رؤساء الأقسام في الوزارة وهيئة المستشارين وقسم البحوث ، كان منفتحا وموضوعيا وهو يستمع للجميع ثم ختم الاجتماع بالطلب أن يقدم كل من الحاضرين موجزا لا يتجاوز الصفحة الواحدة عما يعتقده مناسبا لتطوير التعليم العالي في العراق لأن اجتماعا سيعقد برئاسة الرفيق القائد لمناقشة الموضوع
كان الاجتماع يعرض مباشرة على التلفاز الحكومي ، وعرض من قبل مستشار التعليم العالي في القصر الجمهوري أن يتم منح مهندسي التصنيع العسكري شهادات الماجستير والدكتوراه بناء على البحوث أولا وعلى ابتكاراتهم ثانيا
اعترض الوزير لأن هذا مخالف للأعراف الأكاديمية في جامعات العالم ،طلب عبد الستار الكلام فقد وجد إن الامر بات لا يحتمل
-سيدي الرئيس ،معالي الوزير .....
رفع الرئيس يده فتعلقت الأنظار على نحو يحمل الخوف والترقب والحيرة
-اعتقد إننا ليس في وارد الاستماع الى الحديث مع أو ضد ،على الوزير ومستشارنا عقد اجتماع مشترك ودراسة الموضوع وتقديم مقترحات عملية،
ساد صمت حذر فيما شمل الرئيس الجميع بنظرة فاحصة فيها شيء من التهديد مما جعلهم أكثر توترا
-حسنا ...كنت في زيارة لبعض كليات جامعة بغداد وما رأيته كان مقززا ، كانت المرافق تبعث على الاستفراغ ،إن مثل هذا غير مقبول ،لهذا اطلب من رئاسة الجامعة اصدار الأوامر الصارمة بالحفاظ على المرافق نظيفة ومن أجل ذلك منح امتيازات مالية للعاملين في نظافة المرافق الصحية مرتبطة بدرجة النظافة.
فكر عبد الستار وهو يعود الى البيت إن المؤتمر توصل الى نتيجة تربط بين اصلاح النظام الجامعي ونظافة المرافق الصحية وحمد الله انه خلال السنة المنصرمة لم يشارك في اعداد أي بحث علمي أو مهني ، وأن المؤتمر أوحى له بأن يكتب في موضوع (النظافة من الإيمان )
التحاق حكمت بمعسكر تدريب الطلبة في النهروان كان موضوع مقلق فقد يتم بعدها التحاقه بفرق مساندة الجيش في الجبهة التي كان تتسع وتزداد ضراوة بين العراق وايران ..كانت انتصار تصرّ على أن نذهب لزيارته فور رجوعها من عملها حيث تكون قد جهزت وجبة متنوعة منذ الليلة الماضية ، كان حكمت قد تعرف على بعض الطلبة حيث كانوا يجلسون الى مائدة واحدة ، قال بإنه لا يشعر بالتعب أو الملل فهناك نشاطات متنوعة ، وفي المساء يتوزعون حلقات للسمر او الغناء ، ولكن انتصار لم تكن مقتنعة تماما فقد كان في خلدها إنه يطمئنها فقط .
كانت الحرب العراقية الإيرانية تسيطر على المشهد السياسي وبدأ التوسع في مهاجمة المدن واتهم العراق باستخدام الغازات السامة ضد الجيش الإيراني وكان شعار (كل شيء من أجل المعركة )غطاء سميكا لجملة من الإجراءات التي استهدفت الأحزاب والقوى السياسية المعارضة
وفي عملي ظل تهميشي في قسم البحوث كما هو عدا مرة او مرتين تم تكليفي بإعداد دراسات ثانوية حول التعليم بشكل عام في العراق ،انشرت عمليات سرقة إطارات السيارات حيث تعرض للسرقة ثلاث مرات وكان مسعفي في توفير إطارات بديلة (رياض)
بدأت أفكر عمليا في مغادرة العراق بعد تخرج حكمت ، وحين عرضت الموضوع على انتصار وجدتها توافقني وكأن الموضوع لم يفاجئها ، كان لدينا توفير نقدي حرصت انتصار على أن تخبأه بأمان كما يمكن بيع السيارة والبيت ،
في زيارتنا لبيت رياض فاتحته بالموضوع فأيدني وقال يمكن أن تذهبوا أولا الى عمان ويمكنني أن أقدم لكم بعض الخدمات عبر فرع شركتنا هناك فأكفيك عناء البحث عن شقة بسعر معقول في إحدى المناطق المناسبة ، كما يمكن تأمين عملا لك في الجامعة الأردنية حيث لدي أصدقاء في اكثر من جامعة ، وإذا رغبت أم حكمت في العمل فالشركة بحاجة الى محاسبين في القسم المالي .
أصبح كل شيء في مسار التنفيذ المدروس ...سافرت أولا الى عمان حيث فتحت حسابا في البنك العربي (حساب غير مقيم ) وتعرفت على بعض أصدقاء رياض الذين تعهدوا بمساعدتي للحصول على تعييني مدرسا لمادة الاقتصاد لأنهم يعرفون الكثير عني من رياض واطلعوا على مؤلفاتي والتوسع الذي يجري في الجامعة يساعد على ذلك ،
بدأت أولا بتحويل النقد الذي كنا قد وفرّناه، بواسطة رياض وبعض المهندسين العاملين في شركته.
حيث يتطلب وضع شركته هناك سفرهم بالتناوب للإشراف على مشاريع البناء التي بعدتهم فقد كانت عمان تشهد نشاطا عمرانيا واسعا
في صيف 1984 غادرنا بغداد ، بعد إن قدمت طلب استقالة من عملي في وزارة التعليم العالي ، لم أكن متأكدا من انهم سيوافقون ، ولكن ما حصل ان موافقة الوزير صدرت بعد اقل من اربع ساعات ولم يستدعني أحد لبحث الموضوع ولو من باب جبر الخاطر،
استأجرنا شقة في الشميساني ،وبدأت ابتسام وحسن التعرف على المنطقة ...حكمت التحق بشركة رياض أما ابتسام فقد قررت التريث لبعض الوقت
كان طلبة الجامعة الأردنية أكثر انضباطا ومنذ الدرس الأول استطعت أن احتل موقعا لدى الطلبة ومما ساعدني أنهم يتعاطفون مع العراقيين ،قررت ان التزم بالمنهج المعد للتدريس ولكن بتوسع اكبر ،كان موضوع تاريخ النظريات الاقتصادية يتسع لاستعراض المهارات الموسوعية وكنت أجد فيه شغفا منذ أن كان الأستاذ إبراهيم كبه يحاضرنا فيه عام 1962
في العام التالي تزوج حكمت وغادنا الى كندا ليستقر كمهاجر عراقي وفي العام التالي تزوجت ابتسام من ابن الملحق التجاري السوري في المانيا، لم يبق معنا غير حسن الذي اجتاز المرحلة الابتدائية بتفوق ،
كانت انتصار قد التحقت بالعمل في شركة رياض الانشائية في عمان لتعمل في قسم الحسابات وفي أوقات الفراغ كانت تطور مهاراتها في اللغة الفرنسية ،حسنا حين أذهب الى حكمت لن أواجه صعوبة في التعامل مع الجيران في فان كوفر ...كان هذا ما ترد به وهي تضحك بفرح طفولي.
حين توجهت الى السفارة الكندية بطلب الفيزا لم توافق السفارة فهناك تشدد يواجّه العراقيون ، كنت منزعجا حين كلمتني على هاتف الجامعة ، قال دكتور كان يجلس قريبا مني
-خيرا ... ارجو الا يكون مكروها
-لا ، زوجتي تعلمني إنها لم توفق بالحصول على الفيزا الكندية
-أعتقد أنه يمكن حل الموضوع فالأستاذ الرفاعي متزوج من قريبة السفير الكندي فهو قد اكمل دراسته العليا في أوتاوا ، ويمكن ان يساعدنا
في اليوم التالي سلمته جواز السفر ، والمستندات المطلوبة ، وفي نهاية الأسبوع سافرت انتصار الى فان كوفر ، كانت تحدث معي يوميا وفي نهاية الاسبوع الأول قالت بتصميم مشوب برنة حزن ، إنها قررت العودة ولهذا راجعت مكتب الخطوط الأردنية وغيرت الموعد السابق ودفعت للمكتب قيمة التغيير
-ولكن لماذا ، قطعت السفرة على هذا النحو المستعجل ، هل انت في البيت الان؟
-نعم ، حكمت وزوجته في العمل
- هل ضايقك أحد ؟
-لا ...سأحدثك عند العودة
في الطريق من المطار الى البيت
قالت-يخرجان في الصباح الباكر ويعودان مساء ....ليس هناك من حاجة الى إعداد أية وجبة طعام عدا الإفطار لأنهما يتناولان الطعام في مكان العمل ...بعد ساعة يأويان الى النوم ..وحتى اللغة التي تعلمتها لم استفد منها لأن لا جيران يزورونهما ....الوحدة شيء مخيف لم أتعودها ،قلت لهما إذا اشتاقا لنا يمكنهما الحضور الى عمان ، ولكني لا اعتقد إن في مخططاتهم القيام بمثل هذه الزيارة .
مساء وقف الحرب بين العراق وايران عرض التلفزيون مشاهد الفرح الشعبي في شوارع بغداد والمحافظات على نحو غير مسبوق ، وانتشر تراشق الشباب بالماء من قناني بلاستيكية ، وتعكس حالة الفرح الهستيري رغبة الناس السلام وكراهيتهم للحرب ،
اجتاز حسن البكلوريا بدرجة اكثر من تسعين بالمئة وعرض ان يكمل دراسته في طب الاسنان في إنكلترا لأنه لن يكون بحاجة الى سنة تحضيرية فلغته الإنكليزية جيدة ،
كنت حريصا أثناء دراسته الثانوية على أن أبعثه الى لندن خلال العطلة الصيفية لدراسة اللغة في معهد صيفي والإقامة في بيت عائلة إنكليزية تستقبل الطلاب الأجانب
كتبت لي مرة صاحبة البيت إنها معجبة فعلا بسلوك حسن فهو يحرص بعد انتهاء الدوام في المعهد على مرافقة الصبيان الإنكليز ...يلعب معهم كرة القدم أو يتجولوا في الحراش القريبة من المدينة ليظل قريبا من اللغة الإنكليزية ، كما كان يحدثني حين يكون في البيت عن الحياة في العراق وعنك وأمه وقد وجدت إن لغته الإنكليزية تتطور بسرعة سيما وهو يحرص أن يلفظ الكلمات بلهجة جنوب إنكلترا



#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين ينتفض النهر
- من الصحافة اليسارية في العراق /صحيفة العامل
- في الكتابة عن الصحافة اليسارية
- ضوء /رواية ..1974 ..في المعتقل مرة ثانية
- ضوء / رواية ...العودة
- الحب هو السحر
- ضوء..... رواية / الفصل السادس
- تجليات الغربة
- ضوء /رواية /الفصل الخامس
- لا ينفع الهتاف
- ضوء / رواية ...الفصل الرابع
- عند نصب السياب
- عنما سالني العراف
- ضوء /رواية /الفصل الثالث
- ضوء /رواية
- ضوء رواية / الجمعة
- ضوء ....رواية/الفصل الاول
- النص لم يكتمل بعد
- وادي الارواح /رواية -الفصل الرابع عشر
- وادي الارواح /رواية -الفصل الثالث عشر


المزيد.....




- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - ضوء / رواية ....التغريب 1984