كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 22:14
المحور:
سيرة ذاتية
يشتكي معظم الناس من أمراضهم، ويتذمر البعض من تردي أوضاعهم المعيشي، أما أنا فمازالت أعاني من بداوتي وشهامتي القروية، ومن اندفاعي بقوة نحو مساعدة الناس حتى لو لم يطلبوا مني المساعدة. .
منذ سنوات وانا أمارس العطاء الدائم بلا وعي، وبلا فرامل، وبلا كوابح حتى استنزفوني واستغلوني بلا رحمة، ثم تركوني منفياً مستبعداً هائما على وجهي خلف جدران الجحود والنكران. لم تشفع لي طيبتي الممزوجة بالبلاهة، ولن تشفع لكل غافل أو متساهل. .
كنت أسرف في العطاء حتى طحنتني أنيابهم الجشعة. فكم من سخي صار هشيماً، وكم من رحيم صار رجيماً. .
اغلب الظن ان ما يحدث معي هو استحقاق تأديبي وليس عقوبة، ربما لكي أعيد النظر بطريقة تفكيري، واستفيق من غفلتي، واتوقف عن تكرار اخطائي. لا شك ان بعض الصفعات تُعيدني إلى وعيي أكثر من ألف نصيحة. .
لم افهم التعايش الآمن مع الناس في غاباتهم المظلمة إلا بعدما صرت ارى وجوههم على حقيقتها. كلما فهمت الواقع أكثر تضاءل تعداد من أثق بهم. .
الإفراط في العطاء يعلم الناس إستغلالك، والإفراط في التسامح يعلم الناس التهاون في حقك، والإفراط في الطيبة يجعلك تعتاد الإنكسار، والإفراط في الإهتمام بالآخرين يعلمهم الاتكال عليك. . فكم من طباع جميلة انقلبت على أصحابها بسبب الإفراط فيها. .
المشكلة الأخرى انني اكتشفت متأخراً أن كثرة الاختلاط تفقد المرء هيبته، وتجعله مألوفاً مستهلكاً، فقررت ان احتفظ بالكثير من نفسي لنفسي. .
لن أقضي ما تبقى من عمري عارضاً نفسي للناس منتظرا من يعجب بيَّ، ويثني عليَّ، فقيمتي ليست في الآخرين، ولا تُقاس برأيهم، قيمتي بداخلي أنا. وثقتي بذاتي تحييني ملكاً. .
لن أنسى من كان بجانبي عندما احتجته، ولن أنسى من تخلّى عني وخذلني ولم يسأل عني، ففي الحالتين هناك بصمة لا تُنسى أبداً. .
ليس لدي طاقة للعتاب، ولا للمجاملة بعد الآن، ولا للحقد والكراهية، ولا لأي شيء. لقد انتهى رصيد المشاعر الطارئة. .
كلمة اخيرة: لا تتعاملوا مع أحد على انه مصدر امان. معظم الناس مؤذين ولكن بطرق مختلفة. .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟