صليبا جبرا طويل
الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 18:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
"من لا يفتح كوة في جدار صمته ليطل منها الى أفكار وإنجازات روح العصر مغتصب للحقيقة مسمراً للعقل وللحريات ".
نجزم أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، ليتبين لاحقاً وبشكل قاطع زيف هذه المقولة فصراعات الرأي الثقافية والفكرية والاجتماعية الخ... ونتائجها المروعة لا تعد ولا تحصى. قول الحقيقة مزعج مؤلم يتسبب في جرح مشاعر البعض يجعل من قائلها خصماً خاصة عند المتصلبين في ارائهم الذين يحرمون ويمنعون ويحجبون ويدوسون على الحريات.
المفاجئات الغير سارة تهطل مدراراً في هذا الزمن القبيح المعطل للفكر لينتج جهل قاتل ووعي جمعي مغيب وفكر محاصر باغتراب قسري...كثيرا ما نسمع "سنقهر العصر سنقهر الظلم سنسترجع أمجاد الماضي سنعيد نهضتنا الحضارية سننتصرعلى اعدائنا الخ..." "ما اكثر استعمالنا للحرف سين (س) لما يحمله من دلالة ومؤشر عجزبالرغم انه حرف صحيح لغوياً لكنه حمل لنا علل كثيرة. هذا الفهم يدفعني للقول " سهوا سقطنا، سهوا تخلفنا، سهوا تراجعنا، سهوا سبقتنا الأمم والشعوب، سهوا محاصرون فكرياً، سهوا مستقبلنا مظلم" ألا تعني كلمة سهوا في لغتنا العربية الجميلة بسهولة وبغير قصد وبغير وعي...اين رحل وعينا ؟ لماذا هجرنا غادرنا؟ لماذا عنه افترقنا؟ بصراحة ان كنتم لا تدرون فأنا أيضا ... لست ادري.
كم من قائد نطق بالحقيقة في العالم الثالث قبل ان يتربع على عرشه واشاد بالمعرفة واحب الحرية بكل الوانها وعشقها. عندما أصبح وصياً عليها شطبها من قاموسه، لعنها وقننها لتناسب أفكاره، أغلق منابعها وحظرسبلها، توعد شراً بكل من نطق بها، تجبر بالبشر جوع عقولهم فهزلت أفكارهم واصبحوا مطية يقودها كيفما شاء وسيطر على كل مفردة تدعوا للتحرر منه.
نخفي ونتكتم على كل ما نخجل منه طمعا في قبولنا وتسهيلاً لسير مصالحنا، لذلك لا تصدمنا الكذبة بل الحقيقة، لا يصدمنا الغموض بل الشفافية والوضوح، لذلك نثور نغضب نتعصب نتقاتل . بربكم انطقوا بالحقيقة تمنعوا عن إغتصابها، بأيديكم اغتيلت فماتت وبموتها دفنتم الحاضر في معتقلات الجهل والتخلف.
تمعن في السردية التالية: " رجل يعيش مع عائلته المكونة من سبع أبناء في بيت بائس وضيع، مواظباً يلوذ على دورالعبادة ، يصوم يصلي بعمق بحرارة ملتجأً لرب العزة لله طالبا متوسلا ان يخرجه من فقره المدقع من ضيقته الشديدة ويصنع منه إنساناً ثرياً... اطلق الرب يديه للسرقة والنصب والإحتيال واصبح من الأثرياء الكبار ذو منصب وجاه يصول ويجول كيفما يشاء. هل تعالج هذه القصة القصيرة منطق الحقيقة؟ ... أتمني أن تنطق بالحقيقة.
مثلكم اتسائل: " هل تتحدى هذه القصة الحقيقة والواقع وتعاليم خالق الكون؟ هل كل امورنا الجيدة والسيئة والمشرقة السليمة والقبيحة مصدرها الله؟ أم عقلنا ودوافعنا هي مصدر بؤسنا ومصائبنا وعذباتنا؟ ألا تحترم القوانين الوضعية والقيم والأخلاق؟ هل هذه هي إرادة الله؟ هل يتعامل الله بقوانين العرض والطلب؟" مثلكم ... لست ادري.
مثلك متردد أنا وحزين: " لا أعرف مع من أقف مع الله؟ أم مع هذا ألإنسان الخارج من فقره؟ أأقف ضد إرادة الله؟ أم ضد القوانين وأسكت؟ إذا أصبحت قاضياً يوماً ما فهل احاكمه واجرده من كل ما سلب واعيد الحق لاصحابه وازجه في السجن وأفرض عليه احكام عالية ؟ أم اتجاهل الموضوع لأنها إرادة الله؟ محتار انا... لست أدري.
مثلك محتار افكر: " إذا حكمت عليه فكيف سألقى وجه ربي يوما؟ من أنا لأقف أمام إرادة الله ؟ لا تسألني لماذا قلت أطلق الله يديه؟ أليس الله على كل شيء قدير؟... السؤال الكبير هل يرضى الله أن نسلك طريق الشر؟ هل الشر من صنع الله؟ أم الخير والشر كلاهما من صنيع الإنسان؟" مثلك أخي القارىء... لست ادري.
نقول في الصلاة الربانية - أبانا الذي في السماوات - لتكن مشيئتك؟ ... ألم يقل الله لآدم وحواء لا تأكلا من شجرة معرفة الخير والشر؟ مع ذلك أكلا . كانت حجة حواء لله " ان الشيطان اغواني"، أتسائل هل المسؤولية تقع على حواء ام على الشيطان؟. وحجة ادم لله " انها المرأة التي اعطيتني" فهل المسوؤلية تقع على آدم أم على الله؟ . هل يمكننا الإستنتاج من هذا الموقف ان الله اعطاهم حرية الإرادة والإختيار، كأنه يقول لهما لتكن مشيئتكم انتم أيضاً؟ مثلك اخي القارىء اقف حائراً... لست أدري.
الحقيقة تقول ان الله منحنا الحب والعدل والحرية والسلام؟ لكن حالة القلق التي ترافقنا طوال حياتنا منبتها الجهل والخوف المزروع فينا منذ كنا اطفال. الجهل بأن الله سمح ويدفعنا وترك لنا " حرية الإختيار "، والخوف ناتج من عدم معرفتنا وقبولنا وإعترافنا بأن " الله محبة ". لذلك يشوه الإنسان جمالية العالم من خلال تحدياته العديدة الغريبة من ضمنها الحروب والتلوث والإجرام والعنف الخ... هذا ليس قصد إلهي لكن إنساني...أليست هذه حقيقة؟... لست أدري
لا تخف ولا تتستر بثياب الرياء والكذب اكسر صمتك أيها الإنسان وحطم الجدران الصلدة التي تغلفه، دع الحقيقة تتحدث بلسانك عن ذاتها انصت باذنيك اليها، الحقيقة ابنت الفضيلة المتجسدة بالكلمات، صوت ملائكي هي يغني يسرد للبشر عن مآسي الشعوب وعن أجمل محطات حياتهم ، يعظ بمباهج الحياة المتئججه فينا ويخبرنا عن مآسيها المزروعة فينا التي تلقيناها من لحظة الولادة حتى الممات، انطق باسم الحقيقة المقدس، لاتخشى شيئاً، الحقيقة ليست عاهرة البشر هم من حطم قدسيتها ودفعها للعهارة.
قد يرى البعض في هذه المقالة مغالات واسطورة احترم رأى كل شخص. معظم الساحات التي نعيش فيها تحتاج الى تنظيف من الكذب والتملق والغباء والجهل، الامية اكتسحت كل مداخل العقل، لا يلوح في الأفق منطق لتنظيفها لإزالتها. في غياب المثقفين الاحرار الثوريين الملتزميين بقول الحقيقة وتنفيذها وفي ظل غياب الحريات ستبقى المجتمعات ضعيفة هزيلة في فكرها، بغيابها تطلق تبيح لقادتها اغتيال العقل واخضاعه وتقيده ووئد كل حقيقة.
تذكروا كلما تصفحتم سفر التكوين - التوراة - ان آدم وحواء بلغا الى مرحلة تخلى كل منهما عن مسؤوليته وفشله بإرادة حرة والقى بوزر خطئه على الله والشيطان. ما زال البشر منذ خلق العالم حتى هذه اللحظة يلقون بأخطائهم على الله والشيطان ... مثلكم سأقول: " جمينا ندري الحقيقة... لكننا نخفيها ونتكتم عليها.
التستر على الحقيقة وإخفائها جريمة بحق الفرد والمجتمع، كل متلبس بهذا الجرم يجب ان يعالج فكريا ليصوب اعماله لنهضة الإنسانية . كذلك كل رافض لروح العصر يجب ان يخضع للمسألة. اليست هذه هي الحقيقة؟ ...مثلكم أقول جمينا ندري.
#صليبا_جبرا_طويل (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟