ابراهيم زورو
الحوار المتمدن-العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 02:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من السهولة أن تختفي فيزيقياً ولكن من الصعوبة أن تختفي فكرياً أو معنوياً، ولكن مبدأ الهوية يتغير في هذا السياق، ما بين الجسد والروح، أي أن مبدأ الثالث ليس مرفوعاً، أنا أنت، بينما أنت أنت، حتى تكون المعادلة صحيحة ووجودك صارخ لا شوائب به، وتريد أن تسيطر على المدى، فمن الطبيعي أن تكون أنت أنا لما أكون أنا أنت، ذلك هو الشكل الصحيح للحوار حتى لا يكون مونولوجاً داخلياً بين أنت وذاتك. وتهمل جزءك الاساسي الذي يدل على وجودك وإنسانيتك الذي مع الاخر، دائماً وأبداً.
وضمن السياق ذاته يذهب مصطفى الحجازي الى القول في كتابه: كتاب التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكولوجيا الإنسان المقهور/ مصطفى حجازي:
بدل علاقة أنا- انت التي تتضمن المساواة والاعتراف المتبادل بانسانية الآخر وحقه في الوجود، ذلك الاعتراف الذي يشكل شرط حصولنا على انسانيتنا من خلال اعتراف الآخر بنا كقيمة انسانية، بدل ذلك تقوم علاقة من نوع انا- ذاك. .ذاك هو الشيء هو الكائن الذي لا اعتراف به، بانسانيته وقيمتها..باعتباره شيئا، يصبح كل ما يتعلق به مباحا..
أي اعتراف بالأنا هو جوهر وجود الذات بل هو عينه، وكذلك هو جوهرك أنت، فبدون أن نعلن على الملأ وأمام العالم قاطبة أن هذا هو أنا، الأنا الذي يعنيه فرويد ضبطاً، أي لاشعوري الذي هو يدفعني نحو أفق ما، وبمعرفة الشعور ذاته، عندما أحافظ على نفسي واعمل من أجل ذاتي أنا، بإمكاني أن اجعل شرحي للمواضيع في غاية الوضوح! والعكس يكون مشكلة الانتماء للآخر وبالتالي لن تكون واضحاً عندما تغادر ذاتك، أي بمعنى أكثر وقحاً أن الآخر هو الذي سيقوم بكافة اعمالك طبعاً الكلام بالمعنى النفسي لم تعد تكون ذاتك، ربما اللاشعور ذاته هو الذي يجعل نسل الانساني مستمراً عبر التاريخ، ثانياً، أن العملية الجنسية برمتها تجعل منك ذاتاً قريباً من اله طالما ترفرف على ذاتك بشهوة لن تصله إلا عبر اللاشعور تماماً، ثالثاً عندما يريد الآخر منك أن تكوّنه أي تنتمي إليه فسياق الكلام أن نسلك افضل من نسله، بأكثر وضوحاً، عليك أن تقصي عن ذاتك كلمات طائفية وما إلى ذلك ليست لها وجوداً كونك تنتمي إلى نسلك، طائفتك، انتزاع الطائفية عنك معنى ذلك أن وجودك بات في خطر مع اقتلاع الجذور سلفاً، عندما أكون طائفياً في حده الاساسي فأنا أكون سورياً جميلاً في حده الأعلى والأكثر رصانة.
وإن القضية التي انطلقنا منها، بشقيها الفكري والمعنوي هي الأجدى هي التي تحدد معالمي، واختفائي هو أنني نسيت أو فشلت أن أمثل نفسي أمام العالم، وهذا يعني من وجهة النظر النفسي مشكلة عويصة! إذاً لمن تكتب في هذا العالم إذا لم تقنع نفسك وتشذبه أولاً فلن تستطيع أن تكون صديقاً للأخر المختلف عنك. احترام الذات يجعل الاعتراف بالاخر مشكلة وجودية بالنسبة لك! فالحوار يبقى جميلاً لأنه يسود على الجميع. نرى لدى بعض مرضى الوجود لن يرووا بأن الذات هي الأساس التي تبنى عليه فسلامة الذات هي سلامة البناء كله في سياق الحياة بكاملها.
يقول آلان باديو "ذلك أن المسألة الحقيقية، الصعبة على نحو خارق للعادة، هي بالاحرى مسألة الاعتراف بالهو هو...القصد هو أننا لن نتحرر حقاً إلا إذا ننجح في الاعتراف بانفسنا أولاً" ويؤكد لا معنى للسياسة "الغيرية" "الاخر" والذات ما تزال خارج نفسها ولم تعد ليكتمل المثلث الهيغلي ويربط الواقع مع الذات في حركة ازلية حيث تواشج بين الذات والموضوع، إذا لم يكن هذا هو الهدف فالانفصال عن الواقع أو أن الواقع لم يكن يانعاً، هناك مشكلة تعاني منه، سواء على المستوى فردي أو جماعي كطائفة على سبيل المثال، فمن يثير مشكلة الفردية في الدرجات الاولى، فأن أصله بعيد عن مركز الوجود بصيغته الأولية، من يعيش في هامش الوجود في مجتمعه فمن المؤكد أنه مهيأ أن يلعب في أي ملعب عسى أن يدخل مجتمعه عن طريق الآخرين طالما قوته الفردية لم تساعده في انجاز وجوده لأسباب قد تبدو موضوعية أو ذاتيه!.
طبعاً كل الكلام أو الحوار يتجه مباشرة إلى الحقيقة طالما أن الفلسفة قد حملت على عاتقها هذه القضية التي تهمل جميع الاختلافات بين البشر كون الحقيقة هي عارية بدون أن تخجل، وعكسها أن الإكساء هو اختفائها من الوجود، فيضيف باديو جملته المشهورة في هذا المجال"وحدها حقيقة، بما هي كذلك، غير مبالية بالاختلافات" وقبله قال زرادشت "الحقيقة افضل الخيرات" ويهمل اختلاف الشكل أو اللون أو بالاصل وليس المقصود بالمعنى الانثروبولوجيا بمراحله المختلفة، لكل عصر له حقائقه التي تفضح عري الوجود! إن كان آهلاً للمقارنة مع غيره من حيث التفكير!.
المقصد مما سبق إن الوجود، وجودي، أناي، نفسي! لو كان هذا شيئاً مقدساً لدى شعوب سوريا وهذا لن يتبرج آنياً من أجل ايهام الآخر، الغير، بل تنتمي إلى ذاتك بعمق شديد ولست مجرد نسمة تدحرجت على جبينك ومضت!. طبعاً الكلام هنا موجه بشكل حصري إلى الفئة المثقفة حصراً(وأني لأشك بوجود تلك الفئة أصلاً في سوريا مجرد مريدي الثقافة) كانت عليها أن تنتقد السلطة وأي سلطة كانت، والدولة وأي دولة كانت، لا أن تشبح لها وتكون لها بوقاً يصرع آذاننا بوجودها، وهو اي السلطة من أجل الآخر وهي عادة سورية -أو لنكن رحيمين-
بامتياز بارع دائماً ما نرضي الخارج على حساب الداخل، ومن ضمنها تتلوث وجودك أيضاً.
دائماً ما يعاب على (المثقف السوري) يستطيع أن يوصف الف ساعة لحدث تافه بذات المعنى الذي يقدم عليه الجاهل والامي والتافه، من هنا تفتقد سوريا مثقفين حقيقيين، ونادراً ما يصلون الى النتيجة ذاتها رغم أنهم يستخدمون المصطلح ذاته، لكنهم لديهم الشك بامور مبرهنة عليها من زمن سحيق في القدم، السفسطائية السورية أمرها فريد. هم قريبون جداً من توتولوجيا حيث أن تدوير الامور باتت من حيثيات وجودهم.
الأمر الاكثر حيوية ترى أنك تقوم بشحن الطائفي كي يثبت وجودك بالطرق العسكرية أو المجارز الطائفية!. قصارى القول ابحث عن ذاتك ربما ضيّغته بيوم ماطر.
بهذا المعنى فسوريا ذاهبة إلى التقسيم كون أن ابناؤها قد اجادوا تفريطها قبل العدو! وذلك العدو الخارجي كان سبباً رئيسياً في توحيد هويتها الوطنية وذلك من ارهاصات التي تعطي قيمة للوجود، كما يشير ذلك بحق سيغموند فرويد. أما لما يكون العدو ضمن الهوية الوطنية أعني الاصدقاء الذين لا يؤمنون بأن الهوية هي كساء التي تقينا من كل شيء لهذا فأن الهويات العديدة التي لا قيمة لها تظهر لتقدس اشياء ثانوية في حياة أمة من الأمم، لأن هذه الاشياء باتت مهملة ولا تعتبر من الاساسيات التي تقوم عليها البنية الكبرى أو الهوية الجامعة للكل، وذلك يكون على حساب الهوية الوطنية، التي باتت قديمة لا تدفأ جغرافية أو سرير الوطن بشيء يذكر، لذا فأن الاحزاب التي فشلت في تعيين عدوها وميزهم عن غيرهم هم الذين نجحوا في تسيير دفة حكمها، ويؤكد فرويد في كتابه: لماذا الحرب؟ بما معناه أن الهوية الوطنية (القومية) هي بمثابة لاشعور، ولا نحتاج إلى القول بأنه أي فرويد قد أكد بأن اللاشعور هو الذي يقودنا وليس العقل أو الشعور، وتلك كانت الضربة الثالثة توجه للإنسان عندما قال بأنه هو سيد نفسه! وأن العدو هو من مستلزمات وجودي أنا، وهو الذي يفرض وجودي، أناي وهو أمر مهم جداً في سياق وجودنا؟.
يقول نيتشه في كتابه شوبنهاور مربياً: الذي لا يريد أن يكون جزءاً من الحشد، عليه فحسب الكفّ عن أن يكون متسامحاً تجاه نفسه؛ عليه أن ييبع ضميرَه حين ينادي عليه: :كن نفسك! فكلّ ما تفعله وتفكر به وتشتهيه الآن، ليس هو ذاتك."
ذلك هو الشكل مواطنة في الشرق الأوسط، حيث الفردانية والشهوانية هما القيمة الحقيقية للوجود الفردي، والانتماء سيكون حسب اشباع الغريزة الفردية وبالتالي ستكون شخصيته الأقرب إلى المملكة الحيوانية أكثر مما هو كائن يملك عقلاً جدلياً فهو معني بالاخلاق الذي يرفض كلما ما غير الانسانية. فلو حاولنا أن نطبق على السوريين، لا اعتقد أننا أمام مجتمع بشري قائم على العقل والاخلاقيات التي تمجد وتؤله العقل والمصالح العليا المرتبطة بها.
من هنا علينا أن نفهم لماذا يجب أن نكون قوميين وبذلك سوف نهتدي الى قيادة ذواتنا...
#ابراهيم_زورو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟