أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن جاسم - عالم لميس -4














المزيد.....

عالم لميس -4


عبد الرحمن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1807 - 2007 / 1 / 26 - 05:51
المحور: الادب والفن
    


أيمكنني أن أجلس جواركِ؟ نهدتُ وأنا أستمع لـ"لميس" تحدّث المرأة المسنّة الجالسة على مقعدٍ في حديقة الصنائع. المراة لم تنبس ببنت شفة، أشارت بيدها فحسب. جلسنا، صرنا ثلاثة، أنا ولميس وهي. اقترب بائع كعك. "أتريدين كعكاً؟" سألتها لميس متحرشة بها، وأنا المتفرجة أكاد أموت قهراً، ما شأني أنا بهذه المرأة الصامتة. "نعم"، وافتر فاهها عن فمٍ بلا أسنان، يبسم وجهي-وجه لميس فتقفزني "بفرح" لنحضر كعكتين وأكاد أسأل إن احتسبتني لميس موجودة، مع أنني من أدفع. يد المرأة قديمة، تمتد لتأخذ كعكتها-هكذا شعرت- أظافرها وسخة خشنة –أخافتني- وتأكل بنهم. أأحضر ما تشربينه؟ لميس تعود لسخافاتها وتجرني لإحضار عصيراً لإمرأةٍ لا تعنيني.
- لم يبق معنا مالٌ للعودة إلى المنزل.
- لدينا قدمين.
"شكراً حبيبتي"، وأدعيةٌ تهطل، والمرأة العجوز تسألني عن اسمي، فتجيب لميس.
***************
المسافةُ طويلةٌ للغاية، التعب يكاد يقتلني، ولميس "المُتْعَبة" تحفّزني أكثر على المسير، وتسليني. تخبرني أن عالم لميس بلا طرق، بلا أماكن، إن أردت الذهاب إلى مكانٍ أتي إليكِ. لا نحتاج وسائل نقل، الأماكن كلها بمتناول يديك. وأنا المتعبة أصغي بسأم وأقنع بأن الطريق يقصر.
أشرف كان يقول لي دائماً كل خطوة للأمام، أكان في عقلك أو من جسدك، تجعل الطريق أقصر، والوقت أقصر، والحياة أحلى. عقلي كان يركض، وجسدي يمشي، وقلبي نائمٌ يحلم!
***************
أتريد أن تعلّمني الحقيقة؟
لا تتعب نفسك!
أنا لا أرى الشيء من خلالك،
بل أراك فقط من خلال الشيء!
(فريدريتش فون تشيللر)
***************
أصل المنزل. فتخرج العناكب لتحيتي. كأن الشمس لا تدخل منزلنا. كأن والدي لا تحبه الشمس، ولا أمي، ولا حتى إخوتي الصغار. بين الشمس وبيننا صراعٌ مستميت. تغلق الستائر، تغطى الفتحات، وتصير الشمس عدواً غير مرغوبٍ فيه. لميس كانت تجن داخل المنزل، في مدينة العتمة تلك. تبدأ بالصراخ داخلي، والأغطية التي تحجب الضوء تريح والدي، وتغضب أمي، لكن الصمت دائماً كان حليف أمي، أما إخوتي/نحن فلا صوت لدينا لكي يُسمع.
يجلس والدي للصلاة، هو يكره الضوء، ويصلّي "لنور السماوات والأرض"، تتهجد أمي لمدح الإله ذاته، وضوء الكهرباء الشاحب يغرق النهار في ليلاه. لميس التي تكاد تمزقني لتخرج، تفتح الستارة لدقائق، تشم رائحة الشمس، ثم تعود لإغلاقها خوفاً من يدٍ عابرة قد تسرق شيئاً من عتمة المنزل. فيصبح منزل العتمة، بلا عتمة. ويصبح والدي بلا عمل!
***************



#عبد_الرحمن_جاسم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم لميس - تكملة 3
- عالم لميس-تكملة2
- تكملة عالم لميس
- عالم لميس-رواية-الجزء الأول من الفصل الأول
- بلا قيود
- عن ما لا ندركه
- عن يومٍ عادي
- كأن يعتاد المرء أمراً
- رحاب ضاهر في عملها الجديد -أسود فاجر-
- تسميات
- ورد
- عن الديمقراطية من جديد
- للرئاسة!!!
- عن فلسفة الأمر البسيط -2-
- تماهي
- قتلت القمر
- وحياتك من جهتك
- لا ليس لي
- دوران
- إنه النفير ألا تسمعون؟


المزيد.....




- فساتين جريئة تسرق الأضواء على السجادة الحمراء بمهرجان الجونة ...
- ورشة برام الله تناقش استخدام الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار ...
- أسماء أحياء جوبا ذاكرة نابضة تعكس تاريخ جنوب السودان وصراعات ...
- أنقذتهم الصلاة .. كيف صمد المسلون السود في ليل أميركا المظلم ...
- جواد غلوم: الشاعر وأعباؤه
- -الجونة السينمائي- يحتفي بـ 50 سنة يسرا ومئوية يوسف شاهين.. ...
- ?دابة الأرض حين تتكلم اللغة بما تنطق الارض… قراءة في رواية ...
- برمجيات بفلسفة إنسانية.. كيف تمردت -بيز كامب- على ثقافة وادي ...
- خاطرة.. معجزة القدر
- مهرجان الجونة يحتضن الفيلم الوثائقي -ويبقى الأمل- الذي يجسد ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن جاسم - عالم لميس -4