هدى زوين
كاتبة
(Huda Zwayen)
الحوار المتمدن-العدد: 8345 - 2025 / 5 / 17 - 20:11
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
في عالم ما زالت تُعلّق فيه الكرامة النسائية على ميزان مفاهيم مغلوطة، تقف المرأة اليوم شاهدة على واحدة من أبشع أشكال العنف المسكوت عنه: جرائم الشرف.
جرائم تُرتكب باسم العادات، وتُغلف باسم الرجولة، وتُبرر تحت مظلة "العيب"، بينما هي في حقيقتها لا تمتّ لا للشرف ولا للإنسانية بصلة.
لكن المرأة اليوم لم تعد صامتة.
لم تعد تكتفي بالبكاء خلف الأبواب المغلقة، ولا بالموت البطيء تحت رحمة المجتمع، بل أصبحت تقف وتقول: كفى.
كفى أن تُختزل حياتي كلها في لحظة ظن، أو شائعة، أو نظرة.
كفى أن يُسلّط على جسدي قانون ظالم، لا يُدين القاتل بل يُصفّق له!
جرائم الشرف ليست شرفًا، بل جريمة كاملة الأركان.
جريمة تُنتهك فيها حياة كاملة، مستقبل كامل، من أجل وهم… ومن أجل خوف المجتمع من مواجهة أمراضه الداخلية.
المرأة اليوم تناضل، ترفع صوتها، تكتب، توثّق، تقاضي، وتواجه.
لم تعد وحدها، بل تقف معها منظمات، رجال واعون، ومجتمعات بدأت تفكّك مفهوم "الشرف" المغلوط الذي رُبط بجسد المرأة دون إرادتها.
مناهضة المرأة لجرائم الشرف ليست فقط دفاعًا عن نفسها، بل عن كل إنسان يُؤمن أن الحياة لا تُمنح لأحد ليأخذها باسم العادات.
هي معركة وعي، وثورة قانون، وصرخة ثقافية يجب أن تتردّد في كل بيت، وكل مدرسة، وكل محكمة.
لا يمكن أن يكون الشرف حجةً تُبرر القتل، ولا أن تكون العدالة مائلة إذا كان الضحية أنثى.
فالكرامة لا تُنتزع بالسكاكين، والشرف لا يُصان بالدم.
المرأة التي تناضل ضد جرائم الشرف، هي امرأة تقول:
أنا لست موضوعًا للقتل، بل إنسانة تستحق الحياة… الكاملة، الحرة، الكريمة والآمنة من الخوف والوصاية. هي تقول: لا تُربّوا أبناءكم على أن جسدي قضيتهم، بل علّموهم أن كرامتي تُصان بالقانون، لا بالذبح، ولا بالصمت، ولا بالخوف من كلام الناس.
إن مناهضة جرائم الشرف ليست مواجهة بين امرأة ومجتمع، بل بين الحق والظلم، بين العقل والجهل، بين الرحمة والعنف. وما لم يقف القانون، والمؤسسات، والمجتمعات، وكل فرد مسؤول، إلى جانب هذه الصرخة، فإننا جميعًا نكون قد شاركنا في الجريمة... بالصمت، أو بالتبرير، أو بالتخاذل.
لذلك، فلنرفع الصوت عاليًا: لا شرف في الجريمة. لا عدالة في السكوت. ولا حياة تُبنى فوق قبور بريئة.
#هدى_زوين (هاشتاغ)
Huda_Zwayen#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟