أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَاكَارُوف في حضرتهِ














المزيد.....

خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَاكَارُوف في حضرتهِ


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8344 - 2025 / 5 / 16 - 17:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


في زوايا منزلٍ متواضعٍ في مخيم كفربدا-جنوب لبنان، كانت تعيش روحٌ عظيمة تختبئ خلف الصمت، وتخبئ بين تجاعيد وجهها حكاياتٍ من وجعٍ وفخر، من دموعٍ مكتومة وانتصاراتٍ لا تُروى في الإعلام، بل تُسطر في القلوب.

كان خالد حسين قاسم أبو خليل(أبو محمد)، الرجل الذي لم يكن أباً فقط، بل كان جبلاً صامداً لا تزعزعه العواصف ولا تهزه المِحن.

لم يكن خالد(أبو محمد) رجلاً عادياً. كان أباً لثلاثة شهداء، لكنه لم يكن يوماً ضحية. كان بطلاً بصمته، صلباً ببساطته، عالياً بتواضعه، نبيلاً بألمه.

حين فقد محمود، أول نجومه المضيئة في سماء المقاومة عام 1982، وقف شامخاً أمام النعش، يمسح دمعه كي لا يراه الصغار، ويقول: "بدأ محمود حياته هناك، حيث لا احتلال ولا قهر."

ثم جاء الفقد الأكبر... إبراهيم، زهرة البيت، سقط شهيداً برصاصة غدرٍ في مخيم شاتيلا عام 1988. لم تنكسر روحه، بل ازداد وجهه صلابة، وازداد قلبه رجولة. لم يكن بكاؤه عجزاً، بل صلاة في صمت، وثبات لا يعرفه إلا العظماء.

في كل جنازة، كان خالد يمشي مرفوع الرأس، يسبق الجميع بدعائه: "اللهم تقبَّلهم شهداء، وأعني أن أُكمل الطريق." كان يحمل جبال الجنوب في صدره، ويتميز بتواضعٍ في ملبسه وكلامه، لكن حضوره كان عظيماً.

ومسدس المَاكَارُوف لم يكن يفارقه يوماً. كيفما نظرت إليه، تجد سلاحه معلَّقاً على خصره، كأنه امتدادٌ لجسده، ورمزٌ دائمٌ للجهوزية، ولرجلٍ لم يسِر في دربٍ دون مقاومة.

كان سلاحه شاهداً على سنواتٍ طويلة من الحذر والعزّة، ورفيق دربه حتى اللحظة الأخيرة.

وفي اليوم الأخير من عام 2001، رحل أبو الشهداء كما عاش: بصمتٍ وهيبة. لم يودع أحداً، ولم يطلب شيئاً. فقط أغمض عينيه، وكأن قلبه قد وجد أخيراً الطريق إلى راحته. لم يمت... بل التحق بهم، إلى حيث لا فراق، حيث يعود القلب كاملاً، بلا كسور.

جبال ووديان عين إبل في جنوب لبنان تعرفه جيداً، كما تعرف الخطى الأولى لرجلٍ بدأ مسيرته النضالية في صفوف حركة القوميين العرب، ثم كان من أوائل مقاتلي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، يحمل البندقية والفكرة، ويؤمن بأن الأرض لا تتحرر إلا بأبناءٍ يذوبون فيها عشقاً ودماء.

خالد الحسين( أبو محمد) لم يكن مجرد اسم، بل معنىً من معاني الرجولة النادرة، مدرسةً في الصبر، ووطناً في شكل إنسان.
رحل، لكن صدى خطواته لا يزال يُسمع في المخيم، في كل بيتٍ عرفه، وفي كل مقاومٍ تربى على قصته.

رحل الرجل الصامت، الذي بكته الأرض كما لم تبكِ أحداً من قبل.
رحل، وترك خلفه ميراثاً من الشجاعة والطيبة والشموخ .

هكذا رحل خالد الحسين(أبو محمد)... كما يرحل الكبار دون ضجيج، لكن بصدى لا ينطفئ.
ترك خلفه حكايةً تُروى للأجيال، ومثلاً يُضرب في الشجاعة والصبر والبساطة النبيلة. لم يطلب مجداً، ولم يسعَ إلى لقب، لكن الحياة منحته أرفع الأوسمة: وسام الأبوة المقاومة، وسام أبو الشهداء، ووسام الوطن الساكن في القلب.

في زمنٍ تكثر فيه الوجوه وتقلّ القامات، يبقى خالد الحسين أبو الشهداء واحداً من أولئك الذين يشبهون الأرض التي أنجبتهم: صلبة، صادقة، وممتدة في الذاكرة.

سلامٌ على روحه، وعلى أرواح أبنائه،
وسلامٌ على كل الآباء الذين زرعوا فينا العزَّ،
ورحلوا في صمتٍ... وتركوا لنا البطولة إرثاً لا يُشترى.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين... خذلانٌ لا ينتهي ومفاتيحٌ لا تصدأ!
- من عُمق الغياب... الشهيد نزار بنات يخاطب محمود عباس (أبو ماز ...
- الجُوعُ... جنازةٌ يوميّةٌ في غزّة!
- غزة تتسلّم الطحين... إن بقي أحدٌ ليستلمه!
- إِهانةُ وطنٍ: عندما يُسلِّمُ النِّظامُ السوري رُفاتَ العدو و ...
- شيرين أبو عاقلة… سقوط الحقيقة في غابة الوحوش
- غزّة ومغولُ العصر... وقلوبُنا المُحصّنةُ بالصّمت
- غزّة وحدها في مُواجهة العالم
- كَشكَش يحرُسُ العدالة... وخليل نزار بنات ينتظرُ الغائبين
- وداعاً سكايب: رثاء لصوتٍ كان يعبر المسافات
- مخيّم شاتيلا يسقي غزّة: رسالةُ حُبٍّ من تحتِ الرُّكامِ
- الخُذلانُ يتكرّر... من جبل أُحد إلى رُكام غزّة!
- حين تُصبحُ النّكبةُ في غزّة خبراً بلا ذاكرة
- غزّة تنزفُ... واليمن آخرُ الأَوفياءِ
- هل يمُوتُ نوح في طُوفانه؟! فلسطين وثباتُ الأَنبياء
- غزّة… الشّجرةُ التي لا تنكسرُ
- من أَعماق القبر... الشهيد نزار بنات يُحاكمُ -رئيس الوزراء ال ...
- من تحت التراب... الشهيد نزار بنات يكتب لمحمد اشتية
- غزَّة... حين يُكتَبُ التَّاريخُ بدم الشُّهداءِ
- من تحت التراب... رسالة الشهيد نزار بنات إلى حسين الشيخ!


المزيد.....




- إسرائيل تقول إن صاروخا أطلق من اليمن -تفتت في الجو-
- وزارة العدل الأميركية تنشر محاضر وتسجيلات مقابلة مع شريكة إب ...
- اجتماع بين وزيري خارجية أميركا وكوريا الجنوبية قبل قمة بين ا ...
- مصرع 5 بانقلاب حافلة سياحية على طريق سريع في نيويورك
- 89 قتيلا خلال 10 أيام جراء هجمات في الفاشر السودانية
- عراقجي يثير التساؤلات حول مصير اليورانيوم: -مدفون تحت الأنقا ...
- ترمب يعين أحد أبرز مساعديه في البيت الأبيض سفيرا لدى الهند
- بوتين يرى بارقة أمل في العلاقات بين روسيا وأميركا خلال ولاية ...
- إدارة ترمب تعتزم إقالة رئيس وكالة استخبارات الدفاع
- -تيك توك- في بريطانيا تحت وصاية الذكاء الاصطناعي


المزيد.....

- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - خالد الحسين... أبو الشهداء حين مات الصَّبرُ ونام مسدسُ المَاكَارُوف في حضرتهِ