أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - رفع العقوبات عن سوريا: لا رخصة للذبح الحلال... !














المزيد.....

رفع العقوبات عن سوريا: لا رخصة للذبح الحلال... !


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8342 - 2025 / 5 / 14 - 18:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة صفحة أليمة تُطوى بدءاً من الآن في سجل المأساة السورية الطويل، وهي صفحة الحصار الجائر الذي خنق أرواح البسطاء، بينما لم يتضرر منه سوى أولئك الذين طحنتهم رحى الحرب. أما أمراء الحرب، على اختلاف راياتهم الطائفية أو الأيديولوجية، فقد ازدهرت مصالحهم، وتراكمت أرصدتهم، وارتفعت أبراجهم العقارية، حتى صاروا يبيعون الألم السوري في مزادات السياسة الدولية بأثمان بخسة.
منذ اللحظة الأولى لانهيار جدار الخوف في آذار 2011، خرج علينا متسلقون من تحت الركام، ادعوا الثورة بعد أن كانوا أول من بايع الطغيان، وتاجروا بالأشلاء ليصوغوا سرديات كاذبة عن بطولات وهمية، محاولين احتكار الشرعية وتمزيق النسيج السوري. أولئك الذين اكتشفوا فجأة مكونات البلاد، لا لكي يبنوها، بل ليمزقوها قطعة قطعة، يفتعلون المواجهات بين الطوائف، يهمسون بسمومهم، ويوزعون صكوك الوطنية والعمالة وفقاً لمصالحهم الضيقة...
من بينهم من يشتهي اليوم الدم الكردي، مستندًا إلى موقف من "قسد"، وهو في جوهره موقف مبيت من الكرد، لا يخلو من عنصرية مضمرة تتوارى خلف أقنعة السياسة. يلوّح هؤلاء بزوال المشروع الفيدرالي كما لو أن مستقبل سوريا يُرسم في مزاج متقلب لرئيس أمريكي متهور، بات يتبرك به في مكان هو أحوج للتبرك به، أو في تويتر رئيس سابق. يلعنون أمريكا حين تدعم الكرد، ويتغزلون بها حين تنسحب عنهم، ويباركون لأي تدخل خارجي طالما يصب في مصلحة الحليف التركي.
لكن ليعلم جميعنا أن الكرد أصحاب قضية عادلة، وليسوا حالة طارئة أو بندقية للإيجار. هم جزء أصيل من جسد سوريا، كانوا وما زالوا من أكثر الحريصين على وحدتها، وعلى مستقبلها الديمقراطي. وإذا كانت سوريا لجميع أبنائها: عرباً وكرداً، آشوريين وسرياناً، إسماعيليين ودروزاً وسواهم أية كانت تصنيفاتهم، فإن الكرد لا يطالبون بأكثر من حقوقهم، كما لا يقبلون بأقل منه، قبل المستقوون أم لم يقبلوا!.
لن يكون الكرد خارج أي اتفاق سوري مستقبلي، مهما حاول المتآمرون تغييبهم أو تجاوزهم. إن أي تسوية لا تضع الكرد في قلب المعادلة السياسية، ولا تعترف بحقوقهم، ستولد مشوهة، وستعيد إنتاج الأزمة من جديد. أما رفع صفة الإرهاب عن شخص فيما يخصه، أو جهة، أو تنظيم، فيما يخصهما، فهو أمر سياسي بحت، لا يمكن أن يُتخذ ذريعة لتسويغ المجازر أو لشرعنة الانتقام، فلا قرار سياسي يعلو على الدم البريء.
من هنا، فإن رفع العقوبات عن سوريا هو مكسب للشعب السوري، كل الشعب، لا يجوز اختزاله إلى فرصة للانتقام أو لتصفية الحسابات. هذا الفتح لا يعني رخصة مفتوحة لإبادة الكرد، ولا لإعادة عجلة الزمن إلى ما قبل الثورة. بل هو مسؤولية جماعية يجب أن يُترجم في خطاب وطني جامع، لا في خطب تحريضية تنفث الكراهية من أفواه ناطقة باسم الطغيان المعارض.
كردستان، برمتها، حقيقة تاريخية وجغرافية، ولها امتدادها في سوريا، شاء من شاء وأبى من أبى. مهما تكالبت التحالفات الإقليمية والدولية، فإن هذه الحقيقة لن تذوب. وإذا كان مستقبل سوريا يكمن في خيار جامع، فإن الفيدرالية هي الصيغة الأنسب لضمان العدالة، والمشاركة، وبناء الدولة المدنية.
وليكن قرار رفع العقوبات بداية لثورة حقيقية، لا في الشارع هذه المرة، بل في ضمير من يملكون السلطة الفعلية على الأرض. من مترئسها الأول إلى أصغر من بيده الأمر. فالثورة الأجدر أن تبدأ من داخل سلطة الأمر الواقع، حين تعيد النظر في روحها لا في شكلها، في خطابها لا في أزيائها، بأن تخلع ثوب القهر وتفتح بوابات العدالة الانتقالية الشاملة، لتشمل الجميع: من العلويين والدروز إلى كل من دفع ثمن هذه الحرب ظلماً أو تغييبا أو تهجيراً.
آن أوان ألا ينام مظلوم هذه الليلة، ولا أن يبقى جائع دون خريطة طريق واضحة لإنصافه. فليُرسم فجر سوريا الجديدة انطلاقاً من هذا التحدي الإنساني والأخلاقي، لا بانتظار تتويج زعيم أو تسويق واجهة، بل لإنقاذ الإنسان السوري، ووضعه في المكانة التي تليق بكرامته: مكرماً، أبياً، غير معوز، حراً فوق أرضه، وبين أهله، ومعترفاً به الاعتراف الكامل.

دون الهامش:
إلى أولئك المتوهمين بأن رفع العقوبات نافذة انتقام:
إن أي قطرة دم تسيل من طفل، أو امرأة، أو شيخ، هي جريمة بحق الإنسانية، ولا يبررها علم، أو رئيس، أو دستور.
لن تكون الفيدرالية مبرراً للتقسيم، بل جسر عبور إلى وطن يتسع للجميع.
وللحديث بقية...



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في متوالية الاستقواءات حين يفقد العالم شرعيته
- بعد ثلاث وستين سنة من قتله تحت التعذيب.. نجل الفنان الشهيد ي ...
- وداعًا أيها السلاح لوعاد همنغواي حياً ماذا كان سيكتب؟
- وداعًا أيها السلاح: رواية الموت المؤجل والمعنى المنكسر-2
- وداعًا أيها السلاح...وداعاً أيها الظلم أم وداعًا أيها الحلم؟
- يوسف جلبي الفنان الكردي الكبير غنى لشعبه ولنوروز والمظلومين ...
- سري كانيي... المدينة المنفية من الخرائط والضمائر
- الفنان الكردي الكبير يوسف جلبي في الذكرى الثالثة والخمسين لا ...
- مأثرة التدوين وسقوط التخوين
- ليس دفاعاً عن الشيخ الهجري: حين تُستنجد الطائفة بأخلاقيات ال ...
- الطائفة كأداة تفكيك: حين تُغتال الدولة في مهدها
- الدروز واستهداف الكيان: فتنة المذهبة ومسؤولية الدولة المتخيل ...
- -الفتنةُ على سرير الموتى: فيمن يحترفون زرع الألغام وتأليب ال ...
- ما بعد مؤتمر قامشلي بين سمّ العقدة وشرعية الدفاع عن الوجود.
- الموالاة والمعارضة في سوريا: التقاءٌ وافتراقٌ في مرايا الدم
- خمسون عاماً في محرقة الصحافة: في سيرة الإعلامي الذي يحارب نف ...
- رمضان نجم أومري حين يصبح الفن جبهة والعود سلاحًا للوجود
- رمضان نجم أومري حين يصبح الفن جبهة والعود سلاحًا للكرامة
- الزئبقيون: سيكولوجيا الحرباء في ظل السلطة
- جلد الذات والعبودية تجاه الآخر وسائل التواصل ومفاقمة العقدة!


المزيد.....




- رئيس الوزراء القطري: إسرائيل غير مهتمة بالتفاوض على وقف إطلا ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران تستهدف برنامجها الصاروخي
- منظمات دولية تحذر من مجاعة في غزة بسبب الحصار المستمر
- مصر تشكل غرفة عمليات لمتابعة التطورات في ليبيا.. وتوجه نداء ...
- أغلبهم تجنس وفق بند -الأعمال الجليلة-.. الكويت تسحب الجنسية ...
- مصر تنقل 250 قطعة أثرية من كنوز متاحفها إلى هونج كونج
- سيناتور أمريكي: يبدو أن ترامب اعتبر العملية ضد الحوثيين مكلف ...
- ترامب لأمير قطر: سيكون هناك عرض جوي غدا بمشاركة أحدث الطائرا ...
- بوتين يجري اتصالا هاتفيا مع رئيس البرازيل خلال توقف تقني لطا ...
- إسرائيل تحتل 35% من مساحة غزة بتوسيع المنطقة العازلة


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - رفع العقوبات عن سوريا: لا رخصة للذبح الحلال... !