أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - -الفتنةُ على سرير الموتى: فيمن يحترفون زرع الألغام وتأليب الناس منذ ربع قرن!-















المزيد.....

-الفتنةُ على سرير الموتى: فيمن يحترفون زرع الألغام وتأليب الناس منذ ربع قرن!-


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8329 - 2025 / 5 / 1 - 08:20
المحور: الادب والفن
    


توطئة واستعادة:
لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه
بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي الصورة. أما الصديق مشعل، فقد كان يفعل ذلك بجرأته المعهودة، كما حين خرج من السجن في عام 2011، وأعلن بوضوح ما تعرض له. أتذكر أنني رويت له بعيد الثاني عشر من آذار حكاية من التراث الكردي: أن شخصًا في إحدى القرى هدد آخر، فقام ثالثٌ ليلاً تحت جنح العتمة بقتل المهدَّد، ليتم اتهام المُهدِّد، ويكون بذلك قد نجح في زرع الفتنة بين ذوي الطرفين، محققاً غايته الدنيئة، لاتهمه الأرواح البريئة التي ستقتل! كما أنه بعد استشهاد الشيخ محمد معشوق خزنوي، والدعوة إلى مظاهرة عشية الخامس من حزيران 2005، من قبل بعضهم، ولم أكن منهم، فقد أُطلقت تهديداتٍ متلاحقة طالتني أنا والصديق الشهيد مشعل التمو، أكثر من مرة، في لحظات مفصلية، عشناها بوعي الخطر المحدق. وكان بعض الأصدقاء المقربين، من حول الشهيد مشعل، كهيبت معمو وأحمدي موسى وغيرهما، شهوداً على تلك اللحظات الثقيلة، ما دفع بالصديق الشهيد لعدم حضور تلك التظاهرة.
في أنموذج الشخص الثالث: زارع الفتنة عن بُعد!
ولم يكن ما بعد انتفاضة الثاني عشر من آذار بعيدًا عن هذا النمط. إذ استغل أحدهم خلافًا عابرًا بيني وبين صديق، فراح يتقمص شخصيته، ويهددني تارة، ويكتب ضدي تارة أخرى، بينما هو ذاته كان يتصل بي، منتحلاً دور المقرَّب. المدافع. الغيور، مطمئناً إلى أن فتيله المسموم قد وُضع في مكانه، ملتقطاً الأخبار التي يحتاجها، لمواصلة جريمته. فقد كان يظهر بمظهر المتعاطف، ليسألني- على نحو شبه يومي تقريباً- عن الأحوال، ثم يبتسم سراً كلما شعر بأن خطته تحقق هدفها، إلى أن تم اكتشافه بعد فوات الأوان.
وإنما أوردت هذه الأمثلة من تجربتي الشخصية لا رغبة في الشكوى، بل لتوضيح كيف تدار الخدع، وتُزرع الفتن على يد من يمكن تسميتهم بـ"زُرّاع الفتنة". وهنا يصبح فضاء "فيسبوك" وغيره من منصات التواصل ساحةً مثالية لأولئك الأراذل، الذين يمتهنون بث الكراهية وتسميم العلاقات الإنسانية، عبر أسماء مستعارة، أو عبر رسائل خاصّة، أو تعليقات محرّضة، أو منشورات مجهولة المصدر.
تكوّنت خلال ربع قرن من عمر هذا الفضاء ما لانهاية لها من “الميليشيات الإلكترونية"، وهي أشبه بمسوخٍ تافهة، وظيفتها إشعال الحرائق بين الأصدقاء، وبين المكونات، وبين أبناء البيت الواحد، بل وأفراد العائلة الواحدة أحياناً. شخصٌ تافه، أو امرأة مهووسة بالتحريض، يهرول أو تهرول نحو كل مزبلة رقمية فيها إشارة، ولو زائفة، ضد خصمٍ شخصي أو خيالي، لتتوطد العلاقة السامة مع مصدر" القاذورات". ومن هناك يبدأ التشويه، ويتحوّل الخلاف إلى عداوة، وتُزرع ألغام الفتنة.

أما على المستوى الأوسع، فإن ما جرى ويجري في سوريا خلال سنوات الحرب، يقدم مشهداً أوضح وأشدَّ قتامة. هناك من تخصصوا في مخاطبة "الجهات العليا"، بالتحريض على وجوه بارزة أو مكونات بعينها، عبر أخبار مفبركة أو وقائع ملفقة، أو بالاشتغال الصريح على إذكاء النزعات الطائفية، وتقديم المكون الكردي على أنه العدو، من قبل حفنة من" الحثالات" التي لا تمثل مكوناتها، وهي مبرّأة من أفعالهم.
لقد شهدنا تحريضًا ضد العلويين في زمن مجازر الساحل- رغم وجود بقايا النظام البائد بين المكونات" الحاكمة" كلها- وسمعنا التسجيلات الصوتية التي نسبت زورًا لبعض الأفراد، وساهمت في إشعال الحرائق، كما حدث في جرمانا، وفتحت أبواباً للخراب لم تُغلق حتى اليوم. هذا الفعل، بمستواه العالي في الحقد، لم يكن ليتم لولا تخطيط مسبق من عقول منتنة اعتادت العمل في الظل، ونشر الفتنة ثم التبرؤ منها.
وما يزيد من خطورة هذه الفئة أن بعضها يحترف الشتم والتخوين باسم طرف ضد طرف آخر، ضمن المكون الواحد، والهدف: تفتيت البيت من الداخل، وتقويض الثقة بين جميعهم. هذه العقول النتنة السوداء تسعى إلى التدمير لا البناء، إلى التفرقة لا التقريب.
نفاق وخبث ولؤم وإرهاب:
بعض هؤلاء الذين حرضوا ضد الشهيدين الشيخ محمد معشوق ومشعل التمو كانوا من بين من ساروا في جنازة كل منهما، وأمُّوا مجالس العزاء بهما، أو من بكوهما على وسائل التواصل الاجتماعي، ذارفين دموع التماسيح، وكانت كتابات هؤلاء ضدهما من بين الدوافع التي مهدت وأدت إلى اغتيالهما، والتأليب عليهما، كذبا وزوراً وبهتاناً، نتيجة ضيقهم وعجزهم عن مجاراة دوريهما المهمين واللافتين، وهو ما يتم حتى الآن ضد كل مناضل غيري يعمل لأجل قضيته، من قبل قطعان المنهزمين.
ثمة من يهوّن من خطر هؤلاء، فيصفهم بـ"الذباب الإلكتروني"، أو يشبّههم بـ"الفئران" و"الجرذان"، اللائذة بجحورها عند استشعار الخطر، رغم رمزية الذباب الطائر من مزبلة إلى أخرى والجرذ المتنقل بين مستنقع وآخر، أو حتى بالحدأ الذي يبدو محلقاً بين حين وآخر وهو يشعل الحرائق في الغابات في إطار تسهيل صيده، لكن الحقيقة أكثر فداحة: إذ إن تلك الكائنات تتحرك بدافع الغريزة، لتأكل أو تختبئ أو تنجو، أما هؤلاء، فبشر تجردوا من إنسانيتهم، واستخدموا العقل لا للخلق بل للهدم، لا للنجاة بل لحرق كل شيء، فقط لأن أحدًا ما يضيء شمعة، فينقلون النار من حقدهم لينشروا الرماد.
إنني أحمّل الجهات العليا التي تضع الإنترنت ووسائل التواصل بين أيدي العامة- وهو حق لنا جميعاً- دون ضوابط، مسؤولية أخلاقية وقانونية، لمساءلة هؤلاء المحرّضين والمجرمين الرقميين، وتقديمهم إلى المحاكم. كما أدعو كل محكمة – داخل الوطن أو خارجه - إلى التعامل بصرامة مع هؤلاء، الذين لا يقل خطرهم عن زارعي القنابل. فهم زارعو ألغام الفتنة، ومفجرو المجتمعات عن بُعد، بمكر وخسة.
منذ ربع قرن، أجل، أي منذ مشاعية وانتشار شبكة الإنترنت، نشط هؤلاء المتفرغون لبث السموم، دون أن يتقاعدوا، بل تجددت أدواتهم، وامتدت أذرعتهم، واكتسبوا مهارات جديدة، لكنهم ظلوا هم ذواتهم، المرضى الذين يعجزون عن الحياة إلا عبر إفساد حياة الآخرين، بإخفاء وجوههم، وتغيير أقنعتهم، وتبديل مواقعهم. وفي النهاية، فإنهم لا ينجحون إلا بوجود جمهور يصدّق، ويصفق. مهمتنا ألا نسقط في الفخ ذاته، ألا نصدق كل ما يُكتب، ألا نسمح للفتنة أن تجد تربة لها بيننا. إذ إن الوعي- أولاً وأخيراً- هو الحصن، والحكمة هي السلاح، والمعرفة هي الطريق.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد مؤتمر قامشلي بين سمّ العقدة وشرعية الدفاع عن الوجود.
- الموالاة والمعارضة في سوريا: التقاءٌ وافتراقٌ في مرايا الدم
- خمسون عاماً في محرقة الصحافة: في سيرة الإعلامي الذي يحارب نف ...
- رمضان نجم أومري حين يصبح الفن جبهة والعود سلاحًا للوجود
- رمضان نجم أومري حين يصبح الفن جبهة والعود سلاحًا للكرامة
- الزئبقيون: سيكولوجيا الحرباء في ظل السلطة
- جلد الذات والعبودية تجاه الآخر وسائل التواصل ومفاقمة العقدة!
- لماذا أكتب؟ حين تصبح الكتابة بلا قرّاء! في رثاء نصف قرن من ا ...
- بعد مئة يوم ويوم على سقوط الأسد: خطوط في خريطة طريق أمام الس ...
- بعد مئة يوم على سقوط الأسد: من منهما أعاد سوريا إلى الآخر؟
- مائة يوم من السقوط: محطات هائلة من التحولات كأنها قرن
- من يستلم يقرّر جور ووجوه تتكرر!
- الشمس تشرق من وراء الجبل: عفرين تسقط الرهان والأقنعة
- السنية السياسية كإطار جامع جدلية القيادة والشراكة في سوريا ا ...
- من يرفع علم إسرائيل - 2-
- وصايات وتوصيات النذر بالقيم وتناسي الذات!
- من يرفع العلم الإسرائيلي؟ .
- من يرفع العلم الإسرائيلي؟
- حكومة دمشق الانتقالية: في امتحان الاعتراف بحقوق الكرد
- بعد سقوط البعث العنصري ونظام أسده: قمم جيايي كورمينج تتوهج ب ...


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - -الفتنةُ على سرير الموتى: فيمن يحترفون زرع الألغام وتأليب الناس منذ ربع قرن!-