أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - من يستلم يقرّر جور ووجوه تتكرر!














المزيد.....

من يستلم يقرّر جور ووجوه تتكرر!


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8304 - 2025 / 4 / 6 - 04:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من يستلم يقرّر
جور ووجوه تتكرر!

إبراهيم اليوسف
ما أشبه البدايات بالنهايات، وما أشبه الوجوه التي تتبدّل بتلك التي سبقتها!
حين يُخلع نظامٌ مستبدّ من موقعه، تُقرع طبول الفرح كما لو أن فجرًا جديدًا بزغ بعد ظلمة طويلة. لكن، سرعان ما يكتشف الناس أن المسرح لم يتغيّر كثيرًا، وأن التمثيل مستمرّ بوجوه جديدة، ولكن بنصٍّ قديم، حتى وإن اختلفت شعاراته، أو تضادت مع السابق، عبر منهج أكثر تحايلاً، وأنجع سطوة وتخديراً.
لقد قيل إن المرحلة السابقة انتهت، وإن صفحة جديدة بدأت. لكن بأي وسيلة؟ لم تكن ثورة حقيقية على نظام الظلم، بل مجرّد انتقال شكلي في سلطة القرار، وفق منطق التسليم والتسلُّم، لا بناءً على تفكيك منظومة الاستبداد، ولا على قاعدة محاسبة ومراجعة جذرية، عبر تطبيق العدالة الانتقالية الموعودة!
رفعوا شعار: "من يحرّر يقرّر"، لكن من الواقع تبيّن أن أحدًا لم يحرّر، بل جرى ترتيب استلامٍ محسوب، أنتج منظومة جديدة بلباس مختلف. الذين تسلّموا زمام الأمور لم يستمدوا مشروعهم من الإرادة الشعبية، بل من توازنات مشبوهة، وحسابات مغلقة. ومنذ اللحظة الأولى، ظهر التوجّه للهيمنة على القرار، وإقصاء كلّ من لم يبارك النسخة الجديدة للسلطة.
ما تمّ لم يكن تأسيسًا لمرحلة تعددية، بل إعادة تدوير مركزة القرار. لم تبن مؤسسات عادلة، بل أُعيد إنتاج العقلية ذاتها التي كانت سائدة في النظام السابق. فالإقصاء طال كل من لم يُعلن الولاء المطلق لقيادة المرحلة، حتى وإن كان من أوائل الذين ضحّوا، وناضلوا من أجل التحرّر الفعلي.
صحيح أنّ من كانوا في قلب الحاشية القديمة يستحقّون تقديمهم للمحاكم.. كل بحسب ما ارتكبه من ضرر وانتهاكات، بل وممارسة الإقصاء بحقهم، نظراً لما اقترفوه بحقّ البلاد. غير أنّ ما جرى تجاوز ذلك، إذ أُقصيَ أيضاً كثيرون من أصحاب الكفاءة، ممن لا صلة لهم بالنظام البائد، فقط لأنهم لا ينتمون إلى الدائرة السياسية التي أعيد إنتاجها، في إطار ضيق ورؤى جد خاصة، أو لأنهم لم يصفّقوا بما يكفي لسلطة الأمر الواقع.
وما بدا أكثر فظاعة هو أنّ الاختيار اقتصر على لون واحد، من بيت واحد، من جهة واحدة. لم تُبنَ السلطة على قاعدة التعددية، بل على محورية الولاء، حتى وإن كان ذلك على حساب الكفاءة والنزاهة. وبهذا، تحوّلت مؤسسات الدولة إلى مجرد واجهات لسلطة متسلّطة، تتكرر فيها نفس أنماط الإقصاء والتهميش.
منظومة القرار الحالية لم تتجه نحو العدالة، بل نحو تثبيت الهيمنة بأساليب ناعمة. تمّ تجميل الاستفراد، وتزيين التفرد، باستخدام خطاب مدني، لكنه يحمل في جوهره كل ملامح النظام الذي سُمي "سابقًا". لم يُفتح باب المشاركة، بل أُغلق بإحكام، مع تصنيف المعارضين بأنهم خصوم للثورة، أو عملاء، أو مجرد أصوات نشاز.
كل من لم يأتِ من العائلة السياسية الجديدة، أو لم يردّد ما يُراد له أن يردّده، بات منفيًّا، وإن بقي في مكانه. لا قيمة لتاريخه، ولا لصدقه، ولا لحلمه. المهمّ أن يكون صدى لسلطة تستمد شرعيتها من السيطرة، لا من الناس. هكذا، صارت الثورة أداة بيد فئة، لا مشروعًا جامعًا لكل من ضحّى من أجلها.
"من يستلم يقرر الشعار الأصل في إخراجه المفروض" من يحرر يقرر""، لا تعني هنا الشجاعة في تحمّل المسؤولية، بل تعني الهيمنة. لا تعني البناء، بل الإخضاع. كل قرار يُتخذ داخل دائرة ضيّقة، دون مساءلة، دون محاسبة، دون اعتراف بتعدد الآراء. المؤسسات تُستخدم غطاءً للقرار الفردي، والشرعية تُمنح لمن يصفّق، لا لمن يقترح ويعارض وينتقد.
لقد بدا المشهد وكأن السلطة لم تُنتزع من النظام السابق، بل استمرّت روحه في نفوس من ورثوه. من استلموا دفة القيادة منه، وإن رفعت التقديس عن الدكتاتور" المتأله" كي يتم الحكم باسم وكلاء الإله. الذهنية المغلقة عينها، الاحتقار للمخالف نفسه، الترويج لزعامة مصطنعة ذاتها ، يتمّ التسويق لها بكل الوسائل، حتى لو احترقت القرى والمدن وتبعثرت الكرامات.
الثورة لم تكن ضدّ شخص، بل ضدّ منطق الحكم كغنيمة، والسلطة كملكية. من قادوا المرحلة بعد النظام، لم يدركوا ذلك، بل تورطوا في تكرار النموذج، مع طلاء جديد. لم تكن لهم الجرأة على مواجهة الذات، ولا على بناء نموذج حكم عادل، شفاف، قائم على الشراكة، لا الإقصاء.
ومن هنا، فإن التغيير الحقيقي لا يكون بتبديل العناوين، بل بتفكيك البنية العميقة للاستبداد. حيث لا يُقاس التقدّم بعدد الاجتماعات والمؤتمرات، بل بمدى تمكين المواطن من حقّه في القرار. ولا تُقاس الوطنية بمقدار الولاء للسلطة، بل بمقدار الشفافية، وفتح الأبواب للنقاش، والاعتراف بالآخر.
ما لم تخرج السلطة من قوقعتها، وتُعدّل منطقها، وتفسح المجال أمام كل الطيف الوطني، فإنها ستتحوّل إلى نسخة جديدة من منظومة قديمة، وستخسر أخطر ما يمكن أن تخسره أي قيادة: ثقة الناس، وإن كان الحكم باسم سلطة السماء بعد أن كانت باسم سلطة الأرضين!
إن استمرار هذا النمط من الحكم سيعيد إنتاج المأساة. قد يختلف الاسم، واللباس، والعلم، ولكنّ المضمون سيظلّ نفسه: إقصاء، قهر، تزييف، وتكريس السلطة لفئة على حساب وطن.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشمس تشرق من وراء الجبل: عفرين تسقط الرهان والأقنعة
- السنية السياسية كإطار جامع جدلية القيادة والشراكة في سوريا ا ...
- من يرفع علم إسرائيل - 2-
- وصايات وتوصيات النذر بالقيم وتناسي الذات!
- من يرفع العلم الإسرائيلي؟ .
- من يرفع العلم الإسرائيلي؟
- حكومة دمشق الانتقالية: في امتحان الاعتراف بحقوق الكرد
- بعد سقوط البعث العنصري ونظام أسده: قمم جيايي كورمينج تتوهج ب ...
- الأسد والبعث وثنائية الأكثرية والأقلية
- السيد الشرع في دوامته لا خريطة طريق للخلاص إلا عبر رفع آلة ا ...
- دولة المماطلة: بين الحلم بالمواطنة وواقع الإقصاء
- نقد قانوني للإعلان الدستوري المقر لسوريا في المرحلة الانتقال ...
- نقد قانوني للإعلان الدستوري المقر لسوريا في المرحلة الانتقال ...
- حصار الساحل السوري موت بطيء تحت الحصار لمن نجوا من القتل الج ...
- قراءة نقدية قانونية للدستور الجديد: إشكاليات التمييز والهوية ...
- السيد الرئيس الشرع: لا أوافق على دستورك ورئاستك بهذه الصيغة!
- مذابح الساحل السوري: توثيق الجريمة وفضح رعاة القتلة
- إبراهيم محمود عن شهداء الانتفاضة: اعذروني لن أكتب عنكم
- اتفاقية- الأمر الواقع- ما لها وما عليها.
- حجر أساس لبناء الجمهورية السورية في انتظار استكمال العمارة ا ...


المزيد.....




- 60 قتيلًا في فيضانات مدمّرة شمال الصين.. ودار للمسنين تتحول ...
- استقالة رئيس وزراء ليتوانيا في إطار تحقيق بشأن مخالفات مالية ...
- ملف حصر السلاح يضع حزب الله والدولة اللبنانية على مفترق طرق ...
- السجن مدى الحياة لسويدي لدوره بقتل طيار أردني
- روبيو: الاعتراف بدولة فلسطينية يقوض المفاوضات ويزيد تعنت حما ...
- كاتب تركي: ما أهمية ميثاق التعاون الدفاعي بين تركيا وسوريا؟ ...
- العلاقات الروسية السورية.. اتفاقيات للمراجعة وملفات للمستقبل ...
- استهدفتها بأسلحة جديدة في مواقع مختلفة.. ما رسائل موسكو لكيي ...
- 15 قتيلا في هجوم روسي على كييف وزيلينسكي يدعو إلى -تغيير الن ...
- شاهد.. لحظة انقسام لعبة -البندول- في مدينة ملاهي بالسعودية إ ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - من يستلم يقرّر جور ووجوه تتكرر!