أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - أحمد الجوهري - نقد جذري لمقال -نحو تجديد ماركسي-لينيني يتجاوز المأزق اللاسلطوي- - رد على الباحث علي طبله















المزيد.....

نقد جذري لمقال -نحو تجديد ماركسي-لينيني يتجاوز المأزق اللاسلطوي- - رد على الباحث علي طبله


أحمد الجوهري
مهندس مدني *مهندس تصميم انشائي* ماركسي-تشومسكي|اشتراكي تحرري

(Ahmed El Gohary)


الحوار المتمدن-العدد: 8339 - 2025 / 5 / 11 - 02:23
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


مقدمة واجبة: عن احترام الأشخاص وقطيعة الأفكار
قبل الدخول في صلب هذا النقد، أود أن أوضح بجلاء أن ما أقدمه هنا لا يمثّل بأي حال من الأحوال هجومًا شخصيًا على كاتب المقال الأصلي، الذي أقدّره كمفكر شيوعي وأديب يحاول بإخلاص أن يجد مخرجًا من مأزق التكلّس النظري الذي تعاني منه الحركات التقدمية. إن محاولته، مهما اختلفتُ معها جذريًا، تنبع من حرص حقيقي على إحياء المشروع الاشتراكي، وهذا أمر يُحترم ويُثمّن.

لكن، ورغم هذا التقدير الإنساني والفكري، فإن ما أطرحه هنا هو نقدٌ جذريٌ لفكرة المقال ذاتها، ولمجمل التصور الذي يقترحه، بما يحمله من إعادة إنتاج لمفاهيم الدولة الانتقالية والحزب الطليعي تحت مسمّيات جديدة.

إن الموقف الذي أتخذه ليس اختلافًا تجميليًا، بل قطيعة ضرورية مع التراث السياسي الذي يرى في الدولة والحزب أدوات خلاص، في حين أثبتت التجربة التاريخية أنها كانت سلاسل جديدة بأسماء حمراء.

نقدي موجّه للبنية النظرية، لا لشخص كاتبها. وأملي أن يُفهم هذا النص في سياقه: مساهمة صادقة من داخل الحركة اليسارية، للبحث عن تحرر لا يُختطف، واشتراكية لا تُفرغ من معناها.


تمهيد: عن وهم التجديد دون قطيعة
أول ما يلفت الانتباه في المقال هو الادعاء بـ"تجديد ماركسي-لينيني"، بينما يظل الكاتب متشبثًا بكل الآليات السلطوية القديمة، بدءًا من مفهوم الدولة الانتقالية، مرورًا بالحزب الطليعي، وصولًا إلى التبرير البيروقراطي للفشل. لكن لا تجديد بلا قطيعة، ولا قطيعة دون هدم الأسس التي كرّست المأساة.

ما يُسمّى "إعادة ابتكار" الحزب أو "الاحتفاظ بديكتاتورية البروليتاريا" ما هو إلا إعادة تدوير لبنية استبدادية فشلت تاريخيًا، وانتهت دومًا إلى سحق الإنسان باسم الطبقة. الاشتراكية لا يمكن أن تُبنى على قمع مؤجل، ولا على دولة تُبرر نفسها بأنها "مرحلية". إننا لا نريد استبدال البرجوازي بالبيروقراطي، ولا نؤمن بثورة تنتهي إلى عبودية جديدة.

١. الدولة: خرافة "الضرورة الثورية"
الكاتب يستشهد بـ"نقد برنامج غوتا" و"الحرب الأهلية في فرنسا" ليبرر بناء دولة جديدة، تُسمى هذه المرة "ديكتاتورية البروليتاريا". لكن دعونا نكن صريحين: كل "ديكتاتورية" تنتهي ديكتاتورية فعلية. وكل دولة، مهما ادّعت تمثيل الطبقة العاملة، تتحول إلى أداة قمع طبقي جديد، تفرض باسمها شرعية لم يعد لها محل في زمن التنظيمات الأفقية والوعي الجماهيري.

ما جرى في كومونة باريس، وما حدث لاحقًا في إسبانيا الثورية، ليس دليلًا على فشل غياب الدولة، بل على وحشية الرأسمالية عند افتضاح أمرها. الرد الحقيقي على قمع الثورة ليس تقليد قمعها، بل بناء ما يُضادها جذريًا: سلطة مضادة للدولة، لا دولة مضادة للدولة.

٢. الحزب الطليعي: هرطقة الانضباط وخرافة القيادة
الكاتب يحاول التمييز بين "الحزب الطليعي" اللينيني الأصلي وبين التحول البيروقراطي الذي حدث لاحقًا. لكن أي تحليل مادي حقيقي يجب أن يرى التماثل، لا القطيعة. بنية الحزب الهرمية، المُنضبطة، القابلة للانغلاق، هي التي أدت إلى البيروقراطية. ليست انحرافًا، بل نتيجة منطقية للبنية نفسها.

ثم من يعطي "الطليعة" هذا الحق الميتافيزيقي في تمثيل "الطبقة"؟ من قال إن الجماهير بحاجة إلى من "يهيّئها"؟ إن القول بأن الجماهير تحتاج إلى قيادة فوقية كي تنضج، هو إعادة إنتاج لخطاب الوصاية البرجوازي نفسه، لكن بأدبيات حمراء.

كل حزب طليعي يحمل في جوهره احتقارًا للناس، وارتباكًا أمام إمكانياتهم. نحن لا نحتاج لحزب يربينا، بل نحتاج لمجتمع نربيه ونصوغه أفقيًا، ذاتيًا، جماعيًا.

٣. رأسمالية الدولة: لماذا نسمي الأشياء بغير أسمائها؟
الكاتب يحاول تخفيف جريمة "رأسمالية الدولة" بوصفها "تحولات ناقصة ومعقدة". لكنه يتهرب من الحقيقة: أن كل ما سُمّي "اشتراكية واقعية" لم يكن إلا نظامًا رأسماليًا تحت إدارة حزب. ملكية الدولة ليست اشتراكية، بل تحويل لرأس المال إلى احتكار بيروقراطي جماعي.

التعليم المجاني والصحة والبنية التحتية لا تُعد اشتراكية إن لم تكن نابعة من سلطة الشعب المباشرة. كم من دولة رأسمالية توفر هذه الخدمات؟ هل صارت "فنلندا" اشتراكية لأنها تمول المدارس؟

ما يجعل المشروع اشتراكيًا ليس السياسات الاجتماعية بل البنية الطبقية للسلطة، ومن يحكم من، وكيف. وأي نظام لا يضع أدوات الحكم في يد العمال أنفسهم، مباشرة، هو في جوهره نظام رأسمالي مقنع.

٤. التنظيم القاعدي والأممية الشبكية: تضاد لا وحدة
الكاتب يتحدث عن "التنظيم القاعدي" بوصفه جزءًا من مشروعه، لكنه يعيده بسرعة إلى قفص مركزي اسمه "الحزب الديمقراطي المنضبط". ما الفائدة من بناء القاعدة، إن كانت ستخضع في النهاية لقيادة فوقية ولو تحت اسم "رقابة شعبية"؟

ثم إن فكرة "الأممية الشبكية" المطروحة في النص، رغم جمالها اللفظي، تُفرّغ من مضمونها حين تُربط مجددًا بالأحزاب والنقابات تحت مسمّى "تنسيق طبقي". الأممية الحقيقية لا تحتاج لإدارة مركزية مرنة، بل لحركة من الأسفل، متعددة، غير خاضعة لأي جهاز فوقي، ولا لأي تنميط.

٥. التناقضات الجوهرية في النص
يدّعي الكاتب تجديد الماركسية اللينينية، ثم يعود لتمجيد نفس الأدوات التي فشلت تاريخيًا.

يرفض الطوباوية، لكنه يتمسك بأسطورة دولة انتقالية لم تعرف البشرية سوى وجهها القمعي.

يحتفي بالتنظيم القاعدي، ثم يربطه بجهاز فوقي هو الحزب.

ينتقد رأسمالية الدولة لفظًا، لكنه يدافع عنها جوهرًا بوصفها "مرحلة ناقصة".

يريد ديمقراطية، لكنه يصر على "الانضباط" و"القيادة" و"المركزية الشبكية" تحت مسميات ناعمة.

خاتمة: لا تجديد دون جذرية
إن ما يُطرحه في المقال لا يمثل تجديدًا بل تجميلًا لماضٍ ميت. نحن لا نريد لافتة جديدة على جهاز قديم. نحن نرفض الدولة كأداة للتحرر، ونرفض الحزب كبديل عن الوعي. نؤمن أن الطبقة العاملة قادرة، بذاتها، على تنظيم نفسها، وبناء سلطتها الخاصة، أفقيًا، ديمقراطيًا، دون وصاية.

التحرر لا يُدار من أعلى، ولا يُؤجل بمرحلة انتقالية، ولا يُنفذ بانضباط حزبي. التحرر يُمارس هنا، والآن، ومن الأسفل.

تحيا التنظيمات القاعدية الثورية.
تسقط كل دولة، وكل حزب هرمي.
ولتنهض سلطة العمال من الرماد، لا من القصر.



#أحمد_الجوهري (هاشتاغ)       Ahmed_El_Gohary#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البجعة السوداء – مأساة السعي نحو الكمال
- توليف اشتراكي تحرري: نقد لكتاب جيرالد كوهين نظرية ماركس للتا ...
- نقد اشتراكي ليبرتاري لإعادة البناء التحليلية للمادية التاريخ ...
- البحث عن الإله في أدبيات نجيب محفوظ – الحلقة الثانية: ثلاثية ...
- البحث عن الإله في أدبيات نجيب محفوظ – الحلقة الأولى: أولاد ح ...
- من الإقطاع إلى النيوليبرالية: قراءة مادية جدلية في “حديث الص ...
- من الوهم إلى الواقع: قراءة ماركسية تحليلية لتحولات السلطة في ...
- نقد التجارب الاشتراكية الزائفة -رأسمالية الدولة- بين فؤاد زك ...
- من الوهم إلى الحقيقة: عبد الناصر لم يكن يسارياً ومصر لم تكن ...
- يزيد المصري: ثنائية الخالق والمادة في حديث الصباح والمساء — ...
- نقد الظاهرة الدينية: دراسة حول النبوة والإله الإبراهيمي من م ...
- في العالم الكمومي، حتى وجهات النظر غير مؤكدة (ترجمة إلى العر ...
- من الوهم إلى الواقع: إلغاء الدولة كشرط لتحرير الإنسان وبناء ...
- من الوهم إلى الواقع: نقد آليات النيوليبرالية في توزيع الثروة ...
- إيلون ماسك: ادعاءات الابتكار وتركيز السلطة – قراءة نقدية لاس ...
- الحوسبة الكمومية: تحليل شامل للمبادئ والتطور التاريخي والتطب ...
- الاقتصاد العالمي الناشئ (مترجم الي العربية)
- إذا أردت فهم الماركسية، اقرأ جيرالد ألان كوهين (مترجم الي ال ...
- نعوم تشومسكي: ملاحظات حول الفوضوية (مترجم الي العربية)
- مايكل هارينجتون حول الماركسية والديمقراطية (مترجم الي العربي ...


المزيد.....




- مصر وقطر ترحبان بإعلان حماس موافقتها على إطلاق سراح رهينة أم ...
- مكتب نتنياهو: المفاوضات مع حماس ستجري تحت النار
- نتنياهو: لا أعتقد أنكم ستسمعون عن دولة فلسطينية ولم نطلب إذن ...
- زيلينسكي يقول إنه سيلتقي بوتين يوم الخميس المقبل في تركيا ...
- البيت الأبيض: الولايات المتحدة تعلن التوصل إلى اتفاق تجاري م ...
- مقتل شرطيين في تفجير استهدف مركبة للشرطة شمال غرب باكستان
- وسط جدل سياسي.. تظاهرات حاشدة في ألمانيا للمطالبة بحظر حزب - ...
- مظاهرات في عشرات المدن الألمانية تطالب بحظر حزب البديل
- وسائل إعلام أمريكية تكشف عن قبول ترامب هدية فاخرة بمئات ملاي ...
- بولندا: العالم ينتظر قرارا بشأن وقف إطلاق النار فوراً في أوك ...


المزيد.....

- نعوم تشومسكي حول الاتحاد السوفيتي والاشتراكية: صراع الحقيقة ... / أحمد الجوهري
- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - أحمد الجوهري - نقد جذري لمقال -نحو تجديد ماركسي-لينيني يتجاوز المأزق اللاسلطوي- - رد على الباحث علي طبله