أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض سعد - التنكر للطائفية : إشكالية الإنكار وتضليل الممارسات الطائفية














المزيد.....

التنكر للطائفية : إشكالية الإنكار وتضليل الممارسات الطائفية


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 14:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن إنكار الواقع المرضي لا يُفاقم الأزمات فحسب، بل يُحوّلها إلى أمراضٍ مُزمنة، تماماً كالخطأ في تشخيص الداء أو وصف الدواء، الذي قد يُودي بحياة المريض أو يُعمّق معاناته... ؛ وهكذا هو الحال مع الخطاب الطوباوي والهلامي للبعض و الذي يتناقض مع الواقع المُعاش ومعطيات التجارب التاريخية ؛ إذ يُعلن أفرادٌ أو جماعاتٌ ادّعاءَ التمسك بالوطنية أو الوحدة الدينية أو الإنسانية، أو يدّعون السعي لبناء مجتمع مدني متحضر... ؛ وينكرون كل مظاهر الطائفية ويحاربون من يتكلم عنها ... ، بينما تغوص مؤسسات الدولة والمجتمع في وحل الطائفية المقيتة، والعنصرية البغيضة، والانقسامات المناطقية والفئوية التي تُفكّك النسيج الاجتماعي...!!
لا تكمن الإشكالية في وجود هذه الأمراض الاجتماعية فحسب، بل في إنكار وجودها أصلاً، أو تزييف تشخيصها... ؛ فمن أبشع أشكال الطائفية أن يُنكر البعض مظاهرها الواضحة، كالحملات المُمنهجة أو الممارسات اليومية التي تُغذّي الكراهية وتنشر الطائفية ... ؛ وكذلك الأمر مع العنصرية؛ فإن تكذيب الدعوات الجادة لمحاربتها، تحت ذرائع واهية، بينما المجتمع يُعاني من تمييزٍ عنصريٍ منهجي، هو شكلٌ آخر من أشكال العنصرية ذاتها... ؛ والأمر الأعجب أن يُوصم من يكشف هذه الآفات أو يحلّلها بأنه "طائفي" أو "عنصري"، كأن محاربة الداء تُعدّ داءً!
هنا يبرز السؤال الجوهري: ما الذي يدفع فئةً ما إلى تشويه أصواتٍ تنادي بالمساواة وتمكين العدالة؟
ولماذا يُهاجم المصلحون بدلَ أن يُهاجم العملاء والطائفيون والعنصريون ؟
الإجابة تكمن في أن بعضَ من يرفعون شعاراتٍ برّاقةً لمحاربة الطائفية هم في الحقيقة أدواتٌ طائفيةٌ متنكّرة، يخشون أن يكشف النقاشُ العلني زيفَ مواقفهم وحقيقة معدنهم الرديء ... ؛ فهم يستفيدون من استمرار التهميش والإقصاء لمكونات اجتماعية معينة، بينما ينهلون هم من امتيازات السلطة والثروة والوطن ... ؛ ولذلك، يُحاربون أي محاولةٍ لإصلاح النظام القائم، ليس حباً في العدالة والمساواة ، بل خوفاً من فقدان الهيمنة والامتياز الطائفي المتخفي خلف شعارات الوطنية والقومية والعلمانية .
ليس كل من يُعارض الخطاب الطائفي بريئاً ؛ فالكثيرون يُحاربونه لفظاً بينما يمارسونه فعلاً... ؛ فهم يُصرخون في وجه من يتحدّث عن التمييز كي يُلهوا عن جراحات المجتمع النازفة، أو ليُحوّلوا الأنظار عن سياساتهم المُتجذرة في التفرقة والتمييز الطائفي والعنصري والمناطقي... ؛ وهنا تكمن المفارقة الدامغة: أن يصبح الإنكارُ ذاته أداةً لتكريس الاستبداد الطائفي والتمييز العنصري ، وأن يُستَخدم خطابُ الوحدة غطاءً لتفكيكها...!
نعم اقولها واكررها وللمرة الالف : إن هؤلاء الذين يصرخون بوجه كل من يتكلم عن أضرار الطائفية ومساوئ العنصرية ويكشف مصاديقها الخارجية ويسلط الأضواء على التحركات والإجراءات والسلوكيات الطائفية والعنصرية هنا وهناك، إما أنهم أغبياء حمقى سطحيون أو خونة عملاء طائفيون يتسترون على الجرائم والسلوكيات الطائفية والعنصرية... ؛ وإن من أبشع صور الطائفية والعنصرية والمناطقية أن يتم محاربة الأصوات الوطنية التي تدعو إلى محاربة الطائفية وإنصاف الجميع والتعامل بالمساواة مع كافة أبناء الشعب.
إن أغلب الذين يصرخون بوجهك باسم محاربة الطائفية هم طائفيون حد النخاع... ؛ والغاية من وراء دعواتهم هذه أن يتم استمرار غبن وتهميش وإقصاء المكون الفلاني واستمرار الإغداق على المكون الآخر بالامتيازات والحقوق والثروات، بينما يحرم الآخرون منها... ؛ لذلك هم لا يفضلون الكلام بالطائفية لا لأنهم يكرهون الطائفية أو لأنهم ليسوا طائفيين، بل للتستر على النفس الطائفي والإجراءات والسلوكيات الطائفية التي تصب في صالحهم على حساب المكونات المظلومة والمغبونة الأخرى.
إن الدعوة إلى مجتمعٍ عادلٍ لا تتحقق بإنكار الأمراض والعقد الاجتماعية ، بل بمواجهتها بشجاعة وصدق ... ؛ فكما أن العلاج يبدأ بالاعتراف بالمرض ، فإن إصلاح المجتمع يبدأ بتشخيص علله دون مواربة... ؛ أما الهروب إلى الأمام بالادعاء أن الكلام عن الطائفية "يُثير الفرقة"، فهو هروبُ الجبناء الذين يخشون أن يُكشف زيفُ بطولاتهم الوهمية... ؛ فالحقيقة المُرة خيرٌ ألف مرةٍ من الوهم المريح، لأنها البوابة الوحيدة للخلاص.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصدقاء: عائلة الروح ومرآة الذات
- الابتسامة المزيَّفة: قناعٌ من ذهب وحقدٌ من نار
- التشويه الديموغرافي وصراع الهوية: جرائم الاحتلال العثماني وا ...
- النزاعات العائلية والعشائرية في العراق: جذور التمزق الاجتماع ...
- العراق العلوي يدفع الجزية للحكومة الاموية في سوريا ؟!
- العراق وتنازلات السياسة الخارجية... بين الواقع والمأمول
- التعاون مع الإرهاب لمُكافحة الإرهاب : مُناقضة عَقَليّة أم خِ ...
- السياسة بين فن الممكن وواجب الدفاع عن الأرض: خور عبد الله ال ...
- التيه القيادي: أزمة الهوية والتبعية في الواقع الشيعي العراقي
- مليشيا حرس نينوى والتآمر التركي القديم المتجدد
- ظاهرة الجُعْصُ : حين تتحوَّلُ السجونُ من مراكزَ إصلاحٍ إلى و ...
- سوريا : من الربيع المزيف إلى مملكة الإرهاب
- متى تتعلم ( دونية ) الاغلبية العراقية من تجربة الدرزي قاسم ا ...
- احذروا من السوريين المتطرفين في كل مكان
- بين شَفرتَيْ المَصلحةِ والشيطانِ: السِّيَاسَةُ حِينَ تَرْقُص ...
- الماضي الدموي والحاضر المُنتج : قراءة نقدية في خطاب الكراهية ...
- النبط: أسلافنا المؤسسون
- السيارات الهجينة الكهربائية في العراق: ميزاتها، تحدياتها، وآ ...
- حادثة المهندس بشير خالد: قراءة في الأبعاد المؤسسية والتداعيا ...
- الازدواجية الرقمية: بين المجاملة الاجتماعية والحقيقة الخفية ...


المزيد.....




- -بلادنا ليست للبيع-.. رد مباشر من رئيس وزراء كندا على طلب تر ...
- ترامب: الولايات المتحدة ستوقف غاراتها على الحوثيين في اليمن ...
- رئيس الحكومة اللبنانية: لبنان عاد إلى الحضن العربي
- هنغاريا تعارض خطة المفوضية الأوروبية بوقف إمدادات الغاز الرو ...
- اتهامات بوجود وقود -مغشوش- في مصر والحكومة تنفي، ما القصة؟
- فريدريش ميرتس يؤدي اليمين الدستورية كمستشار جديد لألمانيا
- -يديعوت أحرونوت-: مصر تلقت مقترحا أمريكيا لوقف إطلاق النار ف ...
- مراسل RT: مقتل 18 وإصابة العشرات بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة ...
- سوريا.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 800 ألف حبة مخدّرة في محا ...
- -وثق جريمته في فيديو-.. تلميذ يعترف بإضرام النار في معهده لع ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض سعد - التنكر للطائفية : إشكالية الإنكار وتضليل الممارسات الطائفية