|
مناهضة الصهيونية – بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي – الجزء الخامس عشر والأخير
زياد الزبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 12:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نافذة على الصحافة الروسية نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف *
فلاديمير بولشاكوف فيلسوف وعالم اجتماع روسي، دكتوراه في الفلسفة، أستاذ، ناشط اجتماعي.
5 أبريل 2019
الجزء الخامس عشر والأخير حول «بروتوكولات حكماء صهيون»
في السنوات الأخيرة، إزداد نشاط اللوبي الصهيوني في روسيا بشكل واضح، وللأسف بدعم من السلطة المركزية. ففي عام 2012، وبناءً على طلب من منظمة صهيونية، حُظر في روسيا الكتيّب المعادي للصهيونية "بروتوكولات حكماء صهيون". هذا النص الذي يعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حاول المناهضون للصهيونية آنذاك من خلاله تنبيه العالم إلى ما سيؤول إليه حال البشرية "إذا وصل الصهاينة إلى السلطة"، محذرين من خطر الأيديولوجيا الصهيونية التي تعتبر كل البشر - باستثناء اليهود – موضوعًا للإستغلال السياسي والتلاعب.
وقد أشار مجلس الرقابة الكنسي الروسي في عام 1905 إلى أن كتيّب "بروتوكولات حكماء صهيون" لا يستهدف جميع اليهود، بل فئة صغيرة منهم تنتمي إلى الطائفة الصهيونية.
ظهر هذا الكتيب لأول مرة في كتاب للكاتب الروحي س. أ. نيلوس، وقد نال تأييد قديسين روس مثل يوحنا كرونشتادتسكي، فلاديمير بوغويفلينسكي، والراهب فارسونوفي، كما أن رئيس الأساقفة نيكون روجديستفينسكي بارك تداوله. وقد دافعت الكنيسة الروسية بكل قوة عن نيلوس، الذي هاجمه الصهاينة بشراسة.
لكن، للأسف، لم يكن لهذا التأييد من القديسين وزن كافٍ لردع اللوبي الصهيوني، الذي بذل جهودًا ضخمة لحظر هذا الكتيب. ومع ذلك، لم يتمكن الصهاينة من حظره في أي دولة من دول العالم. حتى المحكمة التي عقدت في جنيف في ثلاثينيات القرن العشرين، بهدف إثبات أن هذا الكتيب تم فبركته من قبل الشرطة السرية الروسية وبالتالي ينبغي حظره، فشلت في إصدار حكم قاطع، وواصلت البروتوكولات إنتشارها في العالم. حتى في إسرائيل يمكن شراء هذا الكتاب بحرية.
ولكن في عام 2012، قررت إحدى المحاكم المحلية في أورينبورغ، متجاهلة كل هذه الوقائع، حظر "بروتوكولات حكماء صهيون". ثم سرى هذا الحظر المحلي ليشمل كامل الإتحاد الروسي. وإستنادًا إلى هذا الحكم، طالب الصهاينة بحظر مؤلفات كل من س. أ. نيلوس، ويو. ك. بيغونوف، وأ. أ. بلاتونوف المتعلقة بـالبروتوكولات.
كان على كل من تجرأ على التحدث في هذا الموضوع المحظور أن يشعر بتأثير المادة "الروسية" 282 من القانون الجنائي الروسي، وهي المادة التي يستخدمها اللوبي الصهيوني بنشاط لملاحقة كل من يوجه إنتقادات للصهيونية. فمنذ عام 2016 وحتى يومنا هذا، يتعرض رئيس "معهد الحضارة الروسية" أوليغ بلاتونوف للملاحقة القضائية بسبب هذه المادة.
منذ أواخر العقد الأول من الألفية الثانية، أصدرت المحاكم الروسية، إستنادًا إلى المادة 282، عددًا من الأحكام بالإدانة، لم تقتصر على من يعتنقون الفكر الفاشي أو المعادين للسامية المتطرفين، بل شملت أيضًا أولئك الذين رفعوا شعارات "الدفاع عن الروس"، بل وحتى ضد منظمات قومية مسالمة، حيث تم إتهامها بـ"الدعاية للتطرف". وقد جرت عدة محاكمات ضد دور نشر تتبنى توجهات وطنية-قومية، ووجهت إلى مديريها ومؤلفيها إتهامات بـ"إثارة الكراهية القومية".
ودون الخوض في تفاصيل هذه المحاكمات، يمكن القول إن الحركة الوطنية-الروسية في روسيا المعاصرة وجدت نفسها فعليًا خارج إطار القانون. وهو ما يشبه إلى حد بعيد الممارسات التي سادت في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، حين كان الدفاع عن حقوق الشعب الروسي يُقابل بعقوبات قاسية. وقد صدر كمٌّ هائل من اللوائح التنظيمية التي تهدف فعليًا إلى محاربة الوطنيين الروس. وليس من المستغرب أن تقوم العدالة الروسية أحيانًا بوضع الجميع في خانة واحدة، فتحظر أحزابًا "متطرفة" تضم في صفوفها قوميين معتدلين وراديكاليين عنيفين، وملكيين، وسلافيين، وكذلك أتباع التيار الترابي (الذي يربط مصير روسيا بأرضها وتقاليدها)، بل وأيضًا أتباع مدرسة "الأوراسية". ولم يقتصر الحظر على صحفهم وكتبهم، بل امتد إلى حظر مواقعهم في وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي كثير من الأحيان، تصدر الأحكام بالإدانة على أساس تهم "التطرف" و"إثارة الكراهية القومية" بحق أفراد لا منظمات. وقد أشار إلى هذه المسألة حتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان في 8 ديسمبر 2016، حيث علّق على تزايد عدد الأحكام المتعلقة بالأنشطة المتطرفة على وسائل التواصل الإجتماعي، ولفت الإنتباه إلى حالات إضطهاد غير قانوني.
قال بوتين: «وسائل التواصل الإجتماعي تُستخدم بشكل متزايد في أنشطة متطرفة، ومن الطبيعي والمشروع أن تسعى الدولة إلى مواجهتها». وأشار إلى تجنيد الإرهابيين في تنظيم «الدولة الإسلامية» المحظور في روسيا، وكذلك الدعوات إلى أنشطة قومية "غير قانونية بوضوح". لكنه أضاف محذرًا: «لكن من الواضح أنه لا ينبغي الزج بكل شيء تحت هذه الذريعة. علينا التعامل مع هذا الأمر بدقة». وشدد على أنه في مكافحة التطرف يجب عدم اللجوء إلى أساليب تنتهك القوانين السارية، وأنه «إذا كانت الأجهزة الأمنية ترى أن هذه القوانين غير كافية، فيجب مناقشة أي تعديلات داخل المجتمع وأن تكون مفهومة من قبل غالبية المواطنين». وختم بالقول: «لا يجب أن يكون هناك شيء خلف الكواليس أو سري في هذا الأمر» (تاس، 08.12.2016).
ومع ذلك، ورغم هذا التصريح من الرئيس بوتين، فقد تم في موسكو، في سبتمبر 2017، فتح تحقيق جنائي ضد مدير "معهد الحضارة الروسية"، أوليغ بلاتونوف، بموجب المادة سيئة الصيت 282 من القانون الجنائي الروسي. فقد جرت عمليات تفتيش في مقر المعهد، وفي شقة بلاتونوف، وفي منزله الريفي، وتمت مصادرة الوثائق والكتب وأجهزة الحاسوب. وخضع موظفو المعهد والممولون له لاستجوابات شاملة. وقد بادرت إلى هذا الإضطهاد المنظمة الصهيونية "المركز المناهض للفاشية في موسكو".
وشارك في عملية ملاحقة المعهد العلمي الروسي أكثر من ثلاثين عنصرًا من الأجهزة الأمنية، مما أدى فعليًا إلى شلّ نشاط المعهد بالكامل. وفي نهاية عام 2018، وبعد تحقيق دام سنتين، أحالت النيابة العامة قضية بلاتونوف إلى محكمة كراسنوبريسنينسكي. وخلال جلسات المحاكمة، تم الكشف عن العديد من الإنتهاكات القانونية واستخدام أدلة غير مقبولة قانونًا من قبل الجهات التحقيقية. فأُعيدت القضية إلى النيابة العامة، التي حاولت بدورها إستئناف قرار المحكمة المحلية أمام محكمة مدينة موسكو، إلا أن هذه الأخيرة أكدت حكم المحكمة المحلية، وبدلًا من إغلاق القضية نهائيًا كما يقتضي القانون، تم إرجاعها مرة أخرى إلى لجنة التحقيق.
الادعاءات الكاذبة ضد بلاتونوف، للأسف، لم تُسقط حتى يومنا هذا، رغم الإحتجاجات العديدة من قبل الرأي العام والدعم النشط الذي حظي به مدير "معهد الحضارة الروسية" في الصحافة الروسية.
وكما تُظهر تطورات الأحداث، فإن اللوبي الصهيوني سيواصل، على ما يبدو، محاولاته لاستخدام أجهزة إنفاذ القانون الروسية لتحقيق مصالحه الخاصة، رغم أن رئيس روسيا نفسه قد لفت الإنتباه إلى عدم مشروعية الحماسة المفرطة لدى من يسمّون بـ"محاربي التطرف". فهم يواصلون أعمالهم السوداء تحت غطاء المادة "الروسية" 282، مبررين بذلك خضوعهم للمصالح الصهيونية.
وهذا يُعدّ دليلاً آخر على أن المعركة ضد الصهيونية، العدو الأبدي لروسيا، ستكون صعبة وطويلة. لكن في هذه المعركة يقف معنا الله، وكل الوطنيين الحقيقيين لروسيا! وبعون الله، سننتصر!
---
#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طوفان الأقصى 577 – هل ستؤثر -حجج- إسرائيل المدعومة بالصواريخ
...
-
مناهضة الصهيونية – بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي – الجزء الرا
...
-
طوفان الأقصى 576 – نتائج غير سارة – البريطانيون يعودون للحرب
...
-
مناهضة الصهيونية – بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي - الجزء الثا
...
-
طوفان الأقصى 575 – الهند وباكستان في انتظار الحرب الرابعة
-
مناهضة الصهيونية – اللجنة السوفياتية لمناهضة الصهيونية وانتق
...
-
طوفان الأقصى 574 – معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية؟!
-
مناهضة الصهيونية – اللجنة السوفياتية لمناهضة الصهيونية وانتق
...
-
طوفان الأقصى 573 – انفجار ميناء الشهيد رجائي – قراءة تحليلية
...
-
مناهضة الصهيونية – اللجنة السوفياتية لمناهضة الصهيونية وانتق
...
-
طوفان الأقصى 572 – المجر تعلن انسحابها من المحكمة الجنائية ا
...
-
مناهضة الصهيونية – الصهيونية = العنصرية والتمييز العنصري - ا
...
-
طوفان الأقصى 571 – البابا فرنسيس تحدّى الصمت الغربي بشأن غزة
...
-
مناهضة الصهيونية – الصهيونية = العنصرية والتمييز العنصري - ا
...
-
طوفان الأقصى 570 – لماذا لن تستسلم حماس؟
-
مناهضة الصهيونية – الصهيونية = العنصرية والتمييز العنصري - ا
...
-
طوفان الأقصى 569 - الأمريكيون ينسحبون من سوريا
-
مناهضة الصهيونية - معاداة الروس هي مهنة الصهاينة - الجزء الس
...
-
طوفان الأقصى 568 – -مكة المظلومين-... بماذا جاء أمير قطر إلى
...
-
مناهضة الصهيونية – معاداة الروس هي مهنة الصهاينة - الجزء الخ
...
المزيد.....
-
-تحت أمر نقابتي-.. بدرية طلبة تعتذر من الجمهور بعد إحالتها ل
...
-
قوة عربية مشتركة، من يتولى مسؤولية -الكابوس الأمني- في غزة ب
...
-
-غير مقبول- - دول ترفض مشروع معاهدة للحد من تلوث البلاستيك
-
مرسال.. تخصيص 5000 فدان للمصريين في كينيا: التفاصيل الكاملة
...
-
سيكوم سيكوميك: الشجرة التي تخفي قصة قطاع النسيج بالمغرب
-
حرائق الغابات تستعر في اليونان وإجلاء الآلاف
-
أسيران إسرائيليان سابقان يشكوان تمييز حكومتهما حتى في الإعاق
...
-
مسيرة حاشدة في تعز رفضا لخطة إسرائيل احتلال غزة
-
نتنياهو: نواجه حملات تشويه لكن ترامب حليف عظيم
-
عقوبات أميركية على جماعات مسلحة وشركات تعدين بالكونغو الديمق
...
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|