أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - مناهضة الصهيونية – اللجنة السوفياتية لمناهضة الصهيونية وانتقام الصهيونية – الجزء الحادي عشر















المزيد.....

مناهضة الصهيونية – اللجنة السوفياتية لمناهضة الصهيونية وانتقام الصهيونية – الجزء الحادي عشر


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8330 - 2025 / 5 / 2 - 21:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع


فلاديمير بولشاكوف
فيلسوف وعالم اجتماع روسي، دكتوراه في الفلسفة، أستاذ، ناشط اجتماعي.

25 مارس 2019

الجزء الحادي عشر
النشاط الصهيوني السري في الإتحاد السوفياتي

بحسب "الموسوعة اليهودية"، فإنه بعد عدوان عام 1967، "نشطت الحركات الصهيونية في عدد من مدن الإتحاد السوفياتي. وكان نشاطها أكثر وضوحًا في موسكو، وأوكرانيا، وجورجيا، ودول البلطيق. وفي عام 1969، جرت محاولات لتأسيس منظمة صهيونية موحدة. ففي موسكو، بتاريخ 16–17 أغسطس 1967، وخلال لقاء لممثلين عن الحركات الصهيونية من ريغا، ومينسك، وتبليسي، تم إتخاذ قرار بتشكيل لجنة تنسيق عموم سوفياتية. أما اللقاء التالي، فقد عقد في ريغا يومي 8–9 نوفمبر 1969، وقرر المشاركون فيه إصدار مجلة يهودية ’سام إيزدات‘ (نشر ذاتي غير رسمي) …"

وقد وسّع النشطاء اليهود أنشطتهم لتشمل على نطاق واسع تعليم اللغة العبرية، وتاريخ اليهود، وإنتاج كتب تعليمية. وانتشر كذلك النشر الذاتي اليهودي. ففي فبراير 1970، صدر في ريغا أول عدد من مجلة "إيتون"، أول مجلة يهودية من نوع "السام إيزدات".

ومن البديهي أن "الموسوعة اليهودية" لا تذكر شيئًا عن الطابع الدعائي الصهيوني الصريح الذي كان يُمارس تحت غطاء تعليم العبرية والتاريخ اليهودي والتعرف على إسرائيل. غير أن هذه الدعاية كانت قائمة ونشطة، وأسفرت ليس فقط عن زيادة عدد طلبات الهجرة إلى إسرائيل، بل وترافقت أيضًا مع جرائم صريحة ذات طابع جنائي.
-----
بحسب نفس "الموسوعة اليهودية"،ء بدأت القصة حين إقترح الطيار السابق غينادي بوتمان على "لجنة المنظمات الصهيونية" (نعم، كان هناك كيان بهذا الاسم) فكرة "إختطاف طائرة ركاب كبيرة يكون جميع ركابها من اليهود"، ومن ثم توجيهها إلى السويد، وتنظيم مؤتمر صحفي لإبلاغ العالم كله عن الوضع الصعب الذي يعيشه اليهود في الإتحاد السوفياتي، واستعدادهم لتحمّل مخاطر مميتة في سبيل مغادرة البلاد نحو إسرائيل.

لم يلق هذا الاقتراح دعم الأغلبية في اللجنة، إلا أن التحضيرات للعملية بدأت رغم ذلك. تم إختيار المشاركين في كل من لينينغراد، وريغا، وكيشينيف. أما بوتمان نفسه فقد تراجع عن تنفيذ العملية. وتولّت مجموعة من الصهاينة بقيادة إدوارد كوزنيتسوف تنفيذ الفكرة، حيث خططت لإختطاف طائرة صغيرة من طراز "أن-2" أثناء رحلة داخلية إلى بريوزيرسك، وكان يفترض أن يقود الطائرة إلى السويد الطيار مارك ديمشيتس.

في 15 يونيو 1970، تم اعتقال 11 شخصًا في مطاري "سمولني" قرب لينينغراد وبريوزيرسك، بتهمة محاولة إختطاف طائرة. وبعد ذلك، اعتُقل العشرات من الصهاينة في ريغا، ولينينغراد، وكيشينيف، ومدن أخرى على خلفية تورطهم في تلك المؤامرة (انظر "الموسوعة اليهودية"، المجلد 8، الصفحات 267–284).

في 24 ديسمبر 1970، أصدرت الهيئة القضائية الجنائية في محكمة مدينة لينينغراد حكمًا بالإعدام على كل من مارك ديمشيتس وإدوارد كوزنيتسوف بتهمة "الخيانة العظمى"، بينما حُكم على إيزاك منديليفيتش بالسجن 15 سنة، وعلى ألكسندر خنوك (ولد عام 1944، انتقل إلى إسرائيل عام 1979) بالسجن 13 سنة، وعلى ألكسندر ألتمان (ولد عام 1941) بـ12 سنة، وسيلفا زالماسون (ولدت عام 1944) وبوريس بينسون (ولد عام 1946، انتقل إلى إسرائيل عام 1979) بـ10 سنوات لكل منهما.

أثار هذا الحكم موجة عارمة من الإحتجاجات الدولية، شاركت فيها حتى بعض الأحزاب الشيوعية في عدة دول. ونتيجة لذلك، قررت السلطات السوفيتية إستبدال حكم الإعدام بحق ديمشيتس وكوزنيتسوف بالسجن لمدة 15 سنة، كما خُفّضت عقوبة منديليفيتش إلى 12 سنة، وخنوك وألتمان إلى 10 سنوات.

لاحقًا، عُقدت محاكمات مشابهة في ريغا، وكيشينيف، وسفيردلوفسك، وأوديسا، كُشف خلالها أن هناك مجموعات صهيونية أخرى كانت تُعد لإختطاف طائرات بهدف الهرب إلى الخارج. حُكم على هؤلاء بأحكام مخففة نسبيًا، وتم الإفراج عن معظمهم قبل انتهاء محكوميتهم، وغادروا إلى إسرائيل بشكل قانوني لاحقًا (انظر الموسوعة اليهودية، المجلد 8، الصفحات 267–284).

بحلول أواخر السبعينيات، كان الصهاينة في الإتحاد السوفياتي قد دخلوا في إتصال مباشر مع عناصر من جهاز الإستخبارات الإسرائيلي، يعملون تحت غطاء دبلوماسي في سفارة إسرائيل بموسكو، بالإضافة إلى إرتباطهم بمراكز صهيونية دولية. فعلى سبيل المثال، كان ناتان شارانسكي يحصل من السفارة الإسرائيلية على جوازات سفر إسرائيلية، ويقوم بتوزيعها على من يحاول الصهاينة دفعهم للهجرة إلى إسرائيل.

وقد تم القبض عليه بسبب ذلك بالتحديد، حين زار قرية روسية نائية كان سكانها قد اعتنقوا اليهودية لسبب تاريخي غريب، وكانوا يصلّون في كنيسهم باللغة الروسية، فبدأ هناك بتوزيع جوازات السفر.

وقد تجسدت قوة الدعم الدولي للنشاط الصهيوني السري في الإتحاد السوفياتي خلال التحضير لإقرار تعديل جاكسون – فانيك في الكونغرس الأمريكي، والذي طُلب رسميًا من قبل 83 يهوديًا من موسكو، وكييف، ولينينغراد، ومدن أخرى، طالبوا الولايات المتحدة بدعم حرية الهجرة لليهود السوفيات. وقد أقره الكونغرس ومجلس الشيوخ الأمريكي في يناير 1975، وأسفر عن حرمان الإتحاد السوفياتي (ثم لاحقًا روسيا الإتحادية) من صفة "أفضلية الدولة في التجارة مع الولايات المتحدة". واستمر العمل بهذا التعديل حتى عام 2012 (انظر الموسوعة اليهودية، المجلد 8، الصفحات 267–284).

وفي 17–19 فبراير 1976، إنعقد في بروكسل المؤتمر العالمي الثاني للطوائف اليهودية، بمشاركة 1200 مندوب من 32 دولة، وقدّم المؤتمر دعمًا كبيرًا لما يُعرف بـ"الرافضين" في الإتحاد السوفياتي، و"أسرى صهيون" أمثال كوزنيتسوف وديمشيتس.

وفي عام 1979، ورغم توقّف إصدار مجلتي "اليهود في الإتحاد السوفياتي" و"الثقافة (تاربوت)"، إلا أن مجلات مثل "عبرينا"، و**"اليهود في العالم المعاصر"، و"الهجرة إلى إسرائيل: الحقوق والممارسة"**، وغيرها، واصلت الصدور دون عراقيل تُذكر.

مع بداية البيريسترويكا، حصلت الصهيونية في الإتحاد السوفياتي على كامل حقوق المواطنة. ففي سبتمبر 1988، تأسست في موسكو "الجمعية الثقافية اليهودية"، برئاسة ميخائيل تشلينوف، والتي ضمت عددًا كبيرًا من الفروع، وأصبحت المنظمة اليهودية غير الرسمية الرئيسية في البلاد. وتحت مظلة الجمعية، عملت كل من "الجمعية التاريخية اليهودية" و"نادي محبي الكتاب اليهودي".

وفي العام نفسه، تأسس في موسكو "المركز الشبابي لدراسة وتطوير الثقافة اليهودية"، وسُجِّل رسميًا لدى لجنة المدينة للكومسومول في موسكو. وفي لينينغراد، واصل "المجتمع اليهودي الثقافي" نشاطه. كما شهدت الحياة الدينية نشاطًا ملحوظًا، حيث عاد مئات الشباب اليهود إلى ممارسة الديانة اليهودية في موسكو، ولينينغراد، وكييف، ومدن أخرى.

وفي عام 1988، بدأ ممثلو حركة "حباد" (حسيدوت لوبيتش) نشاطهم العلني في عدة مدن سوفياتية. وبين عامي 1988 و1989، إفتتحت في موسكو، ثم في مدن أخرى، فروع لمنظمات يهودية مختلفة، منها "بيطار"، و"فيتسو"، ومنظمة "بناي بريث".

وفي نهاية المطاف، تحولت الحملة الصهيونية المطالِبة بحرية هجرة اليهود السوفيات إلى إسرائيل، بدعم من أجهزة الاستخبارات الغربية، إلى نشاط تخريبي ضد الإتحاد السوفياتي، وإلى مظاهرات علنية مناهضة له. وقد تعامل غالبية سكان البلاد، بمن فيهم معظم اليهود السوفيات، مع هذه الظاهرة بفتور واضح. وكان ذلك راجعًا، ليس فقط إلى "الإجراءات الوقائية" التي إتخذتها أجهزة الـ"KGB"، أو إلى الإعتقالات الإنتقائية لنشطاء صهاينة، بل بالأساس إلى الحملة الدعائية المنظمة ضد الصهيونية، التي إنطلقت من "حلقة ميلوفانوف".

حصيلة مكافحة الصهيونية في الإتحاد السوفياتي

رغم المصاعب، وحملات التشهير الصريحة التي طالت أولئك الذين تجرأوا على نشر مقالات أو كتب حول هذا الموضوع المحظور سابقًا، فقد أُنجز في سبعينيات القرن العشرين عمل ضخم تمثل في إعداد ونشر مؤلفات علمية وشعبية حول تاريخ الصهيونية وأيديولوجيتها وممارساتها.

وتكوّن حول "حلقة ميلوفانوف" فريق مؤلفين ثابت، ضمّ إلى جانب الأسماء المعروفة، كلًا من:

-يفغينيا مورجينسكايا (دكتوراه في الفلسفة)،

-دميتري أسّانوف،

-فاديم بولشاكوف،

-غيورغي باكانورسكي (دكتوراه في الفلسفة)،

-إيفان بليشينكو (دكتوراه في القانون)،

-ليف دياياني (ماجستير في القانون)،

-غيورغي ديبورين (دكتوراه في التاريخ)،

-يفغيني إفسييف (ماجستير في الفلسفة)،

-أندريه كوزمين (دكتوراه في التاريخ)،

-ألكسندر لوغاتشوف (دكتوراه في الفلسفة)،

-بوريس براهيا (ماجستير في الفلسفة)،

والصحفي "الحزبي" فيكتور بيريسادا، وآخرين.


وقد شارك هؤلاء في إعداد عدد من المؤلفات والمجموعات البحثية التي تناولت مختلف جوانب الصهيونية العالمية. وكان الأكاديمي ميخائيل ميتين هو الممثل الرسمي لأكاديمية العلوم السوفياتية في هذا المجال. كما شارك بقوة في الحملة الأكاديمي المعروف والمؤرخ الشهير إسحاق مينتس، الذي ترأس فريق مؤلفي الكتاب الجماعي "الصهيونية: النظرية والممارسة"، الذي صدر في موسكو عام 1973.

وبحسب تقديرات "الموسوعة اليهودية"، فقد نُشرت ما بين عامي 1975 و1979 ثلاثون كتابًا ذات طابع معادٍ للصهيونية. وفي مطلع الثمانينيات، ارتفع عدد هذه المؤلفات؛ ففي عام 1980 نُشر 28 كتابًا، وفي عام 1981: 19 كتابًا، وفي عام 1984: 61 كتابًا، وفي عام 1985: 46 كتابًا.

وفي تلك السنوات، شهدت الصحافة السوفياتية طفرة كبيرة في عدد المقالات المناهضة للصهيونية:
فبين عامي 1967 و1980 نُشرت 2262 مادة، بينما بلغ عددها بين 1981 و1988 ما مجموعه 48,997 مقالًا، أي بزيادة تفوق 22 ضعفًا. كما نُظمت عشرات المؤتمرات والندوات العلمية، وأُلقيت آلاف المحاضرات. وتمت ترجمة العديد من هذه الكتب والمقالات إلى معظم اللغات الأجنبية، وجرى توزيعها على نطاق واسع في الخارج عبر مكاتب وكالة الأنباء السوفياتية الدولية، خاصة في الدول العربية ودول العالم الثالث.

بالطبع، لم تخلُ هذه الحملة من تجاوزات. إذ لم يؤخذ في الحسبان دائمًا أن رد الفعل الشعبي على نقد الصهيونية كان في كثير من الأحيان بعيدًا عن المنهجية الماركسية، وتحول – للأسف – إلى تطاول على اليهود عمومًا، وعلى الديانة اليهودية، بل وعلى دولة إسرائيل.
لكن، رغم ذلك، فإن المعركة من أجل كسب ولاء وعقول اليهود السوفيات استمرت بشكل منهجي حتى تفكك الإتحاد السوفياتي، بل واستمرت لفترة قصيرة بعده.

اللجنة السوفياتية لمناهضة الصهيونية

في مطلع الثمانينيات، دخل الصراع العالمي بين الإتحاد السوفياتي والإمبريالية مرحلة حاسمة. وفي واشنطن، ورغم عدم التصريح بذلك علنًا، تم اتخاذ القرار النهائي بالرهان على إسقاط الشيوعية وتفكيك الإتحاد السوفياتي. وفي هذا السياق، إستعدت الصهيونية العالمية – كما فعلت أثناء الثورة الروسية – لإستغلال اليهود من جديد في خدمة أهدافها.
-----
لعب الصهاينة دور "الطابور الخامس" الموكول لهم مسبقاً، باعتبارهم هادمين للقناعة الشيوعية، وعملاء لنفوذ الغرب.
لكن، وإنصافًا لليهود السوفيات، يجب القول إن غالبيتهم العظمى لم توافق على أداء هذا الدور، رغم أن الكثيرين منهم، ولأسباب مفهومة، حتى وإن أنكروا الصهيونية، كانوا يتعاطفون مع إسرائيل.
وفي هذه الظروف المعقدة، جاءت بمبادرة من يوري أندروبوف محاولة لتكرار تجربة "اللجنة اليهودية المناهضة للفاشية" التي أنشئت في عهد ستالين، ولكن على قاعدة إثنية أوسع. ففي 29 مارس 1983، اتخذت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي قرارًا بإنشاء "اللجنة السوفياتية لمناهضة الصهيونية".
وقد ورد في البند رقم 62 من بروتوكول الجلسة رقم 101 لأمانة اللجنة المركزية للحزب بتاريخ 29.03.1983 ما يلي:
«... الموافقة على اقتراح قسم الدعاية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي ولجنة أمن الدولة (KGB) بإنشاء اللجنة المناهضة للصهيونية من المجتمع السوفياتي».

تولى رئاسة اللجنة الجنرال المقاتل ديفيد دراغونسكي، قائد دورات "فيستريل"، وتم تعيين المحامي صامويل زيفس نائبًا له (زيفس، بالمناسبة، شارك بنشاط في إعداد عدد من المواد والمقالات النقدية المجمعة ضد الصهيونية). وقد مُنح العاملون الرئيسيون في اللجنة وضعًا مماثلًا لنُخبة كوادر الحزب، ونُشر في صحيفة "برافدا" نداء بعنوان "نداء من المجتمع السوفياتي"، يدعو إلى "المشاركة النشطة في فضح الصهيونية سياسيًا، والرد الحازم على مناوراتها".

وقد ورد في هذا النداء:
«... الصهيونية، في جوهرها، تجسّد النزعة القومية المتطرفة، والشوفينية، وعدم التسامح العرقي، وتبرير الإحتلال وعمليات الضم، والمغامرات المسلحة، وعبادة الفوضى السياسية والإفلات من العقاب، والديماغوجيا، والتخريب الأيديولوجي، والمناورات القذرة، والخيانة.
إننا، كأسرة متعددة القوميات، نبني مجتمعًا جميلًا جديدًا — الشيوعية، ونناضل من أجل السلام والصداقة بين الشعوب، ونقف ضد أي محاولة لتقويض الوحدة الأممية للشعب السوفياتي.
وإن من العبث محاولات منظّري الصهيونية تصوير نقد الصهيونية، أو إدانة المجتمع السوفياتي لسياسات إسرائيل العدوانية، على أنه معاداة للسامية. ومن المعروف جيدًا أن المواطن السوفياتي — بصفته أمميًا حقيقيًا — يرفض بحزم جميع أشكال الشوفينية، بما في ذلك الصهيونية ومعاداة السامية». ("برافدا"، 1 أبريل 1983).

لقد تم توضيح جميع النقاط بعناية، ولهذا السبب وحده لم تتحوّل مكافحة الصهيونية في الإتحاد السوفياتي إلى معاداة ممنهجة لليهودية على مستوى الدولة.

ويجب الإقرار بفضل لجنة مناهضة الصهيونية: فقد قام دراغونسكي ورفاقه بجهد كبير لتعبئة الرأي العام، وخاصة اليهود السوفيات، في مواجهة الصهيونية.
رغم أنه من المعروف أن العديد من أولئك اليهود الذين شاركوا في المؤتمرات الصحفية المناهضة للصهيونية التي نظمتها اللجنة، استقروا في إسرائيل بعد فتح باب الهجرة، بما في ذلك عضو هيئة رئاسة اللجنة، ورئيس تحرير مجلة "يونُست" السابق، أندريه ديمينتييف، الذي عاد لاحقًا إلى روسيا.

لكن، وبشكل عام، فإن هؤلاء "الصهاينة الجدد" كانوا يحملون جوازي سفر، وغالبًا ما كانوا يزورون روسيا لأغراض مادية، مثل الفكاهي المعروف جفانيتسكي أو الجنرال السابق في المخابرات الإسرائيلية كيدمي، الذي يظهر كضيف دائم في برنامج الصهيوني فلاديمير سولوفيوف (لا زال يقدم أهم برنامج حواري على القناة الأولى للتلفزيون الروسي-ZZ).
ومن المعروف أيضًا أن زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي فلاديمير جيرينوفسكي كان من النشطاء في اللجنة، لكنه بعد حلّ اللجنة تحوّل بسرعة إلى "وطني روسي ومعادٍ للسامية"، وهو أمر لم يمنعه من زيارة إسرائيل بشكل منتظم، حيث يرقد والده.

أما دراغونسكي، فقد ظل متمسكًا بموقفه حتى النهاية. ففي صيف عام 1988، قرر المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي، بناءً على اقتراح من غورباتشوف وياكوفليف، حلّ اللجنة.
لكن اللجنة لم تُحل فعليًا إلا عام 1994. وحتى بعد عام من إنهيار الإتحاد السوفياتي، في 1 سبتمبر 1992، وجّه دراغونسكي رسالة إلى عمدة موسكو يوري لوجكوف يطالب فيها بإلغاء قرار حكومة موسكو بشأن تأجير مقر اللجنة إلى "الجمعية الثقافية والتعليمية اليهودية بموسكو".

وقد أعرب الجنرال في رسالته عن غضبه من قرار العمدة، واعتبر أن نقل المبنى إلى "منظمات ذات طابع صهيوني" هو أمر خطر، محذرًا بأن "مثل هذه الممارسات لا بد أن تؤدي إلى تأجيج النزاعات القومية". لكن لم يعد أحد يصغي إليه.
أما العمدة لوجكوف، فقد سار مبتسمًا إلى جوار عمدة القدس، وهو يضع القلنسوة اليهودية (اليرمولكه)، متوجهًا في موكب احتفالي لأداء التحية عند حائط المبكى...

ما أكثر ما يحب هؤلاء "السياسيون الروس" التباهي بارتداء القلنسوة اليهودية (اليرمولكه) في "أرض الميعاد"!
...كثيرًا ما جرى الحديث عن أن لجنة مناهضة الصهيونية كانت كيانًا مصطنعًا، فقط لأن كلًّا من الصهاينة ومعادي السامية يكررون نفس المقولة: "كل يهودي، في قرارة نفسه، هو صهيوني".
ومع ذلك، فإن كثيرًا من اليهود السوفيات دعموا دراغونسكي ولجنته بإخلاص، تحديدًا لأنهم إعتبروا روسيا وطنهم الحقيقي، وليس إسرائيل — رغم أنهم بدأوا يزورون "أرض الميعاد" عن طيب خاطر عندما أصبحت كلّ الحدود مفتوحة أمامهم.

-----
يتبع ....



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 573 – انفجار ميناء الشهيد رجائي – قراءة تحليلية ...
- مناهضة الصهيونية – اللجنة السوفياتية لمناهضة الصهيونية وانتق ...
- طوفان الأقصى 572 – المجر تعلن انسحابها من المحكمة الجنائية ا ...
- مناهضة الصهيونية – الصهيونية = العنصرية والتمييز العنصري - ا ...
- طوفان الأقصى 571 – البابا فرنسيس تحدّى الصمت الغربي بشأن غزة ...
- مناهضة الصهيونية – الصهيونية = العنصرية والتمييز العنصري - ا ...
- طوفان الأقصى 570 – لماذا لن تستسلم حماس؟
- مناهضة الصهيونية – الصهيونية = العنصرية والتمييز العنصري - ا ...
- طوفان الأقصى 569 - الأمريكيون ينسحبون من سوريا
- مناهضة الصهيونية - معاداة الروس هي مهنة الصهاينة - الجزء الس ...
- طوفان الأقصى 568 – -مكة المظلومين-... بماذا جاء أمير قطر إلى ...
- مناهضة الصهيونية – معاداة الروس هي مهنة الصهاينة - الجزء الخ ...
- طوفان الأقصى 567 – الصهيونية هي التهديد الأكبر لحرية التعبير ...
- مناهضة الصهيونية - معاداة الروس هي مهنة الصهاينة - الجزء الر ...
- طوفان الأقصى 566 – نتنياهو بين الدش البارد والحمام الساخن
- مناهضة الصهيونية – من لينين إلى ستالين – الجزء الثالث
- طوفان الأقصى 465 – موقف الراحل الكبير البابا فرنسيس من القضي ...
- مناهضة الصهيونية – من لينين إلى ستالين – الجزء الثاني
- طوفان الأقصى 564 – بوفاة البابا، يفقد الشعب الفلسطيني أحد أه ...
- مناهضة الصهيونية - من لينين إلى ستالين - الجزء الأول


المزيد.....




- الإمارات.. حكم سجن الملياردير -أبو صباح- الذي دفع 9 ملايين د ...
- برلمانية أمريكية تنتقد صفقة المعادن مع كييف
- صربيا تحيي ذكرى مرور ستة أشهر على كارثة انهيار سقف محطة قطار ...
- الأمير هاري يقول خلال مقابلة حصرية مع بي بي سي إنه يرغب في - ...
- الأيام القادمة ستحدث فرقا في إرث ترامب بأكمله
- طهران على استعداد لمواصلة التفاعل مع الأطراف الأوروبية بشأن ...
- ترامب لا يستبعد حدوث ركود في الولايات المتحدة لفترة قصيرة
- الجيش الإسرائيلي: منظوماتنا الدفاعية اعترضت صاروخا أطلق من ا ...
- الجيش الأمريكي ينشئ منطقة عسكرية جديدة على حدود المكسيك
- ترامب يدخل السباق نحو البابوية بطريقته الخاصة! (صورة)


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - مناهضة الصهيونية – اللجنة السوفياتية لمناهضة الصهيونية وانتقام الصهيونية – الجزء الحادي عشر