أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد محمود خدر - عندما يكون الحب في الزمن الصعب / الجزء السادس















المزيد.....


عندما يكون الحب في الزمن الصعب / الجزء السادس


خالد محمود خدر

الحوار المتمدن-العدد: 8333 - 2025 / 5 / 5 - 17:12
المحور: الادب والفن
    


في طريقه إلى داره بعد أن غادر الشركة مجازا، استعاد سامان ، وهو يبحث في قرارة نفسه عن وسيلة سريعة لمعرفة رقم هاتف دينا ، ذكرى كانت تختبئ في زوايا قلبه، يوم اشترى لدينا، قبيل وصولها إلى مدينته ، اثر نزوحها القسري ، شريحة اتصال شركة كورك. لم تكن هدية ثمينة، لكنها كانت محمّلة بالنية الطيبة والحرص، إذ أراد أن يضمن لها وسيلة تواصل آمنة مع عموم أهلها الذين سرعان ما تفرقوا نازحين في مناطق مختلفة ومتباعدة. تذكر سامان انه وقتها احتفظ بملحقات الشريحة كما لو كانت شيئا ثمينا ، وهي تحوي ضمن ما تحويه قصاصة صغيرة مكتوبا عليها رقم الهاتف ومعلومات اخرى.
في طريقه إلى المنزل ، مرّ باسواق الهواتف المحمولة ، واشترى لنفسه هاتفا وشريحة اتصال جديدة ، بعد أن فقد هاتفه السابق أثناء العمل. حين دخل المنزل، لم يكن أول ما فعله هو الجلوس أو تغيير ملابسه، بل بحث عن قصاصة الورق التي تحمل رقم شريحة اتصال دينا ، وبعدها أخرج الهاتف الجديد، وأدخل فيه شريحة الاتصال الجديدة الخاصة به ، وأضاف لها رقم هاتف دينا، الذي ما إن اضافه حتى تذكر كم مرة خفق قلبه مع كل اتصال أو رسالة كانت تصله منها. وكم كان فرحا بذلك ، كأنه كان يعيد ترتيب نبضاته، ويؤكد لنفسه أن ما بينه وبينها لا يزال مستمرا.

تفاجأ سامان عند محاولته الاتصال بدينا عدّة مرات بأن هاتفها لا يجيب، وكلما أعاد المحاولة، واجه صمتا مطبقا دون أن يعرف سبب ذلك. حاول أن يجد تفسيرا منطقيا دون جدوى ، وأخيرا أقنع نفسه ببساطة ، أنها لا تعرف رقمه اتصاله الجديد.

قبل عودة سامان، كانت جهان قد أوصت شقيقها بأن يبلّغه فور وصوله بضرورة الاتصال بها، مبرّرة ذلك بأنها تحمل له أمانة مهمّة لا بد أن تسلّمه إياها شخصيا. لم تُفصح لأخيها عن فحوى تلك الأمانة التي تتعلق بما دار بينها وبين ديانا ودينا ، رغبة منها في آن تطلعه على كل شيء حول ذلك.

عصر اليوم الأول لوصوله ، وجد سامان نفسه في طريقه نحو ذلك المتنزه القديم، الذي أصبح ملتقاه الجديد مع دينا بعد نزوحها ، وأطلقا عليه بالنافذة المجتمعية في إشارة واستذكار لتلك النافذة الجامعية. تنقّل طويلا بين ممراته، باحثا على الأرائك، وتحت ظلال الأشجار، وبين الورود التي كان يشبهها بها ، لعلّه يلمح طيف دينا، وردته النادرة... لكن دون جدوى.

بدأت الدنيا تظلم في عينيه، وهاجمه شعور ثقيل بالقلق، إذ تسللت إلى ذهنه فكرة مروّعة: ماذا لو أصابها مكروه؟ أو أصاب أحد أفراد عائلتها ، زاد من حيرته أنه اتصل بها أكثر من مرة دون رد ، و لم يكن يعرف عنوان الدار المستأجَر الجديد الذي انتقلت إليه عائلتها، على خلاف الشقة السابقة التي كان هو من سعى لتأمينها لهم عند بداية نزوحهم.

في عصر اليوم الثاني، وجد سامان نفسه يغادر داره مرة أخرى مسرعا نحو ذلك المتنزّه ، كأن قلبه يسحبه إليه. وهناك، ولحسن الحظ هذه المرة، لمحها من بعيد. كانت تسير بخطى بطيئة، مرتدية ثوبا رماديا بدا له كأنه انعكاس لحزن يسكنها. عيناها غارقتان في التعب، كأنها خرجت تواً من معركة داخلية مرهقة.
أسرع نحوها، يخشى أن تتلاشى من أمامه ، كما يتلاشى الحلم عند الفجر. وعندما اقترب، ناداها باسمها، مرة... ثم مرة أخرى.

استدارت ببطء، وكأنها لا تصدّق ما تراه. توقفت قبالته، صامته، كأن الزمن تجمّد عندها في تلك اللحظة.
قال لها، وصوته يرتعش من صمتها وحالتها النفسية:
اهلا بنور العين وبهجة القلب. ماذا بك ، أين كنت. اتصلت بك أكثر من مرة دون جواب ، منذ أن جئت يوم أمس مجازا من الشركة. بعدها عصرا جئت إلى المتنزه ايضا دون ان اراك.
هل جرى لك شيئا؟

لم ترد دينا عليه وكأنه إنسان آخر غريب عليها ، ومشت مبتعدة عنه بطريقة فهم منها أن شيء ما قد حصل.
عندها اقترب منها اكثر متفرسا وجهها وعينيها ، يريد قراءة ما سر تصرفها هكذا ، مكررا تسائله:
ماذا جرى لكِ يانور عيني ، هل حصل لك او لعائلتك أمرا مكروها لا سمح الله. لماذا تتصرفين هكذا معي ، هذه ليست من طبائعك؟.
عندها أخفضت وجهها وأشاحته عنه قليلا ، كي تتجنب النظر إليه ، وعندما تذكرت توصيات جهان لها ، سرعان ما خانتها عينيها ، وبكت قبل أن تجيبه قائلة :
وهل أنت بحاجة إلى نور عيني بعد أن أطفأتها ، عندما وجدت من تمنحك نور عينيها و كل شيء دون مقدمات ،دون تعب ، دون انتظار ، دون حب. اين اصبح حبنا ، من ما قدمته لك تلك الفتاة الثرية حبيبتك الجديدة؟.

نظر إليها بدهشة مجيبا:
تتكلمين عن من ؟ ومن بإمكانها ابعادي عنك ، ومن بإمكانها أن تمنحني الحب والحياة بعدك!.
كل هذه السنوات بيننا ، ولا تعرفينني جيدا كما يبدوا، بل و تتهميني بما ليس من قيمي وأخلاقي. كنت اقول ان كل الناس يمكن أن يفهموني خطأ ، الا انت لا يمكنك هذا؟.

إجابته:
ما قلته ليس اتهاما من عندي، بل هو ما نقلته لي جهان، صديقتنا، التي صادفتها في السوق قبل فترة. حدّثتني بتفاصيل ما سمعته مباشرة من فتاتك الثرية ديانا، تلك التي قالت لها إنك وقعتَ في غرامها، وأنكما تنتظران عودة والدها المدير من سفره لتُعلنا خطوبتكما، وطبعا دون أن يكلّفك ذلك شيئًا… تأتيك يوم العرس بسيارتها ومالها وشقتها. أما أنا، فلتذهب كرامتي وعلاقتنا إلى الجحيم، ومعها كلّ سنوات انتظاري لك… قربانا لها. أليس هذا ما حصل… وما سيحصل؟
ثم أضافت، وهي تتنهّد بحرقة ووجع:
كم تقدموا لخطبتي شبابا تتمناهم أيّة فتاة، و رفضتهم واحدا بعد الآخر من أول مفاتحة… فقط من أجل عينيك. وها أنا اليوم ادفع ثمن ذلك ، فأصبحت قربانا تُقدّمه على مذبح حبك الجديد.

-عن أي خطوبة تتكلمين؟. ديانا هذه حاولت المستحيل معي خلال الفترة القليلة الماضية ، دون أن أوليها أدنى اهتمام. ولما لم تجد للوصول لي سبيلا، بدأت تسلك طرقا جديدة.
ألم أقل لكِ منذ زمن الجامعة ، ألا تأخذي ما تسمعينه على محمل الجد. أتذكرين ما قلته لكِ يوما عن جهان؟. لقد وجدتِ نفسك اليوم في دوّامة الشك والغيرة… نفس الوهم الذي طالما حذّرتكِ منه.
ثم تنهد وأضاف بصوتٍ مشوب بالمرارة:
ديانا نسجت هذا المخطط بعناية لتفصلكِ عني. نعم، هي ابنة مدير الشركة، وبدأت محاولاتها منذ أن عملنا سويا، لكنني لم أُعرها اهتمامًا. يبدو أنها التقت بجهان لتُمرر خطتها الخبيثة عليك.

سكت لحظة، ثم تابع:
ما يُدهشني حقا هو جهان… كيف صدّقت ادعاءات ديانا ونقلتها لك! . وهي تعرف ديانا ، وتعرف ان تصرفات كهذه أتت من فتاة مراهقة. ولكن لا أظن أن جهان تصرفت هكذا الا لتحذيركِ من ديانا.

تدخلت دينا بنبرة غاضبة:
ما يؤكد غرامك بديانا أنني تلقيت بعد ذلك رسالة صوتية من فتاة برقم مجهول، فيها ما يؤكد ما نقلته جهان… ومن مفردات كلامها عرفت أنها ديانا نفسها!

-كيف تجرؤ ديانا على ذلك وهي بالتأكيد لا تعرف عنك شيئا حتى رقم هاتفك؟

- اسأل نفسك… انت بالتاكيد من اعطيتها رقم هاتفي.
ثم أخرجت هاتفها من حقيبتها وتابعت: هذا هو رقمها، أليس محفوظا لديك لتسمعها همساتك وغرامك!

هزّ سامان رأسه وقال بثقة:
فقدت هاتفي قبل أكثر من ثلاث اسابيع أثناء العمل، وبحثت عنه كثيرا ولم أعثر عليه. يوم أمس اشتريت هاتفا جديدا وشريحة اتصال جديد… وكنتِ انت أول من اتصلتُ به على رقمي الجديد. تفقدي سجل مكالماتك، ستجدين اتصالاتي دون رد. الرقم الوحيد المحفوظ عندي الآن… هو رقمك فقط.

ثم تقدم منها برجاء: هل يمكنك أن ترسلي لي تلك الرسالة الصوتية على رقمي الجديد؟ أريد أن أتأكد من صوتها ورقمها بنفسي.

ردّت بحزم: لا حاجة لإرسالها، أسّمِعها لك. فتحت هاتفها، وسمعته الرسالة كاملة.

وبعد لحظات من الصمت، قال متوترا:
نعم… هذا صوتها… وما قالته عني يبقى كذبا ونفاقا، وهذا مخطط منها ، كما ذكرت قبل قليل ،كي تصل لما تنوي عليه. لكن يبقى السؤال من أعطاها رقمك؟.
أجابته بمرارة:
قل لنفسك هذا، وانت اقرب من يكون إليها…..!

-سأثبت لك العكس. فقط أرجوك، ان تعطينني رقم الهاتف الذي وردت منه الرسالة.
بعد إلحاح ورجاء، اعطته الرقم. عندها شهق وسط دهشته وفرحه :
هذا هو رقمي السابق ، اتصلت به معك. إنها ديانا… إذن هي من سرقت هاتفي لتنفيذ مخططها معك. يا لها من فتاة ماكرة.

-ولماذا لا تقول إن هذا ليس بسرقة ، بل هو إثبات انك من اعطيتها رقمي بل وهاتفك نفسه ، لتؤكد لي ديانا بذلك صدق ما تقوله في حبك وغرامك بها.

فكر سامان قليلا ، وبعدها ادخل رقمه السابق في قائمة اتصال هاتفه الجديد ، واتصل بهاتفه القديم ….. دون رد.
كرر الاتصال ثانية وثالثة …..دون رد.
في المحاولة الرابعة …. جاءه الرد: الو…. تفضل
-من انت؟ .. في الحال ومن نبرة الصوت علم أنه صوت مدير شركته …ثم اجابه : عفوا انت السيد مدير الشركة ، انا المهندس سامان
-لماذا تتصل بالمكتب هكذا ، وهذا الهاتف يعود لمن ، ومن تركه هنا……
-هذا هاتفي ، فقدته بعد سفرك في موقع العمل. اتصلت به من رقم هاتفي الجديد ، لأعرف مصيره أو من عثر عليه. يحوي هذا الهاتف الكثير بالنسبة لي ، فيه ارقام هواتف الاقرباء والاصدقاء والعمل. ومنعا لإحراج المدير اكمل إجابته قائلا:
يبدوا أن أحد العمال عثر عليه بعد اجازتي وسلمه لديانا واحتفظت به في خزانتك كي تسلمه لي ولكن يبدو ان انشغالها قبيل رجوعك من خارج البلد انساها ذلك.
-بالكاد سمعت صوت الهزاز ، لأنه على الصامت.
-سأكلف سائق حافلة العمال في الشركة القادم إلى المدينة عصر يوم غد ،ان يمر على مكتبك لأخذه منك ، لأنه يعرف عنوان داري. اريد منك فقط ان تحفظ رقم هاتفي الجديد احتياطا، فقد تحتاجني الشركة لأمر ما.
-هو كذلك.
-اشكرك على تعاونك.

استلم سامان عصر اليوم التالي هاتفه المفقود، وفي الحال بحث عن رسالة ديانا الصوتية فوجدها ، وعلم وقت إرسالها . بعدها مباشرة اخذ طريقه الى المتنزه ، بعد ان وعدته بالأمس دينا بالمجيء أيضا للتحقق من براءته. فور وصول دينا إلى المتنزه ، اتصل سامان على الفور من هاتفه القديم بديانا، وما إن فتحت هاتفها لترد، حتى فوجئت بأن المتصل هو سامان، وقد اتصل بها من هاتفه الذي سرقته منه وأخفته في أحد أدراج مكتب والدها، بعد أن وضعته على الصامت والاهتزاز. كانت قد نسيت، عند عودة والدها إلى المكتب، أن تسترجع الهاتف وتحتفظ به عندها.
لم ترد ديانا على مكالمة سامان، وقد اجتاحها خوف عارم وهلَع شديد، إذ أدركت حجم الحرج الذي قد تواجهه أمام والدها وسامان معا. وجدت نفسها فجأة أسيرة دوامة من القلق والارتباك والتفكير المضطرب.

وبعد مرور نحو ربع ساعة، خطرت لها فكرة الاتصال به والتظاهر بالفرح لأنه عثر على هاتفه الضائع، لكنها تذكرت فجأة أنها لم تحذف منه رسالتها الصوتية لدينا ، بانتظار أن تسمع رد فعل منها تصبه لصالحها. ومع وجود الرسالة على الهاتف، التي لن تستطيع إنكارها ، و وجود الهاتف في مكتب والدها، دون أن تُعيده إلى سامان.، ستجد نفسها في مواجهة الحقائق دون مجال للمراوغة. كل تلك الوقائع تحاصرها، وتدفع بها إلى زاوية الاتهام بالسرقة ، التهديد ، الكذب، والتدخل في خصوصيات الآخرين. عاشت ديانا تلك اللحظات بين الخوف والهلع، وبين محاولات يائسة للهروب من مأزق يضيق خناقُه عليها مع كل دقيقة تمرّ.

وبينما تعيش ديانا هذه اللحظات اتصل سامان بها ثانية . فتحت هاتفها للرد دون أن تتمكن من الكلام. ولكن وجدت سامان لا ينتظر ردها ، ويسألها مباشرة دون مقدمات:
لماذا لم تردي على المكالمة ، ولم تسأليني كيف وجدت هاتفي وعن من سرقه مني ومن احتفظ به في مكتب والدك ومن ارسل رسالتك الصوتية الى دينا. كل هذا التصرف الصبياني جاء منك لغاية اعرفها ، لمكيدة حاولت بها أن تبعدي دينا عني بطريقة جبانه ، فقد أعلمتني دينا بكل بتفاصيل ما جرى منك منذ ان التقيت بجهان وإستلامها رسالتك الصوتية.
في هذه الاثناء سمع ديانا تبكي بحرقة وهي تقول له بحشرجة : نعم أنا من فعل هذا كله كي اظمن ان تكون لي ولي فقط. غلبني حبي لك وانانيتي فيه.
رد عليها بعنف وغضب قائلا:
ما ذنب ديانا وذنبي انا وقبله جهان من كل هذا وفي كل مخططاتك والاعيبك هذه ، ومتى كان الحب مكائد ومؤامرات . امامك اربعة وعشرين ساعة حتى عصر يوم غدا لتأتي إلى المتنزه القريب من سفج الجبل على يسار الوادي الرئيسي. تأتين إليه وتعترفي وتعتذري بحضوري إلى دينا وجهان على كل ما فعلتيه، والا سأبلغ والدك بتفاصيل كل ذلك، ويكون له القرار. ويبقى لدينا بخلاف ذلك حق ان ترفع شكوى ضدك إلى الجهات المختصة.

-انا على استعداد أن أفعل كل ما تريده مني واعترف بكل ما فعلته . ولكن أرجوك أن لا تبلغ والدي وقبلها أن تطلب من دينا ان لا ترفع شكوى ضدي ، لان حياتي وكرامتي ستنتهي عند ذاك. كيف ساخرج إلى الناس بعدها.
-هذا ذنبك ، وكان المفروض ان تحسبي حساب لكل تبعات تهورك و اندفاعك بمراهقتك.
-اكرر رجائي ان لا تبلغ والدي بالحقيقة ، وساقول له ان احد العمال عثر عليه ظهر نفس اليوم الذي سافر فيه سامان وارجوا ان تساعدني في ذلك. ولن انسى فضلك وفضل دينا في الحفاظ على ماء وجهي بين الناس.

سمعت دينا وهي الحالية قرب سامان ، تفاصيل المكالمة هذه واقتنعت ببراءة سامان من كل ما وقع معها ، عندها اعتذرت منه عن كل شيء. طلب سامان منها أن تتصل بجهان كي تكون في المتنزه عصر اليوم الثاني ، لتسمعوا من ديانا برائتي واعترافها ثم اعتذارها منكما.
إجابته دينا:
كما تريد ولكن لن اسامحها على فعلتها معي ومع جهان التي خففت وقع كل ذلك عني، ولولاها لكنت الآن في وضع آخر ، ولن انسى تفاصيل موقفها من ديانا ومنك وبعدها زيارتها المتكررة لي ومتابعتها لوضعي.

صباح اليوم التالي اتصل بدينا ليضمن حضور جهان ومسامحتها لديانا، ثم اضاف ان تحويل تصرف ديانا إلى قضية ، لا يصب في مصلحة أحد وهي فتاة لا زالت تعيش مرحلة المراهقة مغرورة ومستغلة دلال والدها المحترم لها.
يكفيها تأنيب ضميرها وخوفها الدائم من تبعات تصرفها وانعكاسه على مستقبلها ونظرة والدها لها. أخيرا سمع ديانا تقول له :
انا سامحتها حبا بك واحتراما وتقديرا لحبنا.

عصر اليوم التالي جلس سامان على الأريكة التي جلس عليها مع دينا مرارا ، قبل التحاقه بعمله وانشغاله فيه ، وهو يتمتم مع نفسه موجها كلامه الى الاريكة:
اه لو اجاد الناس لغة الصمت مثلك لما بقي عند الكثير من البشر مشاكل نمت من لا شيء. كم جرى من احاديث وكم قيلت من أسرار وكم احيكت من دسائس وانت شاهدة عليها ، دون ان تهمسي لأحد بذلك.

بعد لحظات وصلتا دينا وجهان سوية تملأ تعابير الفرح قسمات وجهيهما. وبعد أن تبادلا التحايا والسلام ، بادر سامان بالقول موجها الحديث إلى جهان قائلا:
انا مدين لك بكل ما ابديته من حرص وجهد مع دينا ومعي ، فقد أبلغتني دينا صباح اليوم عن كل ما بذلتيه معها ولولا جهودك ، لكنت قد فقدت دينا للابد واصبحت اعيش حياة المترمل الروحي. أبلغني امس اخاك عن رغبتك باللقاء معي لأمر هام عرفته قبل ان التقيه. كم ساهم كل ذلك في تخفيف جراحات دينا وجراحاتي. لك مني كل التقدير والعرفان بجميل ما فعلته لأجلنا.
كم انت كبيرة منذ أيام الجامعة ولا زلت في رفعة قيمك وأخلاقك. كل كلمات الشكر عاجزة عن ايفائك حقك بما بذلتيه من جهد.
-هذا واجبي مع دينا ومع اخي وصديق اخي وابن حينا ، ويكفينا ان سامان جارنا وابن حينا، تربينا وعشنا معا فيه في زمن كانت العلاقات الاسرية والروابط بين الجيرة اقوى من الروابط بين الأقرباء. وللاسف تلك أيام مضت عند الكثير في هذا الزمن.

بعد قليل وصلت ديانا وهي تذرف الدموع مدرارا دون إرادة ، واحتضنت جهان وهي تعتذر ، ثم احتضنت دينا ، وقالت لها من الواضح انك دينا ، لا اعرف كيف اعتذر منك على ما ظلمتك وظلمت قبلك سامان وجهان. اعترف بخطئي وخطيئتي معكما بل جريمتي. وارجوا ان تسامحوني كأختكم الصغيرة.
اجابتها دينا وقد رق قلبها عليها:
لو كنت اعرف انك في عمر المراهقات لسامحتك بالاساس ، واسامحك الآن كي تتعلّمي كيف تدخلي البيوت من ابوابها الصحيحة، عندها تجدي من يرحب بك، وهذا يصح حتى في الحب بين اثنين. كيف لمن يحب ان يقتل من يحبه رغبة بامتلاكه ، وهذا ليس منك حبا بل غيرة عمياء لمراهقة . كيف هان عليك أن تزرعي مشاعرك وحبك في أرض غيرك ، وحتى الورود لا تقبل النمو إلا في وسط يرعاها ويتابعها مثل ورود هذا المتنزه. اما انت فلم تنفكِ عن تدبير الدسائس حتى بعد أن أعلمتك جهان بما يربطني و سامان من علاقة بنيناها منذ أيام الجامعة.

عندها تدخل سامان موجها حديثه لديانا وهي لا تزال واقفه قبالتهم و كأنها في قفص المحكمة :
اعتبري كل ما حصل قد انتهى ولن ابلغ والدك عن كل ذلك، تبقين اختى الصغيرة. ثم اضاف في سبيل تغيير الجو: للسيد المدير ديانا حرية المغادرة اذا شائت ، فضحكت ديانا وهي تمسح دموعها ،ثم ودعتهم مكررة اعتذارها واسفها.

بعدها عبر سامان عن شكره ثانية لجهان قائلا لها ، لولا جهودك لكانت دينا في عداد الأموات.غيرتها هي الاخرى حتى من المراهقات تقتلها.
إجابته ديانا :
إذا لم أقف معكم انا الصديقة والشاهدة على حبكما هذا، فمن سيقف معكم.
اجابها سامان ودينا سوية تبقين صديقتنا واختنا العزيزة.
بعدها افضى سامان لهما بأنه سيقابل والد دينا خلال يومين ليتقدم له بطلب يد دينا ، وستكون الخطوبة في اليوم الثاني من اجازتي القادمة، فقد جهزت كل شيء وجمعت مبلغا يمكنني فيه من إتمام حفلة الخطوبة والزواج وقبلها قمت بالتسجيل على شقة سكنية في المجمع الجديد هنا ، بأقساط مريحة جدا ، توسط لي فيها مشكورا مدير شركتي والد ديانا ،كي استلمها خلال ستة اشهر.
على الفور باركت جهان لهما اقتراب موعد الخطوبة والزواج ، مضيفة ان جمال الحب في ما يمر به من معاناة التي يكون ثمن اختبارها و تجاوزها عرسا ابديا. هنيئا لكما . ثم استدارت نحو دينا وقالت لها:
ها… الم اقل لك بانني سأكون اول المهنئين لكما.

حينها افضت لهما جهان بمفاجئة أفادت فيها انها ايضا على أبواب خطوبة ، إذ تقدم إليها استاذ في جامعة المدينة ، تعرف عليها عندما التقته صدفة في رئاسة الجامعة ، لتسأله عن مكان التقديم لدراسة الماجستير. بعدها كلف نفسه بمساعدتها في إجراءات التقديم ،ليتم اثرها التعارف بينهما ، تطور الى المفاتحة والموافقة ، تم بعدها تحديد موعد الخطوبة بعد موافقة والدها.

فور سماع ذلك من جهان ، باركت لها دينا وقالت لها العلاقة بين الطيبين ، كعلاقة النحلة مع الورود ، فهي تنجذب إليها من عبيرها ورائحتها ، لتمنح هي الناس شهدا وعسلا ، فكيف إذا تطور اللقاء إلى علاقة حب مع جميلة الجميلات.
ثم بارك لها سامان قائلا انها حقا مفاجأة جميلة جدا. اليوم اطمأنت على اختي العزيزة وعلى مستقبلها ، وطبعا انا وديانا سيكونان اول المدعوين والمباركين لكما يوم الخطوبة
ثم اضاف سامان:
اليوم يوم مسرة وفرح. حقا عندما تأتي الأفراح تاتي جملة وما اجملها من جملة تعزفها اوتار القلوب قبل اوتار اجهزة العازفين. انها ارادت السماء في أن تكافئنا جميعا. عليه انتم الان مدعوون لنتناول معا طعام العشاء في المطعم الجبلي المطل على المدينة. فكان ذلك وسط أحاديث دارت عن ايام الجامعة واستعدادات الفرح . بعدها واعد دينا على لقاء ثاني في اليوم التالي ، فقاطعته جهان موجهة حديثها إلى دينا: لقاء عشق وغرام كأول عهدكما….
ضحكت دينا في ردها: كما عهدتنا من قبل ، ولكن اوعدينا انت ايضا ان تعرفينا على خطيبك المحظوظ.

بعدها غادروا المطعم ليطلب سامان سيارة أجرة ، أوصل دينا ثم جهان إلى منزليهما، قبل أن يأخذ طريقه إلى منزله.



#خالد_محمود_خدر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يكون الحب في الزمن الصعب/الجزء الخامس
- عندما يكون الحب في غير زمانه / الجزء الرابع
- عندما يكون الحب في الزمن الصعب /الجزء الثالث
- عندما يكون الحب في الزمن الصعب / الجزء الثاني
- عندما يكون الحب في الزمن الصعب / الجزء الاول
- خواطر في محطات دروب الحياة / الجزء الثالث
- خواطر في محطات دروب الحياة / الجزء الثاني
- خواطر في محطات دروب الحياة / الجزء الاول
- حقا ان الفساد ان دخل في مفاصل الدولة والمجتمع أصبح عار ʌ ...
- بمناسبة احتفال ابناء المكون الآشوري الكلداني السرياني بعيد ا ...
- أوجه التشابه بين تاملات جبران خليل جبران وعبدالرزاق الجبران ...
- موقع الانسان وتأملاته بين صورتين لمركبه فويجر ١ سنه &# ...
- موقع الانسان وتأملاته بين صورتين لمركبه فويجر ١------- ...
- تأملات في الكون ومسيرة الانسان فيه:
- جانب من حياة الرحاله العراقي يونس بحري ومذكراته في سجن ابو غ ...
- جانب من حياة الرحاله العراقي يونس بحري ومذكراته في سجن ابو غ ...
- جانب من حياة الرحاله العراقي يونس بحري ومذكراته في سجن ابو غ ...
- جانب من حياة الرحاله العراقي يونس بحري ومذكراته في سجن ابو غ ...
- تشييع دفعة جديدة من رفات شهداء حملة إبادة إيزيديي سنجار على ...
- لا تتناول خصوصيات الناس وتلمس جراحاتهم إن لم يكن قصدك فيها ن ...


المزيد.....




- أسلك شائكة .. فيلم في واسط يحكي عن بطولات المقاتلين
- هوليوود مصدومة بخطة ترامب للرسوم الجمركية على صناعة السينما ...
- مؤسسة الدوحة للأفلام تعزز حضورها العالمي بـ8 أعمال في مهرجان ...
- أدّى أدوارًا مسرحية لا تُنسى.. وفاة الفنان المصري نعيم عيسى ...
- في عام 1859 أعلن رجل من جنوب أفريقيا نفسه إمبراطورا للولايات ...
- من النجومية إلى المحاكمة... مغني الراب -ديدي- يحاكم أمام الق ...
- انطلاق محاكمة ديدي كومز في قضية الاتجار بالجنس
- ترامب يقول إن هوليوود -تحتضر- ويفرض رسوما بنسبة 100% على الأ ...
- حرب ترامب التجارية تطال السينما ويهدد بفرض الرسوم على الأفلا ...
- وفاة الفنان المصري نعيم عيسى بعد صراع مع المرض


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد محمود خدر - عندما يكون الحب في الزمن الصعب / الجزء السادس