أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أمين وشن - لماذا يرتفع منسوب الجريمة في المغرب، أو حين يصبح الشارع مدرسةً .














المزيد.....

لماذا يرتفع منسوب الجريمة في المغرب، أو حين يصبح الشارع مدرسةً .


محمد أمين وشن

الحوار المتمدن-العدد: 8314 - 2025 / 4 / 16 - 18:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"إذا جاع الناس فسدت أخلاقهم" — ابن خلدون

تعيش مدن المغرب وقراه، في السنوات الأخيرة، على وقع تصاعد مقلق لحالات العنف والجريمة ، حتى باتت مقاطع الفيديو المتداولة لمشاهد السرقة والاعتداء جزءًا يوميًا من النقاش العام ، ومصدرًا رئيسيًا لشعور جماعي بعدم الأمان ورغم محاولات بعض الخطابات الرسمية إرجاع الأمر إلى حالات فردية معزولة ، إلا أن تكرار المشاهد ، وانتشار الظاهرة ، وتوسعها الجغرافي ، يفرض علينا طرح الأسئلة الحقيقية
ما الذي يجعل العنف يتمدد في جسد المجتمع؟ وكيف تم إنتاج هذا المناخ الموبوء؟

ليس من باب الصدفة أن تتزامن هذه الموجة مع تدهور مستمر في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية فالمغرب يعيش أزمة بطالة خانقة و غير مسبوقة خصوصًا في صفوف الشباب ، والآلاف من حاملي الشهادات يقضون زهرة أعمارهم بين جدران الإحباط ، في ظل سياسات حكومية لا تخلق مناصب شغل حقيقية ، ولا تؤمن بالعدالة المجالية وحين تُغلق أبواب الأمل ، يصبح البعض عرضة لكل أشكال الانفجار النفسي والاجتماعي ، ويجدون في العنف مخرجًا يائسًا لواقع لم يمنحهم سوى التهميش ، في المقابل يلحظون تنامي ظواهر الاحتكار و تضارب المصالح و الاغتناء غير المشروع ... في غياب تام لربط المسؤولية بالمحاسبة .

أما المدرسة التي يُفترض أن تكون حصنًا ضد الانحراف ، تحولت بدورها إلى مؤسسة مريضة ، لا تنسجم مخرجاتها مع حاجيات سوق الشغل ، ولا تواكب تطلعات الأجيال الجديدة كما تم الانخراط في تفويت عدد كبير من المؤسسات التعليمية ، وتقلص الاستثمار العمومي في التعليم ، فابتُلينا بنظام تربوي لا يُعلّم ولا يُكوّن ولا يثقف . أحيث أفرغت المدرسة من بعدها التنويري ، وتُرك التلميذ في مواجهة مصير مجهول، ليخرج من التعليم العمومي بنفس الإحباط الذي يعانيه خريجوها السابقون .

تُضاف إلى ذلك أزمة حقيقية في مؤسسات التأطير ، وعلى رأسها دور الشباب التي كانت في الماضي مشتلا للفنون والمسرح والرياضة والعمل الجمعوي . أما اليوم فقد تحولت في أغلب المناطق إلى بنايات مغلقة أو شبه مغلقة ، بلا برامج حقيقية ، ولا أطر كافية ، ولا رؤية و أهداف واضحة. وحين تُهمل هذه الفضاءات يصبح الشارع اتوماتيكيا هو المؤطر الوحيد ، بثقافة العنف والانحراف ، وسلطة القوي على الضعيف .

صحيح أن الجريمة سلوك فردي ، لكن البيئة الحاضنة لها هي نتاج مباشر لسياسات عمومية فاشلة فعندما تُهمل الصحة والتعليم ، وتُختزل التنمية في أرقام ماكرو-اقتصادية ، وتُدار الشؤون الاجتماعية بمنطق الربح والخسارة ، تكون النتيجة الحتمية هي انفجار اجتماعي يتخذ أشكالًا متعددة العنف، السرقة، الإدمان، وحتى القتل أحيانًا، فالجريمة لا تولد من فراغ بل تنمو في تربة الخذلان والإقصاء وحين تفشل الدولة في ضمان كرامة مواطنيها، من خلال شغل كريم ، وتعليم نافع ، وتأطير تربوي وثقافي فعّال ، فلا يكفي أن نردّ على الجريمة بالمقاربة الأمنية فقط ، بل بزرع الأمل في النفوس عبر سياسات عادلة ، و محاصرة الانحراف بتوفير البدائل الحقيقية ، لا فقط بمثيلاتها التي عفى عليها الزمن أو وفق مقاربة الأوليغارشيا التي لا هم لها سوى استغلال السياسة في تكديس الثروة

قال ابن خلدون يومًا إذا جاع الناس فسدت أخلاقهم ويبدو أن هذا القول لا يزال صالحًا كتشخيص دقيق لوضع اجتماعي ينذر بانفجارات أكبر إن لم تُعالج أسبابه العميقة وإلا، فسيستمر الناس في التيه، وستفسد الأخلاق أكثر ، وقد نصل إلى نقطة اللاعودة .



#محمد_أمين_وشن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منع لجنة تقصي الحقائق : اغتيال دستوري بدم بارد
- فلسطين ليست حجابا
- بهجة عيدين
- في صمت المعنى
- دموع العيد
- حكومة الفيديوهات وبيع الأوهام حين يُستَغَلُّ الإعلام العمومي ...
- خذني إلبك
- ماذا أهديك ؟
- هلوسات خب
- حدثنا سيدتي
- مدينة في المزاد
- شهيدات اللقمة
- ما عادت أمي
- الحوار الغائب : الحكومة المغربية ، ومأزق الانغلاق السياسي
- حكومة تُراكِم الإخفاقات ، وتُوزِّعها بين السماء والحرب
- صوتُ النضالِ الأبِيّ
- هي فوضى
- اخل سبيلهما إذن
- ماذا عن أزمة التعليم بالمغرب ؟
- قراءة في اجتماع اللجنة الوزارية الثلاثية مع النقابات التعليم ...


المزيد.....




- -نايكي- تُحيي فنًا عمره 5000 عام في أول تعاون لها مع علامة أ ...
- قتلى وجرحى ودمار جراء القصف الإيراني على إسرائيل
- مصر: الحكومة تضع حلولا بعد غلق إسرائيل أكبر حقولها للغاز.. و ...
- هل الهدف هو تغيير النظام الإيراني أو القضاء على البرنامج الن ...
- إيران وإسرائيل تعلنان أحدث حصيلة لقتلى الهجمات المتبادلة بين ...
- بعد أن أثار جدلا.. كاتس يتراجع عن تهديد سكان طهران
- حاملة الطائرات الأميركية -نيميتز- نحو الشرق الأوسط: هل تلوّح ...
- الجيش الإسرائيلي يسحب الفرقة 98 من غزة ويحشد عند حدود مصر وا ...
- فرقة -كوستروما- تؤدي عرضا بأوبرا القاهرة
- بن غفير يأمر الشرطة بإيقاف أشخاص يصورون أماكن سقوط الصواريخ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد أمين وشن - لماذا يرتفع منسوب الجريمة في المغرب، أو حين يصبح الشارع مدرسةً .