أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عبدالرؤوف المل - الشعر بين التقليد والحداثة قراءة في رؤية نزار دندش للأدب















المزيد.....

الشعر بين التقليد والحداثة قراءة في رؤية نزار دندش للأدب


ضحى عبدالرؤوف المل

الحوار المتمدن-العدد: 8314 - 2025 / 4 / 16 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


يتنقل الشاعر نزار دندش بين الشعر والرواية كما لو أنه يحفر في أعماق التاريخ الأدبي، بينما يتنفس الحياة اليومية ويحاول الوصول إلى قلب الإنسان المعاصر. في حوار خاص معه ، تكشف إجابات دندش عن رؤيته العميقة والمتجددة للأدب، وهو يربط بين الشعر والواقع الاجتماعي والنفسي في تناغم يتسم بالجمال والرصانة الفكرية. يتضح من خلال حديثه أنه لا يقتصر على كونه شاعرًا فحسب، بل هو مفكر في أدبياته، وفنان في التعبير، ما يعكس رؤية ثقافية عميقة لا تخلو من الإشكاليات والتحديات التي يواجهها الأدب في العصر الحديث. فهل يعتبر الشعر فعل تشاركي؟

أول ما يلفت الانتباه في حديث معه نزار دندش هو تصوره الخاص للشعر كفعل تشاركي بين الشاعر والقارئ. يعتبر دندش أن القصيدة ليست مجرد كلمات موزونة تنظم في قالب لغوي بل هي تجربة وجدانية وعقلية تتفاعل مع القارئ على مستويات متعددة. لا يرى الشاعر أن القصيدة تكتسب قيمتها فقط من خلال موهبة الشاعر في التعبير، بل من خلال استجابة القارئ لها، وهو ما يضفي عليها بعدًا إبداعيًا مشتركًا. في هذا السياق، يمكن القول إن دندش يقدم تصوره للشعر ليس كإنتاج فردي فحسب، بل كعملية تواصلية بين الكلمة والروح، وهو ما يعكس مرونة الشعر وتكيفه مع الأزمان والأماكن.

بالنظر إلى أن الشعر هو في جوهره موسيقى للروح، فإن هذه الفكرة لا تقتصر فقط على القصيدة الموزونة بل تتسع لتشمل الأشكال الشعرية المختلفة. من هنا، يظهر أن دندش ليس مُلتزمًا بنمط شعري معين، بل يراهن على الموسيقى الداخلية للكلمات، ويرى أن الموهبة الحقيقية تكمن في كيفية تفاعل الكلمة مع إحساس الشاعر والمستقبل على حد سواء. قصيدته، كما يشير في حواره، هي محاكاة لحالة وجدانية معقدة، تضع القارئ في مواجهة مع نفسه.

ما يميز الشعر عند نزار دندش هو ارتباطه الوثيق بالموسيقى، وهو ما يعد أحد أهم أبعاد رؤيته الفنية للشعر. "الشعر موسيقى وكلمات"، يقول دندش، حيث لا تقتصر القصيدة على كونها مجموعة من الألفاظ التي تنطوي على معانٍ عميقة فحسب، بل هي أيضًا عبارة عن أنغام تنبض بالحياة، وتعيش في الذاكرة بفضل إيقاعها المتناغم. يتجسد هذا بشكل واضح في اهتمامه بالأوزان الشعرية، حيث يعامل البحر الشعري كـ"نوتة موسيقية" لها أثر واضح على القارئ والمستمع. يضيف إلى ذلك أن كل بحر شعري له موسيقاه الخاصة، تتناغم مع حالة الشاعر النفسية وتفضيلاته الإبداعية. لهذا، فإن الشاعر الماهر هو من يستطيع أن يجد التوازن بين الكلمة والموسيقى، وبالتالي بين العقل والعاطفة.

هذه الرؤية للموسيقى الشعرية لا تقتصر على الأوزان التقليدية فقط، بل تشمل أيضًا الشعر الحر والنثر، ما يدل على أن دندش يحرص على تعدد الأشكال الشعرية وتنوع أساليب التعبير. فهو لا يقتصر على الشعر الموزون، ولكنه يعتنق الجمالية الموسيقية للكلمات بشكل عام، بغض النظر عن قالبها الشعري. فهل الشعر الكلاسيكي والحداثة: معركة أم تكامل؟

إحدى الإشكاليات التي تطرق إليها نزار دندش في حواره كانت معركة الشعر التقليدي والشعر الحداثي. يتضح من حديثه أنه لا يرى ضرورة للخصام بين المدرسة الكلاسيكية ومدارس الشعر الحديثة، بل يعتقد أن لكل منهما قيمته ومكانته. في هذا الصدد، يعبر دندش عن إعجابه الكبير بالشعر الكلاسيكي العربي، خاصة شعر المتنبي وأحمد شوقي والأخطل الصغير، الذين أثروا في ذائقته الشعرية. ومع ذلك، فهو يؤمن بأن الشعر الحداثي له أيضًا قيمته الخاصة، شريطة أن يكون قائمًا على جمالية اللغة والموسيقى الداخلية، لا على هدم الأشكال القديمة لأغراض تجريبية قد تفرغ الشعر من جوهره.
يرفض دندش "الحداثة" الشكلية التي تسعى إلى تحطيم القوالب التقليدية دون مبرر فني قوي. وبدلاً من ذلك، يدعو إلى خلق شعر عصري يعبر عن العصر الجديد مع الحفاظ على جوهر الشعر العربي من حيث جمال اللغة وعمق المعنى. هو يؤمن بأن الشعر هو الوسيلة الوحيدة التي تمكننا من فهم الذات الإنسانية بكل تعقيداتها، وأنه يجب أن يكون مرآة للعواطف والأفكار في وقت واحد فهل الرواية بالنسبة له انعكاس للواقع الاجتماعي والنفسي؟


الانتقال إلى العمل الروائي بالنسبة لنزار دندش ليس سوى امتداد طبيعي لاهتمامه العميق بعالم الأدب. يعتقد دندش أن الرواية تمثل انعكاسًا أوسع للعالم مقارنة بالشعر، فهي لا تقتصر على الذات الفردية كما في الشعر، بل تتسع لتشمل كل أبعاد الحياة، الاجتماعية والاقتصادية والنفسية. في الرواية، يرى دندش أن الكاتب يستطيع أن يعكس الواقع الموضوعي والمجتمعي، وأنه في هذا السياق يصبح الكاتب بمثابة "مصور" و"مهندس ديكور" لحياة أبطاله.


الرواية، كما يرى دندش، تتطلب من الكاتب فكرًا أكثر شمولًا وواقعية. فهي ليست مجرد قصة أو حدث، بل هي حوار مع الحياة نفسها، محاولة لفهم انعكاساتها في ذهن الكاتب ووعيه الاجتماعي. لذلك، يرفض دندش فصل الأدب عن الواقع، ويرى أن دور الروائي يتعدى السرد، ليشمل نقد الواقع ومحاولة تجسيد رؤى جديدة.
في إجابة على تساؤل حول تطور الأدب في الزمن المعاصر، يثير نزار دندش نقطة مهمة تتعلق بتراجع تأثير الكتاب الورقي في العصر الرقمي. فهو يرى أن التحولات في تكنولوجيا القراءة قد تؤثر بشكل ما على الكتاب الأدبي، وخاصة الشعر، الذي يظل مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بجمالية الكلمة المكتوبة. في هذا الصدد، يظهر توازن دندش بين تقديره للتقاليد الأدبية واحترامه للتطورات الحديثة في مجال القراءة والنشر.

ومع ذلك، لا يتوقف دندش عند هذه التحولات، بل ينظر إلى الأدب كجزء من معركة ثقافية مستمرة. في رأيه، الكتابة الجيدة تظل قادرة على التغلب على الزمن. وإذا كانت الأشعار الجاهلية قد بقيت خالدة إلى اليوم، فلا يمكن لأدب اليوم أن يحقق الخلود إذا اقتصرت رؤيته على حدود زمانه.
في النهاية، يمكن القول إن نزار دندش يعكس في رؤيته الأدبية حياة غنية ومتنوعة، تحتضن الشعر والرواية معًا. هو لا يرى الأدب مجرد أداة تعبير عن الذات، بل هو رسالة تنقل الإنسان إلى أفق أوسع، يعكس التاريخ والمجتمع والتجربة الإنسانية. في كل كلمة من كلماته، يحاول أن يعكس جمالًا مفقودًا، أو يحاكي ألمًا مستمرًا، أو يخلق لحظة من التوازن بين العقل والعاطفة. وبذلك، يبقى الأدب في نظره، كما في نظرنا، مرآة حية للإنسان، وساحة صراع بين الموروث والحداثة، وبين التجربة الفردية والواقع الاجتماعي.



#ضحى_عبدالرؤوف_المل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تبقى الديمقراطية هي الفاعلة
- حين تصير الموسيقى امتدادًا للروح
- الدراما السياسية في سيرة معاوية بن أبي سفيان بين التاريخ الم ...
- -البطل- معركة الإنسان مع نفسه في زمن الفوضى
- لام شمسية- وآثاره في مواجهة قضايا التحرش بالأطفال عبر الدرام ...
- الدماء التي لا تنسى -فهد البطل- وجوهر الصراع الأخوي
- أم هاشم وحقل الشوفان
- حديقة -الامريكان في بيتي- وشجرة الالوان
- خط النجمة البيضاء في رواية الشوك يزهر للروائي هاري مارتينسون ...
- هل الرواي اداة وظيفية دالة..؟
- صلاة لبداية الصقيع
- زمن ما قبل الذاكرة – قراءة في رواية ساق البامبو
- المشرقي القادم من شريط حدودي محتل
- شاعرات من الدول العربية في اليوم العالمي للمرأة والشعر
- مكانة الشعر في الفصل بين المفردات العاطفية وبناء منطق القصيد ...
- القوة الثقافية في تحديات قوى الدول الكبرى وصناع الحروب
- دورة حياة ووجود واحدة
- لحظة الكشف الاصيلة
- تحطيم القيم الموضوعية بعض مظاهر ادب الحروب
- الحياة الاجتماعية في ظروف المناطق الغامضة


المزيد.....




- من هارلم إلى غزة.. مالكوم إكس حي في كلمات إبرام كيندي
- -دعوة من فضلكم-... محبون للسينما يطلبون الحصول على تذاكر مجا ...
- -حياتي في خطر-.. فنانة تركية من أصول إسرائيلية تستنجد بأردوغ ...
- مسابقة -يوروفيجن- - النمسا تتربع على عرش الموسيقى الأوروبية ...
- الشاعر ريزنيك: -إنترفيجن- ستتفوق على -يوروفيجن- من حيث التنظ ...
- افتتاح الدورة 28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة
- حين تصفق السينما للنجم.. -فرسان ألتو- تكريم لروبرت دي نيرو ...
- وفاة مغني الراب الفرنسي من أصل كاميروني ويرنوا عن 31 عاما
- مصر تحقق إنجازا غير مسبوق وتتفوق على 150 دولة في مهرجان كان ...
- ذكرى -السترونية-.. كيف يطارد شبح ديكتاتور وحشي باراغواي ومزا ...


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضحى عبدالرؤوف المل - الشعر بين التقليد والحداثة قراءة في رؤية نزار دندش للأدب