أسطورية كرة القدم المتلفزة : تحليل سيميولوجي ( ج1)

عزالدين غازي

الحوار المتمدن-العدد: 8301 - 2025 / 4 / 3 - 02:49
المحور: عالم الرياضة
    

بعود التعدد في الإتجاهات والنظريات السيميولوجية المختلفة إلى اختلاف وجهات النظر واختلاف المناهج ووسائل البحث وأساليبه الإجرائية، فأصبحت "وسيلة عمل" بتعبير رولان بارث لتحليل الظواهر السيميائية والسردية الكثيرة ومنها الرياضة ووالصحافة والأدب والمسرح والسينما والإشهار والموضة والأزياء والرقص والفولكلور والسيارات والتبضع وحتى الانساق الثقافية والمعرفية... ويستند كل تحليل سيميولوجي إلى معايير منها :
1- الكلمات التي تعد أسهل العلامات والدلائل في التحليل السيميائي ،
2- والمرئيات التي تتمثل في الصور المستخدمة جنبا إلى جنب مع قصة إخبارية كعلامات تؤثر على مدى فهم القراء/ المشاهدين لتلك القصة،
3- والألوان التي تعتبر أساس التحليل السيميائي،
4- وعلامات التعجب التي تساعد في توجيه التحليل السيميائي عند قراءة نص ما،
5- والإيماءات والحركات الناقلة لعلامات ‏سيميائية‏ غير لفظية،
6- والايموجيات والصور والرموز المرئيىة في الخطابات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي.
سنختار هنا مجالا لا يختلف عن هذه الظواهر ألا وهو مجال كرة القدم في التلفزيون نظرا لشيوعه في المرئي والمسموع اليومي وذلك باعتماد النسق السيميولوجي كما صاغه رولان بارث في الميثولوجيات (R . Barthes, Mythologies seuil point Paris .1957). وبفحص الاستراتيجيات التي يستخدمها البث التلفزيوني الرياضي الخاص بكرة القدم داخل عالمها أي عالم كرة قدم المتلفزة( بدل كرة قدم في الملعب) وذلك بتأويل العلامات السيميائية مثل اللقطات والصور المتكررة التي تشكل رمزا للبث التلفزي وعلبة السرد المتداخل والمجزأ من خلال:
أولا: تمثيل الخطط الكثيرة المستخدمة أثناء اللعب ومنها :
1) اللقطات الخاصة بالفريقين والكرة خارج اللعب واللون المصاحب
2) الخطط النموذجية /الظرفية: حجم نقاط التركيز على اللاعب/اللاعبين في الصورة وتكرار اللقطة في الوقت الميت للعب، وهذه العلامة هي إشارة إلى الخطة وخاصة بعد أن يتم تسجيل هدف ما فيرافق ذلك تأثيرات مثل خطوط بالألوان المختلفة (خاصة الأحمر) التي تعتبر جزءا من البث وليس اللعبة في زمنيتها؛ إذ تحدث قبل ‏أو بعد المباراة وتكون جزءا من البرنامج التلفزيوني،
3) خطط تكبير الصور وتركيزها يمينا ويسارا ثم اللقطة البانورامية التي تُظهر مناظر أخرى مُلحقة باللُّعبة مثل مُدرج المتفرجين و الصحافة وشريط الإشهار .
ثانيا: تحليل: الإيقاع والتحرير في البث التلفزيوني الرياضي: ويتمثل في ربط اللقطات/ لحظات المباراة بالإيقاع . وبتعدد الكاميرات في كل المواقع والأركان يتكثف المعنى ويشعر المتلقي التلفزي كأنه في ساحة اللعبة و خاصة حينما يتخلل الراوي الرياضي (الصحافي) تركيز الكاميرا على عيون الجمهور كإشارات إلى الفضاء المادي و هي علامة تبدو تصحيحا لمساحة التلفزيون وذلك بمحاكاة مكان اللعبة على التلفزيون /الفضاء النموذجي للبث بمثابة تمثيل مسرحي لأنه يشكل مشهدا تواصليا موجودا في حاضر زمني؛ مع فرق أن مساحة اللعبة الجديدة هي مجزأة ولها جغرافيتها الخاصة بها وليست منطقية ؛‏ حيث لا تهدف الصور إلى تحديد موقع المشاهدين - كما هو الحال على أرضية الملعب - بل بجعل هذه الصور تحدث ‏‏شعورا مؤثرا في المتلقي كما هو الحال في سينما الفوضى.
ثالثا : سيمياء كرة القدم المتلفزة هي تنظيم للإجراءات التي تتكرر وتشكل ‏‏رمز ا للبث و الاستخدام المكثف للقطات المقربة ومشاهد الهجوم المضاد، و‏‏الإعادة والحركة البطيئة، إلخ: و عملية الترميز هذه تحصل انطلاقا من ‏‏تحليل مباريات كأس العالم؛ وتسمح بفهم كرة القدم ‏‏على أنها تنتمي إلى عالم التلفزيون كملجأ وذريعة - عالم يتم التعبير عن لغته حاليا بسرديات‏ متداخلة ومجزأة وغامرة؛ وهو بناء لعلامات سيميائية بلغة واصفة (ميتالغة) منظورة ومتميزة تستهدف عين المشاهد التي ‏‏اعتادت تاريخيا على كرة القدم على شاشة التلفزيون ومدى تأثير اللقطات المتلفزة على المتلقي وجعله مثل الجندي الأسود اللون الذي يحيي العلم الفرنسي، أو ذلك الإلاه/ اللاعب (في استوديو هاركور) بما يشير إليه مدلول العلامة (الحالة الوظيفية لكرة القدم المتلفزة) وهو الفهم التاريخي لكرة القدم كأسطورة مُتلفزة ومن صناعة امبراطورية إعلامية وليست لعبة عادية. فالدال الفارغ (الشكل) الذي هو اللاعب على أرضية الملعب سرعان ما يملأ كدال للعلامة الكرة المتلفزة لصالح نسق سيميولوجي ثاني "مدلول2" مبرر والذي ينتقل الى المشاهد "كدال I" يحيل الى نسق أسطوري ثالث يكشف عن العنصر الخفي وهو عنصر المباعدة ومن ثم ذرائعية الفهم التاريخي والايديولوجي والأسطرة المستمرة لكرة القدم المتلفزة (للمزيد يرجى الاطلاع على مقال : عزالدين غازي ، الأسطوري وأسطرة اليومي ، مجلة الكلم عدد 74 . سنة 2013 .).

#عزالدين_غازي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل