أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين غازي - العلاقات المسيحية - الإسلامية في القرن الواحد والعشرين ، تجربة اندونيسيا (الجزء2) ابراهيم ابو ربيع ، ترجمة عزالدين غازي















المزيد.....

العلاقات المسيحية - الإسلامية في القرن الواحد والعشرين ، تجربة اندونيسيا (الجزء2) ابراهيم ابو ربيع ، ترجمة عزالدين غازي


عزالدين غازي

الحوار المتمدن-العدد: 6814 - 2021 / 2 / 14 - 20:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نحو استقلال ثقافي:
إذا كانت الولايات المتحدة قوة عظمى وأخلاقها أقل من ذلك؛ فكيف يمكن لإندونيسيا المعاصرة أن تتباهى بعلاقاتها الاقتصادية والسياسية معها، وأن تظل دولة خلاقة ثقافياً ومستقلة عن سيطرة الولايات المتحدة؟
إن الاستقلال الثقافي عن الغرب هو السؤال التالي! ما هو الاستقلال الثقافي؟ وفي حين أنه من الممكن قياس تأثير وجودة اقتصادها، فإذن من الصعب قياس الثقافة بنفس الطريقة لقد ترك رحيل الاستعمار الرسمي وراءه إرث ثقافي معقد، والذي لا يمكن التغلب عليه بين عشية وضحاها، حيث وجدت النخبة المثقفة نفسها في مناصب قيادية، بين مطرقة ثقافتها الأوروبية المعتمدة وسندان ثقافة مجتمعها.
لقد واجه الفكر القومي في إندونيسيا المعاصرة، وخاصة تلك التي تمثلها مؤسسة بانكاسيلا، هذه المعضلة منذ أن رحل الاستعمار رسميا، فما هي [اذن] الآليات الثقافية والفكرية التي تساعد على الخلق والحفاظ على ثقافة فريدة لإندونيسيا في سياق النظام العالمي الجديد؟
من الحقائق المؤسفة في عالم اليوم، أنه لا يمكن لأي بلد أن ينافس الهيمنة الاقتصادية والفكرية للولايات المتحدة لأنها تتوفر على موارد اقتصادية ضخمة، وبراعة عسكرية؛ وتكنولوجيا متقدمة، كما تتوفر على إرادة [قوية] لقهر العالم فكريا. ولقد اخترقت إندونيسيا ليس فقط بالرموز الثقافية والاجتماعية الأمريكية، مثل انتشار مطاعم ماكدونالد و كنتاكي فرايد تشيكن وبيتزا هاوت، ولكن أيضا، بالواقع المتزايد لشباب الجامعات المصرية أو العربية الذي أصبح حالة مثيرة للعدد الكبير من الانتليجينسيا[السابقة] القديمة. لذلك، قد يُطرح السؤال التالي: كيف يمكن تحقيق المجتمع الإندونيسي مع الوفاء بالحقائق القومية والدينية والتاريخية؟ وبدلاً من إعادة كتابة الماضي، يجب على إندونيسيا أن تواجه التحديات الثقافية المعاصرة للغرب، وخاصة الولايات المتحدة، في سياق النظام العالمي الجديد.
المسلمون في الغرب الكاثوليكي:
إن الاستقلال عن الهيمنة الثقافية للولايات المتحدة لا يترجم بالضرورة برفض التعلم من الغرب أو عنه، خاصة وأن هناك الكثير الذي يمكن تعلمه من تجربته التعددية الأخيرة، على سبيل المثال، في اللقاء المعقد والترابط بين عالم الإسلام وعالم الغرب، يجب على العالم الإسلامي أن يتعلم الكثير عن الغرب، كما يجب على الغرب أيضا أن يسعى لمعرفة الكثير عن عالم الإسلام. قد يكفي مثال واحد. في نظر الكثيرين في العالم الإسلامي، تم تهميش المسيحية في الغرب. هذه الأطروحة ليست معيارا[حساسية] لقوة الأديان المسيحية والتعليمية والتجارية والمؤسسات الإعلامية ولا لعودة عدد من المثقفين والفنانين إلى مسكن المسيحية. ولا هي حساسة لحقيقة أن النخبة الغربية، على الرغم من العلمانية في طبيعتها، هي، بمعنى أو آخر، مدينة لقوة الخيال الديني. ومن المستحيل إجراء حوار هادف مع العالم الغربي وعالم المسيحية دون تشكيل نظرة دقيقة موقف المسيحية في المجتمعات الأوروبية والأمريكية المعاصرة. وفي حين أن المجتمعات الغربية علمانية من حيث انفصال الدين والدولة، إلا أن الدين يشكل، مع ذلك، قوة مهمة في العديد من هذه البلدان.
وعلاوة على ذلك، هاجر عدد كبير من المسلمين من مختلف بلدان العالم الإسلامي واستقروا في الغرب في سنوات الخمسينات الماضية، فهناك بعض المسلمين الذين يعتقدون أن المسلمين في أمريكا فقط لديهم فرصة حقيقية لتشكيل هوية إسلامية حقيقية، ووعي، أو تصور للعالم. وهذا الموقف يستند إلى الحقائق التالية:
1) تسامح الفضاء الثقافي والديني الأمريكي؛ الذي تطور على مر القرون، بتشكيل هويات ثقافية ودينية جديدة.
2) بما أن المكون الثقافي للمجتمع الإسلامي في أمريكا الشمالية متنوع جداً، فإن أميركا هي واحدة من المجتمعات القليلة في العالم التي تمكن المسلمين القادمين من خلفيات ثقافية وعرقية متنوعة، من الاختلاط بحرية مع بعضهم البعض، ما يمهد الطريق لتشكيل ثقافة إسلامية عالمية - ذات خصائص أمريكية فريدة - ضمن حدود العلمانية.
حولت الأحداث الداخلية في حياة الجالية المسلمة الأميركية (المهاجرين والسكان الأصليين على حد سواء)، اضافة الى التغيرات الخارجية في النظام العالمي في السنوات القليلة الماضية، وخاصة انهيار الاتحاد السوفياتي والتورط الأمريكي المتزايد في الشؤون الاقتصادية والسياسية للعالم الإسلامي، وأحيانا، حتى إلى بعض الأميركيين، ويتمثل هذا في التوسع الواضح وفي التحديات الحقيقية العلمانية التي فرضت نفسها على العقل الديني.
ولا تزال الجالية المسلمة في أميركا تمر بمرحلة وضع أسسها الفكرية (الدينية) والمؤسسية، من خلال مناشدة التقاليد الإسلامية المركزية التي تتطور في النواة الإسلامية (الشرق الأوسط) وفق رؤية الحداثة الأميركية نظرا لمكانة للإسلام ضمن هذه الثقافة. والمسلمون انفسهم يعلمون أنه من أجل البقاء على قيد الحياة في هذا البلد والحفاظ على هويتهم الإسلامية، يجب أن تنخرط مجموعة جديدة من المثقفين المسلمين وتسعد لمواجهة المهمة المزدوجة المتمثلة في تفسير التقاليد الإسلامية الواسعة في وضع جديد مع إبقاء العين مفتوحة على تعايش الطوائف الدينية الأخرى داخل النظام الاجتماعي والسياسي الحالي.
نحو صياغة جديدة:
يعلم المسلمون أنهم يعيشون في زمن متعدد الثقافات [بوعي] جمعي وفي مجتمع يضم مختلف الديانات، كما يعيش المسلم جانبا من أوجه الحياة التقليدية (دار الحرب ودار الإسلام)، وهو يعلم كذلك بهذه الأوجه أنه غير ملزم بتغيير وضعه في المجتمع الأمريكي، وهذا الوضع قد ينطبق على الحالة الاندونيسية، وعلى حالة على المسلمين في الغرب، كما في العالم الإسلامي، إعادة صياغة قوانين ومفاهيم لاهوتية جديدة بغاية التعبير عن الطبيعة الأوحد للمجتمع الإسلامي ولاندماجه بين المجتمعات الدينية الأخرى وللتسامح مع الفلسفات ووجهات النظر المختلفة. بمعنى آخر، على المسلمين الإجابة عن الانتقادات التي انتشرت بين الملاحظين والمراقبين للمجتمع الإسلامي في الحالة الأمريكية [مثلا] : "المسلمون الذين اتخذوا دينهم بصرامة لا يمكنهم أن يؤمنوا بالفصل بين الديانات والدول، وأن التعدد الديني هو مفهوم أجنبي، وهذا ما يحقق مجتمعا إسلاميا مثاليا، ولذلك على مسلمي الولايات المتحدة أن يمارسوا دينهم ولا يقوموا بمنع أو تهديد الحرية الدينية لدى الآخرين إلى حد ممارسة الجهاد (holy war) ضد المسلمين أنفسهم" ، وأعتقد أن التجربة الاندونيسية في تطبيق التسامح الديني والحفاظ على التعدد الديني في المجتمع يناقض ما ذكرناه سالفا.
وإذن، على مسلمي الولايات المتحدة الآن، والمهاجرين منهم ومن هم في الخارج، أن يتعلموا من المسلم الأصيل كيفية التعايش والمشاركة في المجتمع الأمريكي، وكذلك على المسلم الأصيل أن يتلقى عن المسلم المهاجر عقيدة الإسلام المركزية. ومع ذلك فإن على المجموعتين مواجهة التحدي التالي هو: كيف يمكن الإعراب عن وعي إسلامي غير خجول أمام منطلقات الحداثة؟، وبتعبير آخر، فقد منح المسلم الأمريكي الفرصة التاريخية الوحيدة للدفاع عن القيم الدينية التي قد تكون غير ملائمة للاحتمالات الممكنة للمبادئ الكبرى للمجتمع الحديث ولأخلاق العلمانية. إنه من الممكن تحقيق هذا الوعي دون التضحية بقيم الهوية الإسلامية، ولليهودية وللنصرانية معا، في هذا، مقاربة خاصة للحداثة، وعلى الإسلام أن يستفيد من هذه المقاربة ذات المغزى ،والتي تتقاطع مع الحداثة، إنه من الأجدر الاستفادة من هذه التجربة حول كيفية الحفاظ وتقوية الهوية الدينية في سياق الحداثة واكتشاف حيوية ربيع الروح وفق هذه الصياغة.
نحو مجتمعات متعددة:
في ظل هذه المقاربة المتعددة للقضية المركزية وللمشكلة التي تحاصر المجتمع الإسلامي، فإن على المسلمين الذين يحبون الآخر في الإيمان أن يحسنوا الملامح المشتركة التي تميز التقاليد الكونية للأديان في العالم مثل المساواة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والانعتاق من العبودية. وبتحسين هذه المميزات فإن المسلمين يبعثون بعض قيمهم الأساسية اتجاه الإيمان وفرضها على الآخرين، وبصياغة وعي متعدد لدى المسلمين، والذي سيصبح قيمة مضافة لتمكين المسلمين من المشاركة بشكل كامل في الحياة الثقافية والدينية للمجتمع الأمريكي، كما سيساعد باقي الأمريكيين المؤمنين بديانات أخرى بتقدير واحترام الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية ومنهج المسلمين في الحياة بأنوار جديدة، علاوة على هذا فإن هذا الأسلوب سيسهم في تحسيس الأمريكيين بتاريخ المسلمين وبمشاكلهم، وكذلك ستظهر الحاجة لاطلاع أكثر على السياسة الأمريكية اتجاه العالم الإسلامي، واعتقد أن بإمكان مسلمي أندونيسيا أن يستفيدوا من تجربة مسلمي أمريكا بالنسبة للمسلمين الأصليين والمهاجرين على حد سواء.
هذه التجربة تشبه إلى حد بعيد أزمة الكاثوليكية والروحانية في الغرب كما ذهب إليها هاستون سميث، وتبنى آخرون رأي ماكس فيبر الذي يقول أن الكاثوليكية أضحت جزءا مندمجا في المجتمع الغربي، وهذا ما يحتاجه المسلمون فعلا من نقد وتقدير للكاثوليكية من حيث التعابير اللاهوتية المعاصرة المستخدمة وتقاطعاتها مع العقلية الصناعية، وعمق التفكير في الحالة الإنسانية في القرن العشرين. وعلى الفكر الإسلامي أن يحفر في القضايا والإشكالات الكاثوليكية كما عليه أن يتدبر بنفس المفاهيم الإشكالية الإسلامية، وبنفس النمطـ، على العالم الغربي أن يتخلص من الإرث الكلونيالي المهيمن وعلى عقلية التبشير وعلى التعامل مع المسلمين ليس باعتبارهم أعداء، بل باعتبارهم طاقات. وهكذا على الاستشراف أن يُستبدل بحوار روحي وبالتعامل بالشفقة اتجاه مشاكل العالم الإسلامي.



#عزالدين_غازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقات المسيحية - الإسلامية في القرن الواحد والعشرين ، تجر ...
- نشأة العلوم المعرفية وتطورها: نظرة تاريخية
- شهوانية الجسد و شهية الرقابة
- جسد المرأة في الممارسات الدينية الإسلامية
- شهوانية الجسد بين سلطة الدين وعنان الطبيعة
- اللسانيات العربية ودورها في التنمية العلمية والثقافية
- بناء المعاجم الالكترونية أم تقييس الكفاية المعجمية على الحاس ...
- المتلازمات في اللغة العربية و معالجتها في القواميس الثنائية ...
- المقاربة الحاسوبية للمعنى - نظرة موجزة
- حدود المنهجين الاستدلالين : الحجاجي والبرهاني
- الاستدلال الكانطي أو الحجاج المتعالي
- الأنموذج الاستدلالي لدى ارسطو
- الأنموذج الاستدلالي:من الحساب الصوري البرهاني الى الخطاب الح ...
- الأسطوري وأسطرة اليومي
- تجليات دهاء بنو الولاء في عصر الدخلاء : أقواس من واقع الانثر ...
- بنو الولاء في عصر الدخلاء ، أقواس من واقع الانثروبولوجيا الس ...
- مستويات التأويل في التراث من خلال - الكتاب لسيبويه
- الهرمينوطيقا أو علم تأويل الخطابات
- مفهوم قواعد المعارف
- الاستدلال بين البرهاني والرمزي


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين غازي - العلاقات المسيحية - الإسلامية في القرن الواحد والعشرين ، تجربة اندونيسيا (الجزء2) ابراهيم ابو ربيع ، ترجمة عزالدين غازي