أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزالدين غازي - حدود المنهجين الاستدلالين : الحجاجي والبرهاني















المزيد.....

حدود المنهجين الاستدلالين : الحجاجي والبرهاني


عزالدين غازي

الحوار المتمدن-العدد: 1729 - 2006 / 11 / 9 - 09:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ أرسطو إلى الآن والنظرية الحجاجية محط اهتمام جل الفلاسفة والمناطقة ، إلا أن طرق الحجاجية جعلت هؤلاء يقيمون تعارضات بينها وبين طرق البرهان ، كان لابد على هذا الأخير ألا يتخلى بشكل من الأشكال عن صورة الحجاجية . بلغة أخرى يمكننا أن نقول ، بما أن هناك تماثلا بين الطرق البرهانية والطرق الحجاجية ، فان كلا المفهومين سوف لن يكونا متعارضين وإنما كما يقول شارل بيرلمان " عندما نكون بصدد برهنة قضية ما ، يكفي الإشارة ، بمساعدة أية طريقة ولتكن عبارة معطاة في آخر متتالية مستنبطة حيث عناصرها الأولى مزودة بتلك التي بنت النسق الاكسيومي ( المسلماتي ) وهنا تجرى البرهنة ... ولكن حينما يتعلق الأمر بالحجاج فذلك للتأثير بواسطة الخطاب في انتباه المخاطب الذي يصبح مندمجا وملتحما في بعض الطروحات وأنه من غير الممكن كليا إهمال الحالات النفسية أو الاجتماعية حيث تصبح الحجاجية هنا ، بدون موضوع وبدون فعل تأثيري ، إذ كل حجاجية ترمي إلى التحام الأذهان وبنفس الفعالية تفترض وجود اتصال شخصي "
(’ Olbrechts Tytecal , Charles Perlman Le traité de argumentation p: et 18) وعلية فان الخلط بين الحجاجية والبرهان أو حتى إقامة التعارض بينهما قد يطرح إشكالا مثيرا للاهتمام ، بيد أن اقتراب الفلاسفة والمناطقة منه يجعلهم على دراية قسوى بحيثياته ، وهكذا وكنتيجة لما ذكرنا ، فان ذلك يعبر عن " التقاء العقلاني " للغات التي نصفها بالاصطناعية. ( Vignaux G l argumentation essais d une logique discursive Droz -Geneve Paris76 p6) كما يمكننا أن نثبته ونرسخه وخاصة وأن صعوبة حصر الأنساق الاكسيومية ( البرهان ) جديرة بالنظرية الحجاجية التي تعود بهذه الأنساق إلى المقامية أو الظرفية حيث تظهر هنا ، على ما يبدو ، مؤهلة لإعطاء تعريف كاف لنظرية الحجاج فيساعد النسق على تحديد أدق للمخاطبين في أماكن وحالات معينة تقتضي اكسيومات بعينها وعبارات بذاتها . ومن هنا كان النموذج المنطقي الصوري الوحيد والذي يمكننا أن نبحث فيه لا لكونه كذلك بل لكون الأنساق الاكسيومية لا تتعلق هنا ببداهة عقلانية ولكن بعزيمة المناطقة في اعتبارهم لها بصلاحيتها داخل النسق الذي يحتويها ، بيد أن من حسن الحظ أيضا أن يكون معنى العبارات المستعملة غير ملائم لإعداد وتوظيف هذه الأنساق(نفس المرجع السابق ص 6 ) .
إن صعوبة حصر النسق المسلماتي إذن ، ترجع إلى طبيعة الحجاج ذلك أن المخاطب إن لم نقل " المحاور" عادة ما يستند إلى نماذج تنتمي إلى المجال التداولي بمعنى أن طابعه الفكري مقامي واجتماعي محض .
وعليه ، فان البنيات البرهانية ضيقة بالمقارنة مع بنيات الاستدلال العامة ، فإفهام المتكلم للمخاطب معان ودلالات غير تلك التي نطق بها يقتضي الدقة المنطقية ، فلا تبنى الانتقالات هنا على صور القضايا وحدها كما في بنية البرهان بل كذلك يطوي على الكثير من المقدمات والكثير من النتائج ( نفس المرجع السابق ونفس الصفحة ).وهكذا يظل اعتماد المخاطب في المجال التداولي على صور استدلالية تأخذ بمبدأ التفاضل والتراتب " وتجنح أحيانا إلى التناقض الذي لا يحس فيه المرء خروجا عن حدود المعقول . ( طه عبد الرحمان ، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام ص : 59 ) .
فالمعقول يتصل فيما يتصل ولو بإشارات دلالية إذ أن معنى العقل يرتكز على مفهوم الربط بين الأشياء وعلى معنى البرهان الذي يدل على الحجة البينة وعلى التطابق بين النتائج والمقدمات التطابق الذي لا لبس فيها .
غير أنه قديما ، كما قال بلنجر : كنا نميز بين البرهان والحجاجية ،وجوهر الاختلاف يعود إلى هذه الأخيرة فتعني تفاعل العقول ، بينما البرهان غير ذلك لانه لا شخصي ( موضوعي ) وبما أنه كذلك فانه صارم لانه بعيد كل البعد عن التأثيرات اللغوية وعن الانفعالات والاحساسات، ثم كذلك عن المكان واللحظة التي تمارس فيها الحجاجية. ( Bellenger , l argumentation ..p 6 ) . ويبدو أن ثمة فكرة هيمنت في تاريخ الحجاجية ، فغالبا ما نقابل الاستدلال الصارم بالحجاجية التي تنسب إلى الجدلية وبلاغة الخطاب . فالحجاجية تحتمل أن تكون مقابلا للبرهان ، لماذا ؟ لأنه كما يقول بلنجر " يستفيد من أثره العلم ، إنه يعالج الصادق وكل ما يمكن التحقق منه : الحجة والشاهد والمنطق .( نفس المرجع السابق ص 6 ) .
ومدلول البرهان يختلف من ثقافة إلى أخرى فمثلا démonstration في أصلها اللاتيني تعني الإشارة والوصف والبيان والإظهار. والفرنسية إنما تفرق بين démontrer بمعنى عرض الشيء بوضوح وتماسك منطقي وبين montrer التي تفيد الإشارة إلى شيء ما غير أن معجم لالاند يفيد أن البرهان استنتاج معد لإظهار النتيجة حجة حقيقية مرتكزة على مقدمات معروفة ( نفس المرجع والصفحة ) .
تظل ، على الرغم من ذلك ، هذه النظرة التي تعرضنا إليها أعلاه ، قاصرة مادات لم تتفحص جيدا مفهوم البرهان كما هو في المدلول العربي الذي استند بصفة خاصة إلى الخطاب الديني ، المرجعية الوحيدة التي سلقته بدقة متناهية فأثرت ضروبه وأصنافه الكثيرة، وهو من الجذر العربي "برهن" بمعنى الحجة الفاصلة البينة والبرهان والحجة والدليل على صحة الإيمان ... وقد تعرض المناطقة والبلاغيون العرب كعبد القاهر الجرجاني الذي عرف البرهان بكونه هو القياس المؤلف من اليقينيات سواء كانت ابتداء ، أو بواسطة . فالبرهان بمعنى الحجة أو النتيجة التي توافق المقدمة الصادقة ولا ننسى أن الصدق والموجود الحقيقي القائم مترابطان في تعريف الفارابي ( رفيق العجم ، خطاب العقل والبرهان : الفكر العربي ونموذج الفارابي ، مجلة الفكر العربي المعاصر ، ع 64-65 ص 62 ) .
ففي الثقافة العربية الإسلامية ،كما يذهب محمد عابد الجابري ، وظف البرهان ككل وأجزاء في خدمة أهداف لم تكن بالضرورة منحصرة في "المعرفة من أجل المعرفة " ( د.محمد عابد الجابري ، بنية العقل العربي ، نقد العقل العربي ، ج 2 ص 396 ) كما كان الشان عند أرسطو بل وظفوه لخدمة اهتماماتهم الدينية والإيديولوجية التي كانت ذات علاقة مباشرة بالعقيدة الإسلامية ( نفس المرجع ص 397 ) والبرهان لدى ارسطو كما يقول هو نفسه في " التحليلات " إن أول ما ينبغي أن نذكره هو الشيء الذي عنه فحصنا هنا والغرض الذي إليه قصدنا الشيء الذي عنه نفحص ، فهو البرهان وغرضنا العلم البرهاني ( عبد الرحمان بدوي ، منطق ارسطو ، دار القلم بيروت ، 1980 ، ج 1137 ). ومن هنا كانت العلاقة ضرورية بين المقدمات والنتائج ، بين إيمان وحجة أو دليل عليه.
نخلص إلى أن المنهج الاستدلالي البرهاني نص استدلالي اقتراني حسابي يقصي الذات المستدلة ويستبدله بآلة مجردة تقوم بحساب المتوالية الاستدلالية البرهانية ، على عكس المنهج الاستدلالي الطبيعي الحجاجي الذي هو أوسع وأغنى من أنساق البرهان الضيقة إذ أن اللغة الطبيعية تتفاعل فيها المضامين تفاعل يغنيها ويجدد فيها عبر النصوص التي تتولد منها ، حتى أن المضمون -كما يقول طه عبد الرحمان في كتابه المشهور ، في أصول الحوار وتجديد علم الكلام في الصفحة 57 – لينقلب في أحوال يكون في نهاية النص غيره في بدايته



#عزالدين_غازي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستدلال الكانطي أو الحجاج المتعالي
- الأنموذج الاستدلالي لدى ارسطو
- الأنموذج الاستدلالي:من الحساب الصوري البرهاني الى الخطاب الح ...
- الأسطوري وأسطرة اليومي
- تجليات دهاء بنو الولاء في عصر الدخلاء : أقواس من واقع الانثر ...
- بنو الولاء في عصر الدخلاء ، أقواس من واقع الانثروبولوجيا الس ...
- مستويات التأويل في التراث من خلال - الكتاب لسيبويه
- الهرمينوطيقا أو علم تأويل الخطابات
- مفهوم قواعد المعارف
- الاستدلال بين البرهاني والرمزي
- اللسانيات الحاسوبية واللغة العربية
- استخدام اللغة العربية في البرامج المحوسبة : اية استراتيجية ؟
- خاطرة الحزين في فقدان رجل مناضل جهبذ وبن شهيد حرب الريف
- الصرافة الحاسوبية العربية: محاولة في التأصيل
- تكنولوجيا اللغة و الترجمة الآلية
- الذكاء الاصطناعي : هل هو تيكنولوجيا رمزية ؟


المزيد.....




- إيران تطلق صواريخ على القواعد الأمريكية في قطر والعراق
- لقطات تظهر لحظة اعتراض وابل من الصواريخ الإيرانية في سماء ال ...
- -نحتفظ بحق الرد المباشر-.. قطر تعلن عدم وقوع خسائر بشرية إثر ...
- اليونان: تواصل جهود إطفاء حريق بجزيرة خيوس مع استمرار عمليات ...
- زواج جيف بيزوس في البندقية يثير الغضب ولافتة تقول: -استأجرت ...
- الحرب تتوسع... إيران تستهدف قواعد أمريكية في قطر والعراق
- الحرب بين إسرائيل وإيران: ماكرون يعتبر الضربات الأمريكية على ...
- القصف الإيراني على إسرائيل.. -استنزاف جديد- أم مجرد رسائل رد ...
- -الدم السوري واحد-.. مغردون يتفاعلون مع الهجوم على كنيسة دمش ...
- هل قضت الضربة الأميركية على مشروع إيران النووي؟ مغردون يعلقو ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزالدين غازي - حدود المنهجين الاستدلالين : الحجاجي والبرهاني