تدليس مفهوم الدولة عند نوري المالكي

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن
(Karam Nama)

الحوار المتمدن-العدد: 8275 - 2025 / 3 / 8 - 16:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

عندما يعبّر الخواء الطائفي والسياسي عن نفسه بصلف فأنك بالضرورة تتحدث عن العراق المزيف وعن تدليس نوري المالكي، فجديد هذا الرجل كقديمه، تقديم البضاعة السياسية والطائفية الفاسدة بوصفها إنجازا، عندما زعم مؤخرا أن “العراق دولة لها ثقلها”!
ليس من الصعوبة بمكان تفنيد مثل هذا الخواء الاستعراضي، لكن هل بمقدور المالكي الدفاع عن مزاعمه أمام نفسه -على الأقل- وليس أمام العراقيين؟
هل بإمكانه أن يدل بصيرته عن تلك الدولة عندما حاصره المحتجون من التيار الصدري في المنطقة الخضراء وخرج يحمل بندقيته للدفاع عن نفسه؟ أين كانت الدولة آنذاك؟
كلام المالكي القديم الجديد يعيد جملته التاريخية التي قسمت وطنية العراقيين بين جيش الحسين وجيش يزيد، فأين مفهوم الدولة في هذا الكلام إذا كان المالكي نفسه مسكونا بالخرافة التاريخية؟
بيد أن كلام المالكي عن “الدولة التي لها ثقلها” يعبر بامتياز عن أنه يدرك في قرارة نفسه أن لا أحد من العراقيين يثق به، وهو يعيش أزمة نفسية متصاعدة تكمن في “متوالية السحل” التي شاء قدره الطائفي البائس أن ينتظرها!
نوري المالكي سيوصف بأنه أكثر السياسيين الذين قضوا حياتهم في أن يكونوا جامعي وصفات تدمير العراق، وكان يوقّت توزيع تلك الوصفات كلما انتابه شعور بالهامشية، يريد أن يكون في المتن ويمنح نفسه الحق كعقل قبوري في أن يكون حاضرًا في تاريخ عمره أكثر من ألف سنة، يتحدث مثل أي ذهنية طائفية بوصفه شاهد عيان على ذلك التاريخ ليحدد وفقه مفهوم الدولة العراقية المخطوفة منذ أكثر من عشرين عاما.
مفهوم الدولة في العراق تعبير ملتبس وغير قادر على الصمود أمام أي تساؤلات سياسية بسيطة، بل حتى الأمريكيون أنفسهم اعترفوا بشكل متأخر بأنهم فشلوا في صناعة دولة على شاكلتهم بعد احتلال العراق.
فسبق أن أضاف بول بريمر الحاكم الأمريكي للعراق إبان احتلال عام 2003، كوميديا فجة على التراجيديا التاريخية المستمرة، برفضه بشكل مطلق مقارنة العراق بأفغانستان، تحت ذريعة أن العراق بلد مستمر في النجاح السياسي المطرد.
ويصعب توقع أن بول بريمر وهو يطرح القضية الخطأ لم يشاهد أداء قسم ضباط الجيش الجديد الذي تأسس بعد احتلال العراق، في العتبات الشيعية بدلا من الكليات العسكرية “فأين تكمن الدولة هنا؟”.
يمتلك بريمر مثل الرئيس جورج بوش الابن ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذريعة نفسها في ذهابهم إلى العراق لنقل “الحلم الأمريكي” لكن العراقيين يعيشون منذ أكثر من عقدين “الكابوس الأمريكي” بموازاة “الكابوس الطائفي” عن ضياع مفهوم الدولة لدرجة يتساءلون أمام أنفسهم “هل حقا نحن مختلفون إلى هذا الحد” من دون الحصول على هامش إجابة لتساؤلهم.
وكلام المالكي الفارغ لا يغير العمى السياسي إلى جنة ديمقراطية وفق مبدأ الحرب تجلب الحرية التي روج لها عند احتلال العراق واستبدال الدولة الوطنية الجامعة لكل العراقيين بدولة طائفية.
كما تُكرر ثنائية الحلم الأمريكي والكابوس العراقي، في كلام بعض المسؤولين الأمريكيين ثم تدليس المالكي بذرائع فارغة، حقيقة الفشل الأمريكي في اختراع نماذج على صورتها في دول تحتلها كفشل العملية السياسية القائمة التي استلبت من العراقيين عراقيتهم لتكون هامشا لطائفيتهم.

شارك المقال

#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل