أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - الصوفي المطمئن عبدالهادي بلخياط














المزيد.....

الصوفي المطمئن عبدالهادي بلخياط


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8210 - 2025 / 1 / 2 - 16:49
المحور: الادب والفن
    


عندما وقفت للمرة الأولى أمام الموسيقار الليبي حسن عريبي، كنت مشبعا بلحنه لقصيدة “المنفرجة” لابن النحوي التوزري التونسي، وكنت أتساءل مع نفسي عن أي نوع من الإجحاف ألا يصل ذلك اللحن إلى العراق!
وعندما قدمني صديقي عمر السنوسي له بطريقة “هذا كرم من بلاد المقامات العراقية” قال الموسيقار عريبي “مقاماتكم هي مقاماتنا نفسها” فقلت له لكن الفنان محمد القبانجي أضاف لها في مقامي “اللامي والمخالف” ما يجعلها ماركة عراقية مسجلة باسمه، قال: رحم الله صديقي أبوالقاسم “كان يقصد القبانجي” فهو أعاد تقسيم تسلسل المقامين بطريقة مختلفة ولم يبتكرهما لأنهما كانا موجودين بالأساس.
لم يكن من الكياسة أن أرد على قامة موسيقية فارعة كحسن عريبي وهو رئيس المجمع العربي للموسيقى آنذاك، ولم يكن من الحصافة أيضا أن يكون اللقاء الأول به وسيلة لإدخاله في “شراك لعبتي الصحافية”!
ومن سوء حظي الصحافي أنني حاورت العشرات من كبار فناني وأدباء ليبيا في كتابي المخطوط “حوارات على ضفاف المتوسط” ولم يكن الموسيقار حسن عريبي الذي لم يشعر بالخوف على الموسيقى العربية من التسطيح، بينهم.
بعد عشرين عاما سألت في المغرب عن الفنان عبدالهادي بلخياط، وأنا أستعيد سحر أدائه لقصيدة “المنفرجة” أو كما تسمى “اشتدي أزمة تنفرجي” علني أجد شيئا مما عاشه من شغف إنشادي وهو يؤدي تلك القصيدة.
قال لي أحد الأصدقاء المغاربة “يصعب أن تلتقي بلخياط فهو زهد بالدنيا ووجد اطمئنانه في تصوفه ورفع الأذان في مسجد قريب من منزله.”
لماذا أعود لإنشاد “المنفرجة” وعبدالهادي بلخياط؟ لأن هذا الفنان المغربي وهو يقترب من عامه التسعين عاش الغناء الروحي في أوجه، بل إنه ارتقى إلى مرحلة متقدمة من الانتشاء وبآماد بعيدة، حتى اكتشف القيمة المثلى في العزلة عن العالم.
ربما يحب الجمهور المغاربي والعربي على حد سواء بلخياط في أغنيته الشهيرة “يا بنت الناس” التي كتبها علي الحداني ولحنها عبدالقادر وهبي بطريقة جعل منها لازمة للحب الخالي من الأنانية والغرور، أو أدائه الفخم لقصيدة علي فهمي خشيم “غني لي الليلة” التي لحنها الموسيقار الليبي علي ماهر بطريقة ارتقت بقيمة النص البسيط وجعلت المعاني مختلفة كليا في الجمل الموسيقية.
لكن بلخياط يكاد يكون فاصلة غنائية باهرة تعبر عن حقيقة الغناء المغربي، واستعادته اليوم في حياته المتصوفة تعيد التذكير بالقيمة التي شكلها الغناء المخلص لبيئته. ذلك ما يجعل من الاحتفاء بقصيدة “المنفرجة” بلحن عريبي وأداء بلخياط مناسبة لا تنتهي.
عندما سحرت قصيدة “المنفرجة” عريبي منذ طفولته بعد أن كان يسمعها بصوت جده الذي لا يتوقف عن قراءتها بعد كل صلاة فجر، كان كمن يعيش معها على مدار سنوات، وعندما سمعها الملك الحسن الثاني بصوت ملحنها الليبي بعد أن عرفها كقصيدة مثل كل شعوب المغرب العربي وهي تتلى في الزوايا الصوفية والإنشاد الديني، كان يرى أن هذه القصيدة وكأنها لحنت لصوت عبدالهادي بلخياط فاقترحها عليه.
وهكذا عاش بلخياط مع لحن حسن عريبي لتلك القصيدة كي يضع لمساته الأدائية عليها فهي ملك لكل من يرى الأمل في طريقة عيشه.
نجد ذلك في المقدمة الموسيقية التي أضافها بلخياط إلى لحن عريبي وكأنها توحي بغير الإنشاد الديني عندما اختار مقام النهاوند، حتى يدخل بالإنشاد الغنائي بإيقاع الأيوب، ثم تبدأ انتقالات الغناء على مقام الكرد، ويجعل المستمع يعيش مع صولو الناي في مقاطع أخرى تنتهي برفع الأذان بسحر مقام الحجاز سيد الإنشاد.
ومع أن لحن عريبي لم يجازف بانتقالات ميلودية، بل خضع لسلطة القصيدة الأخاذ، إلا أن أداء بلخياط الذي بات اليوم يجد رزق يومه من الاطمئنان تحت سجادة صلاته، أضفى عليه رهبة شعورية.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإطار التنسيقي المهزوم في سوريا
- لم يعد غوارديولا جوبز كرة القدم
- نترقب إيران جائزتنا الكبرى!
- دسائس الفاتيكان
- بديهية ديكارت عند الذكاء الاصطناعي
- فيروز لولا فيلمون وهبي
- ابتذال المحلل السياسي
- غرائزية ترامب وماسك تصبح “الحنجرة العميقة”
- ترامب يدخل السياسة قسرا للبيوت العربية
- لندن ترفع القبعة لأوركسترا عمانية
- هل سحقت رجولة إيران الجيوسياسية؟
- أصحاب كاظم الساهر
- كم صوتًا ستجمع تايلور سويفت؟
- اقتباس لا ينتهي من أورويل
- من يترقب الحرب العالمية الثالثة؟
- مشاهير المنصات يمسكون بالهراء
- بلير خرقة مبللة بالنفط وليس مصنع مُثل
- أين تتجه أخلاقيات الصحافة؟
- ذاكرة الألم في -كلنا مريم-
- مَن يحكم العالم بايدن أم نتنياهو؟


المزيد.....




- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”
- اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال ...
- المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية ...
- يعيد للعربية ذاكرتها اللغوية.. إطلاق معجم الدوحة التاريخي
- رحيل الممثل الأميركي جيمس رانسون منتحرا عن 46 عاما
- نجم مسلسل -ذا واير- الممثل جيمس رانسون ينتحر عن عمر يناهز 46 ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - الصوفي المطمئن عبدالهادي بلخياط