أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة أفعى الكعبة .















المزيد.....

مقامة أفعى الكعبة .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8261 - 2025 / 2 / 22 - 10:54
المحور: الادب والفن
    


مقامة أفعى الكعبة :

قررت قريش بناء الكعبة التي كانت حرزهم ومنعتهم من الناس وشرفا لهم , لأن السيول كانت تأتي من فوقها من فوق الردم الذي صنعوه , فخربه فخافوا أن يدخلها الماء , وكان رجل يقال له : مليح سرق طيب الكعبة فأرادوا أن يشيدوا بنيانها , وأن يرفعوا بابها حتى لا يدخلها إلا من شاءوا فأعدوا لذلك نفقة وعمالا , ثم غدوا إليها ليهدموها على شفق وحذر أن يمنعهم الله , فكان أول رجل طلعها وهدم منها شيئا الوليد بن المغيرة , فزعموا أنهم رأوا حية رأسها كرأس الجدي وبطنها أبيض وظهرها أسود كانت قد أقامت فيها خمسمائة عام , وقد أحاطت بالبيت رأسها عند ذنبها فأشفقوا منها شفقة شديدة , وخشوا أن يكونوا قد وقعوا مما عملوا في هلكة , وكانت الكعبة حرزهم ومنعتهم من الناس , وشرفا لهم فلما سقط في أيديهم والتبس عليهم أمرهم , قام فيهم المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم فذكر ما كان من نصحه لهم , وأمره إياهم أن لا يتشاجروا ولا يتحاسدوا في بنائها , وأن يقتسموها أرباعا , وأن لا يدخلوا في بنائها مالا حراما , وذكر أنهم لما عزموا على ذلك ذهبت الحية في السماء وتغيبت عنهم , ورأوا أن ذلك من الله .

وكان أبا وهب خال أبي رسول الله , وكان شريفا , أخذ حجرا من الكعبة حين أجمعت قريش لهدمها فوثب من يده , حتى رجع إلى موضعه , فقال عند ذلك ‏‏:‏‏ (( يا معشر قريش , لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا , لا تدخلوا فيها مهر بغي , ولا بيع ربا , ولا مظلمة أحد , من الناس )) ‏‏, قال ابن إسحاق في السيرة ‏‏:‏‏ فلما بلغ رسول الله خمسا وثلاثين سنة , اجتمعت قريش لبنيان الكعبة , وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها ويهابون هدمها , وإنما كانت رضما فوق القامة , فأرادوا رفعها وتسقيفها , وذلك أن نفرا سرقوا كنزا للكعبة , وإنما كان يكون في بئر في جوف الكعبة , وكان الذي وجد عنده الكنز دويكا مولى لبني مليح بن عمرو من خزاعة , قال ابن هشام ‏‏:‏‏ فقطعت قريش يده ‏‏, وتزعم قريش أن الذين سرقوه وضعوه عند دويك ‏‏,‏‏ وكان البحر قد رمى بسفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم وتحطمت , فأخذوا خشبها , وأعدوه لتسقيفها , وكان بمكة رجل قبطي نجار , فتهيأ لهم في أنفسهم بعض ما يصلحه ‏‏,‏‏ وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي كان يطرح فيها ما يهدى لها كل يوم , فتتشرق على جدار الكعبة , وكانت مما يهابون , وذلك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا احزألت وكشت وفتحت فاها , وكانوا يهابونها , ‏ فبينا هي ذات يوم تتشرق على جدار الكعبة , كما كانت تصنع , بعث الله إليها طائرا فاختطفها , فذهب بها , فقالت قريش ‏‏:‏‏ إنا لنرجو أن يكون الله قد رضي ما أردنا , عندنا عامل رفيق , وعندنا خشب , وقد كفانا الله الحية ‏‏.‏‏

ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه , فقال الوليد بن المغيرة ‏‏:‏‏ أنا أبدؤكم في هدمها , فأخذ المعول , ثم قام عليها , وهو يقول ‏‏:‏‏ اللهم لم ترع - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال ‏‏:‏‏ لم نزغ - اللهم إنا لا نريد إلا الخير ‏‏,‏‏ ثم هدم من ناحية الركنين , فتربص الناس تلك الليلة , وقالوا ‏‏:‏‏ ننظر , فإن أصيب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت , وإن لم يصبه شيء , فقد رضي الله صنعنا , فهدمنا ‏‏, ‏‏فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله , فهدم وهدم الناس معه , حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس , أساس إبراهيم , أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنمة آخذ بعضها بعضا ,ثم إن قريشا جزأت الكعبة , فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة , وكان ما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم وقبائل من قريش انضموا إليهم , وكان ظهر الكعبة لبني جمح وسهم , ابني عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي , وكان شق الحجر لبني عبدالدار بن قصي , ولبني أسد بن عبدالعزى بن قصي , ولبني عدي بن كعب بن لؤي , وهو الحطيم ‏‏.‏‏

قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثت أن قريشا وجدوا في الركن كتابا بالسريانية , فلم يدروا ما هو حتى قرأه لهم رجل من يهود , فإذا هو ‏‏:‏‏ أنا الله ذو بكة , خلقتها يوم خلقت السماوات والأرض , وصورت الشمس والقمر , وحففتها بسبعة‏ أملاك حنفاء , لا تزول حتى يزول أخشباها , مبارك لأهلها في الماء واللبن , (( قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أخشباها ‏‏:‏‏ جبلاها )) , وقال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثت أنهم وجدوا في المقام كتابا فيه ‏‏:‏‏ (( مكة بيت الله الحرام يأتيها رزقها من ثلاثة سبل , لا يحلها أول من أهلها )) , ‏‏‏‏وزعم ليث بن أبي سليم أنهم وجدوا حجرا في الكعبة قبل مبعث النبي بأربعين سنة , إن كان ما ذكر حقا , مكتوبا فيه ‏‏:‏‏ (( من يزرع خيرا يحصد غبطة , ومن يزرع شرا يحصد ندامة , ‏‏ تعملون السيئات , وتجزون الحسنات ‏‏, أجل , كما لا يجتنى من الشوك العنب )) ‏‏.‏‏

عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ , قَالَ : لَمَّا هَدَمَ الْحَجَّاجُ الْكَعْبَةَ , فَرَّقَ النَّاسُ تُرَابَهَا , فَلَمَّا صَارُوا إِلَى بِنَائِهَا , فَأَرَادُوا أَنْ يَبْنُوهَا خَرَجَتْ عَلَيْهِمْ حَيَّةٌ , فَمَنَعَتِ النَّاسَ الْبِنَاءَ , حَتَّى هَرَبُوا , فَأَتَوُا الْحَجَّاجَ , فَأَخْبَرُوهُ , فَخَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ مَنَعَ بِنَاءَهَا , فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ نَشَدَ النَّاسَ , وَ قَالَ : (( أَنْشُدُ اللَّهَ عَبْداً عِنْدَهُ مِمَّا ابْتُلِينَا بِهِ عِلْمٌ لَمَّا أَخْبَرَنَا بِهِ )) , قَالَ : فَقَامَ إِلَيْهِ شَيْخٌ , فَقَالَ : إِنْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ عِلْمٌ فَعِنْدَ رَجُلٍ رَأَيْتُهُ جَاءَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَخَذَ مِقْدَارَهَا ثُمَّ مَضَى , فَقَالَ الْحَجَّاجُ : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ , فَقَالَ : مَعْدِنُ ذَلِكَ , فَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ , فَأَتَاهُ , فَأَخْبَرَهُ مَا كَانَ مِنْ مَنْعِ اللَّهِ إِيَّاهُ الْبِنَاءَ , فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ : (( يَا حَجَّاجُ , عَمَدْتَ إِلَى بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ فَأَلْقَيْتَهُ فِي الطَّرِيقِ , وَ انْتَهَبْتَهُ كَأَنَّكَ تَرَى أَنَّهُ تُرَاثٌ لَكَ , اصْعَدِ الْمِنْبَرَ وَ انْشُدِ النَّاسَ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْهُمْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً إِلَّا رَدَّهُ )) , قَالَ : فَفَعَلَ , فَأَنْشَدَ النَّاسَ أَنْ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ عِنْدَهُ شَيْ‏ءٌ إِلَّا رَدَّهُ , قَالَ : فَرَدُّوهُ , فَلَمَّا رَأَى جَمْعَ التُّرَابِ , أَتَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ , فَوَضَعَ الْأَسَاسَ , وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحْفِرُوا , قَالَ : فَتَغَيَّبَتْ عَنْهُمُ الْحَيَّةُ , وَ حَفَرُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْقَوَاعِدِ ,قَالَ لَهُمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: (( تَنَحَّوْا )) , فَتَنَحَّوْا , فَدَنَا مِنْهَا , فَغَطَّاهَا بِثَوْبِهِ , ثُمَّ بَكَى , ثُمَّ غَطَّاهَا بِالتُّرَابِ بِيَدِ نَفْسِهِ , ثُمَّ دَعَا الْفَعَلَةَ , فَقَالَ : (( ضَعُوا بِنَاءَكُمْ )) , فَوَضَعُوا الْبِنَاءَ , فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ حِيطَانُهَا أَمَرَ بِالتُّرَابِ فَقُلِّبَ فَأُلْقِيَ فِي جَوْفِهِ , فَلِذَلِكَ صَارَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعاً يُصْعَدُ إِلَيْهِ بِالدَّرَجِ.

ورد في الأحاديث أن ذو السويقتين أسود أفلج أصيلع - أي انحسر الشعر عن رأسه - أفيدع - مفاصله غير منتظمة - , وقيل إنما سمي ذو السويقتين لصغر ساقيه , وهو من الحبشة , ويأتي على رأس أناس أخرون يهدمون الكعبة حجرا حجرا , ويسلبها حليها ويجردها من كسوتها , ويستخرج كنزها , ويكون ذلك نهاية الكعبة ولا تعمر بعد ذلك أبدًا .

صباح الزهيري .

.



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة نهر عطشان .
- مقامة همسة .
- مقامة العجوز .
- مقامة الخنفشاري .
- مقامة مقاولي التفليش .
- مقامة فتوى الشمندفر .
- مقامة الأنتعاش .
- مقامة الشطار .
- مقامة مامش البنفسج .
- مقامة صرعى زياد .
- مقامة الجَلْجَلة .
- مقامة قلب الطين .
- مقامة سالمة ياسلامة .
- مقامة السقوط .
- مقامة الصورة الجانبية .
- مقامة الظلمة .
- مقامة الأدمان .
- مقامة الطمأنينة .
- مقامة الثمل .
- مقامة الحريق .


المزيد.....




- معرض أبو ظبي للكتاب ينطلق تحت شعار -مجتمع المعرفة.. معرفة ال ...
- الدورة الـ30 من معرض الكتاب الدولي بالرباط تحتفي بالشاعر الم ...
- إحالة نجل الفنان محمد رمضان لمحكمة الطفل.. التفاصيل كاملة
- -ليلة الموسيقار طلال-.. محمد عبده يستكمل استعداداته لحفله ال ...
- ترميم خرائط نادرة يحيي الأمل في الحفاظ على تاريخ ليبيا
- بدء الدورة الـ39 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- 5 شهداء ومصابون في قصف طيران الاحتلال مركبة بمدينة دير البلح ...
- -أدب الأسرى- بمؤتمر لرابطة الكتاب الأردنيين.. الرواية تقود ا ...
- فيديو.. -اختطاف نتنياهو- ونقله إلى طهران في فيلم إيراني
- فنانة مصرية شهيرة تثير الجدل بعد إجراء عملية تجميل لوجهها (ف ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة أفعى الكعبة .