أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة دمشق .














المزيد.....

مقامة دمشق .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8220 - 2025 / 1 / 12 - 10:15
المحور: الادب والفن
    


مقامة دمشق :

يذكر الدكتور فاضل التميمي في ص٨٨ من مؤلفه ( رحلات المرأة العراقية ) : حضرت الكاتبة الروائية لطفية الدليمي عام ١٩٧٧ مؤتمرا للادباء العرب بسوريا فقالت عن دمشق : (( دمشق تلك التي هي اخر مدينة يطالها النسيان)) , وقالت عن نسائها : (( فوجدتهن اجمل نساء العالم , حاكمات بأمرهن , متمسكات بجوهر الحرية ,لهن ثقافة غير محددة )) .

يقول محمود درويش: (( من الأزرق ابتدأ البحرُ هذا النهار يعود من الأبيض السابقِ ‏ الآن جئتُ من الأحمر اللاحقِ , ‏ اغتسلي يا دمشق بلوني ‏ ليُولَدَ في الزمن العربيِّ نهار, ‏ أحاصركم : قاتلاً أو قتيلْ وأسألكم , شاهداً أو شهيدْ : متى تفرجون عن النهر حتى أعود إلى الماء أزرقَ أخضر أحمر أصفرَ , أو لون يحدّده النهرُ إنّي خرجتُ من الصيف والسيفِ إنّي خرجتُ من المهد واللحدِ , نامت خيولي على شجر الذكرياتِ ونمتِ على وتر المعجزاتِ , ارتدتني يداكِ نشيداً إذا أنزلوه على جبل , كان سورةَ ((ينتصرون)) , دمشق ارتدتني يداك دمشق , ارتديت يديك , ‏ كأنّ الخريطة صوتٌ يُفرِّخ في الصخرِ‏ , نادى , وحركني ‏ ثم نادى , وفجَّرني ‏ ثم نادى , وقطّرني كالرخام المذاب ‏ ¸ونادى ‏ كأن الخريطة أُنثى مُقَدَّسةٌ فجّرتني بكارتُها , فانفجرتُ ‏ دفاعاً عن السرٍّ والصخرِ, ‏ كوني دمشق ‏ فلا يعبرون , ‏ من البرتقاليِّ يبتدئ البرتقالُ ‏ , ومن صمتها يبدأ الأمسُ ‏ , أو يولد القبرُ ‏ , يا أيّها المستحيل يسمونك الشامَ , ‏ أفتحُ جرحي لتبتدئ الشمسُ , ما اسمي ؟ دمشق‏ وكنت وحيداً ومثليَ كان وحيداً هو المستحيل , أنا ساعة الصفر دقَّتْ فشقَّت خلايا الفراغ على سرج هذا الحصان المحاصر بين المياه , أنا ساعة الصفر جئت أقول : أحاصرهم قاتلاً أو قتيل أعدُّ لهم ما استطعتُ , وينشقُّ في جثتي قمرُ المرحلهْ وأمتشق المقصلهْ )) .

التغني بدمشق لا ينتهي , وجمال الدمشقيات الساحر , او الشام كما يحب ان يدلعها أبنائها , أقدم عصمة مأهولة في التاريخ , تغنى بها الشعراء على مر القرون , نظموا القصائد بسحرها وجمالها , تغنوا بقاسيون وبردى , والغوطة الخضراء , تلك هي دمشق المدينة السورية المحملّة بعبق التاريخ , والموسومة ببصمات حضارات عديدة تعاقبت عليها , هي دار نزار التي عبر عنها في مقال طويل مشهور بعنوان (( دارنا الدمشقية )) قائلاً : (( هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة , إنني لا أحاول رشوتكم بتشبيه بليغ , ولكن ثقوا أنني بهذا التشبيه لا أظلم قارورة العطر , وإنما أظلم دارنا , والذين سكنوا دمشق , وتغلغلوا في حاراتها وزواريبها الضيقة , يعرفون كيف تفتح لهم الجنة ذراعيها من حيث لا ينتظرون )) .

كثيرون قالوا عن دمشق , فهذا حسان بن ثابت الذي قال :(( لله در عصابة نادمتهم يوماً بجلّق في الزمان الأول , يسقون من ورد البريص عليهم بردى يصفق بالرحيق السلسل )) , و البحتري الذي خلدها : ((أما دمشق فقد أبدت محاسنها وقد وفى لك مطريها بما وعدا , إذا أردت ملأت العين من بلد مستحسن وزمان يشبه البلدا )) , والصنوبري : ((صَفَتْ دنيا دمشق لساكنيها فلست ترى بغير دمشق دنيا )) , والمتنبي :(( مبيتي من دمشق على فراش حشاه لي بحرّ حشاي حاشِ )) , والمقّري التلمساني :(( أما دمشق فخضرةٌ لعبت بألباب الخلائقْ )) , وأحمد شوقي : (( لولا دمشق لما كانت طليطلة ولا زهت ببني العباس بغدانُ )) , و (( سلام من صبا بردى أرقّ ودمع لا يكفكف يا دمشق )) , وحديث العشق لدمشق يطول .

على أرض دمشق دارت رحى الحروب , ومرت كل الحضارات , وظهرت بدايات النبوات , دخلها الإسلام في سنة 14هـ/636م , ومع قيام الخلافة الأموية , أصبحت دمشق حاضرة العالم وفخر المدائن , تشع أنوارها من البرتغال إلى الصين , ومن سيبيريا إلى قلب أفريقيا , يكفي أن نؤشر أن كتابًا واحدًا فقط وضعه محدث الشام ابن عساكر (499-571هـ) , يستعرض جزءًا من تاريخ دمشق , وقد شغل ذلك العمل الضخم 80 مجلدًا , ليعتبره المؤرخون أحد أعظم المؤلفات في تاريخ الإسلام.

يصف البحتري حين دخل الخليفة المتوكل دمشق من باب داريا , بهاء المدينة وروعتها بقوله : (( العيش في ليل داريا إذا بردا , والراح تمزجها بالراح من بردى , أما دمشق , فقد أبدت محاسنها , وقد وفى لك مطريها بما وعدا , إذا أردت ملأت العين من بلد , مستحسنٍ , وزمان يشبه البلدا )) , وعندما دخلها العثمانيون فاتحين , ظلت دمشق كما كانت , عاصمةً للعلم والعلماء , ذكر عبد القادر النعيمي الدمشقي (المتوفى 927هـ) في كتابه (( الدارس في تاريخ المدارس )) أن دمشق في القرن الخامس الهجري ضجت بالعلم , واحتوت على 7 دور للقرآن الكريم , و18 دارًا للحديث , و57 مدرسة للشافعية , و51 مدرسة للحنفية , و4 مدارس للطب , ومدرسة للهندسة .

ظلت دمشق تتأرجح بين عبق العطور وزهو الزهور, متألقة بمائها العذب ونمائها الدائم , مستلهمة روح البقاء عبر العصور , ورغم الزحوف المغولية , والغزوات الصليبية , والاحتلالات المتكررة , كانت دمشق السر الكامن , المحتفظ دائمًا بمادة الحياة وأنفاس البقاء , أرسلت أسرارها وأنوارها إلى العالم , تضخ فيه الدماء والعافية , متجاوزة البغي والدمار , وتعيد ترميم مجدها مهما طالها من حصار.

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة نجمة الصبح .
- مقامة الأنكار .
- مقامة لغة العشاق .
- مقامة الصليب .
- مقامة الغصن المكسور .
- مقامة أرتقوا فالقاع مزدحم .
- مقامة العادات الشرقية .
- مقامة الثمن الباهظ .
- مقامة التوبة .
- مقامة ولادة .
- مقامة 2025 .
- مقامة محطة الأستراحة .
- مقامة الصبر .
- مقامة الحب بالمجان .
- مقامة تأثير الفراشة .
- مقامة هلوسات التحليل
- مقامة الكريسمس .
- مقامة القشة .
- مقامة المثقفين و الخيانة
- مقامة الحلو و المر .


المزيد.....




- -اختراع الكتب.. اللامتناهي في بَرْدِيَّة- كتاب يولد من رحم ا ...
- آن هاثاواي تستعد للجزء الثاني لفيلم (الشيطان يرتدي برادا)
- نقابة الموسيقيين تمنع راغب علامة من الغناء في مصر
- جيمي لي كورتيس وليندسي لوهان تكشفان سر اجتماعهما مجددًا في ف ...
- فرنسا: القضاء يحيل وزيرة الثقافة رشيدة داتي وكارلوس غصن على ...
- فيلم سوبرمان: الفلسطينيون ليسوا بانتظار أبطالا من الغرب لإنق ...
- هل يتناول فيلم -سوبرمان- حرب الإبادة في غزة؟
- فنان يرفع علم فلسطين في عرض مسرحي في دار الأوبرا الملكية ببر ...
- الأمين العام للأمم المتحدة: ما يحدث في غزة فيلم رعب
- لماذا وصف لسان الدين بن الخطيب بأمير الأدب الأندلسي الغرناطي ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة دمشق .