أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الفرد عصفور - البابا فرنسيس: هناك إيمان في الفكاهة














المزيد.....

البابا فرنسيس: هناك إيمان في الفكاهة


الفرد عصفور

الحوار المتمدن-العدد: 8195 - 2024 / 12 / 18 - 23:46
المحور: الادب والفن
    


ترجمة الفرد عصفور
من المؤكد أن للحياة أحزانها التي هي جزء من كل طريق للرجاء وكل طريق نحو الهداية. لكن من المهم تجنب الانغماس في الكآبة مهما كان الثمن، وعدم السماح لها بتكدير القلب.
وهذه تجاذبات لا ينجو منها حتى رجال الدين. وللأسف نظهر أحيانا على شكل كهنة حزانى متسلطين أكثر من كوننا أصحاب سلطة، أشبه بعزاب كبار السن أكثر من كوننا مرتبطين الكنيسة، أشبه بمسؤولين أكثر من كوننا رعاة ، بل متعجرفين أكثر من كوننا فرحين، وهذا في الحقيقة أمر غير طيب.
لكن بصورة عامة، نخن الكهنة نميل للاستمتاع بالفكاهة ولدينا مخزون من النكات والقصص المسلية التي تبدو جيدة في العادة عندما نقوم بروايتها أو عندما نكون موضوعا لها.
كذلك أيضا البابوات. يوحنا الثالث والعشرون مثلا الذي كان معروفا بروح الفكاهة والدعابة وفي احدى جلسات النقاش قال "عادة ما يحدث لي أن افكر في الليل ببعض المسائل الخطيرة ثم اتخذ قرارا شجاعا وحازما أن اذهب في الصباح لأناقشه مع البابا ثم استيقظ متعرقا متذكرا أن البابا هو أنا.
لقد كنت افهمه تماما. كذلك البابا (القديس) يوحنا بولس الثاني كان كثير الشبه به . ففي احدى الجلسات التمهيدية لمجمع الكرادلة المنوط به انتخاب البابا وكان لا يزال كاردينالا قال له كاردينال كبير السن وبطريقة فيها بعض الملامة موبخا له على أنه يذهب للتزلج وتسلق الجبال وركوب الدراجات الهوائية والسباحة قائلا "لا أظن أن هذه نشاطات تليق بمكانتك ودورك". فكان رد البابا المستقبلي: "ولكن هل تعلم أيها الكاردينال أن هذه النشاطات يمارسها على الأقل خمسون في المئة من الكرادلة في بولندا؟ ". في ذلك الوقت لم يكن في بولندا سوى اثنين من الكرادلة.
أن السخرية علاج. ليس فقط من أجل التسرية عن الآخرين وإبهاجهم ولكن أيضا للتسرية عن انفسنا لأن السخرية من الذات أداة قوية جدا في التغلب على الإغراءات بالنرجسية. فالنرجسيون عادة ما ينظرون إلى انفسهم في المرايا ويحدقون في انفسهم ولكن أفضل نصيحة عندما نقف أمام المرآة هي أن نضحك على انفسنا. وهذا أمر مفيد لنا ويثبت المثل الذي يقول أن هناك نوعان من الشر الكاملين هم الموتى وأولئك الذين لم يولدوا بعد.
أما الطرائف والنكت الخاصة باليسوعيين (البابا من الرهبنة اليسوعية)، فهي حالة قائمة بذاتها لا تقارن إلا بتلك المتعلقة بالدرك الإيطالي (الكاربنييري) أو المتعلقة بالأمهات اليهوديات في الفكاهة العبرية.
أما بالنسبة للنرجسية التي يجب أن نتجنبها بجرعات من السخرية الذاتية فأتذكر واحدة عن راهب يسوعي معجب بنفسه كان لديه مشكلة في القلب وكان يجب أن يتلقى علاجا في المستشفى. وقبل الدخول إلى غرفة العمليات طلب من الله: "ربي هل حانت ساعتي"؟ جاءه الجواب: "لا بل ستعيش أربعين سنة إضافية".
وبعد العملية أراد أن يستفيد من تلك السنوات فقام بزراعة الشعر وشد الوجه وشفط الدهون وعمل تاتو الحواجب وإصلاح الأسنان ... وباختصار خرج إنسانا جديدا مختلفا. وعند خروجه من العيادة صدمته سيارة ومات. بمجرد وقوفه في حضرة الله ابدى احتجاجه وقال يا ربي الم تعدني اني سأعيش أربعين سنة أخرى؟ فأجابه الله عفوا فانا لم أعرفك!
لقد اخبروني نكتة تتعلق بي شخصيا، أي عن البابا فرنسيس في أميركا. وتقول النكتة: بمجر وصوله إلى مطار نيويورك في زيارته الرسولية للولايات المتحدة وجد البابا فرنسيس أسطولا من سيارات الليموزين الفارهة بانتظاره. فشعر بالحرج من هذا البذخ المهيب. ثم فكر أنه ومنذ زمن بعيد لم يقد أي سيارة فكيف بسيارة من هذا النوع. فقال في نفسه: متى ستكون فرصة ثانية لأكون أمام سيارات كهذه؟ نظر البابا إلى الليموزين وقال للسائق ألا يمكنك أن تدعني أقود السيارة بنفسي؟ أجاب "عفوا صاحب القداسة أنا لا أستطيع هناك نظام وقواعد". ولكن عندما يصمم البابا على شيء سيفعله وبعناد وتصميم رضخ السائق. وجلس البابا وراء عجلة القيادة وقاد السيارة في الأوتوستراد وأخذ يستمتع بالقيادة ويزيد السرعة خمسين ميل ثم ثمانين ميل ثم مئة وعشرين ميل إلى أن أوقفته دورية شرطة. ووقف الشرطي بجانب نافذة السيارة المعتمة وبعصبية فتح البابا النافذة وعندما رأى الشرطي البابا وعرفه قال اعذرني لحظات وذهب إلى السيارة للاتصال مع قيادته فساله القائد ما المشكلة فقال له لقد أوقفت سيارة مسرعة لكن فيها شخصية مهمة جدا فساله الضابط ما أهميته هل هوة عمدة المدينة؟؟ فقال لا يا سيدي أكبر ... فقال الضابط أكبر من العمدة؟ هل هو الحاكم؟ أجاب لا يا سيدي بل أكبر . قال الضابط هل هو الرئيس؟ قال له لا يا سيدي بل أكبر . لا ادري من هو بالضبط وكل ما أستطيع قوله هو أن سائقه هو البابا .
أن الإنجيل الذي يحثنا على أن نكون مثل الأطفال الصغار لأجل خلاصنا (متى 18:3) يذكّرنا بضرورة استعادة قدرتنا على الابتسام. واليوم لا شيء يثير سعادتي أكثر من لقاء الأطفال. عندما كنت طفلا كان هناك من يعلمني الابتسام لكني الآن عجوز فإن الأطفال هم الذين يرشدونني في كثير من الأحيان. فاللقاءات بهم هي أكثر ما تسعدني وتجعلني اشعر بحال أفضل.
وكذلك فإن تلك اللقاءات مع كبار السن، أولئك المسنون الذين يباركون الحياة، الذين طرحوا جانبا كل مشاعر الاستياء ويستمتعون بالنبيذ المعتق، تلك اللقاءات لا يمكن مقاومتها. انهم يتمتعون بملكة الابتسام والدموع، مثل الأطفال. عندما احتضن الأطفال بين ذراعي خلال اللقاءات في ساحة القديس بطرس فإن معظمهم يبتسمون لكن بعضهم يبكون إذ يرونني بثوبي الأبيض فيظنونني طبيبا جاء ليعطيهم حقنة.
انهم نماذج للعفوية والإنسانية ويذكروننا بأن الذين تخلوا عن إنسانيتهم تخلوا عن كل شيء وعند فقدان القدرة على البكاء بجدية أو الضحك بشغف فإننا نكون حقا حالة انحدار وتدهور. نغدو مخدرين وعندما نتخدر لا نفعل خيرا لا لأنفسنا ولا للمجتمع ولا للكنيسة.

المقال نشرته نيويورك تايمز اليوم وهو فصل من كتاب "الأمل: السيرة الذاتية" الذي كتبه البابا بالاشتراك مع الكاتب الصحفي كارلو موسو وسيصدر نهاية هذا العام.



#الفرد_عصفور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقات مع الناتو حق سيادي للأردن
- بعد ألف وسبعمئة سنة على نيقية الأول هل من سبيل لمجمع نيقاوي ...
- قانون المواريث للأردنيين المسيحيين أين وصل ولماذا يتعثر
- هل تحظى بطريركية القدس بكاردينالية دائمة
- خمسة وسبعون عاما على النكبة أين دولة فلسطين
- هل كان الغزو الأميركي للعراق مفتاح إيران الذهبي للهيمنة عليه ...
- ماذا بعد رحيل البابا بندكتوس واحتمال استقالة البابا فرنسيس؟
- الدكتور سمير مطاوع 1938-2022
- كيف تعطل قيام الدولة الفلسطينية
- استهداف منظمات المجتمع المدني الفلسطينية هل هو انتقام شخصي؟
- كيف يدعم النقل العام المجاني وشبه المجاني موازنة الدولة
- صديق المدخن كتاب يستحق القراءة
- الديمقراطية لا تحتاج انتخابات والانتخابات لا تصنع الديمقراطي ...
- اين الشرق الاوسط في الانتخابات ا لاميركية
- هل يواصل المسيحيون العرب هجرة أوطانهم؟
- لكل دولة من زعيمها نصيب
- الرمح والهدف الصعب مذكرات سمير مطاوع
- على مشارف الخمسين: التلفزيون الاردني الى اين؟
- لوريس: ابداع في الاخراج وابداع في الاختيار
- من منظور اردني قراءة جديدة في كتاب الدكتور سمير مطاوع الاردن ...


المزيد.....




- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الفرد عصفور - البابا فرنسيس: هناك إيمان في الفكاهة