أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد دلول - قراءة لما بعد الحدث المتسارع في سوريا















المزيد.....

قراءة لما بعد الحدث المتسارع في سوريا


أحمد دلول
كاتب وباحث فلسطيني مُقيم في الدنمارك.

(Ahmad Dalul)


الحوار المتمدن-العدد: 8185 - 2024 / 12 / 8 - 00:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد انقضاء ما يزيد على الثلاثة عشر عاما على بداية "الفتنة السورية"؛ القنبلة الموقوتة التي تم تجميع أجزائها من مختلف بؤر الصراع في سوريا ووضعها في إدلب، قد انفجرت فعلا، وقوة عصفها التي مرَّت بحلب وحماه وأجزاء من مدينة حمص وريف دمشق، تتوثب الآن للسير نحو قلب العاصمة. والسبب كما أوحى أردوغان، بأن الأسد هو المسؤول عما حصل، كونه لم يُبدِ مُرونة كاملة، لكي يتقاسم العثمانيون السيادة على سوريا مع أهلها. وثمة تصريحات لمسؤولين أمريكيين وغربيين بنفس الفحوى ولكن بتعابير وسياقات مُختلفة.

وأما عن السياق الموضوعي لما يجري على الأرض السورية، فثمة حقائق موضوعية لا بُدَّ من التسليم بها، بأن الدعم اللوجستي الذي تلقته الجماعات الإسلامية المسلحة التي كانت "مُحاصرة في إدلب" هو إما مصدره تركي، أو أنه مرَّ عبر الأراضي التركية بحكم الجغرافيا، بما في ذلك الآليات والمُدرعات والمركبات المُفخخة والطائرات المسيَّرة، علاوة على التمويل والتدريب والمعلومات الاستخباراتية. وبالتالي فإنه من المنطقي القول، بأن اللاعب التركي هو الذي يُحرِّك خيوط اللعبة في جبهة الشمال، ومن ثمَّ فإن أي أراضٍ تطأها أقدام الجماعات المسلحة وتثبت فيها، تصبح أراضٍ تركية بحكم الأمر الواقع، سواء عبر التتريك المُباشر أو عبر فرض السيادة على القرار والموارد. وقد تم بالفعل رفع الأعلام التركية في حلب مثلا في الأيام المُنصرمة، وهذا ما لا تنكره قيادات الجماعات المُسلحة في تصريحاتها. علاوة على التصريح بالبرلمان التركي، بأن: "حلب تركية وقد عادت إلى أحضان تركيا"، مما تبعه تصفيق حار من أعضاء البرلمان التركي، تبعا لما تناقلته وسائل الإعلام. بمعنى أن العثمانيين عادوا، ولكن بقالب قومي، حتى أن أردوغان "الإسلامي" كان قد وعد "قومه" بأنه سيصلِّي في الجامع الأموي في دمشق، بعد أن رفضت القيادة السورية أن تخضع لمطالبه في بدايات "الفتنة السورية". وأما المُفارقة، فهي أن جحافل الثوار يمهدون له الطريق نحو دخول دمشق، من دون أن تُهدر قطرة دم تركية واحدة؛ بمعنى صريح لا يحتمل التأويل، بأن هناك مقاتلين إسلاميين، بما فيهم سوريون يُضحّون بأرواحهم من أجل احتلال أجزاء من بلدهم وتسليمها لدولة أخرى على طبق من ذهب. ولا ننسى بأن "المُعارضة السورية" التي خبرناها جيدا، لديها الاستعداد لبيع البلد بما فيها، لمجرد التلويح لها بالحصول على أيّة مناصب أو مكاسب مُحتملة، علاوة على أنها لا تملك أدنى مقومات السيادة، ولن تفعل إلا ما يأمر به المُمَولون وهم كُثر، حتى ولو كانت العواقب كذلك، إفناء البلد بما فيها ومن فيها.

على الوجه الآخر للعملة الواحدة، هناك إسرائيل التي بتنا نعرفها جيدا، والتي قد لا تُفوِّت الفرصة لقضم أجزاء ما من جنوب غرب سوريا، أو ما بعد ذلك، وذلك بالاستعانة بجيشها، بعد الاستعانة بالثوَّار الذين بدأوا فعلا بالسيطرة على أجزاء واسعة من جنوب سوريا، والذين لا يخفى على أحد علاقتهم بإسرائيل ودعمها لهم، علاوة على مُغازلتهم لها. وبذلك فإنه ليس من المستغرب أن تجتاح إسرائيل جزءا من الأراضي السورية تحت ذريعة ما، أو أن تبدأ بإقامة منطقة عازلة فيها، أو أن تصبح الغارات الإسرائيلية على سوريا أشد وأقوى مما سبق، لشل المراكز الحيوية فيها، بما في ذلك وسائل الدفاع ومواقع التحكم والسيطرة، لتحقيق المشروع الصهيوعثماني في سوريا. لا بل حتى أن بلدا كالأردن أصبح له أطماع بجنوب سوريا لتوسيع المملكة، بعد أن وقعت "بقرة حاحا"، على رأي الشيخ إمام.

وأما عن التواجد الأمريكي في الشمال الشرقي من سوريا، فإن المناطق الكردية في الجزيرة السورية وغيرها، لن تعود إلى الدولة السورية ولكن بالمقابل لن تستقل بذاتها، لأن الأتراك لن يسمحوا بذلك، ولأن الأمريكان لن يتعففوا عن نهب الموارد الموجودة في شرق نهر الفرات مثلا؛ وهكذا فإن تلك المناطق سوف تبقى خاضعة للاحتلال الأمريكي بشكل أو بآخر، بما في ذلك الأرض والنفط والماء، وكذلك فيما يتعلق بالسيادة واتخاذ القرار. علاوة على أهمية الوجود الأمريكي في تلك المنطقة لفصل سوريا عن العراق.

ولكي نكون دائما أقرب إلى الموضوعية، فالنظام السوري الحالي، والذي يدفع بلا شك ثمن دعمه للمقاومة عموما وللقضية الفلسطينية تحديدا، لم يترك خطأ استراتيجيا إلا وارتكبه منذ بدايات "الفتنة"، وبالتالي فهو لن يُفاجئنا بهبوط الحكمة عليه من علٍ، وإن فعل فالوقت قد تأخر. وأما عن الحلفاء، كروسيا مثلا، فهي مشغولة بحرب سوف تُقرر مصيرها ومصير مستقبل العالم على الساحة الأكرانية، تلك الحرب التي لها الأولوية بلا شك، على حماية الحليف السوري، علاوة على أن رئيسها بوتين بذرائعيته وبراغماتيته لا يختلف كثيرا عن أردوغان، إذ أن خراب سوريا مُقابل بقاء قاعدة حميميم الروسية في الساحل السوري، لن يكون خيارا كارثيا بالنسبة له، ولا ننسى، بأن بوتين لن يستطيع إغضاب "حليفه" ترامب أكثر مما يجب، كون الأخير يدعو إلى التوصل إلى حل وسط مع روسيا، علاوة على أنه لا يعتبرها عدوا استراتيجيا.

أما بعد، فإن الحليف الاستراتيجي المُتمثل بإيران العقائدية، فقط أصبح الآن أضعف من أي وقت مضى، بعد أن تم تدمير ركائز المشروع الإيراني المُقاوم في المنطقة، عبر تحييد فصائل محور المقاومة في غزة ولبنان ولو إلى حين، وبعد أن تمَّ إثبات عدم جدوى وفاعلية ما تبقى من ذلك المحور لإيلام أمريكا وإسرائيل بما يكفي، في أماكن أخرى. علاوة على انشغال إيران فيما سيأتي من حرب شاملة مع إسرائيل لا بُدَّ بأنها قد اقتربت، في وقت يستعد فيه أكثر رئيس أمريكي انحيازا لإسرائيل لاستلام السلطة، وليس هناك من يستطيع التكهن، كم من البُعد سوف يذهب ترامب في ولايته القادمة.

بعيدا عن المؤتمرات والندوات والوساطات، إذا لم يحدث ماهو خارج عن التوقع والمألوف، فإن الغنيمة السورية سوف يتقاسمها الأتراك والإسرائيليون والأمريكان/ أو الغرب الأطلسي؛ فتركيا سوف يكون لها الظَفَر الأكبر، عبر فرض سيطرتها على مزيد من الأرض السورية، أما ما تبقى مِمَن تمَّ تسميتهم بـ "أصدقاء الشعب السوري"، فظفرهم الكبير سوف يكون بتقسيم سوريا وتحييدها نهائيا عن ساحة الصراع، عبر تغذية صراع الجماعات والطوائف المُتناحرة فيها إلى ما شاء الله. وبالتالي، إذا حاولنا تسمية الأسماء بمسمياتها، فالمطلوب هو ليس إسقاط نظام الأسد كما يُصرّح الثوار، وإنما المطلوب مُحاصرته بغية دفعه لإقامة دويلة في الساحل السوري ولو من خلال التفاوض، كخيار أخير قد يلجأ إليه النظام السوري نفسه؛ ليس لرغبته بتقسم سوريا، وإنما لضيق اليد، وكذلك بغية الحفاظ على حياة ملايين السوريين المُهددين بالذبح وهتك المال والعرض، لمجرد انتمائهم لطائفة معينة، كما صرَّح مثلا عدنان العرعور؛ درَّة الثورة السورية. ومن ثُمَّ، فالخشية من أن سوريا التي كانت قلب العروبة النابض بالقول والفعل، سوف يكون أجزاء منها مُحتل، والأجزاء الباقية سوف تكون مُجزأة مُتناحرة، وهذا السيناريو أصبح الآن أكثر واقعية من أي وقت مضى. وأما إخواننا في النفط فهم كما عوَّدونا بطبعهم نشامى، وبذلك فهم لن يتوانوا عن تأجيج تلك المحرقة، ليس في سوريا فحسب، إذ أن ثمة دولا أخرى موجودة على قائمة يُشرف عليها "الإبراهيميون الجُدد" لبعث "شرق أوسط جديد"، في بلاد كانوا يُسمُّونها بلاد العُرب.



#أحمد_دلول (هاشتاغ)       Ahmad_Dalul#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل والله وقوانين الطبيعة
- تنبيه لِذَوي الأجنحة
- عذراً نيتشه؛ فالمقال ما عاد يصلح للمقام
- في عشق امرأة لعوب
- التأنيث والتذكير هُما سبب عشقنا للحياة
- فلسفة النشوة الجنسية
- فلسفة الانحطاط
- البحث عن هتلر
- بولتون يسقط قناع النفاق الأمريكي
- أردوغان يتابع صناعة خوازيقه
- هل أمريكا مؤهلة أخلاقيا لمحاسبة كوريا الشمالية؟
- جحش طروادة السوري
- الاستثمار في الجهل
- السوريون أيتام على موائد اللئام
- - ثورة سورية- لخدمة أردوغان وتركيا بعد إسرائيل
- مجموعة مهزومين وهزائم لا تصنع انتصارا
- أضغاث ثقافة مع جلال صادق العظم وآخرين
- المعارضة السورية والإنجاز الجديد
- المعارضة السورية ولولو اللبنانية
- فيصل القاسم والثورة الأمريكية في سورية


المزيد.....




- ضابط روسي: تحرير -أوليانوفكا- ساهم بانهيار خط دفاع أوكراني ب ...
- تصريح غريب ومريب لماكرون عن سبب عدم فرنسا من مشاركة إسرائيل ...
- طهران للوسطاء: لا تهدئة قبل استكمال الرد الإيراني على إسرائي ...
- فيديو.. الأمن الإيراني يطارد -شاحنة تابعة للموساد-
- إسرائيل تقلص قواتها في غزة لأقل من النصف.. ما علاقة إيران؟
- إسرائيل.. ارتفاع عدد القتلى بعد انتشال جثتين من تحت الأنقاض ...
- -منتدى الأعضاء السبعة-.. متى وكيف قررت إسرائيل ضرب إيران؟
- فيديو.. قتلى ومصابون في هجوم إيراني جديد على إسرائيل
- فيديو.. صاروخان إيرانيان يشعلان النار بمحطة طاقة في حيفا
- تقرير -مخيف- عن الدول التسع المسلحة نوويا.. ماذا يحدث؟


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد دلول - قراءة لما بعد الحدث المتسارع في سوريا