أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - التسفيه: طمس خبيث في الثقافة/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري














المزيد.....

التسفيه: طمس خبيث في الثقافة/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري


أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8184 - 2024 / 12 / 7 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


هناك شيء مأساوي في الثقافة الحداثية: مرض لا يفسد الأجساد، بل يمزق الأرواح. التسفيه، هذا الضباب الذي يلف كل شيء، يحول السامي إلى عادي، والمأساوي إلى ضجيج والأساسي إلى شيء يمكن الاستغناء عنه. إنه مرض غير مرئي، لكنه ليس أقل إرهاقًا، لأنه يلامس قلب الحالة الإنسانية: قدرتنا على الشعور والتأمل وإيجاد المعنى في العالم.

في العصور القديمة، كانت الأشياء تحمل ثقلًا وعمقًا. كان فعل الحب، أو المأساة، أو العمل الفني يُعاش كأحداث تتردد صداها إلى الأبد. اليوم، نعيش في عصر التخدير الروحي، حيث يذوب كل شيء على السطح اللامع والزلق للزائل. تُستهلك المآسي بين فنجان من القهوة وإشعار؛ يُختزل الشغف إلى نقرات وخوارزميات؛ والجمال، المجزأ، يصبح مجرد قطعة أخرى في العرض اللامتناهي للإلهاء.

ومع ذلك، لا ينشأ التسفيه من الفراغ، بل من الإفراط. إن الإفراط في الصور والكلمات والأحداث لا يثرينا؛ بل يشبعنا ويشلنا. فنحن نتعرض لقصف من المعلومات التي لا تطلب منا أكثر من نظرة سريعة غير مبالية. وهكذا يصبح غير العادي عادياً، ويصبح الرهيب محتملاً. وهذا الإفراط، بعيداً عن توسيع إدراكنا، يعيقنا. فنصبح متفرجين على مشهد بلا سرد، عاجزين عن تمييز جوهر الفائض.

وفي الوقت نفسه، فإن شر التبسيط ليس جمالياً فحسب؛ بل إنه أخلاقي. فمن خلال تبسيط معاناة شخص آخر، نضعف الرابط الذي يربطنا كبشر. وعندما نبسط الفن، نفقد اللقاء مع المتعالي. ومن خلال تقليص الفكر إلى مجرد كليشيهات، نقتل الحوار. وبالتالي فإن التبسيط هو سم ينزع الصفة الإنسانية، وهي عملية تحولنا إلى مستهلكين لحواس مسبقة الصنع، بدلاً من أن نكون مبدعين للمعنى.

وما هو الوهم (ترياق الثقافة التسفيهية) لهذا المرض الخانق العميق؟ ربما لديك الشجاعة للتباطؤ. "إنّ التأمل هو عملية مستمرة. من الحفر تحت السطح إلى الوصول إلى اللب. والوهم عبر ثقافة التسفيه هو تنمية الحساسية التي تقاوم منطق الاستهلاك والسرعة. إنه في استعادة زمن القراءة البطيء، والصمت الذي يسبق الكلمة والرهبة التي تسبق الحكم.

إن الفن هنا أداة للخلاص. فالشعر، على سبيل المثال، يتطلب منا التوقف والغوص. إنه يعلمنا مقاومة الرغبة في فهم كل شيء بسرعة، ويدعونا إلى التأمل في غموض وجمال ما لا يقال. وعلى نحو مماثل، يتحدى الفكر الفلسفي، بإصراره على التشكيك في الواضح، الابتذال من خلال استعادة الغموض.

وبالتالي فإن مواجهة التفاهة هي فعل من أفعال المقاومة الثقافية والروحية. إنها عبارة عن بيان مفاده أن الإنسان لا يرضى بالسطحية، ولا ينجو منها. ولعلاج هذا المرض، يجب إعادة إشعال شعلة السخط أمام الظلم، والدهشة أمام الجمال، والقلق أمام لغز الوجود." نعم، في عالم يستهين بكل شيء، فإن المقاومة هي في نهاية المطاف تأكيد على كرامة الإنسان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 12/07/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).



#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة: أسطورة الملك الهندي/ بقلم هيرمان هيسه - ت عن الأل ...
- إضاءة: رواية -أبشالوم. أبشالوم- /إشبيليا الجبوري - ت: من الإ ...
- ربيع الحرب / بقلم إنريكه فولبيه - ت: من الإسبانية أكد الجبور ...
- مختارات أنطونيا بوتزي الشعرية - ت: من الإيطالية أكد الجبوري
- كيف العلاج من النازية؟/ بقلم فرانكو بيراردي
- قصة قصيرة: أسطورة الملك الهندي/ بقلم هيرمان هيسه
- هل سنتعبد الذكاء الاصطناعي الذي نصنعه؟/ بقلم سلافوي جيجيك
- ما إنترنت السلوكيات (IoB)؟ ولماذا هو مهم في عصرنا الرقمي
- خلاصة كتاب: إيريس ميريدوخ، كاتبة في الحرب: رسائل ومذكرات، 19 ...
- عن طفرة الرغبة/ بقلم فرانكو بيراردي
- المروج/ بقلم أنطونيا بوتزي - ت: من الإيطالية أكد الجبوري
- عن طفرة الرغبة/ بقلم فرانكو بيراردي - ت: من الإيطالية أكد ال ...
- إضاءة: -التجوال- لهيرمان هيسه/إشبيليا الجبوري - ت: من الألما ...
- تأملات في -الأبله- لدوستويفسكي/ بقلم هيرمان الألمانية - ت عن ...
- تأملات في -الأبله- لدوستويفسكي/ بقلم هيرمان هسه - ت من الإنك ...
- الحرب الأهلية الذهانية العالمية/ بقلم فرانكو بيراردي
- مختارات فيسينتي هويدوبرو الشعرية - ت: من الإسبانية أكد الجبو ...
- إضاءة: سردية -ملحمة جلجامش-/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابان ...
- القصيدة الأيقونة: المقدمة/بقلم فيسينتي هويدوبرو - ت: من الإس ...
- الأوراق تتساقط - هايكو السنيو - أكد الجبوري


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكد الجبوري - التسفيه: طمس خبيث في الثقافة/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري