انها ليست بطولة فقط .. بل تحد للمستحيل !

عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 8173 - 2024 / 11 / 26 - 18:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

خلال حرب حزيران 1967 مكنّت السيادة الجوية " اسرائيل " من فرض الهزيمة على اقوى الجيوش العربية خلال ستة ايام من خلال تدمير القوات ومراكز السيطرة والتحكم وقطع طرق الامداد ...
خلال حرب تشرين 1973 تمكّن الصهاينة بدعم امريكا وتأثيرها من قلب واقع النصر الأبتدائي الذي حققه الجيشان المصري والسوري من خلال ثغرة الدفرسوار ومحاصرة الجيش المصري الثالث بفعل السيادة الجوية وقطع طرق الأمداد ...
في حرب امريكا ضد نظام صدام من اجل الكويت ( 1991) تم تدمير الجيش العراقي المنسحب خلال مجزرة عُرفت بمجزرة " طريق الموت " من خلال السيادة الجوية الامريكية وقطع طرق الامداد ...
خلال حرب غزو العراق ( 2003) تمكنت امريكا من خلال فرض سيادتها الجوية وضرب مراكزالسيطرة والتحكم وقطع طرف الامداد من هزيمة النظام واحتلال العراق خلال اقل من شهر ..
خلال كل هذه المعارك والحروب كانت الجيوش المهزومة تستند الى دول او انظمة " قوية " تملك من المال والسلاح الكثير وتحكم وتتحكم بامكانات شعوب ولديها بدائل وطرق ممكنة ( لم تستثمرها على نحو ملائم بالطبع ) تمكنها من استعادة بعض التوازن والصمود لمدد اطول وتكبيد العدو كلفة اعلى تجعل انتصاراته غير ميسورة لكنها لم تتمكن من ذلك بفعل طبيعتها الهشة واستأسادها على شعوبها فقط ..
وخلال كل تلك الحروب والمعارك ، نفسها ، ماكانت قوى اسرائيل وامريكا على هذا المستوى من التطور والقدرات ، خصوصا في مجال تكنولوجيا المعلومات وما تتيحه من قدرات هائلة على صعيد المراقبة والمسح والتنصت والاستراق وامكانية توجيه الضربات القاتلة وذات القوة التدميرية الهائلة في اي مكان واية لحظة وعلى مدار ال24 ساعة في اليوم .. كما لم يكن الفارق في القدرات بينها وبين القدرات التسليحية والعلمية والتكنولوجية المتاحة لهذه الجيوش والدول شاسعا مثلما هو عليه اليوم ... كما لم يكن معسكر امريكا والغرب واسرائيل مطلق اليد والفعل سياسيا وعسكريا دون قوّة او معسكر مقابل يحسب له الحساب مثل الاتحاد السوفيتي ، او ان المناخ السياسي الدولي ، على الاقل ، لم يكن يسمح بهيمنة مطلقة وفعل بلا تحسب .
في كل ما تقدم كان للعمل اللوجستي والقدرة على ادامة طرق الامداد والتموين اهمية كبرى ان لم تكن حاسمة وكان الحرمان من هذه القدرات عن طربق السيادة الجوية وكثافة النيران هو ما يحقق النصر الساحق لجانب والهزيمة المنكرة للجانب الآخر ...

اذن لندع زخم الصواريخ والمسيّرات جانبا ولنر اية معجزة في الفعل يحققها حزب الله فقط في امكانية ادامة التموين والامداد ليس بالسلاح الذي قد يكون مخزنا وانما بالغذاء والماء والدواء ، الذي هو حاجات متجددة ، والفراش والاغطية للمقاتلين في بيئة باردة وقاسية ووعرة ومرصودة .. في امكانية وطرق اخلاء الجرحى وعلاجهم ورعايتهم ، في امكانية اخلاء الشهداء ، في امكانية تبديل القوى المقاتلة والمقاتلين الذين امضوا فترات طويلة في الخطوط الامامية دون نوم او راحة بمقاتلين جدد .. بل ولنتأمل فقط في امكانية توفير الاتصال والتواصل بين المقاتلين ومراكز السيطرة والتحكم او بينهم وبين بعضهم البعض خصوصا في ظل عدم اتباع طرق الاتصال اللاسلكية التي ستخضع حتما للاختراق بل وربما كان استخدامها وبالا ودلالة على المقاتلين ...وكل هذا في ظروف غير مسبوقة من السيادة الجوية والتكنولوجية والقدرات الاستخبارية والمعلوماتية التي تدعمها دول عديدة من بينها دول وانظمة المنطقة بل وقدرات تدميرية غير مسبوقة !

ان المواجهة والقتال والاستمرار فيه والاصرارعليه بارادة لا تلين .. بين قوّة ، اضافة الى كل ماسبق ، تتعرض الى كل اشكال العداء والمحاصرة والوشاية والتحريض عالميا واقليميا ومحليا .. قوّة تتعرض طرق امدادها الى التربص والمراقبة والكشف والتدمير بمختلف الوسائل التقنية والاستخباراتية على مدار الساعة .. قوة تم ويتم تدمير وتهجير حاضنتها الاجتماعية ومراقبة كل حركة او نفس في هذه الحاضنة ..من جهة ، وبين قوّة عسكرية هائلة تتزود بكل اشكال الدعم التسليحي واللوجستي والمالي من اعتى مراكز السلاح والتقنية والمال .. قوّة او عدو بطرق امداد مفتوحة على مصراعيها ومؤمنه تقريبا داخليا وفي العالم كله ، قوّة تحظى بدعم اعلامي وسياسي من كل مراكز الهيمنة الاعلامية والسياسية في العالم ، تقريبا ... قوة يغض العالم الطرف عن اية جريمة ترتكبها ويجد لها التبرير والتسويغ ... ان مثل هذه المواجهة ليست فقط بطولة فذة ونادرة بل هي نوع من تحدي المستحيل !

ان ما قامت وتقوم به المقاومة الفلسطينية في غزة والمقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله هو هذا الضرب من تحدي المستحيل والذي تتراجع دونه كل ما عرفناه من صور البطولة والتضحية والفداء ! ...

#عارف_معروف (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل