أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رامي الابراهيم - القمر














المزيد.....

القمر


رامي الابراهيم
كاتب، صحفي، مترجم، لغوي، سينمائي

(Rami Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 8172 - 2024 / 11 / 25 - 20:32
المحور: الادب والفن
    


(حكاية من حكايات الأخوين غريم ترجمها عن النسخة الإنكليزية رامي الإبراهيم)

في سالف العصورِ والأزمان كان هُناك أرضٌ سادَ الظلام لياليها وغطَّتها سماءٌ مظلمةٌ حيث لا قمرٌ يطلع ولا نجومٌ تسطع. لم يكن الحالُ كذلك عندما خلقَ الله الكون، فقد كان ضوءُ الليلِ كافياً آنذاك. على أي حال، فقد ذهب أربعةُ أشخاص خارج بلادهم تلك في رحلة استطلاعية حتى وصلوا مملكةً أخرى كان يضيءُ لياليها بعد غروب الشمس كرةٌ وهاجة عُلقت على شجرةِ بلوط وكان الضوء المنبعث من هذه الكرة المضيئة يمتد لمسافات واسعة. لم تكن هذه الكرة مضيئةً كالشمس طبعاً، ولكن كان كلُّ شيءٍ مَرئياً ومميزاً بواسطة هذا الضوء. توقَّف المسافرون وسألوا أحد قاطني تلك البلاد وقد مرَّ بهم وهو يقود عربته:
"ما هو ذلك الشيء الذي يُضيء هناك؟".
" إنَّه القمر، وقد اشتراه عُمدتُنا مُقابلَ ثلاثِ طلريات وعلَّقه على شجرة البلوط هناك. وهو يحرِص على تزويده بالزيت والعناية بنظافته كلَّ يوم لكي يُضيءَ بشكلٍ جيد وهو بالمقابل يحصل منا على طلري أسبوعياً مُقابل عَمله ذاك.
قال أحد المسافرين بعد مغادرة سائق العربة: "أعتقد أنه بإمكاننا الاستفادة من هذا المصباح، إذ أنه لدينا في الوطن شجرة بلوط كبيرة كهذه تماماً ويمكننا تعليقه عليها. كم هو جميلٌ أن نسير في الليل من دون الحاجة إلى أن نتلمس طريقنا بأيدينا".
" دعوني أُخبركم ما الذي ينبغي عمله: سَنُحضِرُ خُيولاً وعربة ونأخذ معنا القمر إذ يقدِرُ سكان هذه البلاد أن يشتروا لأنفسهم غيره ". قال الثاني.
"أنا متسلِّقٌ جيد سأقوم بإنزاله عن الشجرة" قال الثالث.
وهكذا تكفَّل الرجلُ الرابعُ بإحضارِ العربة والخيول بينما قام الثالث بتسلِّق شجرة البلوط وأحدث ثُقباً في القمر ثم مرَّر خلاله حبلاً وقام بتدليته حتى الأسفل. حين صار القرص المضيء في العربة قام الرجال الثلاثة بتغطيته بقطع الثياب لإخفاء سرقتهم عن عيون الناس. تمَّت عملية النَّقل إلى بلادهم بسلام وقاموا بتعليق القرص المضيء على شجرة بلوطٍ عالية. فرح جميع سكان البلدة كبارها وصغارها عندما رأوا المصباح المشع وقد أضاء المنطقة كلها و امتلأت بنوره غرف نومهم وجلوسهم. أتى الأقزام من كهوفهم الصخرية أيضاً، وجاء الجن الصغار بمعاطفهم الحمراء ورقصوا في حلقات دائرية فوق المروج.
لمْ ينسَ الرجالُ الأربعة تزويد المصباح بالزَّيت واعتنوا بنظافة الفتيل و حصلوا بالمقابل على طَلَري أسبوعياً. استمرت الحال على هذا المنوال حتى كَبِرَ الرجال وصاروا كهولاً. وهكذا وعندما مَرِضَ أحدهم وشعر بدنو أجَلِهِ أوصى بأن يُدفن ربعُ القمر معه في قبره كأيٍّ من ممتلكاته. وبالفعل عند وفاة الرجل قام العمدة بتسلق الشجرة وقصَّ ربع القمر مستعملاً مقص تقليم الأشجار ووضعه في التابوت بحسب وصيته. تناقص ضوء القمر بعد ذلك، لكن بشكلٍ غير ملحوظ. عندما مات الرجل الثاني، تمَّ دفنُ الرُّبع الثاني معه وتناقص مع ذلك ضوء القمر. استمرَّ تناقص ضوء القمر بعد وفاة الرجل الثالث الذي أخذ معه كالآخرين جزءاً من القمر إلى القبر؛ و مع وفاة الرجل الرابع عادت البلدة إلى حالة الظلام السابقة وعادت رؤوس الناس إلى الارتطام بعضها ببعض في كلِّ مرة خرجوا من دون مصابيحهم في الظلام.

عندما اجتمعت أجزاءُ القمر في العالم الأسفل حيث ساد الظلام لوقتٍ طويل أقلق النور سُبات الموتى فقاموا من رقادهم؛ وأصيبوا بالدهشة لقدرتهم على الرؤية مجدداً فقد كان ضوء القمر كافياً و مناسباً لأعينهم التي أصابها الوهن والتي ما عادت قادرةً على تحمل ضوء الشمس الساطع. نهض الموتى فرحين وعادوا إلى ما كانوا يفعلونه في حيواتهم السابقة: ذهب قسمٌ منهم ليلهو ويرقص في حين ذهب آخرون إلى المرافق العامة ليحتسوا الشراب حيث سكروا و اختلفوا ونشبت الشجارات فيما بينهم فهرعوا إلى الهراوات يضربون بعضهم البعض. علت أصوات ضجتهم أكثر وأكثر ووصلت أخيراً حتَّى السماء.
اعتقد القديس بطرس الذي يحرس بوابة السماء في الأعلى بأن تمرداً ما في العالم الأدنى، فجمع صفوف الملائكة استعداداً لصد الشيطان وأتباعه إذا اقتربوا من مملكة السماء وهاجموا دارَ الأتقياء. على أي حال، عندما لم يحدث شيء من هذا القبيل؛ امتطى القديس بطرس حصانَه ونزلَ به إلى الأرض حيثُ ردَّ الموتى على أَعقابهم وأمَرَهُم بالعودةِ إلى قبورهم ثمَّ أَخذ القمرَ معه وعلَّقه أعلى في السَّماء.



#رامي_الابراهيم (هاشتاغ)       Rami_Ibrahim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القطة و الفأرة في منزل واحد
- الضوء الأزرق
- الإوزة الذهبية
- لعبة المكان و الزمن
- دقيقةٌ من وقت الزّمان ووقفةٌ في ذهول
- غبار الطّلع
- قلا تجي
- أحلام اللحظة..و الشوق طليقٌ.. و الماضي توثب!
- انتماء
- فستان شعبي جداً
- هيكل لإله الحروف
- أحلام غرابة اللون..و العري
- يا عجاج الدير رفقا
- صباح الخير نوشاتل
- أحب أحب نوشاتل
- رحلة الروح الواعية
- توبة عاشق
- الرقص في دورة زمجر
- جمع الجذور و الحكايات ( قصيدة في رثاء ساحرات أوربا)
- أجمل الأشياء تغنى..تقال


المزيد.....




- رواية -الحرّاني- تعيد إحياء مدينة حرّان بجدلها الفلسفي والدي ...
- ضجة في إسرائيل بعد فوز فيلم عن طفل فلسطيني بجائزة كبيرة.. و ...
- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رامي الابراهيم - القمر