المقاومة تفرض إيقاعها

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

الحوار المتمدن-العدد: 8163 - 2024 / 11 / 16 - 10:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

قدمت أميركا، الراعي الرئيس للكيان اللقيط، عبر سفيرتها في بيروت "ورقة" إلى الحكومة اللبنانية، تتضمن مقترحات لوقف العدوان الصهيوني ضد لبنان الشقيق. ومن المحقق، احتواء الورقة على بنود إيجابية تلبي شروط المقاومة. كما تنهض دليلًا فاقعًا على تحطم "عنتريات" نتنياهو، وغرور الكيان اللقيط، على صخرة صمود المقاومة اللبنانية وبطولات رجالها في الميدان.
بعد ما ينوف على شهر ونصف الشهر من بدءِ العدوان، يعجز جيش النازية الصهيونية عن بسط سيطرته على قرية صغيرة في جنوب لبنان. يعربد العدو بالطيران الأميركي، ويقصف الأحياء السكنية والبنى التحتية، لكنه على الأرض يتكبد خسائر بشرية ومادية بدأت تضغط على أعصاب المستويين السياسي والعسكري.
لقد بلغ الصلف والغرور بالكيان اللقيط، حد نشر إعلانات للراغبين بالإستيطان في جنوب لبنان، بالتزامن مع بدءِ العدوان. وحدد مجرم الحرب نتنياهو أهداف العدوان، بدفع حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وإقامة شريط عازل في جنوب لبنان، وإعادة المستعمرين الصهاينة إلى مستعمراتهم شمال فلسطين المحتلة. لكن هذه الأهداف لم تلبث أن تحولت إلى ما يشبه الهذيان العصابي، مما دفع بواشنطن، الراعي الرئيس للكيان، إلى محاولة انقاذه من تورطه الأحمق في جنوب لبنان.
الميدان يعزز ما ذهبنا، والأدلة أصرح من أن يستدرك بشأنها مُستدرِك. الإثخان في جلاوزة العدو بات أظهر من أن يحتاج إلى مزيد بيان. للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، يرفض 40% من جنود الإحتياط في جيش وُصِف ذات زمن غَبَر ولن يعود بأنه "لا يُقهر"، يهربون من الخدمة في جنوب لبنان. وماذا عن الإنقلاب في مزاج التجمع الاستعماري الصهيوني في فلسطين، المسمى زورًا وبهتانًا "الشعب الاسرائيلي"، وما هو بشعب ولا ينسحب عليه التعريف العلمي الحديث لمصطلح شعب. 69% من هؤلاء، حسب وسائل اعلامهم وليس استنادًا إلى أي مصدر آخر، يؤيدون عقد صفقة تبادل أسرى مع المقاومة في غزة ووقف الحرب هناك وفي لبنان. في السياق ذاته، نقرأ ما أورده موقع "كان" العبري الإخباري، ومؤداه أن "إسرائيل تسعى لاتفاق ينهي الحرب بسرعة مع لبنان". والحقيقة أن "إسرائيل" أخفقت في جنوب لبنان، وتبهدلت، وبدأت تبحث عن مهرب.
يُظهرنا مطلعون على تفاصيل المشهد الصهيوني من الداخل، بعض أسباب هذا التحول في مواقف الكيان. يؤكد الدكتور محمود يزبك، أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة حيفا، أن مُسَيَّرات المقاومة اللبنانية وصواريخها أصبحت في الآونة الأخيرة تصل إلى أي مكان تستهدفه في فلسطين المحتلة، وهو ما يضغط بشدة على أعصاب الداخل الصهيوني. وضرب مثالًا محددًا، بتأكيدة أن مسيرة أطلقتها المقاومة اللبنانية باتجاه قاعدة عسكرية صهيونية، حلَّقَت 45 دقيقة في أجواء فلسطين ولم تتمكن دفاعات الكيان من اسقاطها. وقد أخفقت محاولات اعتراضها، حيث انفجرت في القاعدة المستهدفة مما تسبب بإصابة جنديين باعترافهم. وهم يكذبون كعادتهم، عندما يتعلق الأمر بخسائرهم في الأرواح خاصة. على صعيد المهجرين من شمال من فلسطين، فقد تضاعفت أعدادهم وأُضيف إليهم "زملاء آخرون في النزوح" من مناطق عدة في شمال فلسطين المحتلة وصولًا إلى حيفا.
في غزة، رغم فداحة التكلفة الإنسانية والمادية، فإن المقاومة لم تُهزم والعدو لم ينتصر. هذه المعادلة بالمعايير العسكرية الحديثة، كما يؤكد أهل الإختصاص، لصالح المقاومة. صحيح أن المقاومة في غزة لا تتوفر على ما بحوزة شقيقتها اللبنانية من امكانات تسليحية، لكن رصيدها من الإرادة موفور بدليل صمودها الأسطوري واستنزافها للعدو يوميًّأ. ومن اللافت أن عملياتها العسكرية ما تزال تجري بوتيرة عالية ومؤلمة للعدو، كما يتناقلها الإعلام الفضائي في مشاهد حيَّة مباشرة.
الكيان يكابر، لكنه يُستنزف وليس بمكنته التغطية على خسائره إلى ما لا نهاية. وقد اصطدم بحقيقة مُرة لم يتوقعها، إذ للمرة الأولى يُخفق في تحقيق أهدافه، خلال أطول عدوان في تاريخه بدعم أنجلوساكسوني وغرب أطلسي مفتوح.
مستصفى القول، المقاومة في لبنان وغزة باتت تفرض إيقاعها، وأميركا تهرع إلى مد خشبة إنقاذ لإسرائيلها، التي لن تعود كما كانت قبل طوفان السابع من أكتوبر 2023.

#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل